من المؤكد أن مصر وإيطاليا حريصتان على حماية وتعزيز العلاقات التاريخية العميقة بين البلدين، وليس من مصلحة القاهرة أو روما التضحية بتلك العلاقات الواسعة التى يصل حجمها لأكثر من 5 مليارات يورو، جعلت من إيطاليا الشريك الاقتصادى الأول لمصر على مستوى الاتحاد الأوروبي، والثالث على مستوى العالم. بالتأكيد نتفهم أسباب حزن وغضب إيطاليا على ملابسات مقتل أحد مواطنيها على أرض مصر، هو الباحث جوليو ريجيني، بل نشارك الشعب الإيطالى وحكومته ألمهما وحزنهما على مقتل هذا الشاب، غير أن مسيرة العلاقات التاريخية بين الدول غالبا ما تواجه تحديات وأزمات مماثلة، تعد بمثابة مسبار لمدى قوة وصمود تلك العلاقات فى مواجهة تلك التحديات. وتبرهن ملابسات قضية ريجينى على أن الاندفاع والقفز بنتائج قبل استكمال جميع التحقيقات فى قضية معقدة، مثل قضية ريجيني، قد تقود إلى نتائج لا تخدم العلاقات وربما تجرفها فى منحى لا تريده كل من القاهرةوروما. وهذا تحديدا ما قصده وزير الخارجية سامح شكرى من تصريحاته أمس الأول عندما قال إن ملف التحقيقات فى القضية لم يغلق، وإن مصر تتعاون مع إيطاليا بصورة استثنائية فى هذه القضية، نظرا للعلاقات التاريخية القوية بين البلدين. ليس هذا فقط، بل إن شكرى أبدى استعداد القاهرة لمزيد من التعاون مع السلطات الإيطالية فى التحقيقات، وأن مصر توفر جميع المعلومات التى يطلبها الجانب الإيطالى مادامت لاتتعارض مع القانون أو الدستورى المصري. النقطة المهمة التى يتعين أن يضعها الجانب الإيطالى فى اعتباره هى ما قاله شكري، من أن التحقيقات قد تستغرق وقتا طويلا حتى يتم تحديد الجناة، ضاربا المثل بالتحقيقات فى مقتل النائب العام هشام بركات، التى استغرقت أكثر من عام، حيث لابد للتحقيقات أن تأخذ مجراها الطبيعى للوصول إلى الحقيقة. فالتسرع والاندفاع وعدم التحلى بالصبر والحكمة فى قضية مهمة، مثل مقتل ريجيني، لن يخدم القضية نفسها ولا العلاقات المصرية الإيطالية التاريخية. لمزيد من مقالات رأى الاهرام