ليس هناك أي منطق أو حجة مقنعة ولو لصبي صغير, يبرر ما حدث من إراقة للدماء في العباسية, أو غيرها بزعم الحفاظ علي أهداف الثورة. فأي ثورة هذه التي تأكل أبناءها ويكاد المتمسحون فيها أن يشعلوا البلاد نارا؟ ما الداعي لاستخدام العنف في مسيرة سلمية وذبح البعض وإصابة آخرين إذا كان يمكن تحقيق الهدف بلا إراقة دماء أو تعطيل لمصالح الناس, لقد كان هذا المظهر الحضاري سائدا في بداية الثورة, خاصة بعد تنحي الرئيس السابق وكانت الشعوب ووسائل الإعلام تضرب بشبابنا الأمثال, لكن للأسف تغيرت الصورة الجميلة, وبدأت الغيوم تحيط بها مشوهة صورتها, وبدأ الأفاقون ومنتهزو الفرص يستغلون الشباب ويدفعونهم إلي العنف مستغلين حماسهم, وكذلك الشعارات الدينية والثورية المزعومة ليسقط الضحايا مدرجين في دمائهم, ويبقون هم جالسين فوق وسائدهم المريحة يشاهدون ما يجري علي شاشة التليفزيون ثم يعلنون براءتهم من الدماء المراقة! انتخابات الرئاسة علي الأبواب, والعسكر أعلنوا مرارا أنهم سيسلمون السلطة للرئيس المنتخب قبل الموعد المحدد, وصياغة الدستور يجري البحث عن أفضل وسيلة لاتمامها بها, فما هو وجه العجلة والاقتتال في العباسية أو غيرها؟ ولماذا لا ننتظر أقل من شهر حتي تجري الانتخابات ونري ما إذا كانت ستتم بنزاهة وشفافية وأن المجلس العسكري سيفي بوعده أم لا؟ أم أننا انسقنا وراء المحرضين دون تفكير واسترحنا لذلك ولا نريد إعطاء الفرصة لإتمام عملية انتقال السلطة؟ فقط لنعط فرصة للقائمين علي الأمر لاستكمال المهمة, وبعدها نحكم علي ما فعلوه, هل هو ما نريده أم لا؟ فإذا خيبوا ظننا فالشارع مفتوح, والميادين متاحة للاحتجاج, بشرط ألا ندمر ما تبقي من مقدرات الوطن أو نعطل مصلحة الناس أو نقطع أرزاقهم بتعطيل أعمال شركاتهم ومحالهم.