غابت معايير اختيار المذيع فتحولت الشاشة إلي فوضي ، وهو ما كان يتردد من فترة حول القنوات الخاصة التي يري أغلب مالكيها انهم أحرار في اختيار من يرغبون من مذيعين رافعين شعار «بفلوسي» ومقتنعون بأن ذلك من حقهم ، ونسوا أو تناسوا حق المشاهد في الحصول علي محتوي إعلامي نموذجي متكامل يقدمه له مذيع تتوافر به السمات والمعايير التي عرفناها ومتفق عليها للظهور علي الشاشة لتوصيل محتوي إعلامي مفيد بطريقة جذابة. أما المثير الآن فإن آفة المذيع غير المؤهل أصابت ماسبيرو أيضا الذي كان يعد أهم مدرسة لتخريج المذيعين أصحاب البصمات فى الزمن الجميل للاعلام المصرى ، وهو ما أكدته اللجنة التي شكلها رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون عصام الأمير لتحليل واقعة خطأ مهني بقناة القاهرة حيث أفادت اللجنة بأن المذيعة التى قدمت البرنامج لا تصلح للعمل البرامجي ولا تصلح للعمل مذيعة أو حتي معدة برامج وهو ما يستدعى وقفة الآن لفرز الصالح من الطالح والإبقاء فقط علي من يستحقون الظهور علي الشاشات حتي لا يسئ الردئ للجيد، ولن تكتمل هذه الصورة دون تطبيق معايير لإختيار المذيعين واستمراريتهم وفق شروط محددة كما أكد الإعلاميون الكبار الذين ساهموا في الحفاظ علي صورة المذيع وكانت لهم بصمات بمهنيتهم ونجاحهم علي مدي تاريخ الإعلام المصري. فأكد الاعلامي فهمي عمر على أن اختيار المذيع سابقا «زمان» كان يخضع إلي اختبارات شاقة وقاسية في كل المعارف ومنها اللغة العربية ومخارجها والألفاظ وإجازة النحو والصرف بالإضافة إلي المعلومات العامة وقال: لا يصح أن يتقدم للاختبار مذيع لا يلم بالمعلومات فلابد أن يعرف شيئا عن كل شيء وكذلك كان هناك اهتمام بالمظهر العام فقد كان من الأساسيات ويتم الاختبار مرة واثنين وثلاثة لاختيار المذيع الذي يصلح للظهور علي الشاشة، ونوه فهمي أن المذيع كان يتعلم أن يكون حياديا وكيف يدير الحوار بموضوعية ولا يميل لرإي دون الأخر واستهجن ما يحدث الآن في ماسبيرو وما يظهر علي الشاشات وطالب بعمل دورات تدريبية للمذيعين ومقدمي البرامج لضبط الأمور وتعليمهم الموضوعية والحيادية والإلتزام والأدب والأخلاقيات علي الشاشة والإلمام بالقواعد والأعراف المهنية المتعارف عليها وألا يتم توجيه هجوم علي أي جهة بدون سند. وأضاف قائلا في زماننا كان يوجد وظيفة "مراقب السهرة "ويقوم بهذه المهمة بدءا من مذيعي أول أو كبير المذيعين وكانت مهمته مراقبة كل البرامج من بداية اليوم لنهايته وحصر الأخطاء علي الشاشة وتقييم البرامج من المذيعين من متوسط إلي جيد ويتم كتابة تقرير لإصلاح ما تم الخطأ فيه وعدم تكرار الأخطاء. ومن جهتها قالت الإعلامية سناء منصور: كنت رئيسة للفضائية المصرية كان يتم اختيار المذيعين والمذيعات وفقا لمعايير واختبارات تحريرية وشفوية بالاضافه إلي لقاء شخصي معهم لمعرفة طريقة تفكيرهم ومعلوماتهم وكان لهذة المقابله دور مهم في اختيارهم وهذا ما أدي الي خروج نجوم من الفضائية، كما كان يوجد لجنة لتقييم البرامج مهمتها تقييم المادة والصورة والديكور وكل الجوانب. وأشار الإعلامي عمر بطيشة إلي أنه هناك عدة نقاط رئيسية يخضع لها المذيع عند إختياره وعند تقييمه وعند تطويره أيضاً هي حسن المظهر ومحافظته عليه وإجادته للغة العربية وتحدثه بطلاقة وصلاحية الصوت وجودته ووضوحه وسلامة مخارج الأحرف إضافة للثقافة العامه للمذيع لتجنب الأخطاء المعلوماتيه وأخيراً اللغة الثانية التي يتحدثها المذيع، فالمعايير وتطبيقها والرقابة والتقييم والتدريب والتطوير أمور متلازمة للحفاظ علي قوة الشاشة والمحتوي والوسيلة الإعلاميه وتجنبها للأخطاء ويجب أن يكون التقييم يومياً ويكون التدريب دورياً. وهو ما أكده الإعلامي حمدي الكنيسي مشيرا إلي أنه في الفترة الماضية كان لا يسمح لأي فرد ممارسة مهنة المذيع إلا بعد اجتياز اختبارات عديدة وفترة تدريب لاتقل عن عام وقد تزيد أحيانا، ولكن الآن تراجعت هذه القواعد وتراجعت نوعية هذه الاختبارات وأصبح المذيع يطل علي الشاشة دون أن يسبق ذلك اختبارات حقيقية فأصبح البعض يرتكبون العديد من الأخطاء ولابد لماسبيرو أن يعيد هذه الاختبارات الدقيقة مجددا في اللغة العربية والإنجليزية والصوت ومخارج الحروف والثقافة العامة والمتخصصة وذلك علي أيدي مدربين محترفين وإذا لم يجتاز المذيع هذه الاختبارات وبشفافية فلابد أن يعيدها مرة أخري حتي يظهر للمشاهد في أحسن صورة. وعقبت الإعلامية نجوي أبو النجا علي ما يحدث في الإعلام قائلة: أصبح هناك انحراف واضح في الأداء وعدم المهنية وهذا محسوب علي من يختار المذيعين وأري أن ذلك لا يعد خطأ المذيع فقط ولكنه محسوب علي من يختاره ويجيزه للظهور علي الشاشة أو أمام الميكروفون بدون تدريب وإعداد مهني فلابد أن تجري اختبارات في العديد من المواد منها اللغة العربية والانجليزية وعلم النفس والسلوك والإلقاء وكل ما يؤهله للظهور علي الشاشة وأن يكون التدريب علي أيدي المتخصصيين والإعلاميين الكبار والمذيع الذي يخطيء لابد أن يعاقب العقاب المناسب خاصة أننا أصبحنا في زمان يحرص فيه المذيع علي تقديم الخدمة لمشاهدة بل يسعي في معظم الأحوال إلي مصالح شخصية ولا يهمه المواطن المصري. ونبهت د.هويدا مصطفي أستاذ الإعلام إلي أن الشاشات أصبحت مليئة بالتجاوزات والأخطاء المهنية ويعد التليفزيون المصري هو الجهة الوحيدة التي ما زالت ملتزمة بمفاهيم وقوانين العمل الإعلامي، وأشارت إلي أنه يجب أن يتم تقييم دوري لكل من يظهر علي الشاشة ويخاطب المشاهد وان يلتزم المذيع بآداب المهنة وقواعدها ويتم محاسبة المخطئ ومن يتجاوز حدوده يجب تفعيل القواعد عليه، وأيضا من الضروري إن يوجد دورات تدريبية مستمرة للإعلاميين وأن يلم الإعلامي بالمعلومات وتطبيق القواعد المهنية وأن يكون حياديا ويلتزم بالضوابط المهنية التي حكمت العمل في التليفزيون طوال السنوات الماضية وجعلته ينفرد بالمهنية وأشارت انه يجب علي الإعلامي ان يجدد من نفسه ومهاراته ويثقل من خبراته بجانب ذلك يجب أن يهئ له مكان عمله الجو المناسب من خلال عمل دعاية لبرامجه وتشجيعه علي المنافسة من خلال التقييم الدوري والمجتهد يتم الاهتمام به وأري يجب ضخ دماء جديدة من الشباب وتفعيل التشريعات والانتهاء من ميثاق الشرف الاعلامي لإعادة ضبط المنظومة الإعلامية وما يحدث فيها من تجاوزات. وتقول د.سوزان القلليني أستاذ الإعلام :لابد للمذيع أن يجتاز الاختبارات التي تؤهله ويعرض علي لجنة خاصة لاختياره الذي ينجح فليس كل من هب ودب يظهر علي الشاشة لأنه هناك بعض المذيعين أصبحوا يشكلون كوارث بعدم حياديتهم مع الضيوف وبإظهارهم لمواقفهم الخاصة ولذلك فلابد من وضع ضوابط ومعايير لظهور أي شخص علي الشاشة وأعتقد أن عودة وزارة الاعلام أصبحت ضرورة ملحة في ظل هذا التخبط الإعلامي الذي نشهده حاليا. ويري د.عبدالله زلطة أستاذ الإعلام أنه يجب تشكيل لجنة من خبراء الإعلام من داخل ماسبيرو وخارجها لعمل تقييم شامل لأداء المذيعين والمذيعات في القطاعات المختلفة وإصدار تقارير محايدة وموضوعية تتناول كل حالة علي حده ، وأوضح " انه لا يعقل إن يستمر بعض قدامي المذيعين ممن وصلوا الي مرحلة تجعل الشكل غير مقبول علي الشاشة، وتساءل أين الوجوه الجديدة ؟ وهل عقمت مصر في إنجاب مذيعات ومذيعين ممن يتمتعن بالثقافة والحضور والكاريزما ؟ واشار إلي أن المشاهد عندما يتابع القنوات الأجنبية والعربية يجد فارقا هائلا بين من تظهر علي شاشة التليفزيون المصري والشاشات الأخري ودعا ان يتم عمل إعلان لتعيين مذيعين جدد خاصة من العنصر النسائي من خريجي الإعلام واللغات ،وأن يتم عمل دورات تدريبية مكثفة لمن يقع عليهم الاختيار بحيث تتناول هذه الدورات كل ما يتعلق بالعمل التليفزيوني من إعداد وتقديم والتركيز علي أخلاقيات المهنة ، حتي لانفاجأ بمذيعة تتجاوز علي الهواء ، وأن يتم الاستعانة بالمذيعات والمذيعين القدامي في الدورات التدريبية للمذيعين الجدد، فلديهم خبرة طويلة متميزة ولابد من الاستفادة من تجاربهم ونقلها إلي الجيل الجديد، وشدد زلطة علي ضرورة إن يتم تقييم دوري لمستوي أداء المذيعين ، فالعمل البرامجي والإعلامي ليس وظيفة عادية وإنما عمل ابداعي بالدرجة الأولي ومن يتوقف ابداعه يتم تحويله إلي عمل أخر داخل ماسبيرو. ويقول د. حسن علي أستاذ الإعلام: للأسف المعايير المهنية لإختيار المذيع في ماسبيرو والقنوات الخاصة غير مطبقة ، وإن كانت في ماسبيرو بوتيرة أقل، ولا توجد شفافية في معايير الاختيار إن وجدت كما كان سابقاً عبر لجان مختصه تضم خبراء ، فالإعلامي مثلاً يجب أن يكون جهازه الصوتي سليماً ومخارج الحروف واضحة، ولكننا نجد علي الشاشات مذيعين لديهم مشاكل في نطق أكثر من حرف ولمجرد وضعهم في المجتمع او عملهم في مجال إعلامي آخر كالصحافة يعتبرون ان الشاشة إمتداد لنفس العمل وهو أمر خاطئ لأن لكل فن إعلامي شروطه وقواعده ، كما ينبغي علي المذيع او المذيعة التي تظهر علي الشاشة ان تتمتع بحسن المظهر وقبول الشكل والوزن المناسب وإجادة اللغة العربية شرط مهم يجب أن يتوفر لدي المذيع ، وأدي إهماله لظهور أخطاء فادحة وفاضحة علي الشاشة يومياً، وفي ظل عبثية المشهد الإعلامي أيضاً ظهر مذيع يتحدث وحده وكأنه زعيم يخطب بمفرده في الشعب وهو شكل أقرب للإذاعه ولكنه يطبق ذلك علي الشاشة فلابد من تفعيل التقييم يومياً عبر إدارة جودة الشاشة المختصة بالتقييم المهني للمذيع ، كما أن لعامل التدريب دورا كبيرا أيضاً في تحسين مستواه علي الشاشة ، وخصوصاً في التشريعات الإعلامية ، فالعديد من المذيعين يجهلون ماينبغي قوله قانونياً ومالا ينبغي. وطالب د.مرعي مدكور أستاذ الإعلام بضرورة العودة لوضع معايير خاصة لمقدمي البرامج ومحاسبة المخطئ عند الخطأ خاصة أن هناك بعض المذيعين لديهم اجندة خاصة يعملون من خلالهاوهنا من اختلق لنفسه دورا سياسيا وبعد عن عمله الأساسي واصبح يلهث وراء حساباته الشخصية في ظل غياب الرقابة الذاتية مما أدي لتناول القضايا بسطحية وعدم مراعاة مواثيق الشرف الإعلامي فلابد من إعادة النظر في الآداء الإعلامي كما اصبح الان كثير من المذيعيين يتعاملوا بتعالي مع الضيوف وبطريقة غير لائقة لذلك لابد من وضع مواثيق اعلامية لمثل هذه النوعية من مقدمي البرامج، وأيضا من الضروري عودة وزارة الإعلام. وانتقد د.فوزي عبدالغني أستاذ الإعلام افتقاد الإعلام المصري لتطبيق معايير إختيار المذيع وهي معروفة واختفاء المذيع المثقف قائلا إن أغلب المذيعين أصبحوا يعتمدون في معلوماتهم علي فريق الإعداد ومايكتبونه له من معلومات ويطلعون عليها قبل الحلقة بدقائق ويعتبر المذيع نفسه بذلك قد أدي مهمته ، والناتج النهائي حوار سطحي في أغلب الأحيان ، وكذلك التمكن من اللغة العربية شرط أساسي للمذيع ونطقها الصحيح أيضاً ، وعدم الإهتمام بتطبيق المعايير جعل الإعلام يرجع خطوات إلي الخلف، وزاد عليه أيضاً إختفاء التقييم الشامل لآداء المذيع وعدم إهتمامهم ومؤسساتهم التي يعملون بها كذلك بالدورات التدريبية سواء في فنون الإعلام أو في الثقافة العامة أو اللغة العربية واللغات الأخري.