شعوب الربيع العربي ومنها مصر غير مستقرة، لا نحن استرحنا قبل الثورات بسبب القمع والأنظمة الفاسدة ولا نحن جميعا استرحنا بعدها او استطعنا حل المشكلات، تونس مصر وليبيا، جميعها الان علي بداية الطريق بفارق بسيط بينها، ولا توجد هنا معادلة واحدة ناجحة، والخطأ ليس في الثورات بل في ثقافة الشعوب ما بعد الثورة، وهذا خطأ انساني وقعت فيه كل ثورات العالم، الثورة هي خروج عن المألوف وضد الحكام لاسباب عديدة، واقواها دائما هي الثورات الشعبية العامة والكبيرة، المهم هو ان تسرع الدول بعد الثورات بترتيب أوضاعها لتبدأ في العمل وتصحيح المسار. ولم يحدث في تاريخ البشرية ان انتهت مشاكل شعب او بلد في اليوم التالي للثورة، نجاح اي ثورة هو بداية طريق كبير من العمل الجاد وليس نهاية المطاف، وهذا ما نعجز عن تقبله او نرفض تقبله، الشعوب تريد حلا لمشاكلها الان وليس غدا او بعد شهرين، والمسئولون اصيبوا بحالة خوف وذعر ويرفضون مصارحة الناس بالحقائق ويحاولون انقاذ المواقف مؤقتا، والناس تزداد غضبا وترفع سقف مطالبها، فلا نحن قبلنا بما كان ولا تفرغنا للتحكم فيما سيأتي، واصبحنا نعيش حالة فوضي تحاول فيها جبهات واشخاص فرض رأيها، تخلصنا من حاكم واحد فخلقنا ملايين الحكام دون ان نشعر.. وحتي الان لم نقرر كيف سنختار الحاكم القادم. تونس سبقت مصر في الانتخابات ، سيناريو مصغر لما قد يحدث عندنا هذه هي الديمقراطية بانيابها، الديمقراطية لا تضمن ان يربح الجميع في اي انتخابات بل تضمن النجاح للاكثر تنظيما، الديمقراطية لا تضمن ان ينجح الافضل فكرا او ثقافة او صاحب الرؤية التي تؤيدها انت بل تضمن نجاح من هو اكثر شعبية عند الناس والذي يستطيع ان يحصد اصواتهم، واذا كنا سعينا للديمقراطية والحرية يجب إذن ان نتعلم احترامها، وهذه بالذات هي نقطة اختبار رئيسية لكل الثورات في المنطقة خاصة مصر، ودعونا من رغبات النخبة ورؤيتهم وقدرتهم. الذي سيحرك البسطاء هو الذي سيكسب الانتخابات، واذا خرج بعد ذلك دعاة الديمقراطية للاعتراض علي نتيجتها فنحن نعود إلي الوراء، بالطبع سيكون هناك غضب وسيكون هناك خوف من أي جانب يخسر وسنحاول كعادتنا ايجاد شماعة لاسباب الفشل دون ان ننظر ابدا إلي انفسنا اولاً. تحركت تونس واجرت الانتخابات بعد ان هرب زين العابدين بن علي، وتستعد مصر لاجراء الانتخابات بعد ان سجنت مبارك وعددا بسيطا من اعوانه وقادة حزبه، وسوف تبدأ ليبيا في التحرك هي الاخري بعد ان قتلت القذافي وقادة جيشه، الاولي وقف فيها الجيش علي الحياد نسبيا والثانية يحكم الجيش لحين انتهاء اختيار الشعب لمن يمثله، والثالثة انكسر فيها الجيش وانقسم علي نفسه وحاله وانتصر الشعب بطريقته، وفي الطريق اليمني لم يتعلم رئيسها الديكتاتور الدرس حتي الان وبعدها سوريا ونظام الاسد.. كلنا دخلنا الاختبار ليس في القدرة علي الاطاحة بنظام نكرهه ولكن اختبار القدرة علي ان نضع نظاما نحترمه ونتعامل معه دون ان نتصارع ونحرق وندمر نريد أن يمر الربيع العربي بصيف عربي طويل وان لا نقفز إلي عواصف الخريف وبرد الشتاء وليله الطويل.