اوقات كثيرة نسعي لفعل الخير ويتهافت القلب لمساعدة شخصا ما وعندما نمر بتلك التجربة ندرك أننا نحن من كنا بحاجة إلي مساعدة لفهم أشياء كثيرة لم نكن نعرفها إلا من خلال عين الأخر. " أنا مش يتيم يوم في السنة!" تلك هي الجملة التي حفرت حروفها بداخلي وغيرت مسار عطاء يوم إلي عام كامل، بل وجعلتني أري واشعر بعين الأخر مفهوم العطاء وفقا لاحتياجه هو وليس احتياجي ومقدرتي أنا...فما هي الحكاية التي وراء هذا التغير؟! ماذا تفعل لو أدركت يوماً أن العسل الذي تقدمه ما هو إلا مرار يذوب في حلق طفل كان يعتقد أن هذا هو الغذاء الشافي من مرار اليتم... في مثل هذا اليوم الذي أُطلق عليه يوم اليتيم ومن أربع سنوات تقريبا وجت ملاك صغير يقف بمفرده بلا حراك ينظر فقط علي كل من حوله بنظرة ثاقبة تمتزج بها دموع لا تعرف للخروج طريق، يضع يديه وراء ظهرة لا أعلم لماذا؟ اقتربت منه لعلي أعرف ما سر هذا الملاك الصغير.. كنت أتساءل في كل خطوة أخطوها نحوه تري من قام بنزع فرحة الطفولة من عينيه ولم أدرك ولو للحظة أني واحدة من قاهري روح الطفولة إلا بعد محاورة هذا الملاك الصغير صاحب العقل الحكيم... عندما اقتربت منه حاولت مصافحته لكنه تجاهلني تماما وأخذ ينظر بعيدا وكأني لم أكن، ابتسمت للصغير قائله: "ممكن نتعرف ونلعب مع بعض " عند هذه الكلمات نظر إلي أعلي وقال" لا لا أريد " وبعد محاوله مني أكثر من مرة تنهد قائلا " هو النهاردة أيه ؟! دا اليوم الواحد اللي كل الناس بتتصرف فيه صح ... مين قال أني محتاج اتعرف والعب معاكي.. انتِ اللي محتاجه مش أنا... أنتِ تعرفيني عشان تعرفي معني احتياجي" وقفت أمام الطفل بلا حراك أنا أيضا ثم أجبت :" نعم أنا أحتاجك وأريد أن أتعرف علي احتياجك يا صديقي.." أبتسم بعدها وقال بسخرية لا تعرف معني الطفولة " وهل يكفي يوما واحدا لكي نعرف بعضنا البعض... أنا مش يتيم يوم في السنة ...الوحدة هنا بلا نهاية مليئة بأحاسيس كثيرة متناقضة طول أيام السنة وكلما حاولت التأقلم عليها يأتي هذا اليوم ليعطيني أمل وسرعان ما يأخذه مني ثانياً بلا قلب... أنا أحتاج عندما أتعلق بك لا تتركيني... أحتاج عندما أتذوق حنان حضنك لا تحرميني.. أحتاجك طول العام بجانبي وليس يوم واحد.. أنا لا أحب هذا اليوم ." بعد هذا الحوار أصبحت أنا والملاك الحكيم أصدقاء بعد ما أدرك كم نحتاج لبعضنا البعض لنفهم معاني كثيرة افتقدنا طعمها لأنها أعمق بكثير من أن نتذوق جمالها في يوم واحد...يوم واحد لا يكفي . [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل