«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صمود الأُخوة المصرية السعودية

كم سعدت وغيرى من المصريين بالتقارب المصرى السعودى، ليس من أجل تدفق الاستثمارات والمساندة الاقتصادية من جانب الأشقاء السعوديين، ولكن من أجل إحياء مشاعر الأخوة التى ترجع الى قديم الزمان..
فقد زار مؤسس المملكة - الملك عبد العزيز آل سعود - مصر فى يناير 1946، فى عهد الملك فاروق، وكانت جماهير الشعب تملأ الشوارع المؤدية للقصر تحية للضيف الكبير.
ولا أنسى كما حُكى لى أن مصر فى ذلك الوقت كانت ترسل كسوة الكعبة إلى السعودية كل عام، وتسير فى موكب يخترق القاهرة، ويحف به المواطنون تفاؤلا وبركة.
وفى بداية ثورة 23 يوليو، تعددت اللقاءات بين الملك سعود والأمير فيصل وبين عبد الناصر، وعقد مؤتمر الحكومات العربية فى القاهرة فى الفترة من 22 29 يناير 1955؛ لبحث السياسة العربية الموحدة. وبلغ التنسيق أشده بعد تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى على مصر فى أكتوبر نوفمبر 1956.
ففى 22 سبتمبر 1956 عقد اجتماع فى السعودية ضم عبد الناصر وشكرى القوتلى والملك سعود، وبحث المؤتمر بوجه خاص مسألة قناة السويس، وكان هناك إجماع تام على تأييد مصر تأييدا كاملا فى سائر مواقفها.
وفى الوقت نفسه كتب عبد الناصر بخط يده وبعنوان «الخطة البريطانية الأخيرة» ما يلى..
لقد أرسل الملك سعود الى الرئيس أيزنهاور ثلاث رسائل عن قضية القناة... بين فيها موقفه بجلاء ووضوح فى سبيل السلام وفى سبيل الأمة العربية. وقد قدمت السعودية الى مصر 20 مليون دولار.
وأفهم الملك سعود رُسل مستر إيدن موقفه بوضوح، فقد قال: إننا عرب نحافظ على وعودنا، وبينى وبين مصر عهد الله أن أقف معها فى السراء والضراء، ولا يمكن أن أنقض العهد.
وبسبب العدوان الثلاثي، قطعت السعودية علاقاتها ببريطانيا وفرنسا فى 6 نوفمبر 1956.
وفى فبراير 1957 اشترك الملك سعود فى مؤتمر أقطاب العرب بالقاهرة، والذى حضره الرئيس السورى شكرى القوتلى والملك حسين. وكان فى مقدمة أعمال المؤتمر مناقشة مشروع أيزنهاور وانتهى برفضه، ثم تم بحث موقف إسرائيل ورفضها سحب قواتها من سيناء فى ذلك الوقت.
وفى 1958 وقبل قيام الوحدة المصرية السورية بدأت الوقيعة بين البلدين، وعمقها كشف تمويل الملك سعود لمؤامرة لاغتيال جمال عبد الناصر! فقد أقنعته الدول الغربية أن الوحدة المصرية السورية هى ضد مصالح السعوديين، كما تؤثر على وجودهم فى منطقة الشرق الأوسط! ومن أجل ذلك دعت الولايات المتحدة الى تحالف ملوك البترول - سعود وفيصل العراق - ولازم ذلك بالطبع التشكيك فى مصر!
أولا: ثورة اليمن وأثرها على العلاقات المصرية السعودية.
وفى 26 سبتمبر 1962 قامت ثورة اليمن، وكانت مصر قد ضُربت قبلها بعام بقيام حركة الانفصال فى سوريا، الذى اعتبره الغرب هزيمة لعبد الناصر وللتيار القومى العربى والوحدة العربية، التى طالما وقف ضدها وحاربها بكل الوسائل.
وقد ناقش عبد الناصر فى مجلس الرئاسة «أعلى سلطة فى الدولة من 1962 الى 1964 - البرقية التى وصلته من القادة اليمنيين فور قيام الثورة، ... نرجو تأييداتكم المعنوية والمادية، ونحن مستعدون لتلقى توجيهاتكم وإرشاداتكم».
وقال عبد الناصر: قلت لهم: إننا فى أى تدخل خارجى أو عدوان سنعاونكم...ثم قلت لهم: إعملوا حكومة حتى يعترف الناس بكم، ويجب أن تسيّروا الأمور أكثر من هذا ولا تأخذوا وقتا!...
وفى الساعة 7.30 صباحا كانت إذاعة لندن تقول مانشتات [الصحف]: `ناصر مرة أخري! لدرجة أنه مشارك!...
الحقيقة أنه لا توجد لنا علاقات مع اليمن؛ لأن سفارتنا هناك المفروض أنها مقفولة... وفى رأيى أن نعتذر... لا داعى أبدا؛ لأننا محتاجين قروض...وأننا سنتعب!... وكلامهم [رجال الثورة] أول أمس، أرسلوا الى إشارة يقولون فيها: إبعت لنا طائرات حربية.. إلخ، وبسرعة!
واستطرد عبد الناصر قائلا: «الحقيقة عملية اليمن تسبب انهيارا كاملا للأوضاع كلها، وإذا طلبوا منا شيئا سنعطيهم... وأيضا بالنسبة للعمليات التى تتم كلها نعطيهم كل التأييد الممكن، ولكن ليس مباشرا.. كل التأييد غير المباشر أى ممكن أن نبعت لهم أسلحة. لكن لا نعمل عملية تدخلنا فى أزمة دولية، بالذات مع الانجليز أو مع سعود مباشرة ، أى ممكن أن نرسل مجموعة من الصاعقة - عدد قليل يعملون معهم»...
هكذا كان تصور عبد الناصر المبدئى للموقف، ولكن تطورت الأمور بعد أن بدأ الملك سعود فى حشد جيشه على الحدود السعودية، فقال عبد الناصر فى جلسة مجلس الرئاسة فى 10 أكتوبر 1962 أى بعد 14 يوما من قيام ثورة اليمن «إن العملية فى اليمن قطعا ستتطور بدخول السعودية... ولكن السؤال.. هل لا شأن لنا؟ لنا شأن بمجرد ما أعلنا من أول يوم [تأييد الثورة]. إن المعركة ليست سهلة بل صعبة جدا، ولكن الحسن [أخو الإمام]دخل [الأراضى اليمنية]، وهم ظروفهم صعبة جدا...
إن نجاح هذه الثورة معناه إنهاء الاستعمار فى المحميات، وهذا ما دفعه لأن يقاوم. وفى نفس الوقت نفسه فهم يخشون أن وجود مصر هناك ينقل الموقف الاستراتيجى فى المنطقة كلها».
وأبلغ عبد الناصر مجلس الرئاسة.. «إن قواتنا تزيد [فى اليمن]، وفى رأيى أنه توجد معركة دفاع؛ أدافع عن القاهرة فى صنعاء»! ثم قال: «إن الثورة ستكسب المعركة رغما عن كل القوى التى ستقف ضدها. وبالفعل كون الثورة تقابل العدوان وتنتصر عليه؛ فإن هذا يشجع جميع القوى التقدمية والتحررية خصوصا فى عدن. وطبعا ممكن أن نتصرف فى أسلحة من اليمن الى عدن»!
استمرت حرب اليمن نحو خمس سنوات، حيث كانت تشتد المعارك ثم تهدأ.. وهكذا. وقد تخللت هذه الفترة محاولات لفض الاشتباك بين القوات السعودية والمصرية، ولكنها لم تنجح. وأخيرا قام عبد الناصر بمبادرة بالذهاب الى جدة لإنهاء هذه الحرب التى أصبحت لا طائل منها، وتستنزف موارد البلدين، ناهيك عن أن النظام الثورى فى اليمن كان قد استقر، وأصبح واضحا أن أغلبية الشعب اليمنى تؤيده. وباختصار.. فقد كان عبد الناصر يريد إنهاء هذه الحرب بأسرع ما يكون، وظل يتساءل فى مجلس الرئاسة عدة مرات.. كيف نستطيع إنهاء هذه الحرب وعودة أبنائنا المقاتلين؟!
وفى الوقت نفسه شاركت الطائرات البريطانية مباشرة فى القتال من الجنوب العربى من قاعدة عدن، وأرسلت «مرتزفة» من الطيارين البريطانيين الذين أخرجتهم من الخدمة خصيصا لهذا الغرض الى السعودية للهجوم بطائراتهم من الشمال، حيث كانت تتركز معظم القوات المصرية!
وفى نفس الوقت أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات الى الشاطئ السعودى وبطاريات صواريخ هوك، وأحدثت تعديلا فى وضع الأسطول السادس بحيث يتحرك الى الشرق، وأخطرت القاعدة الأمريكية فى إسبانيا أن تكون فى وضع الاستعداد!
عقدت اتفاقية جدة فى 24 أغسطس 1965، وكانت بنودها مبشرة بالخير؛ وبدأت القوات المصرية فى الرجوع الى بلدها بالتدريج تمهيدا لمغادرة اليمن نهائيا، إلا أن السعودية نقضت من جانبها اتفاقية جدة واعترضت على بعض موادها. وظل الأمر مجمدا حتى حدث العدوان الاسرائيلى على الدول العربية فى 5 يونيو 1967، واحتل الإسرائيليون سيناء المصرية والضفة الغربية الأردنية والجولان السورية، وأجمع الشعب العربى على مواصلة النضال من أجل استرداد الأراضى العربية السليبة.
ثانيا: العدو المشترك يقرب بين البلدين ويمحو آثار الماضي:
وفى 26 أغسطس 1967عقد مؤتمر الخرطوم الذى شهد لقاء ثانيا بعد لقاء جدة بين عبد الناصر والملك فيصل الذى وافق على إنهاء الصراع فى اليمن، وقامت مصر بسحب قواتها من هناك التى بلغت 30.000 مقاتل.
كان اللقاء التالى بين عبد الناصر والملك فيصل فى القاهرة فى 18 ديسمبر 1969، فقد دعاه عبد الناصر الى زيارة مصر فى طريقه الى مؤتمر القمة العربية فى الرباط بالمغرب.. وأترك الكلام للقائدين فى الجلسة الأولي..
عبد الناصر: الأخ صاحب الجلالة، باسم شعب الجمهورية العربية المتحدة، وباسمى أرحب بكم فى بلدكم. والحقيقة نحن نعتقد أن هذا اللقاء مناسبة قوية لاستعراض عدة أمور تهمنا وتهمكم. تكلمنا فى هذه الأمور، ولكن أحب أن أؤكد أننا هنا فى مصر نسعى دائما، منذ أن التقينا فى سنة 67، الى أن تكون العلاقات بيننا علاقات قوية وعلاقات طبيعية.
فى الحقيقة نحن رحبنا بهذه الزيارة وقمنا بهذه الدعوة، ورحب الشعب هنا فى بلدنا بهذه الزيارة؛ لأننا جميعا نشعر أن هناك علاقات لاتزال غير طبيعية بين البلدين، ونحن نعتقد أن مصلحتكم ومصلحتنا ومصلحة الأمة العربية كلها؛ تحتم أن تكون العلاقات بين بلدكم وبلدنا العلاقات الطبيعية القوية.
فى الحقيقة فى السنين الماضية وعلى مر السنين كانت دائما هناك علاقات قوية وطيبة بين السعودية ومصر... ونعتقد أيضا أن من فوائد هذه الزيارة وهذا اللقاء قطع الطريق على من يحاولون تسويء الأمور عن العلاقات بين البلدين. نحن نعتقد أن اللقاء بين السعودية ومصر سيكون له أثر فى السعودية وفى مصر وفى الأمة العربية كلها، وبل أيضا بالنسبة للسياسة الدولية.
زى ما تكلمنا فى لقائنا، الحقيقة الموضوع الأساسى الذى أثر على العلاقات هو موضوع اليمن، ونحن أنهينا هذا الموضوع فعلا فى سنة 67، والحقيقة نريد أن نستعرض كل الأمور التى تمكن من عودة هذه العلاقات الى الوضع الطبيعى، لأن الكل يشعر أن هذه العلاقات ليست علاقات طبيعية كما يجب أن تكون.
نحن نرحب بهذا، والشعب أيضا فى الجمهورية العربية نعتقد أنه يؤمن بهذا، وأنا أعتقد أن الأمة العربية كلها ترحب بهذا لتحقيق هذا الأمر.
ومرة أخرى نرحب بالأخ جلالة الملك فيصل وبالاخوان، وأرجو أن لقاءنا ده يكون لقاء له نتائج مفيدة لبلدينا وللأمة العربية، وهو ما يساعد على نجاح مؤتمر القمة الذى سينعقد بعد غد فى الرباط إن شاء الله.
الملك فيصل: مع كل حال - فخامة الأخ الرئيس - قبل كل شىء أحب أن أعبر عن عظيم شكرى وامتنانى والاخوان هنا وشعب المملكة العربية السعودية؛ لما تفضلتم فيه فخامتكم من مشاعر نبيلة وكل ما تفضلتم فيه هو عين الصواب.
فى الحقيقة إن الخلاف بين البلدين أو بين الحكومتين هو النشاذ، الشىء الطبيعى هو أن يكون الجميع على وفاق ومتآخين ومتعاونين فى كل ما هو مطلوب منهم؛ سواء تجاه دينهم، أمتهم، ومصلحتهم، وقضاياهم.. كل هذا، هذا هو الشىء الطبيعى.
يعنى ومثل ما تفضلتم فخامتكم فى أيام السنين اللى كانت يعنى أيام المرحوم.. الله يرحمه الملك عبد العزيز والأشياء التى كانت من علاقات، والحمد لله ما كان الواحد يفرق بين هنا فى مصر أو بين هناك فى المملكة، بل كل واحد - وأعتقد أن الإخوان كلهم يشاركونى فى هذا - الإنسان لما نييجى هنا يمكن أحيانا يعتبر انه فى وطن أحسن من وطنه، طبعا ما فى شك فى هذا، والاخوان اللى هنا كذلك فى البلاد هنا أعتقد إن عندهم نفس الإحساس ونفس الشعور.
مع الأسف الأحداث اللى حدثت.. وأظن فى مرة من المرات - كما فخامتكم تفضلتم وقلتم - إن أى خلاف بيحدث بينا، ليس شئيا من البلدين نفسه وإنما من طرف ثالث، كما تتذكرون فخامتكم فى الإسكندرية أظن.. بيحدث بسبب طرف ثالث.
أملنا بالله إن شاء الله أن تكون كل الأمور التى تسبب سوء التفاهم أو التباعد أو شئيا من الفتور أو الحساسيات تكون انتهت، ونكون نبنى إن شاء الله.. يعنى نرجع لحالتنا اللى كنا فيها يعني، مثل ما كانت الأول، من الأخوة والتعاون والتعاضد فى كل الأمور.
ما دام ولله الحمد النية الخالصة والاتجاه موجود والرغبة موجودة.. ليش لأ! ما فى شىءأبدا يمنع.
مافى شك أن أعداءنا نحن جميعا دائما يسعون الى أن نكون مفترقين وأن نكون ضد بعض، ولكن أملنا بالله إن شاء الله إننا نفشلهم فى أهدافهم وفى غاياتهم التى يرمون اليها، وأن نكون عند حسن الظن بنا، لأن مثل ما تفضلتم فخامتكم ان مصلحة البلدين سواء من الناحية الدينية والوطنية والقومية وكل النواحي؛ يعنى ده الطبيعي..كلها تقتضى أن نكون يدا واحدة ونكون قلبا واحدا ونكون جسما واحدا ونكون فى كل الميادين. وهذا أملنا بالله إن شاء الله.
وإن شاء الله نصل الى ما نصبو اليه.. إن شاء الله، وكما ذكرت بجهود فخامتكم والعمل المشترك إن شاء الله وجميع المسئولين، وإن شاء الله نصل الى كل ما نصبو اليه.. هذا أملنا بالله؛ عسى أن ربنا يوفقنا جميعا لخدمة ديننا ووطننا وأمتنا بما فيه الصلاح إن شاء الله فى كل المجالات والميادين...
عبد الناصر: هو الحقيقة اللى دفعنى الى البدء بهذا الموضوع هو أهميته كمقدمة للكلام فى أى موضوع آخر.
الحقيقة إحنا مرت بنا ظروف وتركت أثرا، وهذه الظروف هى حرب اليمن اللى كانت من سنة 62 الي67؛ وقعدت مدة طويلة وتركت آثارا، وكما يقال «كل شئ مباح فى الحرب».. الحقوق وكل حاجة مباحة فيها؛ وعلى هذا الأساس فقطعا العملية تركت أثرا.. أثرا يعنى على العلاقة بين البلدين.
فى الحقيقة إن عملية اليمن سارت فى طريق يمكن إحنا ما كناش مخططين له، وأنتم أيضا ماكنتوش مخططين له، ولهذا وصلنا الى الحالة التى وصلنا اليها!
لما اجتمعنا فى الخرطوم فى سنة 67، إحنا بنعتبر ان هذا الاجتماع هو تاريخ فاصل بين مرحلتين.. المرحلة اللى هى سابقة لهذا التاريخ وهى مرحلة حرب اليمن، ولا يمكن لحد فينا أن يشتكى الآخر عما جرى فى هذه المرحلة؛ لأنها كانت وصلت الى أقصى ما يمكن أن تصل اليه العلاقة بين بلدين من السوء! لأنها وصلت الى حالة حرب وحاولنا عدة مرات إن احنا فى كلامنا نحل الموضوع ما قدرناش.
بعد 67 انسحبت قواتنا من اليمن، وأنتم سحبتم مساعدتكم للملكيين، وليس لنا علاقة الحقيقة بهذا الموضوع من سنة 67...
النهاردة موضوعنا الأساسى هو موضوع اسرائيل وهدفنا هو لم شمل العرب من أجل النصر، ييجى هنا حاجتين الحقيقة.. طبعا العلاقات الفاترة بينا بتترك آثارها على وسائل الإعلام؛ لأنهم قد يتصورون جميعا إن احنا متخانقين، كما تصورت الصحف الأجنبية وقالت: إن احنا فى الرباط هنقف وتبقى حرب بينا!
فى الوقت اللى أنا قلت لإخوانى فى الخرطوم: الحقيقة أول واحد اتكلم بعد كلامى الملك فيصل بالنسبة للدعم، بالعكس لم نتناقش أبدا فى أى موضوع، وفى بيت محجوب- الله يمسيه بالخير - ما أخد الحديث بينا يمكن دقائق واتفقنا على كل شئ.
الملك فيصل: والله على كل حال كما تفضلتم بأشياء، قبل كل شىء اللى فات يجب أن نعتبره ماتم من سوء تفاهم أو أشياء صارت، أو كنا إحنا فى وقت من الأوقات كنا قصاد بعض ولا شئ ومجابهة والأشياء هذا، لأنه مثل ما تفضلتم فخامتكم وكما قلتم الآن:إن النشاذ أن نكون مختلفين، والصح أن نكون على وفاق ومتعاونين لأبعد التعاون.
عبد الناصر: إحنا ليس لنا فروع حزبية فى الدول العربية، ولم نوافق على قيام فروع حزبية فى العالم العربي، كما يجرى مثلا مع حزب البعث.ولم نقبل أبدا أن تكون لنا فروع، حتى لما بدأت المنظمات الفلسطينية حزب البعث السورى عمل منظمة سماها «الصاعقة» حزب البعث العراقى عمل منظمة سماها «التحرير العربي» وإحنا رفضنا أبدا أن نأخذ بهذا النوع، وإحنا بنساعد فتح أيضا الحقيقة، إحنا موقفنا من الشيوعية عندنا معروف.
الملك فيصل: إحنا نفس الشىء، نحن نساعد فتح واحنا مو معترفين بالباقيين كلهم، حتى منظمة التحرير لما أدخلوا فيها الأحزاب التانية إحنا ما اعترفناش بيها.
عبد الناصر: الحقيقة هذا الموقف يجب إن احنا نقوله بوضوح، وبعدين الحقيقة إحنا فى أيام الحرب اشتغلنا ضدكم- ده موضوع قلته فى الخرطوم برضه - وإنتوا اشتغلتوا ضدنا يعني، واحنا دفعنا فلوس وانتوا دفعتوا فلوس!
(ضحك).. واحنا الاتنين خسرنا كذا مليون يعنى حد يقدر ينكر الواقع يعني؟!...
عبد الناصر: هو الحقيقة كان لازم نحط هذه المقدمة علشان نقدر نتكلم فى الأمور وما فيش أى حاجات عالقة.
الملك فيصل:لا.. إن شاء الله.
ثالثا: التنسيق بين القائدين قبل مؤتمر الرباط:
كانت هذه الجلسة الأولى هذه تمهيدية لذوبان الجليد تماما بين القائدين، وفى الجلسة الثانية، فى 19 ديسمبر 1969 بدأت المناقشة السياسية كالتالى..
عبد الناصر: هو الحقيقة إحنا فى سنة 67 حينما قبلنا بقرار مجلس الأمن كنا على ثقة أن اسرائيل لن تنفذ هذا القرار؛ فى هذا الوقت أظن إحنا اتكلمنا قبل صدور قرار مجلس الأمن فى الخرطوم على الوقت اللى هنحتاجه لبناء القوات المسلحة، يمكن ما قلناش الوقت بالتحديد لكن الواضح إن الوقت مش قصير.
كان فى تقديرنا فى هذا الوقت إنه بيكون 3 سنوات؛ على أساس أن القوات الجوية الاسرائيلية تتفوق تفوقا أكثر مما كانت عليه؛ ولهذا أنا دعيت تانى يوم للقرار الى عقد مؤتمر قمة، وقلت: ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.
وإحنا بحثنا فى مجلس الوزراء، كان معروفا إن اسرائيل لن تقبل تنفيذ قرار مجلس الأمن، وإلا لو قبلت تنفيذ القرار كما حصل فى سنة 56 لا يمكن بأى حال من الأحوال إن احنا نقول: لأ.. إن اسرائيل تقعد ما تمشيش لغاية لما نقوى نفسنا ونحاربها ونطلعها بالقوة!
لما عقد مؤتمر القمة فى سنة 67، والحقيقة كان إحنا رأينا عقد مؤتمر قمة فى 67 حتى نقرر حشد القوات وتخطيطها؛ لأن قرار حشد القوات وتخطيطها سيحتاج الى سنوات لتنفيذه، وبعد هذا كل واحد منا بيعمل جهده وبنعرف جهد الآخرين.
النهاردة إحنا فى سنة 69 ودخلنا على سنة 70، وهندرس حشد القوات، وحصل كلام فى اجتماع مجلس الدفاع. إحنا الدولة اللى موافقة الوحيدة - إحنا والأردن - على الحل السلمي، وإحنا الدولة الوحيدة فى الدول العربية اللى بتحارب كل يوم، عندنا إحنا بنهاجم اليهود وإحنا اللى بيتهجم علينا.
الحقيقة إذا أردنا فعلا إن احنا نعمل حل عسكرى - وهنشوف طبعا فى الرباط حشد القوات ده هيوصل الى إيه؟- عندنا القوات الاسرائيلية وعندنا الطيران الاسرائيلي، وعندنا توقعات ما ستعمله اسرائيل فى المستقبل.
الحقيقة نحن نعتقد أن اسرائيل لن تنفذ قرار مجلس الأمن، وإحنا لو كنا فى مكان اسرائيل ماكناش ننفذ أبدا قرار مجلس الأمن! همَ كسبوا أرض وعندهم خطوط قتال، وعندهم تفوق جوي.. وبالتفوق الجوى فى الأرض المكشوفة فى معركة عسكرية بيكون لهم الى حد كبير الغلبة، فلماذا تنسحب اسرائيل؟!
الحقيقة الموضوع هو بالنسبة لمصر موضوعين..
أولا: هو موضوع مصري.. اللى هو خاص بسينا.
ثانيا: هو موضوع عربي.. اللى هو خاص بسينا وباقى الأراضى العربية.
إذا كان الموضوع على سينا الحقيقة إحنا بنقدر يعنى مع بعض الضغط، بل عُرض علينا حتى من الأمريكان ومستعدين يقبلوا أى شئ؛ على أساس إن احنا نصل لحل بالنسبة لسينا لوحدها.. الانسحاب الكامل من سينا، مبدأ الانسحاب من غزة وترك غزة. إنتوا جالكوا العشر نقط بتوع المشروع الأمريكي.
بالنسبة لحدودنا، ما فيش أبدا أى تنازل عن حدودنا.. حدودنا هى الحدود التى كانت موجودة. وإحنا رفضنا المبدأ على أساس إن احنا لا نقبل تجزئة القضية؛ لأننا نعلم أننا إذا قبلنا هذا فمعنى هذا ضياع القدس والضفة الغربية وأيضا الجولان!
وقلنا: إن احنا القدس والضفة الغربية والجولان، قالوا: إنهم هيقدموا مشروع بعد ما يتفقوا معانا الى الأردن، قلنا: إن احنا غير مستعدين إن احنا نتواصل. الحقيقة دى خطوات الحل السلمي.
إذا كان الموضوع مسألة مصرية الحقيقة ويظهر هذا فى الرباط، إحنا مستعدين نتفق ونخلص الأرض فى سينا، وأنا هقول هذا فى الرباط، والعرب يعملوا اللى يعملوه بالنسبة للموضوع العربي! إذا كان الموضوع عربى الحقيقة إحنا مستعدين إن احنا نحل الموضوع عربيا وأنتظر، وسينا بتكون آخر جزء بيتحرر فى الأرض العربية.
أما الكلام عن الحرب.. سهل جدا الكلام عن الحرب، لكن الحرب بالنسبة لينا إحنا لازم نحسبها مية المية، وإلا إذا خسرنا الحرب يبقى خسرنا كل شيء الحرب الجاية. بعدين أما هنتكلم عن الحرب، الجزائر ما حدش هيضربها بالفانتوم إحنا اللى هننضرب بالفانتوم، دى جايلنا إحنا مش جاية للأردن ومش جاية لسوريا؛ ماعندهمش حاجة تنضرب بالفانتوم!
عندنا الحقيقة دمرت أجزاء كبيرة من بلدنا؛ دمرت السويس ودمرت الإسماعيلية، وهجرنا حوالى 400 ألف مصرى من منطقة القنال الى داخل البلد، وقام الأخ ضياء [الدين داوود] بجزء كبير فى هذه العملية، كان عندنا يوميا يمكن بين 10 و20 ووصل يوم 73 قتيلا فى المدنيين!
فكنا الحقيقة أسرى هذا الوضع وأخذنا قرارا بالتهجير، ووقفنا كل المنشآت الصناعية اللى كانت موجودة هناك؛ معملين للتكرير، مصنع للسماد ومصانع أخري. بالنسبة للتضحية الحقيقة وبالنسبة لينا إحنا، الحقيقة إذا مصر تخاذلت فى هذه القضية تبقى القضية انتهت بالنسبة للقضية العربية؛ ولهذا لا يمكن لينا إن احنا نتخاذل فى هذه القضية. وبعدين نحن نعلم إن احنا الناس اللى هتدفع أكثر التضحيات فى هذا الموضوع...
إذا كنا هنتكلم عن حشد القوى العربية للمعركة وهل الدول العربية ستقدم جيوشا للمعركة، وحتى تكون هذه الجيوش قادرة على كسب المعركة؛ كل دى مواضيع الى هى الإستراتيجية الحقيقة اللى يجب أن نصل اليها... هل سيتم حشد أو مايتمش؟ هل سيتم حرب أو مايتمش؟
إحنا برضه اتكلمنا فى هذا الموضوع بمنتهى الصراحة فى اجتماعنا مع بعض، لكن مين بقى اللى فى خط النار؟ إحنا اللى فى خط النار.. مافيش حد فى خط النار غيرنا، يعنى إحنا اللى بنقول حل سلمى وسوريا بتقول حرب التحرير الشعبية ولا حل استسلامي!
هم ماضربوش طلقة فى الجبهة الموجودة عندهم من 67 لغاية النهاردة! طبعا هذا الكلام ممكن يتقال فى مؤتمر القمة، وإحنا يوميا عندنا ضرب! إحنا امبارح عندنا غارات جوية 7 ساعات، أول إمبارح عندنا 80 طلعة جوية على الخطوط بتاعتنا، مافيش يعنى بالنسبة لسوريا، لكن هناك هم مش موافقين على الحل السلمي، لكن هل هناك حالة حرب؟ ما فيش حالة حرب الحقيقة موجودة فيها!
فيعنى نحن نريد الحقيقة من المؤتمر إن احنا نوفر الحد الأدنى من التضامن والحد الأدنى من حشد الدول العربية. والحقيقة إحنا هنا قررنا إحنا مش رايحين نتخانق؛ لأن ما فايدة الخناق مع أى حد؟! إلا إذا طبعا استفزينا هنتكلم، لكن إحنا مش رايحين نشاكل حد، إحنا عارفين واقع العالم إيه من هنا ومن المشرق والمغرب وكل حاجة...
الحقيقة مؤتمر الخرطوم أفاد فايدة كبري، ولما رحنا المؤتمر كان فيه خلافات فى اجتماعات وزراء الخارجية؛ لأن كان فيه ناس بتنادى بقطع البترول وناس بتنادى بقطع العلاقات. وإحنا كان رأينا إن قطع البترول ولاّ قطع العلاقات مش هوه الموضوع الحقيقة؛ لأن إذا قطعنا البترول هنضعف نفسنا، فى الوقت اللى ضعفنا فيه بغلق قنال السويس وبضياع مناطق الحقيقة بتدينا دخل. وقدرنا الحقيقة بعد أول جلسة نصل الى حل كويس جدا. فعلا إحنا لو ماكناش خدنا الدعم اللى أخدناه للصمود والدعم الاقتصادي، كنا فعلا على ديسمبر أو يناير كنا نتعب؛ لأن إحنا راح مننا حوالى 110 ملايين جنيه فى قنال السويس، وبعدين راح مننا البترول!
وبعدين المبلغ اللى إحنا أخدناه اللى هو 95 مليون جنيه ساعدنا مساعدة كبيرة جدا ومكنا إن احنا نقف، النهاردة داخلين على السنة الثالثة.. من الناحية الاقتصادية ماوقعناش!...
سيقال أيضا فى الرباط: لأ.. نحن لا نكتفى بإزالة آثار العدوان، من الضرورى أن يكون قرار بتحرير كل فلسطين! طبعا كلنا نتمنى إن احنا نصل الى هذا، ولكن حتى نصل الى هذا ما هى القوات المطلوبة للعملية؟
الكلام سهل جدا، هل حد حتى فى العالم هيؤيدنا فى هذا؟! لا الروس هيؤيدوا فى هذا ولا الأمريكان ولا الفرنساويين ولا البريطانيين، فإذا أردنا هذا فمافيش داعى إن احنا نتكلم فيه.
والله إذا قدرنا نقضى على القوات الاسرائيلية فى ميدان القتال ما حدش هيقدر يوقفنا إلا إذا تدخلت دولة كبرى بقواتها المسلحة لإيقافنا. الحقيقة ده الوضع اللى حبيت أقوله يعنى بالنسبة للكلام، كنا إمبارح اتكلمنا فيه يمكن النهاردة قلت بتطويل شوية بالنسبة للمعركة العسكرية.
الملك فيصل: إن اجتماع الخرطوم هو واضح فى البنود الموجودة فيه... المهم حشد القوى العربية للمعركة المصيرية، مافيش حد بييجى يقول: لازم تحددوا هذه المعركة فى يوم كذا، أنا ما أعتقد يقولوا هذا.
عبد الناصر: لأ.. قيل فى مؤتمر الدفاع المشترك، إحدى الدول قالت إنها مستعدة إنها تبعت قواتها، واتنشر بره، لكن ماتبعتهاش تتشمس على حافة قنال السويس ويستحموا ويلبسوا مايوهات! لأ.. لما نقول لهم إمتى الحرب، قبل الحرب ب 24 ساعة همَ مستعدين يبعتوا جيشهم.. همَ بيبعتوا جيشهم، إحنا بييجى لنا منهم كتيبتين كل 6 أشهر بييجوا غير مدربين بيمسكهم فوزى بيقعد يدربهم، يدوبك عقبال ما يستكملوا التدريب بيمشوا وييجوا كتيبتين تانيين! ولا إيه يا فوزي؟!...
النقطة التانية.. برضه نفرض حتى إن احنا عايزين نقرر حرب، وأنا رأيى إن مافيش حل سلمي، لكن لما جه يارنج أنا رأيى من الأول إن ما فيش حل سلمي، وكل رؤساء الدول اللى جم قابلونى يعلموا إن ما فيش حل سلمى، وعندنا محاضرنا فى اللجنة التنفيذية العليا وفى مجلس الوزراء، من يوم ما قبلنا القرار ونحن نعرف أنه لن ينفذ بواسطة اسرائيل!
لكن لم يكن أمامنا شىء نعمله إلا قبول القرار!...
الملك فيصل: وده اللى أنا قلته طال عمرك؛ إن ما فى لزوم إن ندخل النقاش لا فى موضوع السلم والحل السلمى ولا فى موضوع تحديد المعركة.
عبد الناصر: طبعا لن نستطيع أن نحدد المعركة إلا إذا قدرنا أن نحدد القوة المشتركة فى المعركة، وكفاءة هذه القوة أيضا.
الملك فيصل: هذا اللى أنا أقوله، نحصر بحثنا فقط فى حشد القوة العربية للمعركة المصيرية مثل ما تكرر فى مجلس الدفاع يعني، هذا البحث اللى بيصير يعني، فما بدنا نتعرض لا لبحث فى الحلول السلمية، ولا لبحث فى تحديد المعركة؛ لأن تحديد المعركة - مثل ما تفضل طال عمرك - تحديد يومها أو وقتها أو الأشياء هذه يدخلنا فى أشياء تكون ملزمة، ولها حدود لا عاد يمكن نخرج منها يعني.. فيما بعد يعني، لكن إحنا مثل ما تقرر فى مجلس الدفاع المشترك؛ حشد القوة العربية للمعركة المصيرية، فنسأل إخوانا العرب إيش اللى عندهم من الحشد هذا؟
عبد الناصر: اقترابنا من الموضوع فى مؤتمر الخرطوم وطريقة الاقتراب مكنتنا إن احنا ننجح فى الأول، يعنى إحنا لو دخلنا وقلنا لازم قطع العلاقات مع أمريكا ما كنا نتفق على شئ، إنتوا بتقولوا ما بنقطع العلاقات لأن مصالحكم...
الملك فيصل: مانقدر.
عبد الناصر: وأنا أعلم هذا، فأنا إذا دخلت وقلت لازم تقطعوا العلاقات مع أمريكا أبقى داخل أحرج؛ ولهذا أنا دخلت وقلت: أنا لا أطالب بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية لأن عايزين نحل لفايدة المصلحة العربية... اللى يطالب بقطع العلاقات يبقى عايز إحراج ليس إلا يعنى ومزايدة، يعنى فى تصورى إنه ما فى فايدة...
وعقب هذه المناقشة حول مؤتمر الرباط وما سيناقش فيه من مواضيع، والتنسيق بين القائدين، بدأ حديث ممتع بين عبد الناصر والملك فيصل حول حرب فلسطين وموقف الملك عبد العزيز أثناءها.
رابعا: لمسة إنسانية من الملك فيصل:
ولكن ما شد انتباهى وغير من الصورة التى انطبعت لدى عن الملك فيصل؛ ما قاله عندما بدأت تلاوة نص البيان المشترك عن هذه المباحثات كالآتي..
وقد اتفق جلالة الملك فيصل والرئيس جمال عبد الناصر على الخطوط العريضة من أجل التضامن والتعاون بين الدول العربية والاسلامية فى مواجهة العدو المشترك... هذا وقد استقبل العاهل السعودى بالحفاوة البالغةس. وهنا قاطع الملك فيصل قائلا:
الملك فيصل: لو سمحت خلونا من ها الكلمات العاهل ما العاهل دي.. سمو الفيصل وبس ياأخي، لا.. كلمات التفخيم ده والتضخيم ده ما هو لا من أخلاقنا نحن كمسلمين وكعرب، وهكذا عاهل ما عاهل والأشياء دي، دى أشياء دخلت علينا - طال عمرك - من الناس!
صوت: هذا وقد استقبل العاهل السعودي.
الملك فيصل: ما قلنا شيل العاهل.. عاهل وما عاهل!... ربنا يوقف الى ما فيه الخير إن شاء الله.
وقد ختم عبد الناصر هذا اللقاء التاريخى قائلا:
عبد الناصر: إحنا سعداء جدا بزيارة جلالة الملك والإخوان، والحقيقة إحنا بننظر لهذه الزيارة على إنها يمكن حققت هدفين.. الهدف الأول هو: رجوع العلاقة بين البلدين الى الأوضاع الطبيعية، وإن احنا الحقيقة بنؤكد إن هذا هدف نحن فى أشد الحرص عليه، والحقيقة الوضع الشاذ هو أن تكون العلاقة غير طبيعية.
وطبعا بالتالى لهذا لو التعاون الكامل بينا بالنسبة للوضع العربى والأوضاع الدولية والتشاور فى كل هذه الأمور، إن أيضا هذه الناحية ما كانتش واخدة الوضع الطبيعى اللى يمكن تعودنا عليه باستمرار.
والحقيقة أول مباشرة لهذا هتكون فى داخل المؤتمر فى الرباط، ونتمنى التوفيق لجلالة الملك وللإخوان وللمملكة العربية السعودية.
الملك فيصل: على كل حال مافيش شك إن احنا مقدرين وشاكرين جدا مع ما لمسناه وما تفضلتوا فيه، والحمد لله بروح الأخوية الحبية الودية السابقة لاجتماعتنا صارت طبعا مافيها شك إن ليها تأثيرها فى المستقبل.
تعاونا فيما بينا لا يقتصر على مصلحتنا إحنا فقط، كذلك القضية العربية والإسلامية نفسها لها دخل فى الموضوع هذا وله تأثير عليها، وكل ما يعنى تآخينا وتعاونا وتضامنا فيما بينا قوى أكثر كل ما تقوى جبهتنا أكتر.
لمزيد من مقالات د.هدى جمال عبدالناصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.