لو لم تكن القدس مدينة مقدسة لقدسناها، فما بالنا نجد من بيننا من يتحرش بعروس عروبتنا.. يحاول أن ينزع عنها قدسيتها الثابتة فى الكتاب والسنة ، والتى سطرها التاريخ فى كتاب العقيدة بدماء آلاف الشهداء على مدى قرون عدة ردوا عنها احتلال استيطانى باسم الدين تحت راية الصليب بينما المسيح عليه السلام منهم بريء ، ولا يزال يدافع عنها مرابطون ضد احتلال استيطانى آخر باسم الدين ايضا ويحملون على عاتقهم شرف حماية الارض والعرض ويبذلون دماءهم لحفظ ماء وجه أكثر مليار مسلم تعلموا فى اول دروس العقيدة أن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم - لمصلحة من التشكيك فى ثوابت الأمة وتمييع قضية المحورية لجميع المسلمين، ففى الوقت الذى يتم فيه تصفية قضية القدس على الأرض ويقتحم المتطرفون باحات المسجد الاقصى المهدد بالانهيار بسبب الحفريات التى تحيط به من جميع الجهات، يخرج علينا من يشكك فى معنى الإسراء.. وينفى حقيقة المعراج ووجود المسجد الأقصى وكونه أحد القبلتين، استنادا الى وثيقة نشرتها «رابطة الدفاع اليهودية» ، ورد عليها مفندا لها الدكتور محمد عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية الذى نشر تلك الوثيقة كاملة ورد عليها فى كتابه «القدس بين اليهودية والإسلام» سنة 1999. تقول الوثيقة المزيفة إنه عندما نزلت الآية الكريمة عن المسجد الاقصى «سبحان الذى أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى» فى سنة 621 ميلادية لم يكن هناك مسجد فى القدس يسمى المسجد الاقصى وقال د. عمارة فى رده، إن هذه الشبهة مردها عدم الفهم لكلمة «مسجد» فالرسول عندما أسرى به من المسجد الحرام ولم يكن نائماً ولا مقيماً فى المسجد الحرام بل كان مقيماً فى مكة أى أسرى به من الحرم المكى إلى الحرم القدسى فالقرآن لا يتحدث عن بناء او جدار اسمها «المسجد الاقصي» او «المسجد الحرام» وإنما يتحدث عن الإسراء من الحرم المكى -لأن كل مكة حرم - إلى الحرم القدسى . كما رد الدكتور عمارة على إدعاء الوثيقة المزيفة بأن المسجد الأقصى موجود بالسعودية وليس بالقدس ، موضحا أن هذا الكلام قاله يهودى يدعى «الدكتور موردخاى كيدار» الاستاذ فى جامعة باريلان الصهيونية و ذكره فى الكنيست الاسرائيلى مدعيا ان القدس يهودية ، زاعما أن المسجد الاقصى مكانه «الجعرانة» بين مكة والطائف وأن الرسول كان يصلى فيه احياناً , واحياناً اخرى فى المسجد الادنى القريب منه. وأضاف عمارة : أجمع علماء الاسلام على أن اول مسجد بنى فى الاسلام هو مسجد «قباء» على مشارف المدينة، لافتا الى أن الجميع يعرف رحلة الرسول من مكة للطائف وما حصل له وكيف استقبل ولم يقل أحد أنه قد بنى مسجدا فى ذلك المكان . كما أن هذه المزاعم التى يتم الترويج لها حول القدس رد عليه ايضا الدكتور على جمعة. ألا نخجل من انفسنا ونحن نرى نساء عواجيز يدافعن عن القدس بأجسادهن النحلية وصبية صغارا بصدورهم العارية، بينما نثرثر بترهلات ونردد مقولات الصهاينة، ناسين ومتناسين نصوصا مقدسة وتفسيرات متواترة على مدى 14 قرنا تحفظ للقدس مكانتها ، وجهودا فكرية لمئات علماء الدين والمؤرخين والشعراء عن المدينة المقدسة . من عجائب هذا الزمان ان الأعداء يقدسون الزيف ويجرمون من يحاول المساس به فلا يجرؤ احد عن التشكيك فى رقم ال«6 ملايين يهودي» التى يقولون انهم ضحايا المحرقة النازية ، بينما يتجرأ بعضنا على مقدسات وردت فيها آيات قرآنية وأحاديث نبوية واستشهد لاجلها الألوف على مدى التاريخ. اليوم تراجعت القدس بعد ما حولناها من قضية إسلامية الى قضية عربية، ثم تقلصت عندما انشغلنا عنها واصبحت قضية فلسطينية،وبعد الانقسامات بين اهل فلسطين لم يبق أحد يحمل همها إلا المقدسيون المرابطون يواصلون كفاحهم السلمى كل جمعة للحفاظ على المسجد الاقصى ولو بمجرد الصلاة فيه ومنع المتطرفين اليهود من دخوله، ولم نكتف نحن بموقف المتفرج وإنما قطعنا شوطا فى الاتجاه المعاكس فراح بعضنا يشيع روايات صهيونية تفتك بالقضية وتنزع عنها روحها وأقوى مقومات وجودها فى وجدان الأمة وهو ارتباطها العقدى بقبلة المسلمين. فاليهود يزيفون التاريخ والجغرافيا لشرعنة الباطل ونحن ننزع القداسة عن حقنا وقدسنا وديار اجدادنا . لمزيد من مقالات د. محمد يونس