فى السادس من أكتوبر عام 1964 أقر الكونجرس الأمريكى قانوناً عاماً رقم 628- 88 ينص على أن يكون يوم 15 أكتوبر من كل عام هو احتفال بيوم عصا الأمان البيضاء، كيوم يعبر فيه المكفوفون عن أنفسهم، ومن هنا انتقلت الفكرة للعديد من الدول العربية.. والعصا البيضاء هى وسيلة تعويضية يعتمد عليها المكفوفون، لتحسس الطريق واتقاء الاصطدام بالأجسام أثناء السير بتحريكها إلى الأمام والجانبين، وهى أيضا وسيلة للفت انتباه الناس إلى أن حامل هذه العصا كفيف لمن يريد أن يتطوع لمساعدته ولتنبيه قادة السيارات للوقوف حتى يمر حاملها.. بعد غد الخميس يحتفل العالم بيوم العصا البيضاء، لذلك هى حديث صفحتنا اليوم. بدأت فكرة العصا البيضاء فى عام 1921 عندما طور «جيمس بيجز» الذى كان يسكن فى مقاطعة بريستول بإنجلترا العصا ليصبح شكلها الشكل الأبيض الجديد، بعدما فقد بصره فى حادث قضى على عينيه، فكان عليه أن يتعايش مع بيئته الجديدة، وكان يشعر بالفزع من الناقلات البخارية المارة حول مسكنه، فطلى عصاه باللون الأبيض، فانتبه قائدو السيارات إليه وخاصة فى الليل وحرصوا على مساعدته، وصارت العصا أكثر وضوحا لهم، وشعر بالفرق الواضح، وفى عام 1930 طور «جورج ليون» في أمريكا شكلها حيث جعل الطرف السفلي للعصا لونه أحمر لتكون مميزة، وعام 1931 توصل «د. هيربي مومنت» إلى طريقة للمشى بالعصا تدرس وتعلم فى فرنسا، ثم انتشر هذا الحدث في الجرائد البريطانية مما ساعد على انتشار الفكرة. أهميتها لدى الكفيف ترجع أهمية العصا البيضاء إلى عدة أمور، فهى إشارة إلى أن حاملها كفيف، وهذا الأمر يلفت انتباه المحيطين به إليه حيث يمكن لأي شخص مبصر مساعدته، وتجعله يشعر بالأمان: من الأمور الصعبة التى تواجه الشخص الكفيف فى المشى، هى عدم معرفته بما تخبئه له الخطوة القادمة من أخطار، فربما تقابله حفرة أو سلم أو حائط أمامه، والعصا هنا لها دور كبير في تأمين الخطوة القادمة له، وتجعله يشعر بالاستقلالية: الشخص الكفيف الذى يستخدم العصا بمهارة يمكنه الذهاب لأى مكان دون انتظار شخص مرافق، مما يشعره بقدر من الاستقلالية والاعتماد على النفس. أنواعها العصا الرمزية: هى عصا يستخدمها المكفوفون وضعاف البصر والمسنون للدلالة على أن صاحبها لديه مشكلة ما فى الأبصار دون أن تتوافر بها المعايير اللازمة للعصا البيضاء الخاصة بالحركة والتنقل . العصا الإرشادية: عصا يستخدمها المكفوفون لمعرفة نوع الأرضية التى يسيرون عليها وحواف الأرصفة ودرجات السلم وتقوم بحماية الجزء الأسفل من الجسم وتصنع أطرافها من النايلون أو الألمونيوم. العصا الطويلة: أكثر العصى استعمالا فى التنقل والحركة بصورة مستقلة ويختلف طولها من شخص لآخر حيث يصل طولها عند الجزء الأسفل من القفص الصدرى ويستطيع الكفيف من خلالها أن يكتشف العقبات التى تعترض طريقه قبل الاصطدام بها . عصا السير العادية: ليس لها مواصفات خاصة وغالبا تكون مصنوعة من الخشب الصلب للتتحمل والاتكاء عليها. عصا هبل: هى مقوسة تشبه مضرب التنس وتستخدم فى الطرق الصخرية والتضاريس الوعرة . العصا الإلكترونية: مصممة على شكل العصا البيضاء الطويلة وتقدم للكفيف ترددات فوق صوتية يشعر بها تحت يده عندما تصطدم بعقبة معينة فى طريقها وتتمكن من اكتشاف العقبات فى كل الاتجاهات على مسافة خمسة أمتار. واقع مؤلم نتعرف على رأى المكفوفين وحكاياتهم مع العصا البيضاء، فيقول محمد أبوطالب: لا أعرف من أين أبدأ كلامى، فبداخلى الكثير والكثير، ولكنى سأحاول أن أضع أمامكم ولو جزء من حقيقة واقع مؤلم يعيشه الشخص الكفيف، ولن أتحدث سوى عن حق الحصول على العصا البيضاء، فإذا أراد أى كفيف فى مصر الحصول على هذه العصا التى تعتبر عينه التى يرى بها، فهى لا توجد إلا فى محافظة القاهرة فقط بالمركز النموذجى، أما عن مكفوفي المحافظات الأخرى فلا عزاء لهم، فإذا أردت أن أشترى عصا بيضاء وأنا من محافظة سوهاج، فيجب على الذهاب إلى محافظة القاهرة أو الاستعانة بأحد الأصدقاء الذين يعيشون في محافظة القاهرة ومن هنا تبدأ كل المشكلات أو حتى إن كنت أنا من سوف يشترى هذه الأشياء بنفسه، فيجب أن يكون معى بطاقة إثبات الإعاقة الصادرة من وزارة التضامن وأيضا صورة من شهادة التأهيل الصادرة أيضا من نفس الوزارة وصورة بطاقة شخصية، وكأنى أريد شيئا ضخما أو أتقدم للحصول على وظيفة ما أو أي شيء يستحق كل هذه الأوراق، منذ فترة «تلفت» عصاي البيضاء التى نحتفل بيومها العالمى هذا الأسبوع، مما جعلنى أحتاج لأخرى جديدة وبالطبع أخبرت أحد أصدقائي المقيمين بالقاهرة أن يذهب ويشترى لى العصا، ففوجئت برده أنه يريد صورة بطاقة إثبات الإعاقة، وصورة شهادة التأهيل وصورة البطاقة الشخصية، للوهلة الأولى ظننت أن صديقى هذا يمزح، ولكنه أكد لى أنه فعليا هذه الأوراق مطلوبة، فأصابتنى حالة من الدهشة لأنى لم أكن أتخيل أن الحصول على عصا بيضاء سوف يحتاج لكل هذه الأوراق، فهذه قصة العصا البيضاء فى مصر. تغيير الثقافة المجتمعية أما منال على «كفيفة» فتقول: جميع دول العالم تحترم عصا الكفيف، حيث يخصص لهم طرقا بلون محدد للسير فيها، وبعض الدول تخصص شوارع بأكملها لسير المكفوفين وذوى الإعاقة فقط، فإذا كان الكفيف ماراً فى الشارع تقف السيارات، ويجد المساعدة من الآخرين لعبور الطريق، وفى هذه الدول ينطبق المثل القائل بأن العصا البيضاء هى عين الكفيف، ولكن فى بلدنا نواجه العديد من المعوقات التى تحد من استخدامنا للعصا البيضاء، أولها الثقافة المجتمعية التى لم تتغير فى التعامل معنا, وعدم تطبيق كود الإتاحة حيث إن الشارع والرصيف غير ممهدين لسير الكفيف، ونحن لا نطالب بالكثير، ولكننا نريد شوارع نسير عليها دون خوف أو قلق، نريد احتراما من الآخرين لنا وللعصا البيضاء التى نسير بها، نريد تعاونا عند تخطينا للمعوقات التى تواجهنا فى أثناء السير، فهل هذا كثير علينا؟.