(10 شركات أدوية وافقت على تخصيص 25% من إنتاجها لعقار «سوفالدي» تلبية لمبادرة الرئيس السيسى لتوفير مليون عبوة و100 مليون جنيه من «تحيا مصر» لعلاج فيروس سي) (إطلاق مبادرة تحمل اسم «مصر تقدر» للقضاء على فيروس «سى» بالتعاون مع مؤسسة «اسمعونا» ومجموعة من المجتمع المدني، ومستشفى 57357، لجمع مليار جنيه للقضاء على فيروس سى) (شيخ الأزهر يخصص 100 مليون جنيه دفعة أولى لعلاج مرضى التهاب الكبد الوبائي) ما سبق عناوين ومبادرات لعلاج أكبر أزمة صحية تواجه مصر خلال العقود الأربعة الماضية، ومنذ الإعلان عن علاج شاف لفيروس «سى» وهو «سوفالدي»، وما تبعه من أدوية جديدة، حتى عاد الأمل لملايين المرضى الذين يحملون هذا الفيروس. ولكن، ما يتم الإعلان عنه سواء من وزارة الصحة أو لجنة الفيروسات الكبدية عن عدد المتقدمين، أو عدد من تلقوا العلاج فعليا، يجعلنا نتوقف هنا، من أجل نقطة نظام، ونتساءل: ما المبالغ المخصصة - سواء المقدمة من الدولة أو التى تم التبرع بها - من أجل القضاء على هذه الأزمة الصحية بالغة السوء؟ ما هى استراتيجية اللجنة والوزارة للقضاء عليها؟ هل هناك شفافية فيما يتعلق بالمعلومات؟ أم أن الأمر قيد السرية والكتمان؟ لماذا لم تقم الوزارة بإجراء مسح شامل للمصابين؟ وإذا كان العدد نحو 10 ملايين وأكثر أو أقل، فلماذا لم يتقدم سوى مليون ونصف المليون؟ ولماذا لم تكلف وزارة الصحة أو لجنة الفيروسات الكبدية شركات الأدوية التابعة لقطاع الأعمال بتصنيع هذه الأدوية - أسوة بالقطاع الخاص - وهى طالبت بذلك مرات عديدة؟ تحرك غير مدروس أسئلة عدة نطرحها هنا، من خلال الخبراء والمتخصصين، حتى تطمئن قلوب المرضى والمهمومين بهذه الكارثة الصحية، حيث يتساءل د. محمد عز العرب استشارى الكبد ورئيس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد: لماذا التحرك دائما عندنا يكون غير مدروس، حيث إننا إذا أردنا تحديد حجم المشكلة فلابد من استقصاء وبائى بطريقة علمية لهذه المشكلة، أما ما نقوم به الآن فهو الإعلان عن مشكلة دون دراسة للأعداد الصحيحة الموجودة فى مصر، فبالنسبة لعدد المتقدمين للموقع الالكترونى نحو 1.5 مليون، ويوجد 40 مركزا لعلاج مرضى فيروس سى، وقد قالت منظمة الصحة العالمية فى آخر تقرير لها فى 2014 إن 22% من الشعب المصرى يعانى من فيروس سي، وهى كانت إحصائية صادمة، فبعض المراجع الدولية ذكرت أن نسبة حدوث فيروس سى تتراوح بين 11إلى 20%، بينما هناك دراسة مهمة فى 2008 أظهرت أن 15.8% من عينة البحث لديهم أجسام مضادة ضد فيروس سي، وقياسا على ذلك تم الاعلان أن النسبة فى مصر تقترب من 15%، وهى تسمى احصائية DHS وهى تعنى عينة بحثية ممولة من جهة خارجية ، وليس الدولة هى من قامت بهذا البحث ، والمشكلة هنا أن أرقام الدولة هى بناء على دراسات لم تقم هى بها ، كونها مكلفة للغاية، وإحصائية ال DHS تم إجراؤها مرة ثانية خلال عام 2015 ولم يتم الإعلان عنها بشكل نهائي، وأجريت على عينة مكونة من 9250 من الإناث ومثلهن من الرجال، ووجدوا فى الفئة العمرية من فوق 45 سنة حتى 59 سنة أن الأجسام المضادة لفيروس سى كانت 7 %، وهذه الفئة العمرية فى 2008 كانت 10%، وبناء عليه ارتكب الوزير السابق عادل العدوى خطأ فادحا باعتماده هذه الدراسة، ذلك أن هذا العدد غير ممثل للمصابين، لأن عينة البحث قليلة برغم شمولها كل المحافظات، كما أنها اقتصرت على فئة عمرية واحدة، وهى فى كل الاحوال ليست نسبة الاصابة بفيروس سي، ولا يصح للدولة أن تعتمد على بحث ممول، بل لابد لها من خطة قومية لمعرفة حجم المشكلة الحقيقى ، وأضع أمام صانع القرار الصورة الصحيحة حتى يستطيع معالجة المشكلة بشكل صحيح. وفى العموم ، نحن فى مصر لا نعرف العدد الحقيقى لمرضى فيروس سى ، فكلها أرقام تختلف من جهة لأخري، فنحن نرى وزير الصحة يعلن أرقاما، ورئيس اللجنة العليا يعلن أرقاما مغايرة ، ومنظمة الصحة العالمية كذلك. ويتساءل إذا كان العدد نحو 10 ملايين مريض ولم يتقدم الا نحو مليون ونصف المليون، فلماذا لا تقوم الوزارة باستهداف القرى الفقيرة التى تنتشر فيها الأمية والجهل وبالتالى فيروس سى وتقوم بعلاجهم، علما أن الدولة أمدت اللجنة ب450 مليون جنيه لاستيراد 225 الف جرعة وهى تعالج 50 ألف مريض فقط ، وهم يمثلون 5% من عدد المرضي. ولابد لتقديم علاج فيروس سى سواء سوفالدى أو غيره، أن يكون من خلال صندوق واحد من خلال أفضل البروتوكولات العلمية، يكون له مجلس أمناء لإدارة هذا الصندوق المجمع على المستوى القومي، يتم الانفاق منه من خلال سياسة واستراتيجية محددة تغطى الجمهورية حسب معايير واضحة، وحسب آخر البروتوكولات العلاجية المصدقة من الجهات الدولية. إستراتيجية خطأ بينما يرى دكتور علاء عوض أستاذ الكبد بمعهد تيودور بلهارس أن الاستراتيجية من الأساس خطأ، إذن فليس مهما الحديث عن التفاصيل، وهو مسألة الإنفاق من عدمه، فلا ننكر أن لدينا كارثة صحية تسمى فيروس سي، ونحن كدولة إذا أردنا مواجهة هذا الفيروس فلابد من ثلاثة محاور: الأول مكافحة العدوى ومنعها، وهو يحتاج مجهودات كبيرة جدا، والثانى هو اكتشاف المرض، فهناك فرق بين العدد التقديرى للمصابين وبين العدد الحقيقى للمرضى الذين يعلمون بإصابتهم، وهذا الفرق فى العالم كله يقدر ب 20 إلى 30 %، وفى مصر قد يكون العدد أقل من 7 %، من المهم هو قضية اكتشاف المرضى الحقيقيين، لأن ذلك سيؤدى إلى علاجهم، ومن ثم يقلل وعاء حاملى العدوي، أما المحور الثالث فهو العلاج، وتوفيره للمرضي، وبفضل الله تم اكتشاف أدوية جديدة لعلاج فيروس سي، ولكن أسعارها مرتفعة ولا تتحملها ميزانية المرضي، فسمحت الدولة للقطاع الخاص بإنتاجه وبيعه محليا، فوجدنا أن أسعاره أيضا مرتفعة، ولم تفكر الدولة أن تعطى قبلة الحياة لشركات قطاع الأعمال بأن تسمح لها بانتاج هذه الأدوية وهى قادرة بالفعل على ذلك، وكانت أسعاره ستكون منخفضة وفى متناول الجميع، ولكن السؤال هو: لماذا لم تقم الدولة بالكشف عن الحالات؟ لأنها لا تملك علاج كل الحالات المكتشفة، فهى تشترى علبة السوفالدى ب 2200 جنيه، وهذا يشكل عبئا عليها، وبرغم تخفيضة إلى نحو 1650 فهو أيضا يشكل عبئا، وكان من الضرورى أن تتجه الدولة الى شركات قطاع الأعمال لينتج هذه الأدوية لتكون فى متناول الجميع، وقد يصل السعر إلى أقل من 50% عما يتم بيعه. لوبى المصالح د. عادل عبدالمقصود رئيس شعبة أصحاب الصيدليات أضاف أنه حينما ظهر دواء جديد لعلاج فيروس سى وهو سوفالدى تحركت الدولة ممثلة فى وزارة الصحة للحصول على هذا العلاج، وهنا ظهر لوبى المصالح للاستفادة القصوى من الاستحواذ على هذا العلاج، وكان المفترض أن الدولة حين تتولى علاج هؤلاء المرضى فهو من أجل توفيره بأقل التكلفة لأنها مساهمة فيه، ولكن كما قلت ظهر لوبى المصالح، حيث قامت الشركة المصنعة للسوفالدى بتحذير مسئولى وزارة الصحة بأنها لن ترسل المنتج إلا لفرعها هنا فى مصر، وبدلا من أن تقف الدولة ضد هذا الشرط كونها هى التى ستدفع، رضخت لمطالب الشركة، وما كان يجب أن يحدث ذلك.