مع بداية الحملات التمهيدية للانتخابات الرئاسية بفرنسا، تسعى زعيمة الجبهة الوطنية لليمين المتطرف مارين لوبن، للتأكيد علي أن حزبها هو الوحيد الملتزم بمبدأ "حكم الشعب من قبل الشعب وللشعب "فى مواجهة" مشروع الاتحاد الأوروبي،والعولمة". ولخوض الحملة الانتخابية، حصلت لوبن علي(9مليار يورو) من بنك روسى له نفس انتمائها الحزبي، كقرض لتمويل تكلفة الحملة، مما أثار جدلا شديدا بفرنسا، لكنها بررت ذلك بان خمس بنوك فرنسية رفضت إقراضها. يرى الخبراء أن حزب مارين لوبن تزداد شعبيته يوما بعد يوم فى ظل تناسى الأعتراض على السياسات التى تنتهجها الحكومة الفرنسية فى ظل الاتحاد الاوروبى والتدفق المتزايد للمهاجرين يقحم البلاد فى مشاكل لايحمد عقباها. وبالطبع يضاف لمريدى الحزب الفرنسيون العنصريون والغيورون على بلادهم من ضياع هويتها مع هجوم العولمة وشراستها. وعلى سبيل المثال لا الحصر لم تُخف برجيت باردوا النجمة السينمائية الفرنسية الشهيرة رغبتها فى ان تصل لوبن لقصر الاليزيه فى 2017، آملة ان تخلص الفرنسيين من الاسلاميى ن عامة،وعملية الذبح الحلال الذى تناهضه فى جمعيتها الرفق بالحيوان خاصة.. وراجية ان ترحم لوبن فرنسا من الهجوم الاسلامى المتزايد عليها. ومع تزايد الاوضاع سواء بفرنسا، لا يخفى على احد معنويات الفرنسيين المتدنية الان،فهم مازالوا ينتظرون تحسن احوالهم المعيشية ورفع قدرتهم الشرائية، وفى المقابل يلمحون إلى ان سياسة اليمين المتطرف قد تحقق لهم عدالة اجتماعية، قياسا على ما يقوم به نواب حزب لوبن من اصلاحات لايجرؤ اى نائب منتم لليسار او اليمين على انتهاج سياستها فى بلدياتهم..فهم يحاربون الثقافة الاسلامية التى بدأت تغير ملامح المجتمع الفرنسى العلماني،شكلا،والمنتمى لعقيدته المسيحية جوهرا،فهم يحاربون ارتداء الحجاب فى مدنهم،كذلك يمنعون الوجبات الحلال التى اثارت جدلا شديدا فى مطاعم المدراس، يحاربون انتشار المجازر الاسلامية،وغيرها من تلك الامور التى ضاقت بها صدور الفرنسين، فضلا عن عدم السماح ببناء الجوامع او اقامة مساجد بأموال الفرنسيين. اضافة الى ان لوبن(الابنة)فى اكثر من تصريح لها اكدت انها ستمنع استقبال المهاجرين بفرنسا نهائيا، وستعيد النظر فى اتفاقية شينجن الفرنسية بغية غلق الحدود مع اوروبا، وهما موضوعان يهمان الفرنسيين بشكل كبير، اضافة الى رغبتها فى وضع حد للازدواجية الجنسية. كما ان لوبن لاتخفى توجهها فيما يخص السياسية الفرنسية الخارجية بمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش"والممولين لها، فقد وجهت الاتهام الصريح للرئيسين الاشتراكى الحالى اولاند واليمينى السالف ساركوزي، بأنهما السبب فى تزايد الاسلاميين وجذب المقاتلين منهم الى فرنسا. والاهم من ذلك ان نواب اليمين المتشدد بزعامة لوبن يبدون اهتماما شديدا بمحاربة الفساد والقضاء على الرفاهية التى اعتادها المسئولون السابقون يسارا ويمينا، بترشيد الانفاق بشكل يعيد لفرنسا قدرتها الاقتصادية السالفة. والان من هى مارين لوبن التى تصيب الفرنسيين بقلق شديد، هى الوريثة لسياسة وأفكار والدها اليمينى المتطرف جان مارى لوبن(86عاما)،مؤسس حزب الجبهة الوطنية (FN) فى 1972،وزعيمها السابق،وصاحب الأفكار العنصرية المتشددة تجاه التواجد الأجنبى على التراب الفرنسي،وان كانت كراهيته المعلنة تخص المسلمين، العرب، الأفارقة،الا انه لايخفى معاداته لليهود،بما يطلق عليه معاداة السامية. ولدت مارين-الابنة- فى أحد الأحياء البرجوازية على الحزام الباريسى "نويى سور سين"،عام 1968،امتهنت مارين لوبن المحاماة فى الفترة من (1992-1998)حتى تفرغت للسياسة لتنوب عن والدها فى رئاسة الحزب بعد اجتياز الانتخابات الداخلية فى يناير 2011. ومنذ ذلك الحين،وهى تحقق العديد من المكاسب السياسية،والمزيد من الشعبية مقارنة بوالدها.حيث انتُخبت عضوا فى البرلمان الاوروبى عام 2004،و2009، وخاضت الانتخابات الرئاسية لفرنسا فى ابريل 2012،وحصلت على نسبة مكنتها من استرداد مصروفات الحملة الانتخابية حسب القانون المعمول به فى فرنسا. حيث خرجت لوبن من السباق،بعد تفوق الرئيس الاشتراكى الراهن فرانسوا اولاند، والسابق اليمينى نيكولا ساركوزي،بأغلبية أصوات خولتهما لخوض الجولة الثانية فى مايو 2012،وهى التى خرج منها الاشتراكى اولاند فائزا. وعلى الرغم مما روجته المرأة من عدم قدرتها على الحصول على التوقيعات اللازمة (500) من النواب والتى تجيز لها حق الترشح، الا انها تمكنت من الحصول عليها فى الانتخابات المنصرمة. حققت لوبن (الابنة) بعدها نجاحا مدويا فى الانتخابات المحلية التى جرت فى منتصف 2014 بفوز حزبها برئاسة العديد من البلديات التى كانت معاقل الاشتراكيين واخرى لليمين الجمهورى لعدة عقود سالفة. عادت بعدها لوبن لتحدث زلزالا فى الانتخابات الاوروبية تجاوزت نتائجه كافة التوقعات، الامر الذى كشف عن الغضب الفرنسى والاوروبي-معا- تجاه السياسات الراهنة،بما قد ينذر بأن الاتجاهات الشعبية القادمة ستكون تجاه اليمين المتطرف!!. والواقع ان تقدم مارين لوبن بهذه السرعة يزيد التكهنات بإمكانية وصولها لقصر الإليزيه، وينبئ بتخطيها اعتاب الجولة الاولى كما سبق لوالدها فى الانتخابات الرئاسية التى خاضها امام الرئيس الفرنسى الاسبق جاك شيراك عام 2002،الا ان الفرنسيين تداركوا الموقف-انذاك- وخرجوا بكثافة ليصوتوا لإعادة انتخاب شيراك لحقبة رئاسية ثانية فى مايو 2002،بحصيلة أصوات 82%،ملقنين مؤسس حزب الجبهة الوطنية(FN)جان مارى لوبن، دارسا بان الفرنسيين لايرغبون ان يكون رئيسهم يمينيا متطرفا. وتمنح استطلاعات الرأى زعيمة الجبهة الوطنية المتطرفة 30% من الاصوات فى انتخابات الرئاسة 2017..وتتوقع الأسوأ حال اخفاق الاشتراكيين فى تخفيف الاعباء عن الفرنسيين،او تقدم مرشح عن اليمين الجمهورى يقوى على مجابهتها فى السباق،خاصة ان معظم التوقعات تتجه الى ان لوبن ستصل الى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية القادمة،وغالبا ما سيكون فى مواجهتها مرشح اليمين الجمهورى نيكولا ساركوزي..وهو الامر الذى لا ينكره المراقبون الفرنسيون.