النظام قام بحماية مافيا الاستيراد ودعمها من جيوب المصريين وسكت عن تبوير الأراضي الزراعية لبناء المنتجعات فوقها الحكومات المصرية تبنت نظرية زراعة 100 فدان فراولة تشتري بثمنه 200 فدان قمح فضاع الأمن الغذائي حماية لأمن الكنتالوب والبطاطس سكينة فؤاد يلتزم النظام المصري في مسألة زراعة القمح بمقولة الصهيوني الأمريكي الشهير «هنري كيسنجر» - وزير خارجية ومهندس إخراج مصر من الشرق الأوسط ومن المواجهة مع إسرائيل - بأن زراعة القمح مسألة سياسية وليست مسألة زراعية - فإدراك ما يمثله القمح للأمن القومي لأي شعب من الشعوب يحتاج إلي إرادة وقرار قومي ووطني، أزماتنا مع القمح أيضا التي توالي الانفجار دون حلول جادة وجذرية في مقدمتها قرار سيادي بضرورة الاكتفاء من القمح كما فعلت الهند، أو بضرورة الاقتراب من خطوط الأمان بالاعتماد علي الذات، الموقف يذكر بما جاء في تقرير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية قامت بإعداده بناء علي طلب «كيسنجر» قبل انعقاد المؤتمر العالمي للغذاء في روما 1974، نبه التقرير أن نقص الحبوب في العالم يمنح الولاياتالمتحدة سلطة تمكنها من ممارسة سيطرة اقتصادية وسياسية لا تتاح من خلال وسائل ضغط كثيرة أخري، لقد تحررت شعوب كثيرة بالإنتاج من بينها دول كثيفة السكان مثل الصين والهند وبنجلاديش وباكستان ومازلنا نحن علي عهد الجوع والتبعية الغذائية أوفياء نتقدم وبلا فخر الدول العشر الرئيسية المستوردة.. وتطل علينا مع شهر رمضان الكريم الذي يبدأ اليوم حلقة جديدة من توابع التبعية الغذائية، ربما تنافس فضيحة الكم الهائل من مخدرات المسلسلات، مسلسل واقعي لحروب العيش وقتلاه، ولأنني أعتز بأنني صاحبة أطول حملة شهدتها الصحافة المصرية من الدعوة لزراعة القمح وضرورة الاقتراب من حدود الاكتفاء الذاتي - ولأنني مع زملاء محترمين وعلماء وخبراء قدمنا مئات من الوثائق والتجارب والمناهج بل والتطبيقات التي أثبتت ما تملكه مصر من مقومات لإشباع وتأمين أبنائها بثرواتهم الطبيعية في أرضهم وفي علم علمائهم وكتبت بلاغات مفتوحة ومنشورة للنائب العام ورسائل ودعوات في صورة مقالات لرؤساء وزراء سابقين ومسئولين، فأبي واستكبر هذا النظام واستعان بمن يدمرون ويواصلون الحروب البيولوجية وحروب التجويع وإذلال المصريين بالاعتماد علي الآخرين حتي في لقمة عيشهم لذلك فالأزمة المثارة حاليا والتي اضطرت روسيا لإيقاف تعاقداتها للأزمة المناخية التي عصفت بإنتاجها.. وهذا التجديف لنبحث عن مصادر أخري للاستيراد ولتأمين المخزون القمحي الذي كان يجب أن يكون في أرضنا وبأيدي فلاحينا وعلمائنا ومراكز أبحاثنا الزراعية التي تمتلئ بخبرات محترمة معطلة أو مطاردة، هذه الأزمة في جوهرها لا أزمة مناخ ولا أزمة دول كبري تستبيح تحويل غذاء الشعوب الجائعة مثلنا إلي وقود حيوي، إنها أزمة نظام فقد البوصلة والرشد وضل بعيدا عن القضايا المصيرية والأمانة علي شعبه واستباح الإجهاز عليه بالجوع والعطش، رغم جميع ادعاءات التهدئة مازالت أزمة مياه النيل مشتعلة، ربما يؤكد نفاد الصلاحية، وأن التغيير الذي يجب أن يخرج ويطالب به المصريون المرفوع علي رقابهم حدود الفقر والجوع والعطش، ليس ألعاباً سياسية وصراع مصالح وقوي ولكن المعني الحقيقي للتغيير الذي يجب أن يصل إلي الملايين المضارة والمهددة بل والمقتولة بهذه الوقائع، يعني استرداد حقوقهم في الحياة وفي الأمان وفي الكرامة. وبالإضافة إلي الأبعاد السياسية لأزمة العيش والقمح فالعودة إلي أبعادها المختلفة يكشف كيف قاد النظام وقام بحماية مافيا الاستيراد بل ودعمها من جيوب المصريين وكيف سكت إن لم يكن تفنن بتبوير الأراضي الزراعية وبناء المنتجعات الفاخرة فوقها وكيف انخفضت خصائص الأرض حتي انخفضت إنتاجيتها بنسبة 50% وكيف أهان الفلاح، وكيف أقام علي الزراعة العمود الفقري لوجود -وقوة مصر في الأساس - مسئولون من أعضاء مافيا التربح والاتجار الذين يفتقدون العلم الزراعي والرؤي الوطنية ومن مقاعد المسئولين يديرون مصالحهم وشركاءهم وحلفاءهم، انشغل النظام بالتمديد والتوريث والتزوير عن توفير مقومات قوة شعب، ماذا يتبقي من مصر بعد نفاد الأرض والزرع والمياه؟، سمح بأن تكون القائمة الوحيدة التي تتصدرها مصر هي قائمة الحاجة ومد اليد واستيراد المواد الغذائية وعلي رأسها القمح، الفجوة بين الناتج المحلي واحتياجات الاستهلاك من القمح زادت هذا الموسم بأكثر من 5.1 مليون طن ويقترب استيرادنا من عشرة ملايين طن، ومن يفتح فمه ويتعلل بالزيادة السكانية أعيده إلي التجارب الهندية والصينية والبنجلاديشية والباكستانية. النظام اللاهي العابث المشغول بتأمين وإدارة مصالحه مع الأغنياء الجدد شريك ضالع وأساسي في صناعة كوارث المصريين وأزمة القمح بالتحديد نظام قام بدعم الاستيراد والمستوردين وسجن الفلاحين، نظام يعمل بهمة في خدمة الاستيراد وتدمير الإنتاج ويختار بعناية المسئولين الذين يحسنون تنفيذ هذه السياسات، ولن أستعين بشهادات من صحافة مستقلة ولكن بسطور نشرت في «الأهرام» الرسمية في 3 و11/6/2010 «السيناريو الذي طبق لإجبار الفلاح علي ترك زراعة القطن يطبق هذه الأيام علي محصول القمح - فتجد عراقيل وعقبات في طريق المزارع حتي يبتعد عن زراعة القمح بزيادة تكلفة احتياجاته من أسمدة ومبيدات وتقاوي وتضييق الخناق علي إجراءات توريده وتأخر مستحقاته.. إن الفرق بين التكلفة والعائد بالنسبة للقمح وفقا للواقع الميداني هو أن جملة تكاليف محصول القمح للفدان 6100 جنيه وصافي العائد للفلاح 5050 جنيهاً. هل تريدون نموذجا آخر لسياسات الجريمة أو المؤامرة لقتل زراعة القمح في مصر؟!، هذا ملخص لنداءات وشكاوي متتالية من الفلاح المصري الصديق منذ كتبت حملة الدعوة لزراعة القمح والاكتفاء من إنتاجنا علي صفحات «الأهرام» والتي توجت بمؤتمر من أضخم ما شهدته نقابة الصحفيين حضره فلاحون ومزارعون من جميع أنحاء مصر جاءوا يرفعون سنابل القمح ويعبرون عن أشواق وإمكانات الاكتفاء، أتحدث عن عيد عفيفي فلاح البراجيل - مركز أوسيم - محافظة 6 أكتوبر - يحكي عما وصلت إليه أحوال القمح والزراعة عموما في مصر الآن - وكيف أنهم عندما أرادوا زراعة القمح في أول عام 2010 أعلنت الوزارة أن سعر التوريد لن يتجاوز 120 جنيهاً، فلم يزرعوه وزرعوا البرسيم والخس ومجموعة من الخضراوات وأدي تخبط وزيادة إنتاجها إلي بوارها في الأسواق، ويضيف أن ما حصل عليه الفلاحون من تقاوي لزراعة القمح من الجمعيات الزراعية أغلبه مغشوش أدي إلي تقزم سيقان القمح، لم تعد عيدان القمح تصل إلي منتصف قامة الفلاح بينما كانت في الأغلب تطول حتي تخفي قامة الفلاحين عندما يمرون وسطها وبالإضافة إلي تقزم الساق انفرطت السنابل وملأ القمح الأرض قبل حصاده وانخفضت إنتاجيته من التبن الذي كان غذاء رئيسيا للثروة الحيوانية، أما الترع فتحول أغلبها إلي مقالب زبالة، بعضها لم تصله نقطة مياه منذ 1993، وما تبقي من مصادر قليلة للمياه لا يحصل عليه الفلاح إلا بدفع إتاوات لبعض فاقدي الذمة من عمال الري، -ماؤك في جيبك- ادفع ترو أرضك! جفاف الترع وجفاف الذمم دفعهم للاعتماد علي الآبار، أسعار الماكينات نار، وفي الأغلب أصبحت عاجزة عن استخراج مياه بسبب جفاف الآبار، يضطرون لمضاعفة كميات الأسمدة الكيماوية للتغلب علي تعب الأرض وانخفاض إنتاجيتها يقسمون أن هناك مؤامرة عليهم ليبيعوا أراضيهم حيث ينشط وكلاء وسماسرة لتحويلها إلي أراضي بناء!! وزير زراعة مصر الذي هو في الأصل - وعلي حد معلوماتي يعمل بتجارة الأقطان، سيادته أعلن في إحدي الندوات أن ما يتردد عن ضرورة الاكتفاء الذاتي من القمح أو زيادة إنتاجنا منه كلام نظري بعيد عن الواقع وعن إمكانيات التنفيذ وأنه مجرد شعارات من نار ومزايدات فارغة - وفي ندوة أخري تفضل سيادته - لا فض فوه ولا نقص علمه - وطلب أن ترفع صفقة المحصول الاستراتيجي عن القمح ونضف بها البطاطس!! مهازل ما بعدها مهازل.. أن يصمت العلماء والخبراء ويتكلم مسئولون يرون أن البطاطس وليس القمح يجب أن يكون المحصول الاستراتيجي لمصر - شيء يذكر بخالدة الذكر ماري أنطوانيت التي رأت أن حل نقص الخبز في أكل الجاتوه، ولكن يبدو أن وزيرنا يحب «البون فريت»!! وأظن أنه رأي من قبل لا حرمه الله البصر والبصيرة أن القطن المصري طويل التيلة أصبح موضة قديمة مثل الطربوش ومثل ما نسب إليه من أن استيراد القطن من إسرائيل أفضل من زراعته! لمعلومات وزير البطاطس الاستراتيجي، أن مؤسس ومكرس ما تعيشه الزراعة المصرية الآن خالد الذكر د. يوسف والي اعترف في نهاية أيامه في مقعد الوزارة أن مصر تملك جميع إمكانات أن تحقق الاكتفاء من زراعة القمح - وكتبت يومها وتساءلت ولماذا لم تحققها خلال أكثر من ربع قرن مسئولا عن زراعة مصر؟ أيضا الوزير أحمد الليثي خطط لتحقيق الاكتفاء 2012 ولكنه رفع من مقعد الوزارة بعد ما لم يتجاوز العام والنصف!! بمناسبة السياسات والمسئولين وأحكام صناعة وتمكين أزمة القمح من رقاب المصريين ماذا فعل هذا النظام لمواجهة أزمة القمح عندما أدت أزمة الغذاء العالمية إلي ارتفاع الميزانية المخصصة لاستيراد القمح من 6 إلي 18 مليارا بسبب ارتفاع أسعار الغذاء العالمي، لا شيء علي الإطلاق إلا المزيد من دعم مافيا الاستيراد، أيضا جزء من هذه السياسات شارك فيه بطرس غالي الحفيد وكان في التسعينيات وزيرا للاقتصاد وشارك د. يوسف والي في العزف علي أنغام الفائدة وعائد الجدوي من زراعة محاصيل تدر عائدا ماليا كبيرا تستطيع أن تشتري منه القمح من أي مكان في الدنيا وبأسعار رخيصة، واشتهرت نظرية زراعة الفراولة والكنتالوب بديلا عن القمح، ومن الأمثلة الشهيرة أن زراعة 100 فدان فراولة تستطيع أن تشتري بعائدها ما قيمته 200 فدان قمح، وهكذا ضاع الأمن الغذائي للمصريين فداء لأمن الفراولة والكنتالوب والبطاطس!! متي النهاية لكل هذه الإهانة والاستهانة بإمكانيات وطن وبمقررات وعناصر أمان وكرامة وقوة شعب، هل نريد أدلة جديدة علي الإمكانيات التي وهبها الله لهذه الأرض الطيبة أو ما تبقي بعدما ضرب وجرف وأفسد.. هل تريدون نماذج لمناهج الفكر العلمي المحترم يقول من يستطيع أن يوفر الإنقاذ لكرامة لقمة العيش وأمنها وانخفاض أسعارها بأيد وخبرات وعلم مصري، هل نعيد ونكرر ما كتب وقيل ونشر آلاف المرات؟ هل أذكر بالعالمة المصرية المحترمة د. زينب الديب التي أعدت ونفذت المراحل الأولي قبل الإجهاض والإيقاف والتبديد لمشروع من أهم مشروعات زراعة القمح في إطار مراكز البحوث الزراعية، وما أكثر ما تفيض به هذه المراكز من علم وخبرات، هل أذكر بالمشروع المتكامل الذي نشرته تفصيلا ل أ.د زكريا الحداد عن تحديث الزراعة وسيلة لإنقاذ المستقبل، هل أذكر مما نشر من مناهج وخطط ل أ.د زيدان السيد عبد العال والذي ظل يوالي النداء وعقد الندوات ودعوة السادة المسئولين وتبصيرهم، ونشرت العديد من فكره واستراتيجياته المتكاملة لإنقاذ الزراعة وعلي رأسها القمح.. وغيرهم من أجيال علماء وخبراء لم تتوقف عن الدعوة وعن تقديم الفكر الجاهز للتطبيق والموثق بالشهادات والحجج العلمية. وإذا كان النظام تحكمه سياسات وهيمنة أمريكية وهيمنة ومصالح الأغنياء الجدد، وإذا كان قد أصيب بالسكتة القلبية في كل ما هو حق بحق هذا الشعب، إذا كان النظام قد مات فهل تموت مصر؟! وأين قواها السياسية الجادة والفاعلة والأمنية والوطنية من التصدي لمثل هذه الأزمات المصيرية؟، والتي تمثل جوهرا للأمان والاستقرار والاستقلال، أين القوي المالية والوطنية من زراعة أمان وأمن لقمة العيش والغذاء؟ أين الفريضة الإيمانية والوطنية في زراعة الأرض علي القادرين من المسلمين والمسيحيين؟ أين أموال أوقاف المسلمين من زراعة الأرض؟ أين الأحزاب الجادة والمحترمة من قيادة ثورات للتنمية والإنقاذ «ملحوظة يخوض حزب الجبهة الديمقراطية في مواجهاته السياسية وارتباطه بالقضايا الحيوية للجماهير تجربة عملية لزراعة الأمن القومي والاستغلال في صورة سنابل القمح وسأوالي القارئ بتفاصيلها» إلي متي سنظل ننتظر عطايا نظام تثبيت جميع الكوارث التي نعيشها وتهدد وجود مصر والمصريين، إنه مات بالسكتة القلبية وإنه لا وسيلة إلي تشييعه لمثواه الأخير إلا باسترداد عناصر قوة المصريين - تجدد أزمة القمح ولقمة العيش يعيد تأكيد سلامة توجهات بوصلة دعوات التغيير وأنه أصبح ضرورة لاسترداد قدرات وطن علي الحياة وأن النضال من أجل إجراء انتخابات محررة من التزوير يجب أن يصاحبه برامج عمل وإنتاج وتنمية تمنع أن تموت مصر مع موت نظام. حملة جمع التوقيعات علي بيان الجمعية الوطنية للتغيير ومطالبها السبعة تقترب من المليون في أحدث جولة لشباب حملة طرق الأبواب في صعيد مصر تجلت مدهشات كثيرة في الإقبال علي التوقيع، منها من وقعوا ببصماتهم حتي لا تجعلهم عدم معرفة الكتابة يقفون بعيدا عن المشاركة، في 29 نوفمبر يتجدد سرقة وطن بانتخابات مزورة جديدة إذا لم يتم الموافقة علي القانون الجديد لممارسة الحقوق السياسية الذي أعدته جماعة «مصريون من أجل انتخابات حرة ونزيهة» وإذا بني قدمها مؤتمر لحزب الوفد بعنوان «لا انتخابات حرة بدون ضمانات حقيقية» لا انتخابات حرة بقانون طوارئ، لا قمح ولا عيش ولا ماء ولا حياة بدون تحرير إرادة المصريين من التزوير.. لا أمل ولا حياة ولا مستقبل في ظل نظام مات بالسكتة القلبية ويظن أنه يستطيع أن يسترد الحياة بحملات ترويج ساذجة تصنع له ما لم يستطع أن يصنعه خلال ثلاثين عاماً من حكم مصر.