نعيش حالة حرب على الفساد والإرهاب، وحرب على الفتن والتشكيك والتخوين بين فئات الشعب بعضها لبعض، وبين مؤسسات الدولة، وكل ذلك ناتج من أعداء الخارج والداخل الذين لا يريدون خيرا لوطننا، ويأتى الشر إلينا بتدبير محكم ومؤامرات خبيثة حتى تغوص البلاد فى بحار من الانشغالات التافهة والملهيات الهادمة وندخل نحن أبناء الوطن فى ظلمة المناقشات السفسطائية العقيمة التى لا تحل ولا تربط ولا تغنى ولا تسمن من جوع فى أحداث استثنائية فردية نراها تنتشر بيننا مثل العدوى المرضية حتى نفقد اتجاه البوصلة نحو بقاء وبناء الدولة، هذا الهدف المنشود الذى راح فى الأفق بفضل سواعد الرجال وعزيمة الأبطال وتحت قيادة رئيس يتمتع بالحكمة وسعة الصدر والشجاعة فى اقتحام المشكلات التى تراكمت عبر سنوات طويلة حتى تكاد أن تصل بنا إلى الضياع والانهيار مثلما حدث ويحدث فى دول الجوار. إننا فى دولة يبلغ تعدادها تسعين مليونا وبحسابات منطق الحياة لابد أن تكون هناك هموم ومشكلات وسلبيات ولكنها تحت السيطرة ويمكن أن نستفيد بعدم تكرارها والعمل على التخلص منها أولا بأول، وعلينا أن نشجع أجهزة الدولة على حلها وألا نبالغ فى استعراضها وتركيز الضوء عليها وألا نجعلها أداة لجلد الذات الذى يدفعنا إلى اليأس والإحباط ويضيع منا الأمل والرجاء ويجعلنا نحيد عن هدف النهضة والرخاء فكل مجتمع فى أرجاء الدنيا به الصالح والطالح، والشر خلق فينا منذ بدء الخلق ولكن الخير سيظل فى أمتنا إلى يوم الدين وغلبة الخير على الشر أمر الهى وسر فى الوجود. ولماذا يركز الإعلام على أحداث عابرة قد يكون لها مردود سييء شرير للإيقاع بين الناس، أحداث بعضها ذات دلالة وبعضها تافه بسيط ولكن النتيجة هى هدم المجتمع وبث الضغينة والعداوة بين صفوفه. فأحداث فتاة المول ومن قبلها فتاة المطار، ثم الاحتكاك بين الأطباء ورجال الشرطة، وأخرى بين الفنانات والشرطة، والأدهى والأضل الأحداث التى وقعت تحت قبة البرلمان الذى يعمل فيه رجال همهم الأول هو الرقابة والتشريع، يسابقون الزمن لوضع اللبنات الأساسية لحياة العدل والفضل بيننا، أحداث مخزية مؤلمة على مسمع ومرأى من العالم كله فيه كل ألوان التراشق والتشابك والتشويح باليد والتهديد باللسان والضرب بالحذاء وخيانة الوطن والسعى وراء الظهور واستعراض هستيرى بتصرفات غير مسئولة وضجيج هنا وصخب هناك بلا رابط أو ضابط يكاد يفقد المكان هيبته ورجاله الشرفاء ممثلو الشعب احترامهم ووقارهم وقيمتهم وقاماتهم. إن ممثلى الشعب تحت قبة البرلمان قدوة لنا جميعا نأمل فيهم كل الخير وننظر إليهم بكل الإجلال والتقدير فيجب عليهم تنقية أجواء هذا البرلمان من الشوائب العالقة التى تسيء إلى الدولة وتصيب مواطنيها بالحسرة والألم. وكلمة أخيرة لرجال الاعلام: أرجو أن تضيئوا شمعة بدلا من أن تلعنوا الظلام وتأخذوا بأيدينا إلى آفاق المستقبل المشرق والأمل المنشود بدلا من أن تدفعونا إلى الهم والغم وتدخلونا فى متاهات اليأس والضلال.. نريد إعلاما يشحذ الهمم ويدفعنا نحو الأمل والعمل والفخر بما حققنا من إنجازات، إعلاما يبنى ولا يهدم، يعلى ولا يخفض، يصون ولا يفضح، يرتقى بالذوق العام ولا يغوص فى مستنقع البذاءات وسوء الأخلاق، إعلاما يبتعد عن التهويل ولكن يظهر الحقيقة ويترك مؤسسات الدولة تقوم بدورها فى علاج المشاكل، يبشر ولا ينفر ويتقى الله فى الوطن. د. يسرى عبدالمحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة