عام وأربعة شهور -تقريبا- ويبدأ الصراع الازلى بين الأحزاب السياسية للوصول إلى الاليزيه.. فلم يتبق سوي 300 يوم تقريبا امام الطامحين لخوض السباق الانتخابى والواجب له حشد المزيد من الشعبية والقدرة على جمع التوقيعات اللازمة وعددها 500 توقيع يشترط الحصول عليها من اى نائب فرنسى او اى عضو مجلس شيوخ او رئيس بلدية او عضو فى المجلس الفرنسى بالخارج او من النواب الاوروبيين او الأعضاء المنتخبين فى مجلس جزيرة كورسيكا وبولينيزى الفرنسية او بمجالس أراضى فرنسا فيما وراء البحار-كلادونيا الجديدة-او المستشارين بالمجالس الاقًليمية. المهم ان حصيلة النواب المانحين ليست قليلة فهى تصل الي 45,000 نائب بينهم 30,000 عمدة بلدية الا ان هناك شرط ان مانح التوقيعات لايحق له اعطاؤه لمرشح اخر.والجدير بالذكر انه من دون هذه التوقيعات لايمكن ان يتم اعتماد اوراق المرشح للرئاسة دستوريا ولايمكنه التقدم. فالبعض من السياسيين ان لم يكن الأغلبية من الطامحين فى خوض الانتخابات الرئاسية قد استهل حملته فعليا بحشد الناخبين ولقائهم او بإصدار كتاب يمهد فيه طريقه للترشيح. وياتى الرئيس السابق نيكولا ساركوزي, زعيم المعارضة اليمينية لحزب الجمهوريين الذى اقتلعته شعبية الاشتراكين بعد حقبة رئاسية واحدة باختيار فرانسوا اولاند خلفا له بالاليزيه, فى صدارة المرشحين المحتملين فهو لن يتخلى عن استعادة مكانه لحقبة رئاسية ثانية رغم ما يعانيه من انخفاض فى شعبيته فضلا عما يعانيه حزبه داخليا من انقسامات واضحة خاصة بعد انفصال من كانوا تحت لوائه ممن منحتهم فترته الرئاسية مناصب وزارية مثل نادين مورانوا و ناتالى كوسيسكو موريزه..هذا بالاضافة الى العديد من كوادر الحزب الطامحين لخوض السباق للإليزيه وهم كثر!.. ومن أهم المرشحين المنتظرين رئيسا الوزراء السابقان فرانسوا فيون و الآن جوبيه وان كان الأخير أكثر شعبية لدى الفرنسيين. وفى الكتاب الذى أصدره بمناسبة ترشحه, حاول ساركوزى الإعتذار للفرنسيين عن كل الأخطاء التى أخذت عليه وقلصت من شعبيته كالظهور المكثف وتسليط الاضواء عليه بصفة مستمرة بالاضافة الى موقفين أثارا إستياء الكثيرين عندما تم انتخابه وراح ليحتفل مع أصدقائه من الأغنياء والفنانين بواحد من أغلى المقاهى الباريسية بشارع الشانزليزيه ليقضى ليلته وزوجته بالفندق الملحق به والمعروف ان الليلة فيه تعادل مايتقاضاه ثلاثة موظفين فى الشهر من راتب ومما يزيد الطين بلة قيامه برحلة ترفيهية على متن يخت نهرى فاخر مملوك لأحد أصدقائه رجل الاعمال الشهير فانسان بولوريه..بالاضافة الى مشكلته مع زوجته السابقة سيسيليا ساركوزى والتى انتهت بالطلاق وتصدرت مشاكلهما صفحات الجرائد اختتمتها الاخيرة وأصدرت كتابا تحكى فيه بعض فضائح الرئيس..هذا وغيرها من الأخطاء التى أبدى ساركوزى ندمه عليها واعدا بانه تغير ولم يعيد الكره وموضحا أنا فرنسا هى الحياة (استخدم هذه العبارة عنوانا لكتابه الصادر لتوه). والواقع انه قد بدا بالفعل حملته الانتخابية بالنزول الى الشوارع وزيارة الناخبين فى المحال التجارية ووصل به الامر الى انه يمارس بعض الألعاب الترفيهية مع المواطنين فى بعض المقاهى وهو ماتناقلته فئة من الاعلاميين. كما حرص ساركوزى على العزف على وتر الحفاظ على هوية الدولة المسيحية والمعروف انها سياسة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن. وفى الجانب المقابل نلمح جهودا حثيثة للرئيس فرانسوا اولاند الذى مازال يشغل الاليزيه والذى يعمل بكل الطرق لتحقيق ما وعد به الفرنسيين من تحسين الأحوال المعيشية ودفع عجلة الاقتصاد فالبطالة سجلت ارتفاعا متتاليا منذ وصوله إلى الاليزيه حيث وصلت نسبة العاطلين الي 30 مليون فضلا عن تزايد حجم العجز فى ميزانية الدولة ولا يمكن أن نغفل بعض إنجازات الرئيس الحالى مثل تحقيق زيادة طفيفة فى نسبة التنمية الا انها غير كافية مقارنة لما تشهده البلاد من مشاكل أثقلها نزوح المهاجرين الفارين من الاٍرهاب بسوريا والعراق اضافة الى مشكلة الأمن وتفاقم الحوادث الاٍرهابية. فضلا عن ان رياح الانقسام تعصف بالحزب خاصة فيما يخص التوافق على التصويت على القوانين الراغب فى تمريرها الرئيس اولاند والتى يغازل بها شعبية اليمين المتطرف كسحب الجنسية من المتورطين فى اعمال ارهابية. اضافة الى رغبته فى اجراء تعديلات على بعض القوانين والدستور بما يتيح مد حالة الطوارئ بما يتناسب مع مخاطر ماتواجهه فرنسا بعد الحوادث الإرهابية. وَمِمَّا لا شك فيه ان هذه السياسات زادت الفرنسيين امتعاضا من ساكن الاليزيه وبالتالى هبطت شعبيته وأصبح الامر ينذر بوصول اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن الى رئاسة البلاد فى الانتخابات المرتقبة وهو ما تتخوف منه شريحة عريضة بالمجتمع. وبدون شك فإن حال اليسار والاشتراكيين على وجه الخصوص ليس أفضل من اليمينين فى الصراع على الاليزيه فالمراقبون يطلقون على السياسة الاشتراكية الحالية بحكومة ال2000 خطة او المتعددة الإجراءات!..كناية على تعدد الخطط والعجز عن التنفيذ وهو ما انعكس سلبيا على شعبية رئيس الحكومة مانويل فالس فبعدما ظهرت بوادر بانه قد يستطيع مناقسة الزعيمة المتطرفة لوبن سرعان ما انطفأت شعبيته وتقلصت هذا بالاضافة الى ما نلمسه لديه من غرور فائق لم نلمحه فى اى قيادى سبق له الوصول للسلطة.