نتعلم الكثير من القيم والمعاني الإنسانية ونحن صغار لكن للأسف كلما اشتد العود كلما اصبح الإنسان فاقد لكثير من إنسانيته خاصة في زحمة الحياة المادية القاسية التي سيطرت علي أحاسيس البشر ومشاعرهم.. الكل يشكوا "أين نحنْ من معاني الإنسانية اليوم؟!" ولا نُدرك انها حلقه ندور فيها جميعاً؛ ثقافة تبدا منا اليوم لتصل لنا يوماً ما .. عزيزي القارئ أنت مدعو معي اليوم لنُحيي بعض المعاني الجميلة في قلوبنا والفضل كله يرجع .. لسحلية زينب! رحلة الحياة بها الكثير من المشاهد والحكايات قد لا يراها البعض ويستمر في طريقه لكنها قد تؤثر في البعض الأخر وتنسج له سطور جديدة في طريق رحلته وهذا ما حدث معي عندما قابلت زينب وشعرت بكم الحب والرحمة داخل قلب هذه السيدة التي جعلتني أُدرك أن عندما يرتقي الإنسان إلى مرحلة يعامل فيها من وما حوله بحب ورحمه، ينشُر دون أن يشعر ثقافة المحبة والتسامح ويٌعلم من يراه بطريقة غير مباشرة دروس أقيم بكثير من دروس الكُتب. كلما شعر قلبي بالضيق قادتني قدماي بصورة عفوية لأذوب وسط الشوارع والبشر، كُنت امشي هنا وهناك حتي وجدتُ زينب .. سيدة في الخمسينيات من عمرها، نحت في وجهها الزمن لوحة فنية عنوانها الفقر والشقاء لكن ملامحها كانت تحمل الكثير من الصفاء والحنان والطيبة؛ كانت كالشمس تتوسط السوق لتبيع الخضراوات والفاكهة. لهذه السيدة ابتسامه ساحرة تجعلك تذهب لتشتري منها أي شيء، الكل يعرفها ويأتي إليها.. لماذا؟ ما هو سر هذه السيدة العجوز.. وبينما كنت أسمع من محُبيها عن قلب زينب العامر بالحب والأمانة سمعت زينب تسأل الجميع " حد شاف ضنايا ...طلعت تتمشي بره المشنة" كانت تبحث في كل مكان حتي صرخت بقوة " لا لا مين موتك يا قلبي ..امك هتموت نفسها عليكِ". تقدمت لأجد زينب جالسه علي الارض بين أحضانها شيء صغير عندما اقتربت أكثر وجدتها سحلية صغيرة!! كانت تبكي وتصرخ كأنها فقدت أحد أبنائها وهنا صاح أحد الرجال " يا ست زينب انتِ عامله كل دا عشان برص أنا لقيته بيجري دوست عليه قبل ما يضر حد" هنا صاحت " والله ما برص دي سحلية صغيرة مش مضرة خالص دي أمها وأخواتها جوة المشنة هنا، أنا بربيهم .. دي لو عرفت هتموت وراها ..دي روح يا بيه، يمكن تكون أنت شايفها ضاره او بتتلون لكنها بتعمل كدا عشان تحافظ علي نفسها من اللي ميعرفهاش .. يا حبيبتي يا بنتي هقول لأمك أيه؟!" هنا سكت الرجل عن الكلام وترقرقت الدموع في عينيه ثم قال " والله ما كنت أعرف يا ست زينب" بعدها قامت زينب وهي تحتضن السحلية الصغيرة والكل ينظر لها وهي تعطينا درساً عملياً؛ السيدة البسيطة تُدرك معني وقيمة الروح حتي وأن كان حيوان بينما الكثير يفتقد قيمة الرحمة بين أرواح البشر... "أين نحنْ من معاني الإنسانية اليوم؟!" [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل