فى كلمته أمام الندوة التثقيفية للقوات المسلحة أول نوفمبر الحالي، كشف الرئيس عبدالفتاح السيسى عن اتجاه الدولة لرعاية المشروعات المتوسطة والصغيرة، التى تعتبر أحد أهم الحلول العملية والنافذة للتشغيل ومحاربة البطالة، ودعم الاقتصاد.وأعطى الرئيس فى كلمته مثالا، بعمل متناسق من عدة وزارات تضم التخطيط والتجارة والصناعة والتضامن الاجتماعى والتنمية المحلية، من أجل توفير الدعم اللازم لإقامة مدينة دمياط للأثاث. وإذا كانت العوائد الاقتصادية هى أول ما يلفت النظر فى الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فإن هناك إجماعا على أن مثل تلك المشروعات خاصة أن معظمها يرتبط مباشرة بحرف ومهن ومنتجات تقليدية تحقق أيضا أهدافا ربما أكثر أهمية وعمقا من الفوائد الاقتصادية، فهذه الحرف والمهن والصناعات تعكس هوية دولة وتراثا شعبيا، وفلكلورا خاصا جدا، يمثل كنزا دائما للشعوب وهذه المنتجات تعتبر بمثابة شكل من أشكال الذاكرة الجماعية للأمة وهى أيضا إحدى قواهها الناعمة. علاوة على ذلك .. فهناك علاقة مباشرة للصناعات الصغيرة بالتماسك الاجتماعى وأن الحرفيين بشكل عام يشكلون أحد مكونات الطبقة المتوسطة مع المهنيين والموظفين وغيرهم.. وهى الطبقة التى تحفظ توازن المجتمع وتقوده دائما نحو التطور والتقدم. وتاريخيا فإن مصر، كانت واحدة من أول الأمم التى اشتهرت بحرفها وصناعاتها ومنتجاتها عبر العصور، منذ الفراعنة، وحتى وقتنا الحالي. وتأتى كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى لتفتح آفاقا جديدة، وبابا كاد أن يغلق بعد إهماله لسنوات فقد آن الأوان لإعادة إحياء كنوزنا المدفونة فى أعماق الإنسان المصرى المبدع. عرفت مصر الصناعات الحرفية منذ قدماء المصريين وكتاب «وصف مصر» يؤكد لنا أن منتجات الحرفيين شكلت العمود الفقرى فى حياة المجتمع، كما دلت الآثار على الثراء الفنى والإبداعى المتنوع للصانع المصري، فكان علية القوم من القادة والكهنة وحتى المزارعين يلبسون الملابس المصنوعة من الكتان، ويجلسون على كراسى وينامون على آسرة من أجمل نماذج الأثاث. ولم تفقد مصر هذه الميزة إلا فى فترات الحكام الطغاة والولاة الذين اهتموا بثرائهم الشخصي، فانعكس ذلك على حال الصناع والحرفيين. ولعل أكبر موجة تجريف للحرف والصناعات المصرية، حدثت على يد سليم الأول، حيث غزا مصر، واقتاد كبار الصناع والحرفيين المهرة إلى بلاده، فاختفت لفترة نحو خمسين صنعة، لعل من أهممها وأشهرها صناعة الكتان والمنسوجات القطنية والصوفية، علاوة على فنون الزخارف والخطوط والخراطة ونسج السجاد والخزف، وفنون سعف النخيل والألياف، وكانت فى معظمها ذات فوائد ونفع للناس فى حياتهم اليومية. وخلال العصر المملوكي، وانتشار الطرق الصوفية، استلهم الكثير من المصريين حرفا من أشهرها «الترخيم» أى صناعة الرخام التى أظهرت جمال وروعة الآثار المملوكية، كما ازدهرت حرفة المعمار والمهندسين الذين كان يقال لهم «المعلم»، ونشأت فى هذه الفترة الوحدات الإنتاجية الصغيرة، وانتشرت فى المدن ووصلت إلى بعض القرى أيضا. ومع التطور، ظهر «الربع» أى الحى الذى يحتوى على مهنة أو مهن معينة، وعرفت مفاهيم الوكالة والخان والسوق وغيرها. وكانت هذه الربوع أو الوكالات تلعب دورا مهما فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية فى مصر، كما تم تنظيم هذه الحرف والمهن وشكلت منهم طوائف (أشبه بالنفايات مع اختلاف التفاصيل والنظم والقوانين) وكان هناك شيخ الحرفة أو المهنة الذى ينظم شئونها ويحل خلافات العاملين فيها، وكانت كلمته قانونا على الجميع. وفى المناسبات الدينية والاجتماعية، مثل المحمل ورؤية هلال رمضان، ووفاء النيل، تظهر فى المواكب والاحتفالات عربات على كل منها صاحب حرفة يؤدى مهنته، مثل الخياط الذى يقص الأقمشة ويخيطها، ويسير أمام العربة أصحاب المهنة، فيما يشبه عملية ترويج واعتزاز بمهنتهم وكان كل ذلك مصاحبا بالموسيقى والأغاني، وكان أهل القاهرة يخرجون لمشاهدة هذه المناسبات السعيدة. وبحكم موقع مصر الجغرافي، فهى كانت نقطة التقاء الطرق البحرية والبرية، ولذلك أثرت وتأثرت بإفريقيا والمتوسط، وكانت بعض المنتجات الحرفية تصدر إلى الدول المجاورة، مثل «الطواقي» التى برع فيها أهالى الأقصر وأسوان وهى مشابهة لتلك التى تصنع فى إفريقيا خاصة «زنجبار». الشيء نفسه ينطبق على «الملايات» التى ترتديها نساء واحة سيوة، مشابهة تماما لنظيرتها فى المغرب العربي، وهى كانت ومازالت تنسج فى قرية كرداسة، وهى شبيعة جدا بما ينتجة النساجون فى إثيوبيا. وازدهرت أيضا فى مصر صناعات مثل الزجاج وأوراق البردى والسجاد والأقمشة، وللمصريين إبداع خاص فى حرفة «نفخ الزجاج» وكانت تصنع منه القناديل التى تستخدم فى الإنارة. ريادة الأعمال يحتفل العالم فى منتصف شهر نوفمبر من كل عام بأسبوع «ريادة الأعمال»، كأحد مظاهر الاهتمام بتشجيع مبادرات العمل الحر، وتعتبر الحرف والصناعات التقليدية أهم وأبرز المجالات التى تؤهل الشباب ليصبحوا من «رواد الأعمال». ويعتبر «رواد الأعمال» قوة رئيسية فى بناء اقتصاد وطني، وهرم اجتماعى متماسك، وهم محرك أساسى لتطور وتنمية الاقتصاد والمجتمع فى العالم. ولذلك انتشرت أخيرا المعارض الدولية التى تقام بشكل منتظم لعرض منتجات رواد الأعمال من الحرف والصناعات التقليدية من مختلف بلدان العالم. خاصة أن هؤلاء يشلكون رقما مهما فى الاقتصاد الجزئي، كما أنها تفرز دائما أفكارا مبدعة فى الإدارة والانتاج والتشغيل. ويعتبر التقارب والتعاون بين منتجى وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وأحد أهم وسائل الدعم لاستمرار هذه المشروعات وإكسابها بعض المميزات التنافسية. وظهر على سبيل المثال فى دول آسيا نظام «العناقيد الصناعية» لتحقيق الاستخدام الأمثل للآلات والفنيين فى مواجهة زيادة حجم الطلب على منتجاتهم. ويهتم نظام «العناقيد الصناعية» بالتخصص وتقسيم العمل، وتبادل الخبرات والأفكار والمعلومات، مما يؤدى إلى تحسين فى كفاءة المنتجات وزيادة قدرتها التنافسية. تنمية المهارات الصناعات الصغيرة والمتوسطة تنجح وتنتشر بقدر جودة المنتج الذى يعتمد على عوامل عديدة يأتى فى صدارتها مهارة وابداع الحرفى أوالصانع لذلك فإن العديد من الدول تهتم بهذا الجانب اهتماما كبيرا، ومنها على سبيل المثال موزمبيق، فهم يقسمون المتدربين على الحرف إلى مجموعات منها العمال والفلاحون والطلاب، والنساء، وهم فى البداية يولون عناية فائقة للاهتمام بالبيئة، ويعتبرونها من اساسيات العمل الحر. وبرنامج اعداد الحرفيين والمنتجين هناك، يبدأ بتدريب على القيم الروحية والعميقة وتقدير الذات والإيمان بمبدأ العمل الحر، واحترام التنوع الثقافى والاهتمام بعلاقات العمل. وبعد ذلك ينتقلون إلى تدريب على أيدى مستثمرين وخبراء فى الاسواق لتأهيلهم لدخول سوق العمل والتكيف مع متطلبات القطاع الخاص. ومعظم المنتجات التى تعرضها موزمبيق فى المعارض الدولية تتضمن أدوات المنزل وسلالا ومستلزمات للبحر ومنتجات من الأعشاب العطرية. المجالس القروية بالهند للهند تجربة خاصة، فهناك مجالس قروية تمثل منظومة أشبه بالحكم الذاتى للحفاظ على النسيج الاجتماعى والتعاون من طبقات القربة، ودعم أصحاب الحرف والتجار، وهى تشرف أيضا على الأنشطة المهنية والحرف داخل المجتمع القروي. وفى المعارض يحضر مندوبون عن المعارض الرئيسية مثل معرض فرانكفورت لزيادة الأعمال، حيث يقومون بالاتفاق على صفقات كبيرة من منتجات القرى الهندية بالجملة، وهناك تحديدا أسرة هندية تخصصت فى هذا المجال وهى تقوم به سنويا، وتحقق عائدا طيبا يضمن استمرار تسويق منتجات القرى بالخارج. ويعتبر تدوير المخلفات الزراعية من أهم المشروعات الصغيرة والمتوسط القائمة على الفنون والحرف التقليدية بالهند، خاصة صناعة «السلال» والمنتجات القائمة على الألياف الزراعية، وهى ما برع فيه النساء والفتيات فى القرى بشكل خاص. عنقود العنب البرازيلي البرازيل تقدم نموذجا مختلفا لمشروعاتها الصغيرة والمتوسطة والحفاظ على حرفها وصناعاتها التقليدية، يطلقون عليها هناك اسم «عنقود العنب» فهناك قرارات حاسمة لتسهيل الاقتراض وتخفيض الفائدة على هذه المشروعات علاوة على ربطها بالمصانع الكبيرة. كما أن فكرة الرعاية العملية فى الريف مرتبطة بتعليم الأسرة لأطفالها ورفع القوة الانتاجية، واقامة صناعات تقوم على المخلفات الزراعية بدلا من حرقها منعا للتلوث، فظهرت منتجات تعتمد على مخلفات الموز من شجار جوز الهند وكلها مستلهمة من التراث.
كلمة الرئيس السيسى: دمياط للأثاث نموذجا خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة أول نوفمبر الحالى قال الرئيس عبدالفتاح السيسى إن الدولة تسير فى مسارين: تشجيع الاستثمار، وتجهيز الدولة للاستثمارات، ولا يمكن ان ننسى المواطن البسيط الذى هو محور الاهتمام، فالمستثمر يأتى ليعقد اتفاقا، ثم يبدأ فى إجراءات أخرى حتى يبدأ المشروع بعد 3 إلى 5 سنوات، فهل يتم تحميل تلك المدة على الشعب، فكان لابد من ان تنظر الدولة للمواطن البسيط، فالحكومة تعمل فى جميع الاتجاهات من وزارات التخطيط والصناعة والتضامن والتنمية المحلية، لتوفير أموال للصناعات الصغيرة والمتوسطة، لذا فمثلا يتم عمل دراسة وإعطاؤها للمواطن لتنفيذها، وخير دليل محافظة دمياط كنا ننتظر من الشباب أن يتقدم بأطروحات لمشروعات، ولكن قلت نعكس الوضع، بحيث يتم علم مدينة للأثاث بها ألفا مقر ويتم فرشها بالمعدات حتى تحدث نقلة فى صناعة الأثاث فى مصر، نأخذ نحن الموضوع كاملا من تدريب ومراكز عالمية ومنافذ للبيع، ويبدأ شباب دمياط فى العمل بعد ذلك، وهذا الأمر تم البدء فيه من 5 أشهر، وتم إرسال وفود للخارج لدراسة الموضوع كاملا لهذا المجال ومجالات أخرى عديدة.