«الحصانة» هى كلمة مثيرة للجدل دائمًا وكفعل فهى إما نعمة أو نقمة، فإنها تلك البرج المشيد الذى يحصن من يمتلكها تجاه كل شيء خطير، فهى تحصنه من المساءلة أو من أن يقترب منه أحد، فهى ضمان لاستقلال أعضاء البرلمان وحماية لهم ضد أنواع التهديد والانتقام سواء من جانب السلطات الأخرى في المجتمع أم من جانب الأفراد تتضمن دساتير معظم دول العالم نصوصها تكن لهم الطمأنينة التامة والثقة الكاملة عند مباشرة أعمالهم. لكن توارثها المصريون على أنها تحصين كل من يريد نهب وسرقة البلد أو أن يفسد فيها فلدى البعض يترشح الكثيرون فى مجلس النواب فقط للحصول على الحصانة، لكنها منذ ظهورها ووضعها ضمن القانون كانت لحماية من يمثل الشعب من أى ملاحقات. ورصدت «المصريون» أبرز الأسئلة التى تدور حول الحصانة البرلمانية، ومتى يكون لدى النائب حصانة ومتى تسقط عنه. ما الحصانة البرلمانية؟ هى نوع من الحماية القانونية التى يعطيها الدستور لنواب مجلس الشعب فى البرلمان كنوع من الحماية السياسية والقانونية حتى يستطيع النائب أن يؤدى وظيفته كسلطة تشريعية دون ضغط من أى جهة حتى السلطة التنفيذية، وينال النائب تلك الحصانة بعد أن يؤدى اليمين الدستورية فى البرلمان وليس بعد إعلان نجاحه فى الانتخابات. «الحصانة تبدأ من بعد اليمين الدستورية» كانت تلك الكلمات هى التى سدت اللغط الذى يدور حول توقيف النائب خالد يوسف، والنائب أكمل قرطام اللذين تتم ملاحقتهما قانونيًا وهما الآن نواب فى مجلس الشعب. متى ظهرت فى مصر؟ لم تظهر الحصانة البرلمانية فى مصر فى أول وثيقة دستورية، بالرغم من أنها كانت موجودة بالفعل فى إنجلترا منذ 1688، بعد قيام الثورة الإنجليزية، وإقرار الوثيقة الدستورية المعروفة باسم "قانون الحقوق"، وهى لائحة تأسيس مجلس شورى النواب وانتخاب أعضائه والتى صدرت فى 22 أكتوبر 1868، ولكنها فى عام 1882 وبعد تشكيل مجلس النواب تضمنت اللائحة الأساسية نص يقرر الحصانة لأعضائه ضد المسئولية البرلمانية. ومن بعده دستور 1930 والذى تضمن نصًا مشابهًا وفى أول دستور دائم لمصر بعد قيام الثورة نص على الحصانة ضد المسئولية البرلمانية لمصر بعد قيام الثورة، وهو دستور 1956، فى المقابل لم ينص الدستور المؤقت الصادر فى عام 1958 على الحصانة البرلمانية وبعد أن انفصلت مصر عن سوريا نص الدستور المصرى على الحصانة ضد المسئولية البرلمانية فى دستور 1964، كما تضمن دستور 1971 أيضًا. وظل هكذا حتى عام 2014، حيث نصت المادة 30 من قانون مجلس النواب على أنه «لا يجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أى إجراء جنائى ضد عضو مجلس النواب فى مواد الجنايات والجنح، إلا بإذن سابق من المجلس، وفى غير دور الانعقاد يتعين أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء، وفى كل الأحوال يتعين البت فى طلب اتخاذ الإجراء الجنائى ضد العضو خلال ثلاثين يومًا على الأكثر وإلا عد الطلب مقبولاً». أنواع الحصانة؟ منذ ظهور الحصانة عُرف لها نوعان الحصانة الموضوعية "النهائية" والحصانة الإجرائية "المؤقتة"، فإن «الإجرائية» تنص عليها المادة 113 فى الدستور، وهى عدم جواز اتخاذ أي إجراءات جنائية ضد أي من أعضاء البرلمان فى غير حالة التلبس بالجريمة إلا بعد إذن المجلس التابع له ولهذا يطلق عليها الحصانة ضد الإجراءات الجنائية. و«الموضوعية» تنص عليها المادة 112 فى الدستور، وتمثل استثناء من القانون العام اقتضته ضرورة جعل السلطة التشريعية بمنأى عن اعتداءات السلطات الأخرى وهى إن كانت في الظاهر تخل بمبدأ المساواة بين الأفراد إلا أن عدم المساواة هنا لم يقرر لمصلحة النائب بل لمصلحة سلطة الأمة ولحفظ كيان التمثيل النيابى وصيانة ضد أى اعتداء، ولكنها لا تعفى النائب من المساءلة.