قبطي ومسلم بحملة "صحح مفاهيم" في دمياط    انطلاق فعاليات المؤتمر العلمي الثالث لكلية الآداب بجامعة كفر الشيخ    محافظ قنا يبحث آليات الإسراع في طرح مشروعات الخطة الاستثمارية    رئيس صربيا: إطلاق النار أمام البرلمان في بلجراد "هجوم إرهابي" يهدد استقرار البلاد    ترامب يطلب تعويضًا ماليًا ضخمًا من وزارة العدل الأمريكية.. وتعارضات أخلاقية تثير الجدل    "الوطني الفلسطيني": التحول في الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية يمثل فرصة تاريخية يمكن البناء عليها    أبوبكر ليادي يحصل على جائزة رجل مباراة الأهلي والاتحاد السكندري    وزير الشباب يقر تعديل ضوابط النظام الأساسي ل 71 نادي رياضي    رئيس جامعة بنها يطمئن على 9 طلاب بحادث طريق أبو سمبل الصحراوي    كان اورغانجي اوغلوا: العمل في الدراما التركية يحتاج إلى طاقة كبيرة والانضباط    «خدمة المجتمع» بجامعة القناة يستعرض إنجازاته خلال عام كامل    محافظ الوادي الجديد يتفقد بدء أعمال الإنشاءات بمركز إنتاج الحرير الطبيعي    وفد لجنة السياسة الخارجية بالبرلمان الدنماركي يتفقد معبر رفح    نائبة وزيرة التضامن تشهد إعلان 42 وحدة خالية من الأمية ببنى سويف    شريف فتحي: مصر لديها كافة المقومات لتصبح الوجهة السياحية الأولى في العالم    بتكلفة 6 ملايين جنيه محافظ المنيا يفتتح مركز شباب بني خلف بمغاغة    اللجنة الأولمبية تحدد موعد التحقيق مع ثنائي تنس الطاولة ومدربهما    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر وغانا في تصفيات كأس العالم للسيدات    مصر تبدأ العمل بالتوقيت الشتوي نهاية أكتوبر.. الساعة هتتأخر 60 دقيقة    ضبط سائق أنزل الركاب لرفضهم دفع "أجرة زيادة" بالبحيرة    محافظ أسوان يطمئن على طلاب جامعة بنها المصابين فى حادث طريق أبو سمبل    مرور القاهرة يعلن إغلاق كوبري الأزهر السفلي لإجراء أعمال الصيانة    ننشر منطوق حكم كروان مشاكل بسب وقذف ريهام سعيد    "مكافحة انتشار المخدرات" فى ندوة بطب بيطري أسيوط    بعد تصاعد جرائم القتل.. شيخ الأزهر يوجه رسالة حاسمة إلى المجتمع    رئيس الوزراء: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم كله    تكريم خالد جلال بختام ملتقى شباب المخرجين بمسرح السامر.. الليلة    9 مستشفيات ضمن خطة التأمين الطبي لفعاليات تعامد الشمس بمختلف مراكز محافظة أسوان    أمير قطر: العلاقات التاريخية مع تركيا تمضي بثبات نحو آفاق واعدة    مجلس كنائس مصر: مؤتمر الكهنة والرعاة جسد رسالة الكنسية في خدمة الإنسان والمجتمع    مصر تدعو لتمثيل عادل للدول الإفريقية بالمؤسسات الدولية والبنوك الإنمائية    لتوفير 1500 فرصة عمل.. 12 شركة في الملتقى التوظيفي الأول بجامعة حلوان (تفاصيل)    حبس المتهم بإنشاء كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بمدينة نصر    الخارجية الروسية: تحضيرات القمة بين بوتين وترامب مستمرة    اعتماد تنظيم الكونغرس الأول للإعلام الرياضي في ديسمبر 2026    وزير الخارجية الإسرائيلي: لا يوجد لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة وممتنّون لإدارة ترامب على دعمها الثابت لإسرائيل    وزير التعليم العالي يؤكد ضرورة توجيه البحث العلمي لخدمة التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل للشباب    انطلاق المؤتمر السنوي الثالث لمركز الكبد والجهاز الهضمي بدماص بالمنصورة.. غدًا    مرض الجدري المائي.. الأعراض وطرق الوقاية    قائمة ريال مدريد - غياب 5 مدافعين ضد يوفنتوس.. وميندي يعود لأول مرة منذ 6 أشهر    لدعم الطالبات نفسيا، الهلال الأحمر يطلق حملة Red Week بجامعة الوادي الجديد    أفضل 5 وجبات خفيفة صحية لا ترفع السكر في الدم    فئات ممنوعة من أداء مناسك الحج    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    النجم التركي كان أورجانجي أوغلو: أتطلع لزيارة الجمهور في منازلهم بمصر    محمد عبده يقبل يد المايسترو هاني فرحات : "ونكيد العوازل بقي "    اليوم.. ملك المغرب يستضيف منتخب الشباب بعد التتويج بكأس العالم    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد الاهرام اشراف :احمد البرى
البداية الصحيحة
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 12 - 2015

فى قضية سد النهضة الإثيوبى هناك تساؤل ينبغى أن يدور فى أذهاننا حول طبيعة هذه القضية، وهل هى مائية بيئية بملابساتها المتعددة فقط أم هى سياسية أيضا؟
فى اعتقادى أنها سياسية بامتياز وقديمة العهد تعود جذورها إلى منتصف القرن السابع الميلادى حين امتدت دولة الخلافة الرشيدة إلى الشام ومصر أغلقت البحر الأحمر فى وجه إثيوبيا «الحبشة» ففقدت اتصالاتها بأوروبا والأراضى المقدسة وداخلها شعور بالوحدة بكونها جزيرة مسيحية «نشاز» وسط محيط لا يريد لها الخير. وعززت الأحداث التاريخية اللاحقة هذا الهاجس ليتحول إلى عقدة راسخة حتى اليوم. منها الصراع الذى نشب بين السلطنات الإسلامية التى شكلت حزاما شرقيا حول هضبة الإمبراطورية، واستمر طيلة القرنين 14 و 15، ثم غزو الخلافة العثمانية أراضيها واحتلال سواحلها بما فيها ميناء مصوع أوائل القرن 16، وزادت عليه بالتآمر مع الزعيم الإثيوبى الإمام أحمد الغزالى حاكم هرر الذى أعلن الجهاد ضد الامبراطورية وقاد حملة شرسة ضدها استمرت 15 عاما (1527 1542) حتى القضاء عليه بمساعدة عسكرية برتغالية، دمر خلالها أركان الإمبراطورية وفرض عليها ظلاما دامسا إذ تجنب الشعب ايقاد النار ليل نهار خوفا من استهدافه، وارتبطت مصر بهذه الأحداث بحكم انها جزء من الخلافة العثمانية، ثم تورطت فيها مباشرة فى عهد الخديو إسماعيل حين تركت الخلافة له الساحل الإثيوبى ليسيطر عليه ثم تجريده حملة عسكرية لاحتلال هرر. وسبقت ذلك أزمة الحدود الغربية مع السودان المصرى فى عهد سعيد باشا والتى كادت أن تتطور إلى حرب لولا أن أطفأها تدخل البابا كيرلس الرابع لدى الإمبراطور الإثيوبي. وشهد القرن العشرون توترا من نوع آخر بين البلدين حين أرادت إثيوبيا أن تكون رئاسة كنيستها إثيوبية خالصة وليست قبطية مصرية، وبدأت المحاولات بعد موت المطران القبطى الأصل متاؤس عام 1926 بحملة صحفية ضده وضد الكنيسة القبطية من جانب الصفوة والتقدميين الكنسيين وصفت الكنيسة المصرية باعتبارها «قوة استعمارية» احتلت البلاد وكنيستها ودارت مفاوضات رسمية مطولة بين البلدين بعد انتهاء الاحتلال الإيطالى لإثيوبيا عام 1941 استمرت عقدين من الزمان بين شد وجذب زادت خلالها نبرة التجريح والاتهامات، وتجددت عام 2000 حين وطدت الكنيسة القبطية علاقتها بشعب إريتريا خصم إثيوبيا فى ذلك الوقت وفى حرب معها وشاركت فى رسامة بطريرك إريترى له مما عنى استقلاله عن كنيسة إثيوبيا، وإريتريا تمثل وجعا إثيوبيا أشبه بالوجع الفلسطينى للأمة العربية، ثم أن تطلعات إثيوبيا الإقليمية وزعامتها، خاصة فى منطقة القرن الإفريقي، تراها مهددة دائما بما تعتقده من تدخلات مصرية مباشرة وغير مباشرة فيها، خاصة فى الصومال وإريتريا، بل وفى داخلها نفسها، وهناك حادث كاشف لعقدة التخوف الإثيوبى ففى عام 1956 فى أثناء الاعتداء الثلاثى على مصر، فتح ملحقنا العسكرى بأديس أبابا باب التطوع للإثيوبيين للقتال فى قناة السويس، فزحفت إلى مكتبه جموع غفيرة من الصوماليين وغيرهم من المسلمين، مما أزعج السلطات الإثيوبية للغاية، وكرد فعل لم تجدد عقود جميع المصريين العاملين بها واستغنت فى الحال عمن لا عقود لهم. ومصر من جانبها كما يبدو ترى فى سد النهضة محاولة إثيوبية سياسية الطابع لتحجيم هذا الدور المصرى، فهو سيكون بمثابة «صنبور ماء» ضخم يفتح ويغلق بإرادة إثيوبية خالصة، وكأنه «العصا والجزرة» للتحكم فى أدائها السياسى بمنطقتها ليتوافق مع مصالحها أو لكفه. ويتضح من كل هذا أن هناك أزمة ثقة سياسية عميقة متوطنة بين البلدين، زادتها عمقا للأسف معالجاتنا الإعلامية منذ بداية القضية، سواء بغياب الموضوعية عن الكثير من مقالات غير المتخصصين وحواراتهم التليفزيونية، أو الانفعالية الهوجاء فى المانشيتات الصحفية والتهجمات التليفزيونية، وبين هذا وذاك المعالجة الطائشة والمستفزة من جانب الزعامة الإخوانية فى وجود محمد مرسى.
نقطة مضيئة وحيدة أشرقت من مالابو بغينيا الاستوائية إلى الخرطوم ومؤتمر القمة الثلاثى بها إلى أديس أبابا والزيارة الودية والخطاب الدبلوماسى أمام برلمانها، وصاحبها هو رئيسنا عبدالفتاح السيسى الذى بدأ الطريق الصعب نحو بناء الثقة بين البلدين باعتبار أن ذلك هو البداية الصحيحة لعلاج المشكلات وإيجاد المناخ الصحى لزرع التفاهم، وقيام شراكة حقيقية بين البلدين، والحق أن الرجل بحكم خبراته الطويلة ووطنيته الأصيلة يملك كل الملفات المصرية الشائكة ويعالجها بسياسة تتسم بالهدوء والرصانة وبعد النظر وبكثير من الوجدانية، وهى تتطلب منا إفساح المجال لها لتؤتى ثمارها، بجانب إيماننا بها ومساندتنا لها حيث إنها بددت الظلام الذى داهم البلاد. والآن يحدونا الأمل فى أن يتحول حوض النيل الشرقي، الذى يضم إثيوبيا والسودان ومصر، بما له من خواص جغرافية وجيولوجية وهيدرولوجية وأنثربولوجية وتاريخية متميزة، إلى وحدة متحددة تكون مثالا لإفريقيا كافة، وركيزة لسياسة إفريقية بناءة لبلادنا.. وتحيا مصر.
د. أنطون يعقوب ميخائيل
العميد السابق لمعهد الدراسات القبطية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.