حبة القمح.. زرعة القمح.. رغيف عيش آمن من أقماح مصرية يزرعها فلاحون مصريون.. علماء وخبراء وباحثون وشباب ومراكز أبحاث وجامعات يبدعون سلالات وأصنافا جديدة.. يتعاظم فيها الكم والجودة.. تطول فيها وتمتلئ سنبلة القمح وتسابق ضفائر البنات.. خميرة العيش تبات بالخير في بيوت الفلاحين من العام للعام.. الأفران والبيت الريفي المطور تعود وحدة أساسية للحياة وخلية انتاج تقود وتحقق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي والقومي وتسقط عار أن يجعلونا في مقدمة صفوف العاجزين عن انتاج غذائهم ولقمة عيشهم بعد أن كنا سلة قمح وغذاء العالم القديم. واصلت ولسنوات طويلة علي صفحات الأهرام دق أجراس الانذار كتبت بلاغات مفتوحة للنائب العام بوقائع القتل اليومي المعلن علي المصريين نشرت ووثقت أدق التفاصيل عن الحروب البيولوجية التي تمارس عليهم بشهادات العلماء قدمت الأدلة أن الشعوب تأكل لتعيش والمصريون يبادون من خلال ما يدس من سموم في أرضهم ومياههم وغذائهم!, الأمن الغذائي من يوسف الصديق الي يوسف والي بيع أمن مصر القومي سنوات بكت فيها مصر] سلسلة طويلة من المقالات بعنوان المصريون بين العبقرية والجنون عبقرية الثروات الطبيعية التي وهبها الله لهم وجنون التخريب والتدمير والاهدار. سنوات الكتابة حول هذه القضايا حولت كلماتي الي حبات قمح طرحت سنابلها الحلم والأمل والثقة في القدرة وامتلاك عناصر القوة الطرح كان أخطره في الوعي المصري بحقيقة ما نستطيع.. وتكذيب ما كان النظام البائد يروجه من أسباب للفقر والعجز. أصبح بين النظام البائد وبين قلمي ثأر وعشت الكثير من شواهد التربص لأخذ نصيبي من الانتقام الذي سبقني إليه كثير من الأقلام المحترمة.. امتلكت اليقين من خلال من كان بين يدي من وثائق الادانة للنظام البائد والوقائع الموثقة للجرائم التي ترتكب بحق الأمن الحيوي والغذائي والصحي واستقرار واستقلال ملايين المظلومين والجوعي ليس جوع الغذاء فقط كان لا يقل الجوع للأمان وللعدالة وللكرامة ولأبسط الحقوق الانسانية في الحياة أيقنت أنه لم يعد بعيدا اليوم الذي سيزلزل غضبهم جبروت الفساد والافساد والاستيراد والثراء المحرم أظن أنه يقين امتلكه كل من يعرف بقدر هذا الوطن وعظمة ما يمتلك من ثروات بشرية وطبيعية وأن مأساته تكمن في فقر الفكر والإرادة التي تنحدر إلي مستويات الخيانة العظمي.. واليقين فيما لابد أن يترتب علي نفاذ أرصدة الصبر وتعاظم مخزون الظلم وهو ما تجلي في احداث ثورة25 يناير.. والملايين تتحول الي بحر هادر ويتدفق الغضب في شرايين الوطن كما يتدفق الدم في شرايين الجسد القوي وينهار طاغوت الاستبداد وتتبدي حقيقة خيالات المآتة الساكنة في قصور الحكم ويتكشف أنها كانت مغارات لصوص. لاشئ لم يسرقوه.. الزمان والمكان والأمان.. لا شئ لم يهدر.. الضمير والشرف والبشر وصحتهم وعافيتهم وكرامتهم وتعليمهم وأرضهم ومستشفياتهم ولقمة عيشهم.. كل من في المغارة حول مصر إلي وكالة خاصة للنهب.. اكتشفت أن أحد الفرافير الصغار في السكرتارية الرئاسية كان يدير مافيا استيراد القمح الفاسد.. كنت أعتقد أن المؤامرة علي الاكتفاء الذاتي يديرها كبير المطبعيين في وزارة الزراعة وأحد الأذرع الطولي للعدو الصهيوني اكتشفت بعد قيام الثورة أن المؤامرة علي القمح وعلي الاكتفاء الذاتي من محاصيلنا الأساسية لم تكن فقط مؤامرة هيمنة امريكية وصهيونية ولكن في مغارة العصابة التي حكمت مصر من هم أكثر خطورة وبما أكد يقيني أن أي تدابير اختراق لأمة لا تتحقق ولا تكتمل إلا بمن يفتحون البوابات من داخلها! لا أستطيع أن أصف لكم زهو الكاتب عندما يحمل قلمه وكلماته ما يسهم به في اسعاد وانقاذ أهله وأرضه وناسه.. لا أستطيع أن أصف لكم مأساة الكاتب عندما تصدر أوامر الاقصاء لقلمه عندما يؤخذ مكتبتك وأنت تجلس في بيتك وعندما تخلي مكتبتك الخاصة ويضم ما فيها من كتب إلي مكتبة الأهرام ويأتيك ويأتيك خطاب استغناء.. أعتز بدعوات كريمة للعودة الي صفحات الأهرام من الكاتب الكبير لبيب السباعي رحمه الله ومن الاستاذ عبدالعظيم حماد ثم الترحيب الذي وجدته لقلمي المتواضع من الأستاذين عبدالفتاح الجبالي ومحمد عبدالهادي.. أعترف أن حاجزا نفسيا صادر طويلا قدرتي علي العودة لقاريء أعطاني من الثقة والتقدير بلا حدود.. هل أستطيع أن أجدد الثقة وأن أكون اضافة بحق لكوكبة من الكتاب المحترمين. قصة القمح والأمن الغذائي ولقمة العيش الآمنة والأمان والعدالة والكرامة وكل ما حرموه علي المصريين جزء من قصة ثورة عظيمة لشعب عظيم مهدلها قصف اقلام وقصف عقول وقصف علم وعلماء وقصف خبرات ومهارات وابداعات بشرية وقصف زرع وخير ونماء وعناصر تمكين وقوة لكل مصري.. وللأسف كثير من القصف علي الثورة وثمارها أن تصل لملايين المصريين مازال مستمرا. المزيد من مقالات سكينة فؤاد