يظن كثير من الناس وبعض الظن إثم أن نواب البرلمان فوق المساءلة، وأنهم محصنون من العقاب، مهما يأتوا من أفعال، حتى لو كانت مخالفة للدستور والقانون، وهم مخطئون.. فالموافقة على رفع الحصانة من عدمه اختصاص أصيل للبرلمان، وفى حالات التلبس، لا مجال للحديث عنها أصلا، ويجرى تطبيق القانون، دون النظر إليها، كما أن الحصانة لا تسرى على قواعد التفتيش الإداري.. هكذا قال لنا فقهاء القانون الدستوري. فى المقابل، يخطئ من يظن من النواب، أنهم فوق المساءلة.. أو أن حصانتهم مطلقة، بل هى مشروطة بما منحه لهم القانون من صلاحيات واختصاصات.. فكثيرا ما أحال البرلمان فى دورات سابقة العديد من النواب إلى لجنة القيم بالمجلس، وتقرر فصلهم، وكثيرا ما خضعوا للعقاب، وفقا للائحة الداخلية للمجلس، فالحصانة ليست للوجاهة، وإنما هى مسئولية، يدركها البرلمان جيدا، ويعمل جاهدا على الالتزام بها، منعا للكيدية، وتلفيق التهم ، ولتمكين النواب من ممارسة دورهم النيابى وفقا لما خوله لهم الدستور والقانون بعيدا عن تأثير السلطة التنفيذية. نعود إلى الوراء قليلا، فقبل أيام، رفض مجلس النواب ، برئاسة الدكتور على عبد العال رئيس المجلس، رفع الحصانة البرلمانية عن ثلاثة من النواب، ما دعانا لفتح ملف الحصانة البرلمانية، ومن هنا طرح العديد من التساؤلات: هل الحصانة البرلمانية مطلقة؟.. ما هى الإجراءات التى حددها الدستور والقانون واللائحة الداخلية لمجلس النواب لرفع الحصانة؟.. ومتى يقرر المجلس رفعها؟.. طرحنا تساؤلاتنا على الخبراء وفقهاء القانون الدستورى .. وإليكم التفاصيل: بشكل عام، تتحفظ بعض الدساتير كما يقول الدكتور صلاح الدين فوزى الفقيه الدستورى أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة المنصورة على الحصانة الإجرائية بالذات، ولا تمنحها للنائب فى حالات النزاع أو المشاجرات، والمؤكد أن معظم دساتير العالم تقرر الحصانة الموضوعية، وهى مانع من موانع المسئولية، عما يبديه النائب من آراء داخل المجلس أو إحدى لجانه، وفى ذلك تعظيم لحرية النقد وتعدديتها، مشيرا إلى أن الحصانة مقررة إجرائيا بالنسبة للجنايات، والجنح، والمخالفات ، فى النظام المصري، وحتى دستور 71، ودستور «الإخوان»، ومن مكاسب دستور 30 يونيو- الذى شاركت فى صياغة مواده- أكدنا أن الحصانة الإجرائية تمنح للنائب فى مواد الجنايات والجنح فقط، وبناء على ذلك لا توجد حصانة للنائب عند ارتكاب المخالفات كالمرور والنظافة وغيرها من المخالفات التى نص عليها القانون، وتلك كانت إحدى المزايا التى نص عليها دستور 30 يونيو 2014 كما ذكرت. دستور 30 يونيو وفيما يتعلق برفع الحصانة بين أدوار انعقاد المجلس، كان القرار بين سلطة رئيس المجلس، لكن ذلك الوضع تغير فى دستور 30 يونيو، وأصبح رفع الحصانة بين أدوار الانعقاد سلطة هيئة المكتب، وليس لرئيس المجلس فقط، مشيرا إلى أنه إذا انقضى 30 يوما على تقديم طلب الإذن برفع الحصانة دون رد من المجلس، يعد ذلك موافقة على رفع الحصانة، وبذلك اقتربت مصر من الدساتير العالمية الأخرى فى هذا المجال. وإذا كانت اللائحة الداخلية - التى يجرى صياغتها حاليا- تنص على أن وزير العدل يقدم طلبا للمجلس لرفع الحصانة، فإننى أقترح أن يكون طلب رفع الحصانة مقدما من النائب العام، أو المدعى العام العسكري، لأن القضاء العسكرى وفقا لدستور 30 يونيو مختص بمحاكمة المدنيين، وهو أمر تم تحديده حصرا فى الدستور، كما تقدم الطلبات أيضا من المدعى بالحق المدنى إذا رفعت دعواه أمام المحاكم الجنائية «الجنح المباشرة». التلبس والتفتيش الإدارى وفى حالات التفتيش الإداري، لا تشكل الحصانة عقبة دون إجرائه إذا أسفر عن جريمة، وهذه تعتبر حالة تلبس، لا تستلزم طلب رفع الحصانة عن النائب، وفى حالة التفتيش بالمطارات، إذا أسفر عن جريمة يقود ذلك لتوافر حالة التلبس، وفى تلك الحالة، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية دون إذن. والحال كذلك، فإن قرار رفع الحصانة يعد اختصاصا أصيلا للمجلس وفقا للدستور، كما أنه اختصاص أصيل لهيئة المكتب ما بين دور انعقاده، كما أن اللائحة الداخلية للمجلس قد أقرت نوعا ثالثا من الحصانة سمَّته الحصانة الإدارية، فإذا كان النائب موظفا بالحكومة، أو فى قطاع الأعمال العام ، فلا تتخذ إجراءات تأديبية حيالهم إلا بعد موافقة المجلس، ومع ذلك تجدر الإشارة إلى نص فى اللائحة الداخلية، ويقضى بأنه «حتى يتثبت المجلس من عدم كيدية الاتهام، وأنه يقصد به الحيلولة بين النائب وبين أداء مهامه البرلمانية»، وهناك نص آخر يقول «يجب فى جميع الأحوال، الموافقة على إجراء التحقيقات الإدارية، إذا ثبت للمجلس أن طلب الموافقة على إجراء التحقيق ليس مقصودا به الانتقام،أو النكاية، أو الحيلولة بين النائب، وبين ممارسة مهامه النيابية». حق التقاضى تلك الضوابط كما يقول الدكتور صلاح الدين فوزى الفقيه الدستوري- لابد أنها تكون بمثابة قيد على سلطة المجلس فى عدم الموافقة على رفع الحصانة، لكنها مع ذلك حال وجودها- ستظل فيما يخص الحصانة الإجرائية- بمثابة قيود أدبية، لأن الدستور أطلق سلطة المجلس فى الموافقة على رفع الحصانة من عدمه، لكنى أعتقد جازما أن المجلس يتدارس هذه الأمور قبل رفض طلب رفع الحصانة، ونحن نثق فى حكمة المجلس وأعضائه، وأنهم ينتصرون للحق والعدل، وانطلاقا من إيمانهم بأن «التقاضي» حق أصيل، وأن النواب يبادرون بطلب رفع الحصانة عنهم طواعية انتصارا لانحيازهم الدائم لإعلاء الدستور، وسيادة القانون. وبالنسبة للملتحقين بالجامعات من أعضاء البرلمان، سواء كان ذلك للحصول على درجة البكالوريوس أو الليسانس أو الدراسات العليا، فهم فى مركز قانونى محكوم بقانون الجامعات ولائحته التنفيذية، من ثم ، فإنه حال اقترافهم مخالفة طلابية، يمكن التحقيق معهم، ولكن بطلب من رئيس الجامعة المختصة ، لرئيس مجلس النواب، والذى له عرض الأمر على المجلس للموافقة أو التصريح بإجراء التحقيق مع النائب حال ارتكابه مخالفة فى هذا الشأن. سلطة تقديرية وفى كل دول العالم والكلام هنا للدكتور أنس جعفر الفقيه الدستورى وأستاذ القانون العام بجامعة بنى سويف- فإن رفع الحصانة سلطة تقديرية للبرلمان، مشيرا إلى أن كثيرين من أبناء الشعب دائمو الشكوى بطبيعتهم، بحق ودون حق، ولو أن كل شكوى قدمت ضد نائب من النواب تم بحقها اتخاذ قرار برفع الحصانة، لتفرغ البرلمان لرفع الحصانة، وتخلى عن دوره الأصيل فى الرقابة والتشريع، والحال كذلك ، عندما تم تقييد حق إقامة دعاوى مباشرة بعدم دستورية القوانين أمام المحكمة الدستورية العليا، وإن كان ذلك الحق متاحا أمام محاكم أخري، إذا يمكن للمدعى أثناء نظر القضية الدفع بعدم الدستورية، أما إحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل فيها، فهى سلطة تقديرية للقاضى . وعلى ذلك، فإن مجلس النواب كما يقول الدكتور أنس جعفر يمارس بجدية التأكد من كيدية الاتهام من عدمه، أما إذا تم ضبط النائب متلبسا، ففى هذه الحالة لا مجال للحديث عن الحصانة، إذ تجرى محاكمته دون الحاجة لاتخاذ إجراءات لرفع الحصانة عنه، وفى حالات متعددة فى برلمانات سابقة، تم إحالة نواب إلى لجنة القيم بالمجلس، وتقرر فصلهم، ولذلك تم أخيرا إلحاق النواب بدورات تدريبية ، لتوعيتهم بواجباتهم، وحقوقهم، والتزاماتهم. مهام الرقابة والتشريع وبشكل عام، فإن الحصانة البرلمانية ليست اختراعا مصريا كما يقول المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق- ، لكنها تقررت فى الكثير من دول الديمقراطيات العالمية كبريطانيا وغيرها قبل قرنين من الزمان على الأقل، إذ كان هناك حزبان متنافسان على الحكم، وكانت السلطة التنفيذية تفتعل الخلافات مع نواب أحد الحزبين باتهامات كيدية، لمنعهم من ممارسة دورهم الرقابى والتشريعي، لذلك تقرر منحهم حصانة لتمكينهم من أداء دورهم النيابى ، مشيرا إلى أن قرار رفع الحصانة عن النائب يصدر عن مجلس النواب، وفقا لقانونه، ولائحته الداخلية، وفى إطار الدستور، ويلزم توافر أدلة كافية لاتخاذ قرار برفع الحصانة، منعا للانسياق وراء اتهامات كيدية.. ومن ثم فإن الحصانة البرلمانية، تمثل حماية للنائب من الأفراد العاديين فى حالة وجود خصومة أو كيدية فى الاتهام، فضلا عن تمكينه من ممارسة دوره النيابى بعيدا عن ضغوط السلطة التنفيذية، ولحماية حريته، وضمان استقلاليته القصد من الحصانة كما يقول المستشار الجمل هو تمكين النائب من ممارسة اختصاصاته البرلمانية، وحمايته من الكيدية ، وعدم إعاقته من السلطة التنفيذية حال كونه معارضا للحكومة، لكنها لا تتعارض مع عرف البلاد فى تأمين المجتمع مثل التفتيش فى الأكمنة والمطارات، مشيرا إلى أن الحصانة البرلمانية ليست ميزة شخصية للنائب المتهم، وهى ليست مقررة لمصلحته الشخصية ليستغلها فى تحقيق مكاسب غير مشروعة ولكنها مقررة لمصلحة المجتمع، كما أن الحصانة تمنع النيابة من إحالة النائب إلى المحاكمة دون موافقة المجلس، وفى حالة أن واجه اتهاما تحال أوراق النيابة إلى وزير العدل ومنها لمجلس النواب لاستئذانه، وهو من يقرر إسقاط العضوية عن النائب لمواصلة الإجراءات الحنائية ضده. وفى مصر، فإن الحصانة البرلمانية مقررة فى أحكام الدستور لكل عضو بالبرلمان منذ إقرار دستور 1923، وقد تكررت المادة التى تنص على الحصانة البرلمانية فى كل من الدساتير اللاحقة حتى الدستور الحالى النافذ فى البلاد، والذى نصت المادة 113 منه ،على أنه لا يجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أى إجراء جنائى ضد عضو مجلس النواب فى مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس، وفى غير دور الانعقاد يتعين أخذ إذن مكتب المجلس ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراءات، وفى كل الأحوال يتعين البت فى طلب اتخاذ الإجراء الجنائى ضد العضو خلال ثلاثين يوماً على الأكثر وإلا عد الطلب مقبولاً.. وطبقاً لأحكام قانون مجلس الشعب أو لمجلس النواب حالياً واللائحة الداخلية للمجلس فإنه قد جرى تطبيق النص الذى يقرر حصانة النائب فى عدة حالات فردية، حيث يخطر النائب العام وزير العدل بما أجرته النيابة من تحقيق فى الاتهام الموجه للنائب إذا كان يمثل جناية أو جنحة طبقاً لأحكام قانون العقوبات، ويجب أن يتوافر فى تحقيق النيابة العامة أدلة كافية على ثبوت التهمة الجنائية قبل النائب ويقوم وزير العدل بإحالة الأوراق إلى مجلس الشعب، ويتم دراسة الطلب فى اللجنة التشريعية والدستورية، فإذا انتهت اللجنة بعد مراجعة أوراق التحقيق والاتهام وسماع دفاع العضو أن هناك أدلة كافية ومعقولة لصحة نسبة التهمة إلى النائب، وأنه لا يوجد شبهة تلفيق أو تضليل فى الاتهام من النيابة العامة فإن اللجنة تعرض تقريرها مسبباً على المجلس فى أقرب جلسة للنظر فى طلب رفع الحصانة البرلمانية عن العضو ويقرر المجلس بأغلبية أعضائه رفع الحصانة ما دامت التهمة لها أدلة معقولة تجعل الاتهام جدياً قبل العضو، أى أنه تتأكد اللجنة أنه ليس فى الأمر أى دليل أو قصد على أن الاتهام أساسه الكيد من الحكومة أو غيرها ضد النائب المتهم، خاصة لو كان ذلك التلفيق أو الكيد بسبب ممارسة العضو الرقابة البرلمانية ضد الحكومة!، وقد جرى العمل فى كل الدساتير السابقة على الدستور الحالى على موافقة المجلس على رفع الحصانة أو صدور الإذن من مكتب المجلس فى حالة غياب المجلس، ويتم إثر ذلك استكمال التحقيقات مع النائب وإحالته إلى المحكمة الجنائية المختصة لمحاكمته! ولابد من التأكيد على أن الحصانة البرلمانية ليست ميزة شخصية للنائب المتهم، وهى ليست مقررة لمصلحته الشخصية ليستغلها فى تحقيق مغانم أو مكاسب غير مشروعة ولكنها مقررة لمصلحة المجتمع وهى ضرورة تفرضها الحياة البرلمانية واستقلال السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية وحتمية تحقيق الالتزام بالحرية والاستقلال للنواب فى أداء واجباتهم البرلمانية! امتياز دستوري الحصانة البرلمانية كما يقول الدكتور عادل عامر الخبير الحقوقى - هى نوع من الحماية القانونية التى يعطيها الدستور لنواب الشعب فى البرلمان كنوع من الحماية السياسية و القانونية ، حتى يستطيع النائب أداء وظيفته الدستورية كاملة ( كسلطة تشريعية) بعيدا عن تأثير السلطة التنفيذية على أعضاء البرلمان بالترغيب أو الترهيب ، وقد كفل الدستور لأعضاء المجلس حصانة خاصة، فى بعض الأحكام المقررة فى التشريع الجنائى أساس الحصانة البرلمانية هو أن السيادة للشعب وحدة يمارسها على الوجه المبين فى الدستور، وبناءً على ذلك فإن عضو البرلمان لا يعبر عن رأيه وإنما يعبر عن رأى الشعب كله، لذلك تعد الحصانة البرلمانية من أهم الضمانات التى تكفل لأعضاء البرلمان الحرية فى التعبير عن آرائهم وأفكارهم دون خوف من تعرضهم لأى شكل من أشكال المسئولية القانونية، وتمنع أى تأثير من السلطة التنفيذية عليهم بالترغيب أو الترهيب. لذلك ، منح الدستور المصرى بنصوص واضحة وقاطعة أعضاء النواب حصانة برلمانية كنوع من الحماية السياسية والقانونية لكى يتمكنوا من القيام بعملهم البرلمانى فى مراقبة أداء السلطة التنفيذية والإسهام فى عملية التشريع بكل فاعلية وحرية، ولمنع أى جهة من أن تتخذ بحق عضو البرلمان إجراءات جزائية. وليس معنى ذلك، أن يصبح أعضاء البرلمان بهذه الحصانة فوق القانون لا حسيب عليهم ولا رقيب ، فالحصانة ليست طليقة من كل قيد أو حد ، فهى عندما تقررت إنما كان ذلك لهدف محدد وواضح لا يجوز تجاوزه أو الخروج عليه وإلا تعرض عضو البرلمان للمسئولية كاملة. . وهذا يعنى أن الحصانة البرلمانية امتياز بموجب الدستور لعضو البرلمان لكى يباشر وظيفته النيابية على أكمل وجه، فهى سبب قانونى يمنع عقاب عضو البرلمان عما يبديه من أقوال أو آراء فى إطار وظيفته البرلمانية. لكن هل يعنى ذلك أن النائب فوق القانون فى جميع أقواله وتصرفاته؟ بالقطع لا.. فقد جاء النظام الداخلى لمجلس النواب لتنظيم الحصانة البرلمانية ووضع ضوابط وقيود على النائب التقيد بها عند إبداء رأيه، فمثلاً لا يجوز للنائب استخدام الألفاظ النابية أو العبارات غير اللائقة التى فيها مساس بكرامة المجلس أو الأشخاص، والهيئات أو المساس بالنظام العام أو الآداب العامة، كما لا يجوز له أن يقوم بأى فعل يشكل إخلالاً بالنظام العام ويتمتع النائب بالحصانة للدفاع عن حقوق الشعب فى إطار الدستور والقانون ويترتب على تمتعه بها أنه لا يجوز مؤاخذة عضو البرلمان بسبب أى تصويت أو رأى يبديه أو خطاب يلقيه فى أثناء جلسات المجلس. كما لا يجوز اتخاذ إجراءات جزائية ضد أى عضو من أعضاء البرلمان فى غير حالة التلبس بالجريمة إلا بعد الحصول على إذن من المجلس التابع له. هذه الحصانة جاءت لحماية العمل النيابى خدمة للمصلحة العامة واحتراماً للشعب الذى يمثله النائب، ودفاعاً عن حقوقه والعمل على تلبية مطالبه المشروعة فى حياة كريمة. وتهدف الحصانة البرلمانية الإجرائية منع السلطة التنفيذية من اتخاذ الإجراءات الجزائية ضد أعضاء البرلمان للتأثير عليهم إلاّ بعد الحصول على إذن البرلمان، أو بعد انقضاء مدة تمتعهم بالعضوية.. فالحصانة البرلمانية الإجرائية شخصية، وهى تبقى كذلك، وإن تبدلت الصفّة التى يتصف بها عضو البرلمان، بمعنى إذا كان لعضو البرلمان صفة القيّم أو الوصى على شخص محجوز عليه، وأرادت جهة من الجهات صاحبة الاختصاص اتخاذ إجراءات جزائية ضده بهذه الصفة، فإنها لا تستطيع القيام بذلك لتمتع عضو البرلمان بالحصانة الإجرائية. وتتمثل الغاية من كون الحصانة البرلمانية الإجرائية شخصية فى أن الضرورة العملية فى هذا المجال تحتم أن يكون عضو البرلمان وحده طليق اليدين، موفور الحرية، بعيداً عن الضغوط، حتى يؤدى رسالته البرلمانية على أكمل وجه وأتمّ صورة، محافظاً على حقوق الأمة ومصالحها الأساسية..وخلاصة القول ، أن الحصانة البرلمانية تعتبر إجراء استثنائيا تقتضيه ضرورة جعل السلطة التشريعية بمنأى عن اعتداءات السلطات الأخرى وطغيانها. الحصانة البرلمانية الإجرائية هى امتياز دستورى يتمتع به عضو البرلمان، لا لشخصه أو لذاته، وإنّما باعتباره ممثلاً للأمة، كى يباشر عمله البرلمانى على أكمل وجه، والحصانة البرلمانية الإجرائية لا يجوز التنازل عنها من صاحب الشأن بإرادته المنفردة، وإلاّ حقت مساءلته أمام المجلس النيابى التابع له، كما لا يجوز لهؤلاء الأعضاء من ناحية أخري، الاحتماء أو الاختفاء وراء هذه الحصانة لإتيان أفعال يجرمها القانون، أو لتحقيق مكاسب غير مشروعة، لأنها شرّعت للمصلحة العامة، وليس للمصلحة الخاصة. وضمانا لاستقلال أعضاء البرلمان وحماية لهم ضد أنواع التهديد والانتقام سواء من جانب السلطات الأخرى فى المجتمع أو من جانب الأفراد، تتضمن دساتير معظم دول العالم نصوصا تكفل لهم الطمأنينة التامة والثقة الكاملة عند مباشرة أعمالهم ، لتكون المسئولية الوطنية الملقاة على عاتق أعضاء مجلس النواب هى الإسهام بفاعلية فى بناء دولة القانون والمؤسسات من خلال سن قوانين عادلة، وترسيخ قواعد الديمقراطية الصحيحة، والعمل الدءوب للقضاء على العنف المجتمعى بكل أشكاله كى يبقى هذا البلد واحة أمن واستقرار. [email protected]