بكري يطالب رئيس الوزراء بتوضيح أسباب أزمة وفاة مئات الحجاج المصريين    لطلاب الشهادة الإعدادية، مدارس بديلة للثانوية العامة في الإسكندرية    نقيب الأطباء البيطريين يعلن فتح باب تلقي طلبات الإعانات الأحد المقبل    على هامش زيارته لموسكو.. رئيس تنشيط السياحة يعقد عددًا من جلسات العمل    بعد الارتفاع الآخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى اليوم الجمعة 21-6-2024    محافظ الغربية يتابع استمرار حملات تشجير وتجميل المدن    فيديو.. مصطفى بكري بعد وفاة حجاج مصريين: لو دمنا رخيص سيبونا    إسماعيل هنية: منفتحون على أي مبادرة تؤمن أسس موقف المقاومة لوقف إطلاق النار    البنتاجون يؤكد السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأمريكية في ضرب الأراضي الروسية    قمة الدوري - موعد مباراة الأهلي والزمالك والقنوات الناقلة    حالتا وفاة جديدتان من أبناء دمياط بالأراضي المقدسة    بدءا من الأحد، مواعيد جديدة للقطار الكهربائي الخفيف والمترو    محافظ كفر الشيخ يوفد مندوبا للمشاركة فى تشييع جثمان شيخ الصحفيين    مصطفى كامل يتألق في أولى حفلاته بالعلمين    بكري لأصحاب المدارس الخاصة: بالراحة شوية جيوب الناس فاضية    إعلام إسرائيلى: مسئولون أمنيون أعربوا عن مخاوفهم من هجوم لحزب الله    بعد وصول وفيات الحجاج إلى 49.. الرئيس التونسي يقيل وزير الشؤون الدينية    تفاصيل عرض الاتحاد السعودي لمدرب ميلان السابق بيولي    بالأحمر.. هدى الإتربي تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها من فرنسا | فيديو    «وصفات صيفية».. جيلي الفواكه بطبقة الحليب المكثف المحلي    يورو 2024.. مبابي على مقاعد بدلاء فرنسا فى مواجهة هولندا    مركز البابا أثناسيوس الرسولي بالمنيا ينظم اللقاء السنوي الثالث    قانون لحل مشاكل الممولين    قطر: الفجوات قائمة بشأن وقف إطلاق النار في غزة رغم التقدم في المحادثات    موهوب ريال مدريد على رادار ليفربول بفرمان سلوت    تامر حبيب يحيي ذكرى وفاة سعاد حسني: "أدعو لها على قد ما سحرتكم"    أفتتاح مسجد العتيق بالقرية الثانية بيوسف الصديق بالفيوم بعد الإحلال والتجديد    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام -(فيديو)    من «الضفة الأخرى».. داليا عبدالرحيم تكشف مخاطر صعود اليمين المتطرف بأوروبا وعبدالمنعم سعيد يصفهم بالنازيين الجدد    ارتفاع حصيلة ضحايا موجة الحر الشديدة بالهند إلى 143 حالة وفاة وأكثر من 41 ألف مصاب    افتح الكاميرا وانتظر السجن.. عقوبة التقاط صور لأشخاص دون إذنهم    المفتي يستعرض عددًا من أدلة عدم نجاسة الكلب.. شاهد التفاصيل    التصريح بدفن جثة شخص لقي مصرعه أسفل عجلات القطار بقليوب    الأرز الأبيض.. هل يرفع احتمالات الإصابة بداء السكر؟    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    في حال التصالح، هل يعرض إمام عاشور على النيابة في واقعة المول بالشيخ زايد؟    مصدر ل"يلا كورة" يكشف الموعد المقترح من كاف لإقامة أمم أفريقيا    مدرب وحارس الأرجنتين ينتقدان حالة ملعب مواجهة كندا في كوبا أمريكا 2024    كواليس تحركات "اللحظة الأخيرة" من رابطة الأندية لإقناع الزمالك بخوض لقاء القمة (خاص)    مطاي تنفذ مبادرة خفض الأسعار للسلع الغذائية في منافذ متحركة وثابتة    الداخلية تحرر 169 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق خلال 24 ساعة    استشهاد فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    اتحاد المصريين بالسعودية: دفن أغلب جثامين الحجاج المصريين في مكة    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    ارتفع عالميًا.. سعر الذهب اليوم الجمعة 21 يونيو 2024 وعيار 21 الآن للبيع والشراء    اتصالات موسعة لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لقمة الأهلي والزمالك    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    الحرارة تصل ل47 درجة.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطباء مصر يعيدون الإبصار ل‏1200‏ تشادي

كان الطريق إلي العاصمة التشادية طويلا‏,‏ وبرغم قرب تشاد الجغرافي من مصر‏,‏ كان علي أن أقطع آلاف الأميال إلي العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وأمكث فيها يوما‏ قبل أن أتوجه إليها برفقة وفد من أطباء العيون المصريين في إطار مشروع مكافحة العمي في تشاد‏. المشروع يأتي في إطار حملة ينظمها الصندوق المصري للتعاون مع إفريقيا في وزارة الخارجية بالتعاون مع اتحاد الأطباء العرب والبنك الإسلامي للتنمية وفقا لما تقول السفيرة فاطمة جلال الأمين العام للصندوق المصري للتعاون مع إفريقيا‏.‏
كانت عواصف ترابية كثيفة قد عطلت الطيران إلي العاصمة التشادية لمدة أربعة أيام‏,‏ حمدنا الله أن هدأت هذه العواصف الترابية عند وصولنا‏,‏ ومثلها كانت قد هدأت عواصف أخري سياسية‏,‏ تمثلت في حالة حرب وعداء بين تشاد والسودان الدولتين الجارتين اللتين تربطهما الكثير من الروابط والعلاقات‏,‏ انعكست علي الأوضاع الداخلية في تشاد‏.‏
كان أعضاء الوفد الطبي المصري عالي المستوي الذي توجه إلي تشاد أشبه ما يكونون في مهمة فدائية‏,‏ فلا وقت عندهم يضيعونه‏,‏ كان يومهم يبدأ بعد صلاة الفجر‏,‏ ولا ينتهون من عملهم إلا في الثامنة أو التاسعة مساء‏,‏ ويظلون في عمل متصل‏,‏ يسابقون الزمن لأنهم وضعوا هدفا لهم‏,‏ وهو إجراء‏1200‏ عملية خلال فترة وجودهم المحددة بعشرة أيام‏,‏ فضلا عن المعاينات والكشف‏,‏ ولم تكن هذه المرة الأولي لهم‏,‏ فقد سبق أن قاموا بقافلة مماثلة قبل أشهر‏,‏ لكن انضم أطباء جدد للقافلة هذه المرة‏.‏
وكانت القافلة الطبية في غاية التنظيم فقد تم إعداد وتجهيز مكان ملائم لهم في أحد أكبر مستشفيات العاصمة التشادية‏,‏ وهو مستشفي الحرية الذي قامت ببنائه الصين وإهدائه للشعب التشادي قبل سنوات‏,‏ كما تم قبل وصولهم شحن المعدات والأجهزة والمستلزمات الطبية التي يحتاجونها‏,‏ فضلا عن أطنان من الأدوية التي تقدم مجانا للمرضي التشاديين‏,‏ إضافة إلي تعاون وثيق مع السفارة المصرية في تشاد ومع الجانب التشادي تمثل في تنظيم جيد للمرضي وإعلام واسع‏,‏ وأيضا تعاون كبير مع الأطباء والممرضين والمساعدين التشاديين‏.‏ يقول الدكتور خالد حنفي رئيس المركز العربي لمكافحة العمي باتحاد الأطباء العرب والمشرف علي البرنامج‏:‏ إن القافلة تأتي في إطار خطة مدتها ثلاث سنوات لإجراء عشرة آلاف عملية وعلاج مائة ألف شخص وتأهيل وتدريب أطباء العيون في تشاد‏,‏ مشيرا إلي وجود نحو مائة وعشرين ألف حالة عمي في تشاد‏.‏
كانت طوابير المرضي تصطف أمام المستشفي يوميا‏,‏ وقد اكتسب الأطباء المصريون سمعة جيدة في تشاد‏,‏ وصاروا بحق خير عنوان ودعاية لمصر‏,‏ وبعد قافلتهم الأولي قبل أشهر كان المرضي من كل أنحاء تشاد يسألون عنهم‏,‏ وعن موعد قدومهم التالي كما ذكر لي السفير المصري في تشاد السفير جمال نبيه الديروطي‏,‏ ويقول الدكتور مختار علي نمير أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإسكندرية الخبير المصري في تشاد حاليا‏:‏ إن هؤلاء الأطباء قاموا بعمل عظيم وتركوا بصمة كبيرة برقيهم المهني والأخلاقي‏..‏ وقد قوبلت القافلة الطبية المصرية بترحاب كبير علي المستوي الرسمي‏,‏ وأعربت مهدية عثمان عيسي وزيرة الدولة في وزارة الصحة التشادية‏,‏ عن تقدير الدولة التشادية لهذا العمل الكبير الذي يقوم به الأطباء المصريون‏,‏ مشيرة إلي حاجة تشاد الشديدة إلي مزيد من التعاون الصحي مع مصر‏,‏ سواء فيما يتعلق بهذه القوافل أو بتدريب وتأهيل الكوادر الطبية التي تعاني تشاد نقصا حادا فيها حيث لا توجد بها كلية طب واحدة‏,‏ ومثلها رحب محمد المستور نائب المدير العام للإعلام بالرئاسة التشادية بهذا العمل‏,‏ معربا عن أمله في أن تشهد الأيام المقبلة مزيدا من التعاون بين تشاد ومصر وجميع الدول العربية في جميع المجالات‏,‏ وقال علي عثمان قاسم منسق مشروعات البنك الإسلامي للتنمية في وزارة التخطيط التشادية‏:‏ إن فكرة القافلة تدعم التعاون الإقليمي للعمل من أجل مكافحة العمي في تشاد‏.‏ غير أن الترحيب الشعبي بالأطباء المصريين والدعوات لهم من أفواه البسطاء كانت هي المنظر الأكثر تأثيرا‏,‏ وقد رافق الأهرام الأطباء في رحلة علاجهم للمرضي وأيضا إلي داخل غرفة العمليات‏,‏ التي تم التقاط صور من داخلها نعرض بعضها هنا‏,‏ ولا أعتقد أن هناك كلمات يمكن أن تصف مشاعر هؤلاء البسطاء من المرضي الذين أتوا من كل مكان في تشاد‏,‏ بعد أن فقدوا البصر أعواما‏,‏ وفقدوا معه الإحساس بالحياة والمشاركة الفاعلة فيها‏,‏ ثم كان قدوم هذه القافلة الطبية المصرية بمثابة يد الرحمة الإلهية التي تنتشلهم من بحور الظلمات إلي نور الحياة والأمل وأيضا القدرة علي العمل والانتاج من جديد‏,‏ وتدخل البهجة والسرور علي قلوبهم‏.‏ هذه الحاجة عائشة التي جاءت إلي المستشفي تتوكأ علي يد ابنها ولم تغادره إلا مبصرة‏,‏ كان وجهها يتهلل من الفرحة والذهول‏,‏ لم تكن تتخيل أن يعود إليها بصرها ثانية‏..‏ كانت سنواتها الماضية في الظلام رحلة طويلة من المعاناة‏,‏ أما الآن فقد عاد إليها نور الحياة‏,‏ ومثلها الشاب إبراهيم الذي لن يكون بعد اليوم معاقا أو عالة علي أحد‏,‏ بل سيصبح قوة منتجة في المجتمع‏,‏ قال لي‏:‏ إنه يتطلع إلي العودة للعمل والمساهمة في إعالة أسرته الكبيرة وأضاف سعيدا‏:‏ ومن يدري فقد أتزوج قريبا وأبني أسرة صغيرة‏..‏ لكل مريض قصة‏..‏ وخلف كل قصة رحلة من المعاناة والعذاب والألم‏..‏ وكما للمرضي قصص فللاطباء هم الآخرون حكايات يجب أن تروي‏,‏ فيها تضحية وتكبد للمشاق وبذل وعطاء‏,‏ يقول الدكتور خالد حنفي رئيس المركز العربي لمكافحة العمي‏:‏ إن فكرة المركز بدأت بعد أول قافلة لهم بدارفور عام‏2004,‏ وأن خطتهم للعام الحالي هي إجراء عشرة آلاف عملية‏,‏ مشيرا إلي قوافلهم الطبية المتعددة في أنحاء مصر والسودان والصومال وتشاد والنيجر ونيجيريا واليمن‏,‏ ويقول الدكتور مصطفي الحسيني استشاري العيون المشارك في القافلة بتشاد‏:‏ إن لا شيء يعادل لدي الطبيب البسمة التي يراها علي وجه إنسان عادت إليه نعمة البصر وأصبح يمشي وحده دون مساعدة‏.‏ ويري الدكتور مصطفي الريس‏:‏ أن الأطباء المصريين جاءوا إلي تشاد للتخفيف من معاناة إخوانهم انطلاقا من واجبهم الإنساني والأخلاقي‏,‏ ويضيف الدكتور أحمد إسماعيل‏:‏ إن كثيرا من الحالات يسهل علاجها‏,‏ لكن تأخر ذلك بفعل الظروف الصعبة التي يعيشونها‏,‏ أما الدكتور إيهاب أبوعلي‏,‏ فيري أن هذا العمل هو رسالة وأن العمل الإغاثي له دوره في توطيد العلاقات بين الشعوب‏,‏ حيث يتخطي كل الحواجز والتباينات بين البشر‏,‏ ويعتبره الدكتور سعيد شوارب عملا ضروريا تجاه إخوتنا في الدول الإفريقية الذين يجب تعزيز علاقة مصر بهم‏.‏
وإن كان هذا الترحاب الكبير بالوفد الطبي المصري لم يخفف ما يشعر به بعض التشاديين من لوم تجاه أشقائهم العرب‏,‏ حيث يشعرون بأن العروبة والإسلام والجوار المشترك كان يجب أن تحرك الدول العربية نحوهم بشكل أكبر علي حد تعبير رئيس المجلس الأعلي للشئون الإسلامية في تشاد‏.‏
منذ أول وهلة وطأت فيها قدماي العاصمة التشادية لم أشعر بغربة‏,‏ وشعرت بأن تشاد كانت ولا تزال بحق أرض التلاقي العربي الإفريقي‏,‏ وإحدي أقرب دول جوارنا لنا‏,‏ وأنها تستحق عن جدارة أن تكون في قائمة الاهتمام المصري والعربي في المرحلة الراهنة لأسباب كثيرة‏,‏ من بينها المصالح المشتركة التي يمكن أن تتحقق في هذا البلد الواعد ذي الموقع الجيوإستراتيجي المهم في قلب القارة الإفريقية‏,‏ الزاخر بالثروات الزراعية والحيوانية وبالبترول والمعادن‏,‏ والذي مازال في مراحل البناء‏,‏ ولعل أكبر ما بعث السرور في نفسي‏,‏ وقوبل بترحاب شديد في تشاد هو دعوة السيد عمرو موسي لإنشاء رابطة لدول الجوار العربي‏,‏ وتأكيده في هذا الصدد علي تشاد‏,‏ التي أكد أن‏70%‏ من أهلها يتحدثون العربية‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.