في زمن عزت فيه قيم الاحترام ، فلا غرابة عندما يتطاول الاقزام علي الكبار ، ولا غرابة عندما يتطاول الجهل علي العلم ، ولا غرابة عندما يطفح الصغار بما في داخلهم من نواقص وتربية سيئة تجاه الرموز الوطنية والدينية والعلمية والتربوية . كلما اتخذت الحكومة قرارات ضابطة وحاكمة بقوة القانون للحد من هذا الانفلات الاخلاقي والتربوي ، خرجت اصوات الباطل تنعق كما البوم لتتباكي بدموع التماسيح علي هوامش الحرية والتعبير ، وكأن الحرية هي حرية قلة الادب وقذارة اللسان ، واشاعة الفوضي ، وهدم منظومة القيم والاخلاق ، وزرع الاستهانة بالقيمة والقامة ، وتحقير اصحاب المواقف والتاريخ ، والدعوة لأن يأخذ كل ذي حق حقه بيده ولسانه بعيدا عن القانون ، ولو استعمل في ذلك اساليب البلطجة والارهاب الفكري والمعنوي والمادي . للأسف الشديد .. هناك انفلات واضح في الكثير من اجهزة الاعلام المستقلة ، المرئي والمسموع والمطبوع منها ، لغياب المفاهيم المحددة والمقننة لمعني حرية الرأي والتعبير ، الهدف الاعم هو احداث اشتباكات دائمة لا سند لبعضها في الواقع ، او تضخيم ما لايستحق ، واغفال ما يجب ابرازه من انجازات وايجابيات لها مردودها في الواقع الاجتماعي ، وكأن الاعلام اصبح منوط به اشاعة اليأس والاحباط بين الناس ، وقتل الامل الذي يتراقص في داخل النفوس . لا يمكن لأحد ان ينكر ما يعيشه المجتمع من مشكلات كثيرة طارئة او متراكمة ، ولكن من الغبن ان يلعب الاعلام غير المحايد علي وتيرة الاحباط الدائم والعزف علي لحن " مفيش فايدة ". التعميم ايضا من آفات الاعلام الذي يحمل سوء النوايا ، ويعمل وفق اجندات خاصة تمولها جماعات المصالح المنتفعة من وراء ذلك ، فالكل في عرف هذا الاعلام فاسد ، الكل مرتش وحرامي ، الكل مزور وافاق ، الكل لا قيمة له ، الكل ينهب ثروات الوطن ، في ظل هذا التعميم المغلوط عن عمد ، ماذا ننتظر من شباب نقتل فيه قيمة الاحترام وفضيلة الاخلاق ، واهمية الالتفاف والانتماء حول رمز وطني ، أو حزب سياسي ، أو التفاعل مع مبدأ ، أو السعي لتنمية نفسه وتنمية الحي الذي يقطنه والمدرسة او النادي او مركز الشباب أو الجامعة التي ينتمي لها ؟ ! من هنا .. اقدم خالص التهنئة للحزب الوطني الديموقراطي الذي حقق فوزا كاسحا في الانتخابات البرلمانية بفضل التفاف جماهيره حوله ، وهذا يجعلني علي ايمان مطلق بأن هذا الفوز الكبير يحمل الحزب مسئولية اضافية لدفع الحكومة التي تمثله وتنفذ برامجه وسياساته ، لضبط ايقاع هذا الانفلات الذي تحدثت عنه عن طريق تفعيل القانون وتطبيقه بحزم دون الالتفات لاصحاب نعيق البوم الذين لايريدون لهذا البلد اي خير ، وفي المقابل هناك مسئوليات اخري في اعناق نواب الحزب تحت قبة البرلمان لرد ايجابيات الثقة التي اولاها الناخب لهم من خلال الرقابة البرلمانية علي الاداء الحكومي ، وسن التشريعات التي تحيي الامل في حاضر ممكن وغد افضل ، والتركيز في هذه التشريعات علي امل الحاضر وقوة المستقبل المتمثلة في جيل الشباب ، نريده حاضنا مؤمنا ببلده ووطنه بدلا من خيار اليأس في الهجرة الغير شرعية ، أو " سكة اللي بيروح ما يرجعش " ! .