في الماضي كُنَّا نَتصنع البكاء صغاراً حينما نخلد للنوم واليوم نشتاق لراحة البال والجسد.. هذا هو حال الجميع نفقد لنشتاق، نملك الكثير لكننا لا نري سوي القليل المفقود.. فماذا لو نظرنا لأنفسنا من الخارج هل سنشتاق لعودة الروح. الأسبوع الماضي كنت أشبه بمكنة خياطة جدتي رحمها الله؛ أُنجز عملي بكل دقة وسرعة لكن بلا روح، كنت أشتاق لروحي التي تاهت مني وسط مشاغل الحياة ومشاكلها، كل لحظة كانت أعوام حتي جاء اليوم الذي تغير فيه كل شيء.. قابلت أحد الاصدقاء صدفة وكان ينظر لي باستغراب ونحن نتحدث وكأنه يتسأل " أين أنتِ.. أين روحك؟!" واثناء اللقاء قال:" هو ليه كدا مفيش طعم لأي حاجة.. مفيش روح ولا أحساس بالسعادة.. في حاجة ناقصة؟!" كانت لهذه الكلمات مفعول السحر بالنسبة لي، جعلتني أنظر الي من الخارج لأبحث عني من جديد. تركت صديقي وذهبت للعمل وأنا أفكر في كلامه "في حاجة ناقصة ...يا تري أيه؟!" هنا سمعت أصوات بعض أصدقائي في العمل " تعالي أحنا بنحتفل بعيد ميلاد نور" دخلت لأجد نور تضحك بهستيريا وهي تسرد سنوات العمر التي مضت وكيف أفنت عمرها بدون أنت تشعر بأي عائد، كانت تتحدث وفي عينيها دموع أضعاف سنين عمرها، دموع كانت أشبه بجدار عالي تدفن ورائه ما بقي من أحلام لن تتحقق وما بقي من سنين العمر ايضاً دون أن تشعر. نور سيدة جميلة طيبة القلب مرحة تملك الكثير لكنها للأسف لا تعرف هذا، دائما أجدها تغوص بين مشاكل الماضي دون ان تشتاق لان تتحرر وتستمتع بشعاع الحاضر قبل أن يصبح في خبر كان. أخذت أنا وأصدقائي نتحدث معها حتي تري ما تملك من جمال وروح هي تري انها مفقودة لكنها لا تدرك ان الروح تشتاق اليها مثلها تمام. كنت أشعر أن نور تسمعنا بدون تركيز أو بتهكم وهي تحدث نفسها من الداخل " اللي ايده في الميه مش زي اللي ايده في النار"، وأنا أتحدث معها شعرت بخفه في رأسي وجسدي لم أشعر بعدها بأي شيء.. في لحظات تحول كل شيء إلي سواد حالك لم أعد أملك حتي الكلام وكأن روحي خرجت مني للحظات حتي أشعر بما أملك من قيمة.. أين أنا؟! لا أعرف وفجأة سمعت أصوات كثيرة وبدأ السواد يتلاشى حتي وجدت نور الجميلة تمسك يدي وتقول "حرام عليكي روحي راحت" ابتسمت وانا أخذ نفس عميق وكأني أضم روحي في حضني من جديد بعد عودتها.. وقلت " بالعكس.. النهاردة يوم عودة الروح..." [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل