صدق أو لا تصدق... عزيزى القارئ ان ريا بنت همام وسكينة أختها قد عادتا من جديد بعد مرور نحو 90عاما على إعدامهما مع كل من حسب الله وعبد العال وعبد الرازق، وهم أبطال المأساة التى عاشتها الإسكندرية فى بدايات القرن العشرين وتمثلت عودتهما هذه المرة بشكل دراماتيكى مختلف، حيث ثبت براءتها من تهم قتل 17 امرأة بصفتهما شركاء أصليين للفاعلين الرئيسيين . تخيلوا ريا وسكينة التى تمت محاكتهما علنيا وتعاقب على التحقيق فى قضيتهما محمد كمال ابو ستيت وكيل نيابة قسم اللبان ثم سليمان عزت وكيل النائب العام بالقاهرة بعد انتدابه تمت تبرئتهما من كل التهم المنسوبة إليهما بل أصبحتا مناضلتين. كل من تابع هذه القضية سواء عبر ما نشر عنها كتابة أو دراما أو من خلال دار الوثائق والمحفوظات وسجل القضية فى مركز وقسم اللبان وشهود العيان عرف كل ما كان يدور من استدراج ريا وسكينة للنساء من زنقة الستات بعد إيهام الضحايا أنهن يتاجرن فى الأقمشة المستوردة، وكذلك النساء اللاتى كن على صلة صداقة بهن ثم اسكراهن وخنقهن ودفنهن أسفل غرفة معيشتهن، إلى ان قادت المصادفة اليوزباشي الذى اشتم رائحة الموتى، وكذلك الكفيف الذى عثر فى بيته على يد ادمية.. الخ التفاصيل التى يعرفها حتى أطفال الألفية الجديدة . ولكن بعد مرور كل هذه السنوات نفاجأ جميعا بان ريا وسكينة كانتا من المناضلين ضد الاحتلال الانجليزى وكانتا تعملان مع كتائب الفدائيين، وكانتا ضمن نساء ثورة1919لذا قرر البوليس السياسي مع الحكمدار الانجليزي تلفيق هذا الاتهام الباطل للسيدتين المجاهدين المناضلتين عقابا لهما على مقاومة المحتل الانجليزي وبما ان مصر كانت محتلة، والقضاء تشوبه النزاهة لأنه يؤتمر بأمر الانجليز كان الحكم بإعدامهما لردع كل نساء مصر من العمل السياسي والخروج للتظاهر ضد الانجليز. ما سبق هو رواية احد الشباب حديث التخرج بكلية الحقوق ويريد عمل فيلم سينمائى عن حياة ريا وسكينة مضمون الفيلم والسينارست إظهار براءة ريا وسكينة واثبات وطنيتهما وأنهما تم الغدر بهن من قبل سلطة الاحتلال، ويسرد السينارست تفاصيل جديدة من وحى خيال المؤلف وكما يدعى ان لديه وثائق رسمية تؤكد صدق ما جاء بالسيناريو ولكن لن يظهر منها شيئا إلا بعد عرض الفيلم المعنون براءة ريا وسكينة وجهة نظر.. من أحداث الفيلم الطفلة بديعة شاهد الإثبات الوحيد فى قضية ريا وسكينة والتى اعترفت على أمها وخالتها وأبيها وباقى أفراد العصابة أمام وكيل النيابة سليمان عزت كما هو ثابت فى أوراق القضية، والتى تؤكد الشواهد أنها فارقت الحياة بعد إعدام ريا بستة أشهر بمرض السل فى الملجأ العباسي إلا ان سينارست الفيلم كما يدعى مؤلفه يقول إنها ماتت حرقا نتيجة حريق الملجأ العباسي بكل ما فيه.. هناك دليل اخر يحمله السيناريو من صنع خيال مؤلفه ان ريا وأختها كانتا من الأثرياء لكونهما تعملان بالدعارة المرخصة لأنهما كانتا يتمتعان بجمال خارق عكس كل الروايات، التى كانت تؤكد أنهما ليستا تحملان اى أنوثة بل كل الشواهد تؤكد ان ريا بنت همام كانت قسمات وجهها أشبه بالرجال، وهو الأمر الذى يتناقض مع ما قرأناه من أنهما نزحتا من مدينة كلح الجبل بأسوان نتيجة الفقر الشديد الذى كانت فيه الأسرة، وحطت بهما الرحال ببنى سويف مع أمهما وشقيقهما بعد وفاة أبيهم ثم إلى مدينة كفر الزيات ومطاردة البوليس لهما نتيجة تعدد البلاغات ضدهما فقررا الرحيل إلي الإسكندرية . وفى منزل على بك الكبير كان مستقرهما الذى حولاه إلى مدفن للنساء ومن الأسباب التى يدلل بها الشاب صاحب نظرية براءة ريا وسكينة ان البوليس اكتشف فى نفس العام 97جثة أخرى لسيدات أخريات فى عدة بيوت فمن قتل هؤلاء ولماذا تم التعتيم على وفاتهن بحسب رأيه. كل ما سبق كان محض خيال لمؤلف شاب يريد الشهرة من أوسع أبوابها فقرر النبش فى التاريخ والهاء الناس بقضية لن تفيد إذا كانتا ريا وسكينة براءة أم لا وهل القضاء كان يؤتمر بأمر المندوب السامى البريطانى كما يدعي تشكيكا فى القضاء المصرى الذي جعل المحاكمة علانية مقابل تذاكر للجمهور في واقعة هى الأولي من نوعها ان يحضر المواطنون جلسة محاكمة مقابل قليل من المال في صورة تذاكر. ما نحن فيه يا سادة اخطر وأبشع مما تحاولون الهاء الشعب به فالقضية المثارة فضائيا وأمام القضاء حول ريا وسكينة بين احد الباحثين والسينارست الشاب لاتستحق هذا الاهتمام ..قضايانا أهم ومعارك المجلس النيابى وبرنامج الحكومة وقوت الناس الغلابة أولى من براءة ريا وسكينة. لمزيد من مقالات فهمي السيد