بالانتشار الميداني والربط الرقمي.. بورسعيد تنجح في إدارة انتخابات النواب    يرتفع تدريجيا..أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في بني سويف    استغاثة عاجلة إلى محافظ جنوب سيناء والنائب العام    شعبة الاتصالات: أسعار الهواتف سترتفع مطلع العام المقبل بسبب عجز الرامات    قائد الجيش الثاني: قناة السويس رمز وطني للتحدي والإرادة.. وتأمينها سبب استمرار الملاحة    بالصور.. مدير محطة حدائق الأهرام بالخط الرابع للمترو: إنجاز 95% من الأعمال المدنية    التطبيق يبدأ في يناير.. الجمارك ترد على 50 سؤالاً حول ال «ACI»    ترامب: سنواصل العمل على استهداف تجار المخدرات    ترامب يعلن بناء مدمرة حربية "عملاقة" تحمل اسمه    فرحة أهالى كفر الشيخ بفوز مصر على زيمبابوى.. فيديو    أمم إفريقيا - مؤتمر حسام حسن: كنت أحمل هم الجماهير في مصر.. وصلاح يصنع الفارق    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    أمم إفريقيا – إبراهيم حسن ل في الجول: كشف طبي لمصطفى وحمدي.. وصلاح سليم    أمم أفريقيا 2025| وائل القباني: منتخب الفراعنة قدم أداء جيدًا.. وهناك عيب وحيد    محافظ القاهرة يشكل لجنة لمعاينة تأثير حريق بحى المرج على العقارات المجاورة    لسه الدنيا بخير، شاب يعيد 3.3 مليون جنيه حولت لحسابه بالخطأ    مصرع شخص صدمته سيارة نقل أثناء استقلاله دراجة نارية فى المنوفية    استكمال الاختبار التجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي على منصة كيريو في محافظات الجمهورية يوم 23 ديسمبر    انزل بدري والبس تقيل بالليل..حالة الطقس اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في بني سويف    المؤبد والمشدد 15 سنة ل 16 متهماً ب «خلية الهيكل الإدارى بالهرم»    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    حماية القلب وتعزيز المناعة.. فوائد تناول السبانخ    كأس أفريقيا.. عمر مرموش رجل مباراة مصر وزيمبابوي    فرحة أبناء قرية محمد صلاح بهدف التعادل لمنتخبنا الوطني.. فيديو    فولر ينصح شتيجن بمغادرة برشلونة حفاظا على فرصه في مونديال 2026    ليفربول يعلن نجاح جراحة ألكسندر إيزاك وتوقعات بغيابه 4 أشهر    وزير الدفاع الإيطالي: روما مستمرة في دعم استقرار لبنان وتعزيز قدرات جيشه    فلسطين.. إصابة ثلاثة مواطنين في هجوم للمستعمرين جنوب الخليل    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    ليفربول يحتفل بأول أهداف محمد صلاح مع منتخب مصر فى كأس أمم أفريقيا    بعد 5 أيام من الزفاف.. مصرع عروسين اختناقًا بالغاز في حدائق أكتوبر    مصرع شاب وإصابة آخر فى حادث تصادم جرار زراعي بالبحيرة    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    القصة الكاملة لمفاوضات برشلونة مع الأهلي لضم حمزة عبد الكريم    هيئة الدواء: متابعة يومية لتوافر أدوية نزلات البرد والإنفلونزا خلال موسم الشتاء    ستار بوست| أحمد الفيشاوى ينهار.. ومريم سعيد صالح تتعرض لوعكة صحية    دراما بوكس| «المتر سمير» ينافس في رمضان 2026.. وأيتن عامر تعتذر    وسط شائعات النقص.. الحكومة تطمئن المواطنين بشأن توافر الأدوية: لا أزمة في السوق    مروة عبد المنعم: حزينة من كمية التطاول غير المهني على الفنان محمد صبحي.. بابا ونيس خط أحمر    «الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    متحدث الصحة: التشغيل التجريبي للتأمين الصحي الشامل يبدأ في المنيا بالربع الأول من 2026    مصر و الأردن يؤكدان تعزيز التعاون في النقل البري خلال اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بعمان    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    تعيينات جديدة بكلية التربية جامعة عين شمس    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    محافظ بني سويف يوجه بتيسير عمل البعثة المصرية الروسية لترميم معبد بطليموس الثاني    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    جامعة قناة السويس تعتلي قمة الجامعات المصرية في التحول الرقمي لعام 2025    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدوار الخراط: نص مصرى إنسانى ثرى
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 12 - 2015

حبة أخرى من حبات عقد الإبداع المصرى رحلت عن عالمنا. إنه إدوار الخراط الأديب المصرى الكبير (1926 2015)...
سمعت اسمه لأول مرة، منتصف السبعينيات، من خلال البرنامج الثانى بالإذاعة المصرية (أو ما بات يعرف بالبرنامج الثقافى الآن) مع أسماء اخرى كثيرة مثل: حسين فوزى فى شرحه الأسبوعى للموسيقى العالمية، ومحمد ابراهيم أبو سنة فى أمسياته الشعرية البديعة، ومحمود مرسى والشريف خاطر فى إخراجهما للأعمال الأدبية العالمية إذاعيا،...،إلخ.
كان إدوار الخراط أحد المبدعين الأساسيين المعنيين بترجمة تراث الأدب العالمي، وإعداد موضوعات خاصة حول الأدباء العالميين، وحول القضايا الأدبية المختلفة، وتقديمها للبث من ضمن فقرات البرنامج الثاني، (ترجم ما يقرب من 50 عملا مسرحيا للبرنامج الثانى لتشيكوف، وألبير كامي، ويوجين أونيل، وهارولد بنتر، وأرستوفانيس، وجان أنوي، وجوزيف كونراد،...،إلخ، كما أعد برامج عن وليام جولدنج، وبوريس باسترناك، أندريه بريتون، وعالج قضايا من عينة: أورفيوس الأسطورة بين جان كوكتو وجان أنوي، وميديا الأسطورة بين يوريبيديسوسينيكا، واليكترا الأسطورة بين جان جيرودو وجان بول سارتر،...،إلخ.)...
وبالصدفة وقع فى يدى آنذاك/منتصف السبعينيات مجموعته القصصية الأولي: «حيطان عالية» التى كانت قد صدرت فى 1959. وقرأتها كاملة فى أقل من أسبوع. حيث وجدت فيها أننى أمام أديب كبير: متعدد «العوالم»، ومتنوع «موضوعات» التعبير القصصي. يخترق بقدرة غير مسبوقة فى الأدب العربي، مساحات انسانية تعد من التابوهات» أو المحذورات. كذلك بريادة لافتة للنظر نجده يقترب من مناطق غير مطروقة من قبل فى واقعنا الإنسانى المعاصر. لم يكن أدبه قاصرا على بيئة بعينها: ريفية أو مدنية، ومناطق شعبية أو راقية. كما لم ينغلق عالمه الأدبى على عينات بشرية أو حالات انسانية بذاتها. فكانت مجموعته القصصية الأولى مدخلا لأكثر من عالم: «حيطان عالية» و«أبونا توما» و«الشيخ عيسي» و«الأوركسترا»، و«أمام البحر»، وقصة ميعاد»، وفى «ظهر يوم حار»،...،إلخ.
بدأت عقب قراءة «حيطان عالية»، البحث عن أعمال إدوار الخراط. فلم أجد. وتصادف أن عرفت فى نهاية السبعينيات إيهاب الخراط (الطبيب النفسى البارع والسياسى القيادى بالحزب المصرى الاجتماعى والمثقف الكبير)، وتوماس جورجسيان (الصيدلى الذى هجر الصيدلة إلى الصحافة والكتابة الإنسانية العميقة التى تذكرك بكتابات ابراهيم المصري، والكتابة السياسية خاصة عن أمريكا من خلال رسائله المنتظمة لجريدة الأهرام) وتصادقنا منذ نهاية السبعينيات وإلى الآن. حيث أمدانى بكل من المجموعة القصصية «ساعات الكبرياء» التى صدرت فى 1972 بعد حيطان عالية ب13 عاما. ونسخة مصورة بطريقة الماستر لأول أعمال إدوار الخراط «رامة والتنين» التى صدرت لاحقا فى عام 1979. ومنذ صدور هذا العمل وحتى منتصف الألفية الثالثة لم ينقطع إدوار الخراط عن الإبداع سواء: الروائي، والقصصي، والشعري. أو من خلال دراساته المتنوعة: النقدية، والتشكيلية، والفكرية، والسياسية. كما لم يتوقف عن الترجمة قط. حيث يقترب مجموع ما أبدع من 100 عمل إبداعى متنوع من الطراز الرفيع المستوي.
فى كل ما أبدع الخراط، سوف تجد أنك أمام كاتب كبير. «نصه»، أيا كان نوعه: ثرى وعميق ومتعدد مستويات التلقي. لقد كان الخراط مثقفا من النوع الثقيل. تجد نصوصه وقد حملت أنفاسا: «فلسفية، وفكرية، ولاهوتية وصوفية، ونفسية، وحياتية،...،إلخ، حيث تتداخل وتتراكب فيما بينها لتنتج لحظة إنسانية عميقة كاشفة ومنيرة للواقع الاجتماعى وللذات القارئة. فالخراط يصعب تصنيفه. فهو لا يمكن تصنيفه بأنه «تشيكوفي» بالمطلق، مثلا، نسبة لتشيكوف، كما كان يصف البعض يوسف إدريس. ذلك لأن أعماله تحمل نفحة تشيكوفية كما تحمل فى نفس الوقت نفحات آخرين. لذا تجد دوما ظلالا من شخصيات دون كيشوتية وفاوستية،...،إلخ، فى أعماله. الكتابة لدى الخراط: متعة، وعمق، واكتشاف، كل ما هو «تحت قشرة الوعي» أو ما هو ظاهر أو عام أو مسلَم به. فالواقع لدى الخراط «هو أكثر من واقع... هو ظاهرة شديدة الاتساع، شديدة التعدد، شديدة العمق،...الواقع هو الحلم، والفانتازيا، والخيال، وظروف الظلم الاجتماعي، والصعوبات والفقر والفاقة، والامتهان،... كما يعنى حقيقة الموت، وحقيقة خبرة الحب، ولغز العلاقة مع المرأة، والتباس العلاقة مع الصديق،... كل محصلة الخبرات الحميمة التى تحتل جانبا كبيرا من ساحة حياتنا، والتى ننساها عادة أو نحاول أن ننساها فى نشاطنا اليومي، سواء كان هذا النشاط نحو تأمين الرزق، أم نحو تأمين المكانة الاجتماعية، أو نحو السلطة، أو نحو الثروة، أو نحو الشهرة، أو ...،» فى حياة اى إنسان وفى علاقاته مع الآخرين...ومن ثم كان دأب الخراط هو النهل من هذا الواقع المتسع قدر الامكان. فجاء إبداعه مركبا من عديد العناصر يعكس هويته: المصرية، الصعيدية/ السكندرية، والقبطية/ العربية الإسلامية، والمدينية الكوزموبوليتانية الراقية/ الشعبية، واليسارية/ الليبرالية، والكونية الإنسانية...
المحصلة أن الخراط أبدع نصوصا ثرية كتبت بلغة جديدة حية سعيا للحقيقة المتجددة... ما يدفعنا أن نقول إننا فقدنا أديبا ابداعاته تستحق نوبل، ومثقفا كبيرا من الوزن الثقيل... ونتابع...
لمزيد من مقالات سمير مرقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.