كشف التحرك السريع لمؤسسة الرئاسة فى إطلاق المشروعات القومية العملاقة مثل زراعة المليون ونصف المليون فدان وشبكة الطرق الضخمة وتنمية محور قناة السويس.. عن قصور فى العديد من الوزارات التى ما زال يسيطر عليها التفكير التقليدى الذى أفقدها القدرة على مسايرة أو ملاحقة هذا التطور فى الأداء ووضوح الرؤية لمستقبل مصر الجديدة..ومنها قطاع السياحة الذى تسيطر عليه الآن حالة من الارتباك أفقدته بوصلة التحرك السريع تجاه الأحداث العالمية وخلقت حالة من الضبابية وانعدام الرؤية المستقبلية لقطاع كان من المفترض أن يقود عملية التنمية الاقتصادية فى البلاد..فلم يعد القطاع حاليا يلاحق التطورات السريعة التى تقوم بها الحكومة فى مختلف مجالات التنمية وإنما أصبح يسير ببطء شديد بذريعة أن هناك حظرا على المطارات من الدول المصدرة للسياحة لمصر واكتفى بإطلاق عشرات المبادرات وأنفق ملايين الجنيهات على إقامة الحفلات الغنائية هنا وهناك..وكأنها الآلية الوحيدة لتنشيط الحركة إلى مختلف مقاصدنا السياحية. تلقينا العديد من الرسائل من داخل مصر وخارجها يتساءل خلالها الخبراء والمهتمون بصناعة السياحة عن أسباب غياب دور وزارة السياحة فى استثمار قرارات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الأخيرة بحظر عمل شركات السياحة التركية على الأراضى الروسية و كذلك وقف فورى لسفر السائحين إليها.. هذه القرارات سوف تنعكس سلبيا على حركة السياحة الوافدة إلينا من المدن الروسية نظرا لأن هذه الشركات كانت تنقل ما لا يقل عن 80% من السائحين الروس الى مصر..كما ستؤدى أيضا الى احتكار شركتى «تيز تور وبوبلوجلوبز» للسوق الروسية نظرا لأن أصحابها يتمتعون بالجنسية الروسية وهو الأمر الذى سيؤدى حتما إلى إحكام قبضتهم على السياحة المصرية وتحديد الأسعار. ولكن هناك جانبا آخر إيجاب وشديد الأهمية لم يلتفت له قطاع السياحة وهو ان مصر أصبحت لديها الآن فرصة ذهبية لتدخل هذه السوق المهمة وتقضى على الاحتكار التركى وتنفرد بتنظيم رحلاتها دون منافس..فقد ظلت السياحة الوافدة إلينا من روسيا طوال السنوات الماضية حكرا على الأتراك فقط.. وهنا أكد إيهاب وهدان مدير شركة «تيز تور الروسية فى مصر» أن هذه الشركات كانت تنقل إلى تركيا سنويا أكثر من 4.5 مليون سائح بأسعار تصل إلى أضعاف رحلاتها الى مصر التى تستقبل سنويا 3 ملايين سائح..مما يعنى أن هذه الشركات كانت تسيطر وحدها على تنظيم رحلات لأكثر من 7 ملايين سائح روسى..ولذلك نجد الآن دولا سياحية عديدة بدأت فى التحرك سريعا من أجل الحصول على نصيب من الكعكة الروسية. ويطالب وهدان قطاع السياحة بأن يتحرك سريعا لاستثمار هذه الفرصة قبل أن تجد الشركات التركية منفذا للعودة من جديد الى العمل فى روسيا..ووقتها سوف نندم أشد الندم على ضياعها وعدم استغلالها..مضيفا أن الوزارة يجب أن تتحرك وفق خطة تعتمد على العديد من المحاور ويلخصها فى 4 نقاط هي: 1- ألا تنتظر وزارة السياحة إلغاء الحظر الروسى على المطارات..وأن تبدأ فورا فى إطلاق حملات إعلانية ضخمة فى جميع القنوات الرئيسية تطمئن من خلالها المواطن الروسى على الأوضاع فى مصر..وتؤكد حب المصريين لهم وقدرتها على حمايتهم..وأن الحكومة لا تتدخر جهدا من أجل تأمين المطارات المصرية حتى يستطيعوا زيارتها بسلام..وتركز الرسالة الإعلامية كذلك على مقومات مصر السياحية التى لن يجدها فى أى مكان آخر ( وذلك فى إشارة الى قيام بعض الدول الآن بعمل حملات ضخمة من أجل الفوز بالسائح الروسى مثل ماليزيا وبنما) مع التركيز على نقل مباشر عبر «الإنترنت» ووسائل الأتصال الحديثة لاستمتاع السائحين الأوكرانيين الموجودين الآن فى مصر. ويضيف وهدان أن الهدف من هذه الحملة هو استثمار هذا الركود فى تهيئة المواطن الروسى لاتخاذ قرار السفر إلى مصر فور إلغاء قرار الحظر والأنتهاء من الإجراءات الأمنية. 2- أن تقوم هيئة تنشيط السياحة بدعوة كبار الصحفيين والإعلاميين المتخصصين فى مجال السياحة ومحررى المواقع الألكترونية وتنظيم برامج سياحية لهم فى مختلف المقاصد والتأكيد على أن الجميع خاسر من توقف الحركة السياحية الروسية. 3- الوقت قد حان ليعمل الجميع من أجل مصر وأن تتعاون وزارتا السياحة والطيران من أجل إطلاق رحلات «شارتر» الى 5 مدن روسية على الأقل وذلك بالاستعانة بطائرات شركة «إير كايرو»التابعة لشركة مصر للطيران..على أن تدعمها وزارة السياحة كما تدعم الطيران الأوروبى من برنامج دعم الشارتر حتى تكون هناك استمرارية فى الوجود..وأن يصاحب ذلك حملة إعلانية تركز على توقيتات انطلاق هذه الرحلات..هذا الإجراء سوف يشجع أيضا الشركات الروسية على وضع برامج لزيارة مصر وستقوم بحجز تذاكر على هذه الطائرات وفقا لأسعارها المعلنة.. 4- أن تقوم وزارة السياحة بتفعيل دورها فى مراقبة جودة الخدمات المقدمة للسائحين..حيث يؤكد وهدان أن تدهور هذه الخدمات يقف وراء تراجع الأسعار وتصنيف مصر بالمقصد السياحى الرخيص..فالسائح الروسى يزور مصر ويستمتع بمقوماتها الفريدة مقابل 500 دولار فقط للرحلة..فى حين يقوم نفس السائح ومع نفس الشركة المنظمة بسداد 1600 دولار لزيارة تركيا..وهذا يعود إلى جودة الخدمات المقدمة لهم فى الفنادق التركية على عكس الفنادق المصرية التى أصبحت تعانى من سوء الخدمات..ولذلك يرى مدير «تيز تور مصر الروسية» أن تقوم الوزارة بتطبيق معايير الجودة التى سبق أن تم اعتمادها قبل ثورة 25 يناير..وذلك بهدف عودة السائحين الى مصر ولكن بأسعار عادلة تتفق مع ما وهبنا الله من مقومات لا يوجد لها مثيل فى العالم. ويطرح الدكتور خالد زكريا الخبير والمتخصص فى التسويق السياحى..رؤية مهنية للاستفادة من الفرصة الذهبية جراء إنهاء عمل الشركات التركية فى السوق الروسية..تتلخص في: 1- ضرورة البدء فورا فى التنسيق على أعلى مستوى بين الدولتين.. ويقصد هنا بين حكومتى مصر وروسيا لوضع خطة تعود فائدتها على الدولتين معا وليست مصر فحسب..وذلك ببدء شراكة تقوم فورا بتيسير خطوط طيران مباشرة بين المدن الروسية وكل المقاصد السياحية المصرية التى يعشقها السائح الروسى مثل الغردقة وشرم الشيخ ومرسى علم. 2- انشاء شركة مشتركة للإشراف على إجراءات أمن الطائرة والمطارات. 3- انشاء شركة حجز الكترونية «أون لاين» خاصة فقط بالسوق الروسية لسهولة قيام السائحين بإنهاء إجراءات حجز رحلاتهم بدون وسيط. 4-إشراك الجانب الروسى فى أرباح هذه الشركات من الأنشطة التى يقوم بها السائح خلال وجوده فى مصر مثل رحلات السفارى والغطس ورحلات اليوم الواحد. 5- منح تسهيلات غير مسبوقة فى إصدار التأشيرات وغيرها من إجراءات السفر. 6- إلغاء قرار إلزام السائح بعدم العودة الى بلاده بالطائرات «الشارتر» إذا ما قضى أكثر من شهر على الأراضى المصرية. وقد أكد الدكتور خالد أن تأخر وزارة السياحة والحكومة المصرية فى إتخاذ إجراءات سريعة لاستغلال موقف الحكومة الروسية من الشركات التركية سيؤدى حتما إلى عودة الأتراك بقوة ليسيطروا على السياحة الوافدة إإلينا من جديد. ونختتم هذه الأفكار التى نقدمها إلى المسئولين برؤية رشاد الرفاعى رئيس شركة مصر للسياحة الذى يؤكد أن شركات السياحة وحدها لن تستطيع الاستفادة من القرار الروسى وانه على وزارتى السياحة والطيران أن يبادرا فورا لإنشاء كيانات ضخمة لسد العجز الذى نتج عن خروج الشركات التركية من السوق الروسية..خاصة أن هذه الشركات كانت تحتكر جلب السائحين الروس الى مصر. وأكد الرفاعى أن السوق الروسية لها طبيعة خاصة تفرض علينا أن نتعامل معها بحرفية عالية ونخاطب حكومتها من أجل التعاون معنا لتنظيم رحلات مباشرة مع مصر.