تعقيبا على ما ورد فى مقال الأستاذ أحمد البرى فيما يتعلق بالتناقض الواضح بين ما تدعيه دول الغرب من قيم ومبادئ وما تنتهجه بالفعل إزاء الأحداث التى وقعت فى فرنسا، أقول إنه ما إن استهدفت هذه الحوادث الإرهابية المتزامنة العاصمة الفرنسية باريس حتى هبت الدول الغربية لاتخاذ كل الإجراءات الاحترازية اللازمة فى مثل هذه الظروف لمواجهة خطر الإرهاب، فشرعت فى رفع حالة الطوارئ القصوى التى تجيز تنفيذ حملات الاعتقالات الواسعة لمطاردة المشتبه فيهم، وفرض الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام، وتقييد الحريات، بما يدحض مزاعمها بضرورة الالتزام بمبادئ منظمات حقوق الإنسان التى لاذت بالصمت إزاء هذه التجاوزات، بينما انتفضت لتشجب ما قامت به السلطات المصرية عندما فرضت حالة الطوارئ بعد العمليات الإرهابية التى حصدت أرواح مئات الضحايا من شهداء الشرطة والجيش والمواطنين الأبرياء عقب ثورة 03 يونيو 3102، وتذكرت التصريح الشهير الذى جاء على لسان رئيس وزراء بريطانيا الحالى ديفيد كاميرون إبان أحداث الفوضى التى وفعت فى بلاده فى أغسطس عام 1102 حينما قال: عندما تصل الأمور إلى الأمن القومى لا تسألنى عن حقوق الإنسان، فى إشارة واضحة إلى مدى التباين بين مبادئ حقوق الإنسان وكيفية التصدى لخطر الإرهاب. ولقد شاهدنا جميعا الأساليب القمعية التى تنتهجها العديد من الدول الغربية وعلى رأسها تركيا تجاه المظاهرات السلمية المناوئة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان دون توجيه أى انتقادات من جانب بقية الدول الغربية وأمريكا، بينما قامت الدنيا ولم تقعد حينما اتخذت السلطات المصرية الإجراءات اللازمة غير القمعية للحفاظ على سلمية المظاهرات لدينا. وليس مستغربا ما نواجهه من تحديات بعد إفشال المخطط الخبيث الذى تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية بالاشتراك مع مجموعة دول الاتحاد الأوروبى لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد قبل قيام ثورة 03 يونيو 3102 المباركة، وإثارة الفوضى الخلاقة التى نادت بها كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية فى عهد الرئيس جورج بوش الابن، مما جعل هذه الدول تناصبنا العداء، وترجمت ذلك بتوجيه الانتقادات إلى كل ما نقوم به من إجراءات أمنية فى إطار القانون، فوصفتها بالتعسفية، ولا تخفى أو تستحى من تدخلها السافر فى شئوننا الداخلية فى الوقت الذى لا تقبل فيه تدخل أى جهة فى شئونها الداخلية. ومما لا شك فيه أن فرض حالة الطوارئ واتخاذ الإجراءات الاستثنائية فى مواجهة الإرهاب يصب فى مصلحة استتباب الأمن، وقد لمسنا حتمية تنفيذ حملات المداهمات والاعتقالات هذه حينما قوبلت قوات الجيش بمقاومة مسلحة شرسة فى أثناء مداهمة أحد أحياء باريس بعد الاشتباه فى وجود مجموعة من الإرهابيين يتحصنون فيه. وفى هذا الإطار، علينا أن نستثمر هذه الأحداث للضغط على المجتمع الدولى لتوحيد توجهه لاجتثاث الإرهاب من كل دول العالم والتخلى عن أسلوب ازدواجية المعايير المفضوح الذى ينتهجه. د. رفيق يوسف أسعد طهطا سوهاج