رئيس مياه القناة: تكثيف أعمال الملس والتطهير لشبكات الصرف الصحي    الفريق أسامة ربيع يبحث مع "هيونداي" سبل التطوير في مجال الخدمات اللوجيستية    بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا    كيف يستفيد الزمالك من فوز الأهلي على مازيمبي؟    عاصفة ترابية شديدة تضرب مدن الأقصر    تامر حسني يبدأ تصوير فيلم «ري ستارت» في مايو    رحلة فاطمة محمد علي من خشبة المسرح لنجومية السوشيال ميديا ب ثلاثي البهجة    وزير التنمية المحلية يعلن بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة    وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    وزير الخارجية الروسي يبحث هاتفيا مع نظيره البحريني الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتصعيد بالبحر الأحمر    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    ذاكرة الزمان المصرى 25أبريل….. الذكرى 42 لتحرير سيناء.    والدة الشاب المعاق ذهنيا تتظلم بعد إخلاء سبيل المتهم    الآلاف من أطباء الأسنان يُدلون بأصواتهم لاختيار النقيب العام وأعضاء المجلس    أسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    أول تعليق من كلوب على إهدار صلاح ونونيز للفرص السهلة    سون: آرسنال من أفضل أندية العالم    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    الناتو يخلق تهديدات إضافية.. الدفاع الروسية تحذر من "عواقب كارثية" لمحطة زابوريجيا النووية    مدينة أوروبية تستعد لحظر الآيس كريم والبيتزا بعد منتصف الليل (تعرف على السبب)    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    وزير الخارجية الصيني يحذر من خطر تفاقم الأزمة الأوكرانية    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التحرير» تفتح ملف أموال مبارك المهرَّبة
نشر في التحرير يوم 17 - 01 - 2015


تحقيق: يارا حلمي
4 لجان حكومية أنفقت نصف مليار جنيه ولم تسترد مليمًا واحدًا من أموال مبارك
أربع سنوات عجاف مرَّت على مصر وشعبها، بعد ثورة شعبية قامت على الفساد والاستبداد، ونادت بالعدالة الاجتماعية التى لا تزال غائبة، وسط فشل الدولة فى انتزاع الحقوق المسلوبة، وعدم قدرتها على تتبع الملايين التى خرجت من البلاد وهرَّبها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ورجال نظامه، إلى أن انتهى الأمر إلى تجرُّع دماء الشهداء فى كؤوس الخيانة، والتصالح مع الفاسدين الذين انتهكوا أموال الشعب، جنيًا للفتات!
أسئلة عديدة تدور حول قضية استعادة الأموال المصرية المهرَّبة إلى الخارج، بعضها تقابله إجابات روتينية، والبعض الآخر تستشعر أن إجابته تنصح السائلين ب"لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ"!، بخلاف الحيرة التى تصيب كل مَن حاول أن يتتبع مراحل البحث عن تلك الأموال، فيكفى التضارب الخاص بحجمها، والعجز عن إثبات جمع مهربيها لتلك الأموال بشكل غير مشروع، بالإضافة إلى صدمة النفقات التى تكبَّدتها الدولة فى سبيل الاستعادة التى لا تزال فى علم الغيب.
"التحرير" حاولت انتزاع إجابات على بعض هذه الأسئلة التى أثارت وتثير جدلًا حول أزمة الأموال المهربة.
الفشل يلاحق محاولات استرداد الأموال
هيكل: لا علاقة لفشل اللجان الرسمية بالقانون.. واسترداد الأموال يعتمد على قدرة التفاوض
أين تذهب الأموال المنهوبة حال استعادتها؟إذا بحثنا عن عنوان للمحاولات المتعددة التى أجرتها الحكومات المتعاقبة، بل والمواطنون، لاستعادة الأموال المصرية التى نُهِبَت وتم تهريبها إلى الخارج، من قِبَل الرئيس السابق حسنى مبارك، وأعضاء نظامه، فلن يكن أنسب من الفشل عنوانًا لتلك اللجان.
اللجان التى بدأ تشكيلها فور سقوط نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، انقسمت إلى نوعَين، أحدهما رسمى، وصل عددها إلى 4 لجان، وتشكَّلت من رجال الحكومة، والآخر "شعبى" غير رسمى، وكان يطلق عليه اسم "مبادرة"، وتعتمد على جهود المواطنين والمحامين المتطوعين فى مصر وإسبانيا، للعمل على متابعة استرداد الأموال، ولم ينجح أى من تلك اللجان فى إحراز تقدم يُذكر فى قضية الأموال المنهوبة، لكن لا يمكن توجيه اللوم إلى المبادرات الشعبية، كونها تطوعية، لا تستند إلى نظام حكومى ولا ترتيب دبلوماسى، بالإضافة إلى أنها تتحمَّل نفقات العمل الذى تقوم به من جيبها الخاص.
أسعد هيكل المحامى عضو تحالف العدالة الاجتماعية، قال ل"التحرير"، إن المشكلة فى فشل تلك اللجان ليست قانونية، وإن استرداد الأموال لا يرتبط بصدور أحكام قضائية بالبراءة أو بالإدانة، ولا أحد يعلم على وجه الدقة قوانين الدول فى الخارج كى ينفى هذا أو يثبته، مضيفًا أن المسألة تتوقَّف فى المقام الأول على قوة الدولة المصرية وتوافر إرادة سياسية نحو استرداد هذه الأموال.
هيكل أشار إلى أن الأمر يعتمد بشكل كبير على المفاوضات، والعلاقات بين مصر والدول التى توجد بها الأموال المهرَّبة، وتابع "أما مسألة توقُّف استرداد هذه الأموال على صدور أحكام قضائية فى مصر، أو وجود اتفاقية دولية، فكل هذه الحجج من قبيل الدجل والوهم السياسى، الذى روَّجته جماعة الإخوان الإرهابية، ونظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، لإفشال عملية استرداد الأموال على مدار السنوات الماضية".
عضو تحالف العدالة الاجتماعية قال "لا توجد إجراءات محددة فى القانون الدولى يتعيّن على اللجان اتباعها لاسترداد الأموال، والأمر يتوقف على دبلوماسية الاتفاق، التى يجب أن تحدث بين القيادة السياسية فى مصر وحكومات الدول التى تم تهريب الأموال إليها"، وأضاف "من هرَّب هذه الأموال إلى الخارج أفراد من نظام مبارك وجدوا مَن يساعدهم على ذلك من المسؤولين داخل مصر، وبالتالى فإن الأمر ببساطة أنه يتعين على الدولة المصرية اتخاذ إجراءات تجاه هؤلاء المسؤولين الذين ساعدوا فى تهريب هذه الأموال، ومساءلتهم، ثم اتخاذ إجراءات، بخلاف القانونية المعتادة، مثل المصادرة أو نزع الملكية التى نص عليها الدستور تجاه الشخصيات التى تمتلك الأموال المهربة، على أن تُتَّخذ هذه الإجراءات ضدهم داخل مصر".
بينما أكد محمود خضير المحامى والناشط الحقوقى، أن ما يتردد عن أن استرداد الأموال المهربة يشترط الحصول على أحكام نهائية بالإدانة ضد المتهمين، وأن القانون السويسرى يشترط حصول المتهم صاحب الأموال المهربة على حكم إدانة فى حقّه، بات ونهائى، لتسمح بنقل الأموال إلى الحكومة المُستحقة، إنما يخالف ذلك كله الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
أين تذهب الأموال المنهوبة حال استعادتها؟
"أين تذهب الأموال المنهوبة المهرَّبة للخارج حال استعادتها؟ وما أوجه إنفاقها؟"، تساؤلات تم طرحها مؤخرًا بشكل كبير، خصوصًا بعد تشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لاستعادة الأموال والأصول المصرية المنهوبة والمهرَّبة للخارج، التى بدأت تتخذ خطوات نحو استعادة تلك الأموال، منها تنشيط جمع المعلومات والمستندات الخاصة بتلك الأموال، وسفر وفد حكومى من أعضاء اللجنة الشهر الماضى لسويسرا، لمتابعة المفاوضات مع الحكومة السويسرية لاستعادة الأموال التى تم تجميدها من قبل.
قانون تشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية عرَّف "الأصول" التى تبحث الحكومة استردادها بأنها جميع الأموال العقارية والحقوق العينية الأصلية والتبعية والأموال السائلة والمنقولة والأوراق المالية والتجارية والصكوك وجميع الحقوق والامتيازات المملوكة للدولة أو الهيئات العامة أو لشركات قطاع الأعمال القابضة أو التابعة سواء كانت هذه الأموال من الأموال العامة المملوكة للدولة أو من أموالها الخاصة. أما بشأن الجهة التى تصب الأموال فيها حال استردادها، فالمادة الحادية عشرة من قانون تشكيل اللجنة نظَّم كيفية حفظ هذه الأموال وطرق إنفاقها، حيث جاء فى نص المادة "تفتح وزارة المالية حسابًا بنكيًّا خاصًّا بالبنك المركزى المصرى باسم (حساب الأصول المستردة)، تودع فيه الأموال التى يتم استردادها، ويكون التصرف فيها وفقًا للقواعد التى يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، بناء على عرض من رئيس مجلس الوزراء".
رئيس "المركزى للمحاسبات": أعددنا دراسة عن كيفية استرداد الأموال بأسرع الطرق
لم تكن لجان استرداد الأموال المهربة، التى تشكَّلت من قِبَل الحكومات المتلاحقة، تعمل بمفردها، بل يساندها عدد كبير من مؤسسات الدولة، منذ بدء محاولات الاسترداد، التى بدأت فى أبريل 2011، وعلى مدار نحو 4 سنوات شارك كل من "وزارة العدل، وجهاز الكسب غير المشروع، وقسم التشريع، ونيابة الأموال العامة، وهيئة الرقابة الإدارية، والجهاز المركزى للمحاسبات"، فى استعادة هذه الأموال بأدوار مختلفة، اعتمدت فى الغالب على فتح التحقيقات حول الأموال، وجمع البيانات والمعلومات عنها، وتشريع القوانين الخاصة باستعادتها.
وزارة العدل..
وزارة العدل تشارك فى عملية استعادة الأموال المهربة عن طريق إدارتى "الكسب غير المشروع"، و"التشريع"، برئاسة المستشار يوسف عثمان، ويعكف الأول على إعداد وتقديم التقارير التى توضح التربح واستيلاء المتهمين على الأموال بدون وجه حق، فى حين يعكف الثانى، "التشريع"، على وضع قانون استرداد الأصول، وإدخال بعض التعديلات على قانون استرداد الأصول، وفقًا لمقترحات مجلس الدولة، لتجنب وجود أى عوار دستورى، من شأنه تعطيل جهود الحكومة المصرية فى استعادة الأموال المهربة.
وتضمن مشروع القانون "كل الأموال العقارية والحقوق العينية، الأصلية والتبعية، والأموال السائلة والمنقولة والأوراق المالية والتجارية والصكوك، وكل الحقوق والامتيازات المملوكة للدولة، أو الهيئات العامة، أو لشركات قطاع الأعمال القابضة أوالتابعة، سواء كانت هذه الأموال من الأموال العامة المملوكة للدولة، أو من أموالها الخاصة، وكان يتعين أن تؤول للدولة أو لإحدى الجهات سالفة الذكر، والموجودة داخل أو خارج جمهورية مصر العربية".
كما ينص مشروع القانون على أن تكون اللجنة ذات اختصاص قضائى، ويترأسها وزير العدل، وتضم فى عضويتها كلًّا من مساعدى وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع والتعاون الدولى، والنائب العام المساعد، وممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والمالية، وقسم المنازعات بهيئة قضايا الدولة، إلى جانب ممثلين عن المخابرات العامة والرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات ووحدة مكافحة غسيل الأموال، وأخيرًا الرقابة المالية.
العمل فى جهاز الكسب مر بتطورات عديدة، وكان أبرز الأحداث إقامة بعض المحامين والنشطاء المهتمين باسترداد الأموال المهربة للخارج، دعوى قضائية ضد الجهاز، برئاسة المستشار عاصم الجوهرى، أواخر العام الماضى، واختصامه بحجة تقاعسه عن تقديم المستندات والأوراق التى تثبت تورط أعضاء نظام الرئيس الأسبق فى نهب أموال الشعب وتهريبها للخارج، لكن الجهاز فى ما بعد استطاع الوصول للعديد من المستندات الخاصة بالأموال المهربة، لتكون بمثابة أدلة على أحقية البلاد فى الأموال المهربة.
الجهاز المركزى للمحاسبات:
لا يقل دور "المركزى للمحاسبات" فى أهميته عن دور "الكسب غير المشروع"، فهو المسؤول عن رقابة ومحاسبة أجهزة الدولة ومؤسساتها، وكل ما يخضع للحكومة أو يأخذ تمويلًا من خزانتها العامة، وكان من الطبيعى أن يسهم الجهاز بشكل كبير فى محاولات استعادة الأموال المهرَّبة للخارج، والبحث عن أفضل الأساليب التى يتعين على الدولة المصرية اتِّباعها لاستعادة تلك الأموال.
المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، قال إن الجهاز أعدَّ دراسة وافية فى وقت سابق عن استرداد أموال الدولة، بالتعاون مع عدد من الجهات والمؤسسات التى تتعلق بتهريب أموال الدولة للخارج، مضيفًا أن الهدف الأساسى من مشاركة الجهاز هو إيجاد أكثر وأسرع السبل لتحصيل مستحقات الدولة التى تم تهريبها للخارج.
رئيس جهاز الكسب غير المشروع أشار إلى أن نسبة كبيرة من الأموال التى تم نهبها من الدولة، والتى تخص الشعب المصرى، تسببت فيها العقود التى تم إبرامها مع بعض المؤسسات، والتى نتج عنها تمكين بعض رجال النظام الأسبق من الاستيلاء على مبالغ طائلة من الأموال وتهريبها للخارج، وإخفاء المستندات الخاصة بذلك، بما يحول دون قدرة الحكومة المصرية على استعادتها، موضحًا أن الحكومة تعمل جاهدة على استعادة تلك الأموال، والوصول لإثبات أنها مُهرَّبة بطرق غير شرعية لتتمكن من استعادتها.
جنينة لفت إلى أن الجهاز المركزى للمحاسبات تم إقصاؤه عمدًا عن متابعة بعض الملفات الهامة فى الدولة، بعد أن تأكد لدى المستفيدين من إبعاد الجهاز أنه سيتمكن من خلال عمله من كشف المفاسد والمخالفات المالية التى يتم ارتكابها، خصوصًا بعد رفض الجهاز خصخصة بعض الشركات فى عهد الرئيس الأسبق مبارك، مؤكدًا أن الجهاز قام بمراجعات أسهمت فى إنجاز ملف الأموال المهربة الذى يتم التفاوض عليه فى الخارج.
هيئة الرقابة الإدارية ونيابة الأموال العامة
رغم استقلال كل منهما عن الأخرى، فإن عملهما يرتبط ببعضه البعض ارتباطًا وثيقًا، فهيئة الرقابة الإدارية تقوم بالبحث والتحقيق فى جميع شبهات الفساد والاختلاس وخلافه، التى يدخل ضمنها الأموال المنهوبة والمهربة للخارج، حيث تتولى الهيئة إجراء التحقيقات والبحث وجمع المعلومات حول الأرصدة والأصول المهربة للخارج، على أن تمد كلًّا من نيابة الأموال العامة وجهاز الكسب غير المشروع بالمعلومات اللازمة لهما لإنجاز مهامهما فى العمل على استعادة تلك الأموال.
مصدر بهيئة الرقابة، فضَّل عدم نشر اسمه، قال إن الهيئة تقوم بواجبها على أكمل وجه، ودائمًا تجمع مستندات موثقة ومعلومات أكيدة، مضيفًا أن هناك خللًا فى ما يتعلق بقضية استرداد الأموال المنهوبة، وتابع "رغم قيام كل جهاز بمهمة محددة، فإننا نعانى من حالة بطء شديد فى العمل، يترتب عليه عدم إنجاز أى شىء فى هذا الملف".
وأضاف "ربما بدا الأمر متأخرًا، لكننا لا نزال نحتاج لتفويض من القيادة السياسية لجميع الأجهزة التى تعمل فى هذه القضية، لطرق جميع الأبواب التى تتيح إنجاز الأمر، والبدء فى استرداد حقوقنا من أموال وأصول مهربة للخارج".
قانونيون: لا تأثير لبراءة مبارك على استعادة الأموال المهربة
براءة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ونجليه جمال، وعلاء، ووزير داخليته، ومساعدى العادلى، ورجل الأعمال حسين سالم، طرحت تساؤلات حول مصير الأموال المصرية المنهوبة والمهرَّبة إلى الخارج، ومدى تأثير مثل هذا الحكم عليها، لا سيما أن الجهات المسؤولة عن استرداد تلك الأموال لم تقاضِ المُهرِّبين، مما يصعِّب مهمتها فى استعادة الحقوق المصرية التى بات مصيرها مجهولا للجميع.
البراءة خلقت حالة من القلق لدى المهتمين والمتابعين لقضية استرداد الأموال، فى ظل ما تردد عن احتمالية إلغاء البنوك السويسرية قرارات تجميد الأموال المصرية المهرَّبة، خصوصًا أن القانون السويسرى، وفقًا لأساتذة القانون الدولى، ينص على "السماح بتجميد الودائع فى البنوك، حال وجود أى منازعات بشأنها، ومنع مصادرتها، أو إعادتها للدول التى تم تهريبها منها، إلا بعد صدور حكم نهائى بات بإدانة صاحب تلك الأموال، ووجود ما يثبت الحصول على هذه الأموال بطرق غير مشروعة".
الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولى، رئيس جامعة بنى سويف الأسبق، قال إن براءة الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى القضية المعروفة إعلاميا ب"قتل المتظاهرين" إبان ثورة 25 يناير، ليس لها أى تأثير على حق مصر فى استرداد الأموال المنهوبة والمهربة للخارج، مضيفًا أنه لم يتم التعامل مع ملف الأموال المهربة والمنهوبة بالجدية المطلوبة على المستوى الرسمى طوال السنوات الماضية، بالإضافة إلى أن الجهود الشعبية والمدنية لاسترداد هذه الأموال لم تسفر عن أى نتيجة.
أستاذ القانون الدولى أشار إلى أن هناك العديد من القواعد التى تحكم عملية استرداد الأموال المهربة، منها أن الأموال المطلوب استردادها موجودة فى دول أجنبية، ويجب إقناع هذه الدول بأحقية مصر فى هذه الأموال، لافتًا إلى أن هذا الأمر يتم بإثبات الحصول على هذه الأموال دون وجه حق من الشعب، وهو ما يستلزم صدور أحكام نهائية وباتة من القضاء المصرى تثبت عدم مشروعية هذه الأموال، وتابع "الحل الوحيد لاستعادتها هو التصالح فى القضايا مقابل استرداد الأموال، خصوصًا أن الدولة لا تعلم حجم هذه الأموال".
أما المحامى والفقيه القانونى، عصام الإسلامبولى فقال ل"التحرير": "إن هناك فرقا بين القضايا التى تم الفصل فيها وبين ما يتعلق بالأموال المصرية المهربة للخارج، مضيفًا أنه لا توجد قضايا لها علاقة باستعادة الأموال سوى قضية تصدير الغاز، التى حصل فيها الرئيس الأسبق، وحسين سالم على البراءة" وتابع: "أما قضايا الفيلات فلم ينظر فيها من الأساس، لأنها سقطت بالانقضاء، وقضية القصور الرئاسية حُكِمَ فيها بالإدانة، وننتظر نظر الطعن عليها".
الإسلامبولى أشار إلى أن هناك تحقيقات يباشرها جهاز الكسب غير المشروع، لا بد من استكمالها، لأنها ستدفع فى طريق استعادة الأموال، موضحًا أن اللجان الخاصة بإعادة الأموال عليها استكمال عملها بشكل طبيعى، وقال "الفترة الماضية شهدت جهلًا فى إدارة مسألة استعادة الأموال والأصول المهربة، لكن بعد تشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لاستعادة الأموال والأصول المهربة للخارج، التى تضم وزير العدل المستشار محفوظ صابر، والنائب العام المستشار هشام بركات، وسفرهما لتنسيق الإجراءات الخاصة باستعادة الأموال، أعتقد أن الأمور تسير بشكل أفضل".
حجم الأموال المصرية المهربة للخارج فى علم الغيب
لجان استعادة الأموال أنفقت نصف مليار جنيه... ورجعت بخُفَّى حُنين
حجم الأموال المصرية التى تم تهريبها من قِبَل نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك لا يزال غامضًا، بل مجهول للكثيرين، وسط تضارب تصريحات المسؤولين، وتقارير اللجان التى دأبت على العمل من أجل استرداد تلك الأموال، الأمر الذى يعطى انطباعًا بالاستهتار وانعدام الجدية لدى الجهات المصرية المسؤولة عن استعادة تلك الأموال، وفى المقابل تم إهدار ملايين الجنيهات على اللجان التى تعمل على رد تلك الأموال، ليظل التساؤل المطروح والأكثر واقعية: "هل سنسترد من الأموال ما يستحق تلك النفقات؟".
فى عهد المجلس العسكرى، الذى تولى إدارة شؤون البلاد بعد تنحى الرئيس الأسبق، قدَّر خبراء الاقتصاد حجم الأموال المصرية المُهرَّبة للخارج من قِبَل نظام مبارك بمبلغ 70 مليار دولار، فى حين قدرته لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب الإخوانى، بنحو 134 مليار دولار، أى قرابة ضِعف الرقم الذى أعلنه الخبراء، ولم تتلق تلك اللجنة أى تعليقات على هذا الرقم، لا سلبًا ولا إيجابًا.
بينما أكدت اللجنة الوطنية التنسيقية لاسترداد الأموال المصرية المهربة للخارج، المكلفة باستعادة تلك الأموال، والتى تم تشكيلها بقرار من رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، أن حجم الأموال المُهرَّبة بلغ نحو 1.8 مليار دولار، وهو ما أكده مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع، عضو اللجنة الوطنية التنسيقية، المستشار يوسف عثمان، ووسط هذا التضارب الفج، يبقى الجهل بالحجم الحقيقى للأموال سيد الموقف.
جميع الأرقام المعلنة بدا غريبة، خصوصًا بعد ما أكد مصدر مقرب من أحد محامى الرئيس الأسبق، أن الأموال التى تقدم محامو الرئيس الأسبق ونجليه بعد الحصول على البراءة بطعن وتظلم لرفع التجميد عنها فى البنوك السويسرية، بلغ حجمها 750 مليون فرانك سويسرى، أى ما يعادل 6 مليارات جنيه مصرى، بخلاف أموال باقى رجال النظام الأسبق، ورجل الأعمال حسين سالم.
بينما أكدت مصادر أن اللجان الرسمية التى تشكلت بقرارات حكومية، منذ تسلّم المجلس العسكرى شؤون البلاد عقب تنحى الرئيس الأسبق عن الحكم، فى 11 فبراير 2011، وعددها ثلاث لجان، أنفقت نحو 300 مليون جنيه على تنظيم العمل، وجمع المعلومات والمستندات الخاصة بالأموال المهربة، وتقديرها، والسفر للخارج لاستكمال المفاوضات مع حكومات الدول التى تم تهريب الأموال إليها، بينما لم تنجح مصر فى استرداد جنيه واحد، أو حتى الوصول إلى اتفاق لاستعادة أى من المبالغ المالية المهربة للخارج.
الدكتور عادل عامر، خبير القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، قال إن نفقات لجان استرداد الأموال من الخارج فى المدة من 2011 حتى 2013 بلغت نصف مليار جنيه، تم إنفاقها كبدلات سفر، ومصاريف مكاتب المحاماة الدولية، ومكاتب الترجمة، ولم تحقق أى نجاح ملموس حتى الآن، مشيرًا إلى أنه حال استمرار اللجان بهذه الطريقة، فإن نفقاتها ستعادل الأموال التى نسعى لاستردادها.
عامر أضاف أن ما تمكنت نيابة الأموال العامة العليا بإشراف المستشار مصطفى حسين المحامى العام الأول للنيابة، من استرداده من مبالغ مالية، وأراضٍ، وهى مبلغ 850 مليونًا و279 ألف جنيه لصالح الدولة، بالإضافة إلى قطعة أرض بمدينة الغردقة تبلغ مساحتها 500 ألف متر، قدرت قيمتها ب25 مليون دولار بما يساوى 162 مليونًا و500 ألف جنيه، جميعها غرامات حكمت المحاكم بها، وليس لها علاقة بالأموال التى تم تهريبها للخارج.
خبير القانون العام أوضح أن اللجان الرسمية التى أنفقت هذا الكم من الأموال لم تحقق أى شىء، على العكس من المبادرة الشعبية التى تأسست فى يونيو عام 2011، والتى كانت جميع نفقاتها تطوعية ومن المال الخاص، حيث خاطبت العديد من العواصم لرد الأموال المنهوبة لمصر، وقامت ب8 مظاهرات فى بعض الدول الأوروبية، للضغط على الدول التى تم تهريب الأموال إليها.
عامر تابع "المبادرة الشعبية رفعت دعويين قضائيتين عن طريق اثنين من المحامين الإسبان المتطوعين ضد حسين سالم رجل الأعمال المصرى الهارب لإسبانيا، والذى تم تجميد أمواله فى إسبانيا وسويسرا فقط، كما أسهمت المبادرة الشعبية فى تجميد 750 مليون دولار ل31 شخصية من النظام السابق بإسبانيا و84 مليون دولار ببريطانيا، وقامت بلقاء بعض المسؤولين البريطانيين والأمريكيين لعودة الأموال، كل هذا مجهود مشكور، حتى إذا انتهى دون استرداد فعلى للأموال".
ولا تزال هناك عدة تساؤلات مطروحة، منها "هل تعلم الحكومة المصرية حجم ما تبحث عنه؟ هل تستطيع بالفعل استرداد الأموال المنهوبة؟ وهل ستكسب ما يغطى نفقاتها على استرجاع الأموال؟"، وما زلنا ننتظر الإجابة.
اللجنة الأولى لعاصم الجوهرى وآخرها محفوظ صابر
كثير من اللجان قليل من النتائج، هذا هو الحال فى ما يتعلق بالأموال المصرية المنهوبة المهربة للخارج، التى تم تشكيل عديد من اللجان لاستردادها دون جدوى، حيث فشلت محاولات كل الحكومات المتعاقبة منذ ثورة يناير 2011 حتى يومنا هذا فى استرداد تلك الأموال، ولم تنجح إلا فى إنفاق مزيد من الأموال خلال العمل، لتستنزف خزينة الدولة، وتزيد من الخسارة.
فى الرابع من أبريل من عام 2011 صدر المرسوم رقم 52 لسنة 2011، من قِبَل المجلس العسكرى الحاكم آنذاك، برئاسة المشير محمد حسين طنطاوى، بتشكيل لجنة قضائية برئاسة المستشار عاصم الجوهرى، مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع فى هذا الوقت.
بينما فى أوائل 2012، قرر رئيس الوزراء الأسبق، الدكتور كمال الجنزورى، تشكيل لجنة قومية، للتنسيق بين الأجهزة المعنية باسترداد الأموال والأصول المصرية المهربة، لتذليل العقبات التى تواجه عمل اللجنة القضائية، ومساعدتها فى التحرى والبحث وجمع الأدلة والمستندات الخاصة بتهريب الأموال المصرية.
وفى أغسطس 2012 عندما أقر مجلس الوزراء برئاسة الدكتور هشام قنديل تشكيلا جديدا للجنة الوطنية لاسترداد الأموال المنهوبة، بمنأى عن جهاز الكسب غير المشروع، برئاسة المستشار أمين المهدى، وأسنِد منصب نائب رئيس اللجنة إلى الدكتور حسام عيسى، وتمتع بعضوية اللجنة عدد من ممثلى المجتمع المدنى، والجهات الحكومية والشخصيات العامة، وشغل فيها الدكتور حسام عيسى منصب نائب الرئيس، حتى جاء الثانى من نوفمبر الماضى، بصدور قرار من رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، بتشكيل "اللجنة الوطنية التنسيقية لاسترداد الأموال والأصول المصرية المهربة للخارج"، برئاسة وزير العدل المستشار محفوظ صابر، وتضم فى عضويتها 9 من ممثلى الوزارات المختلفة، والهيئات الحكومية، منهم النائب العام المستشار هشام بركات، ورئيس جهاز الكسب غير المشروع المستشار يوسف عثمان، ومدير إدارة التعاون الدولى المستشار عادل فهمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.