السيسي يستقبل وزير الدفاع ويشهد اختبارات كشف الهيئة لحاملي الدكتوراه من دعاة الأوقاف    عن اقتصاد السّوق واقتصاديات السُّوء    الكرة الإفريقية.. حقيقة الخريطة    ضبط 55 كجم لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنوفية    متحف الموت.. موت المتحف.. مرثية تراث القرافة فى مصر    إعلام إسرائيلي: المصادقة على مخطط لبناء 509 وحدات استيطانية جديدة بالخليل    نقابة الإعلاميين تلغي تصريح مزاولة المهنة لمقدم برامج بسبب جريمة مخلة بالشرف    ضبط عامل أطلق أعيرة نارية احتفالًا بفوز مرشح فى انتخابات قنا    4 وزراء يتحدثون عن «معركة الوعى».. أدوار متكاملة لبناء الإنسان وحماية الدولة    مصطفى عمار ل الستات: صحف ومواقع المتحدة تلتزم بالأكواد الأخلاقية والمهنية    كاريكاتير اليوم السابع يحيى ذكرى ميلاد كوكب الشرق أم كلثوم    خالد الجندي: الله يُكلم كل عبد بلغته يوم القيامة.. فيديو    الإفتاء: إن التهنئة بالعام الجديد جائزة شرعًا    وزير الصحة يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد المجيد    وزير الصحة يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة    خروج 69 ألفا من إسرائيل خلال 2025.. إحصاء للاحتلال يكشف التفاصيل    وكيل صحة الدقهلية يكشف ل"فيتو" خطة تأمين احتفالات رأس السنة وخريطة العيادات المتنقلة    حصاد 2025| نتائج مخيّبة ل كهرباء الإسماعيلية.. ودع الكأس ويصارع الهبوط    بشرى سارة لأهالي أبو المطامير: بدء تنفيذ مستشفي مركزي على مساحة 5 أفدنة    محافظ القليوبية يبحث إجراءات تحويل قرية القلج وتوابعها بمركز الخانكة إلى مدينة مستقلة    جامعة العاصمة تنظم الاحتفالية السابعة للبحث العلمي لعام 2025    المحكمة العربية للتحكيم تطلق ملتقى الوعي الوطني لشباب الصعيد    محافظ المنيا يتابع تقرير قطاع مديرية الطرق والنقل لعام 2025    الحكم على 60 معلمًا بمدرسة بالقليوبية بتهمة ارتكاب مخالفات مالية وإدارية    إنجازات التجديف في 2025، ميدالية عالمية ومناصب دولية وإنجازات قارية    بيت الزكاة والصدقات يعلن دخول القافلة الإغاثية 13 لغزة عبر منفذ رفح فجر اليوم    رئيس جامعة المنوفية يتابع امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية العلوم    «التضامن»: تسليم 567 طفلًا لأسر بديلة وتطبيق حوكمة صارمة لإجراءات الكفالة    مستشفى إبشواي المركزي بالفيوم يطلق مبادرة "المضاد الحيوي ليس حلا"    عاجل- مجلس الوزراء يوافق على تخصيص قطع أراضٍ للبيع بالدولار لشركات محلية وأجنبية    تعرف على سعر الدولار مقابل الجنيه فى البنوك    ذات يوم 31 ديسمبر 1915.. السلطان حسين كامل يستقبل الطالب طه حسين.. اتهامات لخطيب الجمعة بالكفر لإساءة استخدامه سورة "عبس وتولى" نفاقا للسلطان الذى قابل "الأعمى"    حصاد 2025| ألعاب صالات الزمالك تخرج بخفي حنين.. والطائرة تحفظ ماء الوجه    أبرز إيرادات دور العرض السينمائية أمس الثلاثاء    بنهاية 2025.. الاحتلال يسيطر على نحو 55% من مساحة غزة ويدمر 90% من البنية العمرانية في القطاع    تصعيد إسرائيلي شمال غزة يدفع العائلات الفلسطينية للنزوح من الحي الشعبي    مدبولي يوجه بسرعة الانتهاء من الأعمال المتبقية بمشروعات «حياة كريمة»    اجتماع مفاجئ بين الرئيس السيسي والقائد العام للقوات المسلحة    ننشر آخر تطورات سعر الذهب اليوم الأربعاء 31 ديسمبر .. عيار 24 ب6668 جنيها    محمود عباس: الدولة الفلسطينية المستقلة حقيقة حتمية وغزة ستعود إلى حضن الشرعية الوطنية    حصاد 2025| منتخب مصر يتأهل للمونديال ويتألق في أمم أفريقيا.. ووداع كأس العرب النقطة السلبية    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    القنوات المجانية الناقلة لمباراة الجزائر وغينيا الاستوائية في أمم أفريقيا    الرقابة المالية تقر تجديد وقيد 4 وكلاء مؤسسين بالأنشطة المالية غير المصرفية    نور النبوى ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى على Watch it اليوم    المركز القومي للمسرح يطلق مبادرة 2026.. عام الفنانين المعاصرين    الإثنين.. مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل مهرجان المسرح العربي    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بحلول العام الميلادي الجديد    الأرصاد: طقس شديد البرودة صباحًا ومائل للدفء نهارًا    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    ضبط 150 كيلو لحوم وأحشاء غير صالحة للاستهلاك الآدمي ببنها    عضو اتحاد الكرة: هاني أبوريدة أخرج أفضل نسخة من حسام حسن في أمم إفريقيا بالمغرب    أمم إفريقيا - كاف يقرر تغريم قائد بوركينا فاسو بسبب تصريحاته ضد الحكام    استهدف أمريكيين أصليين وخط مياه.. تفاصيل فيتو ترامب الأول بالولاية الثانية    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«النجار» والسير الشعبية
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 02 - 2016

محمد رجب النجار أحد فرسان الجيل الثاني من دارسي الأدب الشعبي. اهتم بدراسة المدون من موروثنا الشعبي،
وقدم فيه عددا من الدراسات التأسيسية المهمة التي لا يستغني عنها متخصص. من ذلك دراساته عن «حكايات الشطار والعيارين»، و«جحا العربي»، و«التراث القصصي في الأدب العربي». كما أن دوره في تحقيق مخطوطات التراث الشعبي كبير، مثل تحقيقه كتاب «فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء»، و « علي الزيبق». و بدوره هذا في التحقيق فتح باباً تجنبه كثرة من الباحثين قبله، لصعوبته، وهو لم يكن يكتفِ بمجرد التحقيق ، بل اعتاد تقديم الكتاب المحقق، ومؤلفه، في دراسة مستفيضة لا تقل أهمية عن الكتاب المُحَقَق.
ومن المجالات الشعبية المتعددة التى انشغل بها «النجار»، دراسة «فن السير الشعبية». وهى على قدر كبير من الأهمية؛ لريادتها أحيانا، وتحليلاته ومنهجيته أحيانا أخرى، وسعيه إلى استخدام مناهج حديثة فى دراسة هذا النوع الأدبي، الذى ظل حبيس مناهج محددة فى أحيان ثالثة. وإذا كان الفضل الأكاديمى يعود إلى الدكتور «عبد الحميد يونس» فى دراسة السير الشعبية، فإن فضل «النجار» - بجانب «أحمد شمس الدين الحجاجي»- ربما لا يقل أهمية عنه فى تطويع هذا الفن الشعبى للمناهج النقدية الحديثة. يتضح ذلك فى دراسته، التى سعى فيها لتطبيق المنهج البنيوي، والمعنونة ب «مدخل إلى التحليل البنيوى للسير الشعبية، نظريا وتطبيقيا»، التى صدرت أولا فى المجلة «قضايا وشهادات/ 1993»، وأُعيد نشرها فى مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة. وكانت هذه الدراسة من أوائل الدراسات الشعبية التى سعت إلى تطبيق «منهج بروب» فى السير الشعبية، إلى جانب دراسة «نبيلة إبراهيم» فى مجال الحكاية الشعبية التى طبقت فيها المنهج نفسه، على نحو ما يتضح فى دراستها «قصصنا الشعبي». وتتضح تجليات هذا المنهج فى تقسيمه لبنى السيرة إلى ثلاث، هى البنية الصغرى، والوسطى، والكبرى.
وتعود بدايات «النجار» مع دراسة السير (أو الملاحم، بحسب المصطلح الذى كان يفضل استخدامه) الشعبية العربية إلى وقت مبكر، وتحديدا عام 1976، عندما قدم رسالته للدكتوراه فى هذا النوع الأدبي، وكان عنوان رسالته: «البطل فى الملاحم والسير الشعبية العربية، قضاياه وملامحه الفنية». وتوالت بعد ذلك دراساته للسير بشكل عام، أو لواحدة منها. وفى هذا الإطار تأتى دراسته المهمة: «الأدب الملحمى فى التراث الشعبى العربي»، الذى صدرت طبعتها المصرية، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2006. وفى سياق اهتمامه بواحدة من السير الشعبية، تأتى دراسته المطولة عن «الأدب الشعبى وحقوق الإنسان، تحرير المرأة العربية فى الخطاب الشعبى الملحمي: سيرة الأميرة ذات الهمة نموذجا/ 2003»، التى نُشرت ضمن أعمال «مؤتمر أدباء الأقاليم» بالمنيا فى دورته (18)، والصادرة عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة». كما تأتي- فى السياق نفسه- دراسته المهمة «أبو زيد الهلالي، الرمز والقضية: دراسة نقدية فى الأدب الشعبى العربي»، الصادرة عن دار القبس بالكويت. وهى تعتبر الدراسة العربية الثانية التى تتخصص فى شخصية البطل الشعبى أبى زيد الهلالي، بعد دراسة «محمد فهمى عبد اللطيف» عن «أبو زيد الهلالي/ 1947»، وإن كانت دراسة عبد اللطيف- رغم ريادتها- اتسمت بالأسلوب الصحفي.
ويأتى كتاب «أبو زيد: الرمز والقضية»، فى 110 صفحات، ويتكون من مقدمة يعرض فيها ملاحظاته حول أدب الملاحم العربية، وأهمية دراستها، وما تمثله فى تراثنا العربي. ويضم الكتاب فصلين، خصص أولهما ل «الهلالية: الرمز والقضية». وتوقف فيه عند محاولة الإجابة عن سؤال أسباب بقاء السيرة الهلالية حيَّة حتى وقتنا الراهن، دون غيرها من السير الشعبية العربية الأخرى. ويُرجع أسباب ذلك إلى «طبيعة المعالجة الفنية» التى ميزت الهلالية عن غيرها، و«طبيعة الصراع الهلالى الذى كان صراعا داخليا»، ولم يكن خارجيا كما هى الحال فى كثير من سيرنا العربية. وأستطيع أن أضيف أسبابا أخرى إلى هذين السببين، مثل «موضوعية الهلالية» التى كشفت سلبيات العرب، وإيجابياتهم، بجانب «إظهار الهلالية لعادات العرب وتقاليدهم»، وكذلك «ارتباط رواية الهلالية بالغجر فى مصر»، واتخاذها مهنة احترفوها وتكسبوا من ورائها، إلى غير ذلك من الأسباب التى سبق أن فصلت الحديث عنها فى دراستى عن الهلالية. ويدور الفصل الثانى حول «أبو زيد وفن التشخيص الملحمي». وفيه يستعرض الملامح الفنية للبطل الملحمي، ويجملها فى تسع مراحل يمر بها البطل، هي: «مرحلة الميلاد، والنشأة، والإعداد للفروسية، والاعتراف الاجتماعى للبطل، والاعتراف القومي، والبطل الملحمى والقدر، والبطل الملحمى والقوى الغيبية، والبطل وأبعاد التشخيص الفني، وأخيرا موت البطل». ولعل أهم ما يلفت نظرنا ويستوقفنا فى هذا الكتاب- إلى جانب أهميته- أمران، أولهما: تفضيل النجار لمصطلح «ملحمة» عن «سيرة»، وما دفعه إلى ذلك غيرته العربية التى أرادت - متابعا فى ذلك «عبد الحميد يونس» - أن تدافع عن العقلية العربية فى وجه من اتهموها بالقصور والعجز، سواء من المستشرقين أمثال الفرنسى «إرنست رينان» أو من تابعهم من العرب، مثل: «أحمد أمين»، و«محمد غنيمى هلال». ثانيهما: ميله إلى أن عدد حلقات السيرة الهلالية أربعة، وليس ثلاثة، معتبرا «سيرة الزير سالم » بمثابة الحلقة الأولى منها. وهو يميل لذلك لأسباب، منها أن الرُواة كانوا يستخدمون مصطلح «قصة الزير سالم»، وليس «سيرة». ولعل هذا الكتاب المهم، الذى يغفله كثير من المتخصصين، وهاتان القضيتان الأخيرتان، جميعها تحتاج منَّا وقفة متأنية ومتخصصة. ولعل كل هذا- وغيره بالطبع الكثير- يضيء لنا بعضا من الدور المهم الذى بذله الدكتور «محمد رجب النجار» فى الدرس الثقافى الشعبى العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.