مضي عيد تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي في 25 أبريل ولا توجد لدي نية للاحتفال مرة أخري لأن سيناء للأسف الشديد قد باتت محتلة مرة أخري أو علي الأقل. فإن هناك حربا معلنة من أجل احتلالها والسيطرة علي أراضيها. ولا يحتاج الأمر لتقدير الموقف إلي أكثر من متابعة حوادث الاعتداء علي القوات المصرية, وقوات الأمن, وكافة الهيئات الممثلة للدولة من أقسام للشرطة إلي عربات البريد, وعمليات قطع الطريق التي تتم بدوريات مسلحة تسليحا عاليا, وتحمل بيارق سوداء, وتعلن عن أنواع مختلفة من الجيوش الإسلامية أو هكذا تسمي. إذا لم يكن ذلك يسمي احتلالا فربما يحتاج الأمر لاختراع تعبير آخر يناسب الحال, ولكن الحالة أخطر مما يتصور كل المواطنين الشرفاء, أما المواطنون الذين حاربوا من أجل تحريرها, فإن ما يجري في سيناء الآن لم يكن هو التحرير الذي نريده. كان في ذهننا بالطبع تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي كما فعل كل الوطنيين المصريين مع كل أنواع الاحتلال التي عرفناها. ولكن ما كان مهما أيضا هو تحرير سيناء من العزلة, وجعلها درة التنمية المصرية, ومقدمة لانطلاقة مصر إلي مستقبل جديد وعظيم لم تعرفه لقرون وألفيات. ولكن سيناء سرقت منا كما تمت سرقتها من أهلها عندما باتت مفتوحة سداحا مداحا بأنفاق جعلت حدودنا مثقوبة لكل من أراد بها سوءا, ولكل من أراد أن يقيم بها سوقا للسلاح والإرهاب أو لاستدراج مصر إلي حرب أو معركة لم تردها ولم يتخذ شعبها قرارا بشأنها ولم تعرف لها قيادتها توقيتا أو موعدا. المدهش في الموضوع, والبلاد غارقة الآن في أشكال مختلفة من الدهشة, أن أحدا من القوي السياسية والمرشحين للرئاسة لا يلقي بالا للموضوع, يتحدثون عن الأمن الغائب نعم, ولكنهم سيحلون الموضوع بإعادة هيكلة وزارة الداخلية, ولكن سيناء محتلة احتلالا معظمه خارجي, وأقله يأتي من جماعات إرهابية وجهادية- هكذا تطلق علي نفسها- داخلية, ومع انهيار الأحوال في ليبيا والسودان فإن شبه الجزيرة السيناوية صارت هي نقطة العبور والتنقل والتجمع لجماعات وجيوش ما أنزل الله بها من سلطان. وإذا كان الساسة مشغولين بمعاركهم السياسية والانتخابية, وباتت وزارة الدفاع تحت الضغط المباشر لجماعة السيد حازم أبو إسماعيل بمساندة كل من يجد فرصة للضغط علي المجلس العسكري, فأين الشعب المصري الذي لم يصبر أبدا علي ضيم أو احتلال. أين هي الكرامة المصرية, وسيناء تتعرض لمحاولة اغتصاب غادرة علي أنغام وموسيقي الحديث عن تعمير سيناء المحررة سابقا؟!. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد