تزايدت فى الفترة الأخيرة, حالات انهيار المبانى فى مصر خاصة بالقاهرةوالإسكندرية آخرها عقار الشرقية الذى قضى على حياة 9 أفراد منهم 6 آطفال من أسر متعددة إضافة لسقوط الآلاف من الضحاياعلى مدى العام نتيجة لعوامل كثيرة أولها الافتقار إلى أعمال الصيانة حيث كشفت وزارة الإسكان عن أن هناك نحو 65 ألف عقار آيل للسقوط بالقاهرةوالإسكندريةوالجيزة فقط بينما أصدرت الأحياء والمحليات أكثر من 130 ألف قرار هدم و300 ألف قرار ترميم نُفذ منها 20%.فقط ،واحتلت العاصمة الترتيب الأول فى المخالفات . حتى أصبحت التحدى الأكبر الذى يواجه الحكومة فى الوقت الحالى ، فهناك نحو مليون عقار آيلة للسقوط على مستوى الجمهورية تهدد حياة أكثر من 5 ملايين أسرة، وما يكشفه ذلك من تزايد الكوارث والضحايا فى الفترة الأخيرة. المهندس الاستشارى عبد المنعم الليثى يؤكد أن جانبا مهما مجهولا لدى الدولة وهو مساكن الإيجارات القديمة التى لا يمكن لأصحابها صيانتها لأن الإيجارات ملاليم والصيانة تحتاج آلاف الجنيهات ، كما أن الملاك يتمنون سقوطها لاستلامها من المؤجرين الذين يرثونها دون مالكها ، كما أن مبانى مثل المتساقطة بالأسكندرية تتعرض بنسبة عالية للرطوبة والأمطار التى تسهم بطريقة مباشرة فى تساقطها، مشيرا إلى أن تقرير وزارة الإسكان منذ أيام أكد أن الحصر الأخير للعقارات الآيلة للسقوط كشف عن أن هناك نحو 65 ألف عقار آيلة للسقوط فعلا فى محافظاتالقاهرةوالجيزةوالإسكندرية،ولا يمكن معها المعالجة ، حيث تحتل محافظة القاهرة المرتبة الأولى ، ومع إصدار قرارات الإزالة لم ينفذ منها سوى 5 آلاف قرار. فى حين أن الأحياء والمحافظات أصدرت أكثر من 300 ألف قرار ترميم للعقارات الآيلة للسقوط ولم ينفذ سوى 20 % من هذه القرارات بسبب العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، فالمالك لايملك إمكانية الصيانة والمستأجر لا يهمه هذه الصيانة ، وأن عدد العقارات المخالفة بلغ 600 ألف عقار بها 7 ملايين وحدة سكنية ، كما أن عدد قرارات الهدم التى تم إصدارها بلغت نحو 130 ألفا على مستوى الجمهورية، ويتكشف أن نحو 40% من العقارات بمحافظة القاهرة انتهى عمرها الافتراضى وأصبحت تشكل تهديدا حقيقيا على حياة السكان ويجب إزالتها فورا ، وإيجاد البديل بالمدن الجديدة . وأضاف أنه بالنسبة للعقارات المخالفة فى المحافظات، فإن محافظة الغربية تقع فى المرتبة الأولى ، وتتمثل فى التعديات على الأراضى الزراعية ، فيما جاءت محافظة الدقهلية فى المرتبة الثانية ، والمفاجأة أن محافظة الإسكندرية جاءت فى المرتبة التاسعة من حيث المبانى المخالفة خاصة عقب ثورة 25 يناير وسبقتها محافظاتالمنيا، الشرقية، الجيزة، سوهاج، أسيوط، القاهرة، وجاءت محافظة المنوفية فى المرتبة العاشرة، وكشفت بيانات الوزارة عن مفاجأة شديدة الخطورة تتمثل فى وجود مخالفات فى المدن الجديدة، حيث أشارت إلى وجود نحو 160 عقارا بدون رخصة و100 أخرى مخالفة للرخصة ، وأن مصر بها نحو 13مليون مبنى سكنى وإدارى يعانى نصفها من عدم الصيانة ، كما أن هناك أكثر من200 ألف مخالفة لعدم تنفيذ قرارات التنكيس لتلك المبانى والتى أصبحت آيلة للسقوط, وظهر ذلك من قبل فى زلزال1992, ولضعف نسبة كبيرة من الثروة العقارية فإنها بسببها تسقط أو تهدم627 مبنى فضلا عن الشروخ والتصدعات لعشرات الآلاف من المبانى مازال الكثير منها يتعرض للانهيار, فى حين يقوم المقاولون بتنفيذ البناء وتغيير معالمه دون الرجوع للمهندس.وقال : إن هناك عوامل كثيرة ساهمت فى تساقط المبانى المصرية ، ففى فترة الثمانينيات ظهرت عمليات التلاعب فى تراخيص البناء, وانتشرت فئات من ضعاف النفوس فى الادارات المحلية, ونتج عنها مبان مخالفة للاشتراطات الفنية والتنظيمية, مع تجاوز حدود الارتفاعات المقررة لها, دون اعتماد على هيكل إنشائى سليم, يتحمل تلك الأحمال الكبيرة لتلك الارتفاعات, كما تمت عملية تعليات لمبان قائمة غير معدة على مستوى التأسيس والهيكل لأعمال التعلية فوقها مثلما حدث فى برج ميدان هليوبوليس ذى الأربعة عشر طابقا والذى تم إضافة8 أدوار إليه مع أنه حاصل على ترخيص بستة أدوار فقط مما نتج عنه الانهيار الكلى وخلف وراءه أكثر من 70 ضحية ، لذلك أنه لا يشترط آن يكون المبنى قديما ليسقط فهناك من الأسباب الأساسية لتصدعه سوء حالة التربة التى يقام عليها، فالتأسيس على تربة طفلية يشكل أخطر ظروف التأسيس لأن هذه التربة لديها القدرة على التمدد والانكماش متأثرة بالرطوبة المعرضة لها, وهى تربة متحركة فى نفس الوقت، وفى حالة التأسيس عليها يحدث الهبوط والشروخ والتصدع للهيكل الإنشائى, لذلك فإن هناك ضرورة لعملية إحلال التربة بحفر الموقع لعمق يحدده تقرير التربة الفنى ، ثم يبدأ الردم برمال متدرجة مع الدمك على طبقات متقاربة والرش بالماء الغزير لإتمام الدمك. ثم تختبر التربة قبل البناء. وينشأ عن سوء عملية الدمك تصدعات وهبوط فى الأساسات, كما أن هناك أيضا مشكلة التأسيس على أنقاض ومناطق ردم أو أراض تم حفرها منذ فترة ولم يتم البناء عليها حينها, وهنا لا يصح التأسيس عليها لأن التربة المزالة تسببت فى تمدد التربة أسفلها فقلت كثافتها مما يستوجب إزالة هذه التربة أيضا وعمل إحلال لها بموجب التقارير الفنية من مهندسى التربة. وأضاف المهندس الاستشارى محمد البستانى أن من أسباب انهيارات المبانى أيضا فى تكوين الخلطة الخرسانية والتقصير فى خلطها ، فالخلطة لابد أن تتكون من نسب محددة من الأسمنت والرمل والمواد المالئة كالسن أو الزلط إضافة للماء وأى خطأ فى تكوين هذه النسب أو فى خلطها يقلل القدرة الخرسانية فى تحمل إجهادات الأحمال فوقها, وتعتبر من الحالات الخطيرة التى تتعرض للانهيار, وفى السياق نفسه فإن عدم دقة التصميم الإنشائى ذاته وعدم الالتزام بالمعايير التصميمية أو الكود الإنشائي, وعمل حسابات خاطئة للأحمال, تكون الخطورة حتمية, وكلما زادت درجة الخطأ كان الانهيار قريبا وسريعا وحتميا بعد تشغيل المبنى أو تعرضه لأى هزة أرضية أو حتى بعد تحميله بالأساسيات مثل الأثاث المنزلى والمنقولات وأشغال العاملين أو السكان. لذلك فمن الأهمية أيضا الاهتمام بمواصفات المواد الإنشائية المكونة للمبنى وهيكله الإنشائى لخطورتها على سلامة البناء, فقد رأينا فى الثمانينيات من القرن الماضى , كيف أن بعض فاسدى الذمم استورد كميات من الأسمنت من رومانيا غير مطابقة للمواصفات وتحتوى على نسبة كبيرة من تراب المناجم ، فى الوقت الذى كانت توجد فيه كميات كافية من الأسمنت المحلى فى السوق المصرية, وكان هذا الأسمنت المستورد هو السبب الرئيسى فى انهيار الكثير من المبانى التى تعرضت للزلزال لاحقا, ومنها عمارة هليوبوليس الشهيرة. ويؤكد المهندس الاستشارى جمال حافظ متولى أن هناك اختلافا بين الانهيار الكلى والجزئى للمبنى ذلك لأن الأخير يمكن إخضاعه للعلاج الفنى الهندسى حسب حالته ، فيمكن الاصلاح والترميم فى معظم الحالات ويتحكم فى ذلك تكلفة الاصلاح والترميم وجدواه الاقتصادية ، فقد يكون الأوفر هو هدم المبنى كلية وإعادة بنائه, فإذا كانت المعالجة جزئية يتم إعادة بنائها مع ربطه بهيكل المبنى ، فى مقابل المبانى التى تخضع لإشراف هندسى كامل وسليم ، فلا يمكن أن تنهار كليا أو جزئيا حتى مع حدوث الزلازل , ومع استمرار الصيانة المقررة فنيا ، فاذا كان المبنى خرسانيا فيعتمد عمره على جودة الخرسانة وقوة تحملها, وحماية الحديد من الرطوبة والمياه ، ولا يكون كل ذلك إلا برقابة كاملة قبل الإنشاء وإقرار من مهندس استشارى مشرف على أعمال البناء.