استمرارًا للانتقادات الدولية للأوضاع الحقوقية في مصر، شنت بعض المنظمات الحقوقية حملة انتقادات واسعة على "قانون مكافحة الإرهاب"، الذي أصدرته الحكومة المصرية مؤخرًا، معتبرة أنه "يقضي على الحقوق الأساسية"، في الوقت الذي ردت فيه الخارجية المصرية على تلك الانتقادات ب"مذكرات شارحة"، أكدت فيها "استقلالية" القرار المصري، ورفض كل هذه الانتقادات ووضع خطة واسعة لشرح مواد القانون بالكامل. وترى هذه المنظمات الدولية أنه يمكن استخدام القانون الجديد في أساليب قد تضر بشكل كبير قطاع حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مصر، حيث قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش": إن القانون الجديد "يمنح السلطات مزيدًا من الصلاحيات لفرض عقوبات قاسية، منها عقوبة الإعدام، على الجرائم المنصوص عليها في تعريف الإرهاب، الذي ورد في صياغة فضفاضة، قد تشمل العصيان المدني، بحسب تعبيرها. وتستند منظمة هيومن رايتس في انتقادها للقانون على أنه "يعطي للنيابة العامة سلطة أكبر لاحتجاز المشتبه بهم دون مراجعة قضائية، ويسمح بفرض مراقبة واسعة النطاق، وبشكل غير محدود، على المشتبه بهم في أعمال إرهابية دون إذن من المحكمة، كما يعطي الحق للرئيس أن يفرض حالة الطوارئ كقانون يحكم البلاد، معتبرة أن الحكومة جهزت نفسها بصلاحيات أكبر للاستمرار في القضاء على منتقديها ومعارضيها. من جانبها، ترى الدولة المصرية ومؤيدو قانون مكافحة الإرهاب، أن صدور هذا التشريع ضروري لمواجهة ما تتعرض له مصر من هجمات إرهابية، ويشيرون إلى أن هناك تجارب كثيرة، اضطرت معها الحكومات إلى التساهل إزاء معايير حقوق الإنسان والحريات العامة؛ لكي تحمي المجتمع وتمنع سقوط ضحايا. ودائمًا ما يلجأ مؤيدو القانون إلى مقارنة وضع مصر الحقوقي بدول كبرى، لاسيما مع عرض أساليبب تستخدمها حكوماتهم، كتقنين التعذيب في القانون الأمريكي، خاصة اعتماد أسلوب الإيهام بالغرق، لإجبار المتهمين على الاعتراف، وكذلك استخدام وسائل التجسس على المواطنين في نطاق واسع. وأكد المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية الجديد، أن الوزارة تُعد "مذكرة تفصيلية وشارحة"، باللغتين العربية والإنجليزية، لأهم بنود قانون مكافحة الإرهاب، التي "كانت محل استفسارات وملاحظات من بعض الأطراف والجهات الداخلية والخارجية، خلال الأيام الأخيرة، مضيفًا أن هذه الإجراءات تستهدف شرح الكثير من التفاصيل والجوانب القانونية والسياسية والأمنية المرتبطة بإصدار القانون." وأضاف أبو زيد أنه تم تعميم منشور لجميع السفارات المصرية بالخارج لشرح عناصر "المذكرة التفصيلية والشارحة" إلى المسؤولين الغربيين، وتسليمها إلى المسؤولين في المنظمات الدولية المعنية. وبسؤال مندوب مصر الدائم في جنيف والمسؤول عن توضيح الصورة الحقوقية للخارج، وعن الانتقادات التي توجه لمصر في الأممالمتحدة خاصة بمجال حقوق الإنسان، أكد السفير عمر رمضان في حديث ل«البديل»، أن كثيرًا من المنظمات الدولية يستقون معلوماتهم مما تنقله وسائل الإعلام من أخبار تكون فى معظمها رؤوس موضوعات تتأثر بتوجه كاتبها، وأعطى مندوب مصر الدائم مثالًا لذلك قائلًا: «عندما أحال قاضي المنيا أوراق أكثر من 500 متهم لفضيلة المفتى، لاستطلاع رأيه الاستشاري، اعتقد العالم أن مصر قد أعدمت بالفعل هذا العدد، وكان علينا شرح طبيعة الإجراء وأنه لم يُعدم أحد من هؤلاء، وإنما صدر قرار من القاضي وليس حكمًا، وأن كثيرًا من المتهمين يحاكمون غيابيًّا، وأنه وفقًا للقانون المصري فكل من صدرت ضدهم أحكام غيابية، تجب إعادة محاكمتهم بعد القبض عليهم ومثولهم أمام القضاء، مع تمتعهم بحقهم في الدفاع عن أنفسهم فيما يوجه إليهم من تهم. وفيما يتعلق بالانتقادات الموجهة للقانون الجديد أكد رمضان أن هذه الانتقادات أظهرت بما لا يدع مجالًا للشك قدرًا من القصور، وعدم القراءة المدققة لبعض نصوص القانون، فضلًا عن العجز عن إدراك الهدف من إصدار القانون، والخلط بينه وبين القوانين المنظمة لممارسة الحريات السياسية والدستورية، وأضاف أن الانتقادات التي توجهها بعض الدول والمنظمات غير الحكومية لسجل حقوق الإنسان في مصر، ويتم التعبير عنها فى إصدارات صحفية، هي أساسًا للاستهلاك المحلي وتستهدف علاقات هذه الجهات بالدوائر وجماعات الضغط، إما لإعادة انتخابها أو في تمويلها في حالة المنظمات غير الحكومية، لكن هذا لا يعني أننا قد حققنا كل شيء، ولا توجد دولة فعلت ذلك، ويجب النظر لما تتعرض له الدول الغربية من انتقادات لتدرك أن الجميع سجله به قصور ما. وبسؤاله عن مدى مصداقية هذه المنظمات، أكد عمرو رمضان أن منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان المعروفة بهيومان رايتس وواتش، والفدرالية الدولية، يطلق عليها البعض منظمات حقوقية، لكنها في الحقيقة لا تعمل إلَّا على توجيه انتقادات، ولا تقوم بأي دراسات تقييمية موضوعية لمجمل أوضاع حقوق الإنسان، وإنما تأخذ الطريق السهل في التعليق والنقد. وأضاف أن بعض أعضاء الإدارات الأمريكية السابقة يعملون في هذه المنظمات، وكذلك بريطانيون، متسائلًا: كيف يحصلون على التمويل، ومن أين، وما دور الجهات الممولة في تحديد مجالات الانتقاد أو الدول التي يتم اصطيادها، وتلك التى يتم السكوت عنها حتى لو كان سجلها فى حقوق الإنسان أكثر فداحة؟ مؤكدًا أن العديد من هذه المنظمات التي تدعي أنها غير حكومية، هي في حقيقتها منظمات مسيسة فكرًا وعملًا.