قبل الزواج.. وعقد القران.. تصر كثير من الأسر علي كتابة شقة الزوجية باسم الابنة عروس المستقبل كشرط لإتمام الزواج, ولرفض العريس كتابة الشقة باسم عروسه تفشل كثيرمن الزيجات قبل أن تبدأ, والتي لولم يكن هذا الشرط موجودا لربما كتب لها النجاح, وفي أحيان أخري قد يستجيب الخاطب زوج المستقبل لكتابة الشقة التي إشتراها بشقي عمره باسم عروسه, بدافع من حبه لها ولأنها فتاة أحلامه التي ينبغي ألا يخذلها, وقد يدفعه لذلك ضغط أهلها ولأنه متمسك بها فقد يستجيب, فما هو شعور الزوج الذي يعيش في شقة باسم زوجته بعد أن دفع ثمنها بالكامل من حر ماله؟.. هل يظل علي حبه لها أم في لحظة قد يتمرد ويظل فاكر لها أنها لوت ذراعه؟.. وهل يستسلم لهذا الوضع المفروض عليه أم يظل بداخله شيء يقول له البيت ليس بيتك.. إنما بيت الهانم.. وانت هنا مواطن من الدرجة الثانية؟.. وهل هي دلالة علي حبه لها أم أنه مرغم أخاك لا بطل؟.. وما الذي يدفع بعض الزوجات للإصرار علي أن تكون شقة الزوجية بأسمائهن؟؟.. وهل يختلف الأمر في أن تكون الشقة باسم الزوجة لو كان من حر مالها ومن تحويشة عملها أو أن أباها قد اشتراها من أجلها للاطمئنان علي مستقبلها؟.. د.محمد أحمد عويضة أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر يجيب عن هذه الأسئلة ويقول: بعيدا عن العواطف.. فإن الزواج كمشروع اجتماعي لابد أن يقوم علي تبادل الثقة بين طرفي العلاقة منذ بداية التعارف وحتي إتمام الزواج بل عبر السنين ونهاية العمر, وتعزيز الثقة بين الخطيبين أو بين أسرتيهما يبدأ منذ قراءة الفاتحة, ولكن رغم هذه الحماية الربانية التي احترمتها الأسر علي مر الأعوام, فإنه مع الوقت تدخلت الحكومات المتعاقبة بسن التشريعات ووضع القوانين علي أمل أن ذلك يحفظ حقوق أطراف العلاقات الزواجية, ففي عصور سابقة صيغت القوانين التي جعلت من الرجل حاكما له كل الحقوق في الأسرة, من إرادة الزواج إلي إرادة الطلاق المنفرد وعدم إلزامه بالنفقة وغيرها من القوانين المجحفة للمرأة, ثم جاءت عصور أخري وضعت قوانين أنصفت المرأة بل تطرفت إلي أن أصبحت المرأة هي الحاكمة والمسيطرة علي مقدرات الأسرة ومستقبلها, وكلا النوعين من القوانين ذكرية أو أنثوية كان بهدف الحفاظ علي الأسرة واستقرارها, ولكن لأنها قوانين بشرية فإنها خضعت في النهاية لرغبات فريق علي حساب فريق آخر, ولم تستطع إقامة التوازن بين حقوق وواجبات كل من الطرفين, وبالتالي أصبحت العلاقة بينهما في ظاهرها الرحمة وباطنها الشك والإرتياب, ومن هنا ظهرت بعض التقاليد الاجتماعية الغريبة والجديدة التي طرأت علي الزيجات الحديثة, مثل مطالبة بعض الأسر الخاطب بكتابة شيك علي نفسه لمصلحة خطيبته زوجة المستقبل, أو كتابة قائمة مطولة بالمنقولات الزوجية التي اشتراها بماله الخاص لها, أو كتابة شقة الزوجية باسمها كشرط لزواجه منها وقبل عقد القران مباشرة, وذلك بحجة الحفاظ علي استقرار الأسرة, ووضع قيود علي قيام الرجل بتطليق زوجته وحتي تطول العشرة بينهما, مما يعكس مدي الارتياب والشك في الزوج, وفي اللحظة نفسها لإستجابة الخاطب لشروط زواجه من خطيبته زوجة المستقبل وكتابة الشقة باسمها, تتحول فرحته بعروسه إلي غصة في الحلق, بسبب كتابة الشقة التي اشتراها بتعبه وجهده باسمها ليس كهدية وإنما كشرط لزواجه منها, وقد أدرك منذ اللحظة الأولي أنه قد أصبح الطرف الضعيف بل إنه مواطن من الدرجة الثانية في هذه العلاقة الزواجية, فإذا كانت الشقة باسم الزوجه فإن فواتير الكهرباء والماء والغاز والتليفون بالتالي ستكون باسمها, وهو ما يسبب له الحرج الشديد والإرتباك بين الجيران وذلك حين يأتي موظفو المصالح المختلفة لتحصيل الفواتير فينادون باسمها علي الملأ وعلي مسمع من الجميع ليتقاضوا منها قيمة هذه الفواتير. الطير المهاجر..! هذه المشاعر السلبية التي يشعر بها الزوج لاتكون في مصلحة الزوجة في الغالب الأعم, والزوج الذي قد يرضي مرحليا ويستسلم لهذه المشاعر السلبية التي تنتابه لكتابة الشقة باسمها, سرعان ماينقلب عليها ويثور علي تورطه في هذا التنازل لمصلحتها, وتتطور هذه الثورة عند وفاة أحد أبويها أوكليهما أو عند مرضهما أو ضعفهما, فنجد الزوج سرعان مايحاول الضغط عليها في محاولة لعدولها عن ملكيتها للشقة والتنازل له عنها مرة أخري, وفي حالة استجابتها لرغبته غالبا ما يجزل لها العطاء المادي والمعنوي بل ويشعرها بكثير من مشاعر الحب تعويضا لها عن هذا التنازل الذي نال رضاه, فمن وجهة نظره أن الحق رجع لأصحابه.. ولايصح إلا الصحيح كمايقولون!, ولكن في حالة عدم استجابتها وامتناعها عن تصحيح عقد الملكيه بإسمه, فإن العلاقة بينهما تظل دائما سيئة, تتأرجح بين الشد والجذب والمشادات الدائمة التي قد تصل إلي مرحلة العنف والضرب, ولكن في هذه الحالة من سوء العلاقة لايفصح الزوج ولايعترف في الغالب عن السبب الحقيقي لهذه المشادات والخناقات, وهو شعوره بجرحها لكرامته والانتقاص من رجولته وأنها لم تعطه الثقة من أول يوم زواج, وذلك حين أرغمته أو أهلها علي كتابة الشقة التي دفع فيها دم قلبه بإسمها, ويرجع الخلاف دائما إلي أسباب واهية غير حقيقية منها أنها مهملة في تربية أولادها, أو لا تعتني به علي الإطلاق, أو أنها كثيرا ماتتأخر في تحضير الطعام, أو أنها تفضل عملها عنه, وغيرها من الأسباب, أما عن مظهر الزوج الذي كتب مرغما شقة الزوجية باسم زوجته, فهو دائما ما نجده كشرا عبوسا كاره الجلوس مع أسرته لايهتم بالمناسبات, ولايأتي البيت إلا نادرا وكما يقولون طفشان من البيت دائم السهر مع أصدقائه ويمكن تشبيه هذا الزوج بالطير المهاجر خارج المنزل معظم ساعات النهار والليل, وكأن لسان حاله يقول مادام البيت باسمك.. إقعدي فيه وحدك..!. من حر مالها..! لذلك لا يشجع د. عويضة الفتيات المقبلات علي الزواج علي أن يبدأن حياتهن الزوجية بشرط كتابة الشقة الزوجية بأسمائهن, وإن كان يشجعهن علي ذلك فقط في حالتين, الحالة الأولي: أن تكون الشقة المكتوبة باسمها قد اشترتها من حر مالها وأن يكون ثمن الشقة جاء نتيجة لتعبها في عملها وادخارها لنقودها في صورة شقة, والأخري: أن يكون أهلها هم من اشتروها لها ليطمئنوا عليها ولمساواتها بأخيها الذكر, وهو ما تفعله بعض الأسر ميسورة الحال الحريصة علي تأمين حياة واستقرار فتياتها مثل فتيانها, والحرص علي أن تكون الشقة هنا باسم الفتاة المقبلة علي الزواج يأتي من أن رأس مال البنت دائما ما يزينها ويزيد من قيمتها في عيون الآخرين, وربما تكون ملكيتها للشقة فرصة لتيسير الزواج وهو شيء لايعيبها علي الإطلاق, خاصة في مثل هذه الظروف, ففشل كثير من الخطوبات وعدم إتمام كثير من الزيجات سببه سوء الأحوال المادية لكثير من الشباب في بداية حياتهم العملية وعدم قدرتهم المادية علي شراء شقة, وفي مثل هذه الحالات وهي امتلاك الزوجة لشقة الزوجية لا تثار المشاكل من الزوج علي الإطلاق ولايشعر بأي مرارة أو غصة في حلقه, لأنه قد عرف مسبقا وقبل عقد القران, أن الشقة بإسم زوجته لأنها ليست من ماله الخاص وإنما من مالها وهو جزء من مميزاتها وهو الأمر الذي عجل من زواجه منها ويسره, وهو أصدق تطبيق لقول رسولنا الكريم خذوهم فقراء يغنيكم الله, لذلك ففي مثل هذه الظروف التي يمر بها الشباب من صعوبة الزواج لنقص الإمكانات نجد أنه لامانع أن تكون للزوجة شقة باسمها بشرط أن تكون من حر مالها أو مال أهلها.ومن هنا يوصي د. محمد عويضة بألا تصر الفتاة المقبلة علي الزواج بأن تكتب شقة الزوجية باسمها قبل عقد القرآن, ومهما أصر أهلها علي هذا الشرط لإتمام الزواج, لأن هذا سيكون أول مسمار يدق في نعش حياتها الزوجية لاقدر الله, ومادامت الشقة من حر ماله ومن نتاج تعبه وشقاه فمن واجبها أن تعطيه ثمره هذا الجهد والشقاء, بإصرارها هي نفسها علي أن تكون الشقة بإسمه وليس بإسمها, وبدلا من أن تتحول حياتها إلي جحيم ومن أول يوم للزواج, فالزوجة هي الملكة المتوجه في بيت زوجها سواء المكتوب بإسمه أو إسمها, وماالزوج إلا ضيفا عليها, والبيت بيت الست.. كما يقولون!. ويضيف.. إننا إذا أخلصنا النصيحة.. نستطيع أن نقول: أن هناك أمرين يجب أن تضعهما الأسر في الإعتبار, الأمر الأول: يجب ألا يصر أو يتعنت الآباء بالتمسك بالقيم الدنيوية أو التقاليد البالية مثل كتابة الشقة بإسم الزوجة أوكتابة قائمة مطولة بالمنقولات يمضيها العريس, أوالمبالغة في القيمة المالية للمؤخر, أو إجباره علي كتابة شيك بدون رصيد وغيرها من الأمور التي تزرع ضغينة في القلوب قبل عقد القرآن, والاحتكام إلي شرع الله وحده, لأن مايحفظ إستقرار الأسر هو وجود النية الصادقة في الإرتباط والإستقرار, وقراءة الفاتحة تعني أن نية الإرتباط واضحة وقوية فتعنت الآباء يفشل كثير من الزيجات, الأمر الآخر: يجب تشجيع الآباء الموسرين والقادرين بشراء شقة للبنت إسوة بالولد وكتابة الشقة بإسمها, فهو مايعلي من قيمتها ويسهل من عملية الزواج الصعبة بالنسبة لكثير من الشباب طالما مستقبل العريس ينبيء بالخير.