سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى قام بواجبه فى زيارة مجلس الدولة صباح السبت 12 ديسمبر 2015م، وذلك لافتتاح المقر التاريخى لمجلس الدولة (قصر الأميرة فوقية) وعقد اجتماعا مع أعضاء المجلس الخاص هنأهم فيه بإعادة افتتاح المقر، وأكد تقديره لرجال القضاء، وأشاد بمختلف المؤسسات القضائية ومن بينها مجلس الدولة. كما شهد الرئيس مراسم توقيع اتفاقية النظام الأساسى للاتحاد العربى للقضاء الإدارى، الذى ترأسه مصر، ويضم عددا من الدول العربية، والتقى الرئيس أعضاء الاتحاد . ثم استقبل الرئيس، على وجه الخصوص، أرملة الشهيد عمر حماد، المستشار بمجلس الدولة ووالد الشهيد عمرو مصطفى وكيل النائب العام، اللذين استشهدا جراء الحادث الإرهابى بمدينة العريش فى أثناء أداء واجبهما الوطنى فى مراقبة الانتخابات البرلمانية، ونشرت وسائل الإعلام صورة الرئيس مع أرملة الشهيد المستشار عمر حماد (على وجه الخصوص) وهى أستاذة فى جامعة أسيوط، وهو يواسيها ويشكرها ويقول لها (كلامك أوامر.. إنت تؤمرى). وبقدر سعادتى بهذه المقابلة الحنونة من حاكم البلاد مع إحدى المواطنات (حرم الشهيد المستشار)، وهى لفتة كريمة بلا شك، ولكن فوق هذا وذاك عندما قال لها «كلامك أوامر. إنت تؤمرى» توقفت كثيرا أمام هذه الكلمات، لأتقمص شخصية حرم المستشار وأطلب ما كان يطلبه القاضى الشريف النزيه فى حياته من واقع كتاباته فى أحكام القضاء الإدارى من خلال موقعه فى هيئة المفوضين المختصة بتحضير الرأى القانونى المدروس فى موضوع الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإدارى والمحكمة الإدارية العليا. فهذا المستشار عمل عضوا بهيئة مفوضى الدولة لدى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة (عقود ادارية) ونظر فى تحضير دعاوى الطعون على العقود الحكومية الفاسدة، وكتب تقارير وطنية حقيقية كشفت فساد حكومات مبارك فى بيع القطاع العام بأبخس الأثمان، تدميرا لمال الشعب من أجل حفنة من اللصوص هم الآن فى صدارة المشهد والمتحكمون فى شئون البرلمان، لأنهم بأموال الشعب المسروقة، صرفوها للإتيان بممثلى الشعب المزيفين وبنسبة مشاركة فى المتوسط فى حدود 20%!! فكتب تقرير بيع أراضى مدينتى بأبخس الأثمان وأوصى بإلغاء عقود البيع التى تحايلت عليها حكومة نظيف، ومن بعدها للتغيير فى العقد والالتفاف على الحكم، وكتب تقرير إعادة شركة عمر أفندى والذى كنت فيه أحد أطراف الدعوى، وكذلك شركة المراجل التجارية التى بيعت لآل ساويرس!! ب «35 مليون جنيه»!! وأوصى بعودتها وعادت بحكم ولاتزال فى علم الغيب، وشركة سيمو للورق، تم الحكم بإعادتها، وحليج الأقطان، وغيرها. ومن ثم كنا كمجموعة من المواطنين الشرفاء، وضعنا خطة نتيجة عدم استجابة حكومات ما بعد الثورة مثلها مثل حكومات ما قبل الثورة، لرفع دعاوى قضائية لاسترداد جميع شركات القطاع العام التى باعتها حكومات مبارك الفاسدة، وبالفعل تم الحصول على أحكام نهائية، باسترداد عشر شركات، بخلاف الغاء عقود حكومية خاصة بالتعاقد على بيع أراض بأبخس الأثمان لرموز عصابة مبارك الفاسدة، وللعلم فإن أغلب من يحكموننا الآن وفى مواقع سلطوية مختلفة وفى أجهزة عليا، حصلوا على أراض وأقاموا القصور، وشاهدوا مدخل مدينة القاهرة الجديدة التجمع الخامس من ناحيتى النفق الخاص بالمسئولين. فهذا الرجل الذى استشهد دفاعا عن الوطن، وفى أثناء أداء واجبه، كان قلبه يقطر دما وهو لم يبلغ الخمسين عاما بعد، وهو يكتب تقاريره القانونية كاشفا فساد حكومات مبارك وما بعدها، إلى أن توقف نظر دعاوى استرداد الشركات وإلغاء العقود لحين بحث دستورية التعديل القانونى، الذى أصدره رئيس الدولة المؤقت ما بعد ثورة 30 يونيو (المستشار عدلى منصور) حيث تضمن هذا التعديل قصر الطعن فى العقود الحكومية على طرفيها وطرف ثالث يتمثل فى أصحاب الحقوق الشخصية والعينية. ومنذ تلك اللحظة لم نستطع استرداد شركة واحدة، وكانت دعوة صريحة كاشفة عن تقنين الفساد!! لقد ألغى هذا التشريع الفاسد دور الشعب فى مراقبة أمواله المنهوبة أمام كل ذى عينين، وأعطى الفرصة الواضحة لكل من «هبش وسرق ونهب وهرب»، الفرصة للافلات من رد مال الشعب!! فسيادة المستشار لم يقتل برصاص الإرهاب، ولكنه استشهد يوم صدور هذا التشريع الفاسد الذى أوقف نظر الدعاوى الشعبية لاسترداد أموال الشعب وأراضيه المنهوبة وشركاته المسروقة. لذلك يا سيادة الرئيس، فإن حرم المستشار عمر حماد، التى تقمصت شخصيتها بعد إذنها وعلى روح زوجها الوطنى المحترم، تطلب بالأمر، وسيادتكم وعدتم بالتنفيذ أن تقوم فورا بإصدار تشريع عاجل بإلغاء ما أصدره المستشار عدلى منصور، بقصر الطعن فى العقود الحكومية على أطرافها فحسب، وإعادة الأمر إلى ما كان عليه لنساعدك فى استرداد أموال الشعب المنهوبة.. ومن غير ذلك فإنه من الصعب تصور أن هناك محاولات جادة وحاسمة لمكافحة الفساد، أطالبك ياسيادة الرئيس بالاستجابة لأننا طعنا على هذا التشريع الفايد، وتم تحويله من القضاء الإدارى إلى المحكمة الدستورية، ونايم فى الأدراج منذ أكثر من عامين، فهل هذا يجوز؟! وللحديث بقية فى ملفات الفساد يا سيادة الرئيس. فالمواجهة الحاسمة للفساد هى الحل ومازال الحوار متصلا. لمزيد من مقالات د. جمال زهران