أخذت روسيا زمام المبادرة بالتدخل العسكرى المباشر فى سوريا , وقد تفاجئ الولاياتالمتحدةالأمريكية و الغرب بلاعبين جدد من خارج الإقليم , وتحديدا من جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق وجميعها دول مسلمة سنية . أما الرئيس السورى بشار الأسد فيرى أن التحالف الجديد بين سورياوروسياوإيرانوالعراق لمحاربة الإرهاب يجب أن ينجح , وإلا فنحن أمام تدمير المنطقة بأكملها وليس دولة أو دولتين فقط , ويؤكد أنه وبكل بساطة أن الحرب ستستمر طالما لم يتوقف الدعم الخارجى عن الإرهابيين أما عن السر وراء الاندفاع الروسى العسكرى فى الأزمة السورية فيقول العميد تركى الحسن خبير مكافحة الإرهاب , إن أمريكا اختطفت القرار الدولى تحت زعم الشرعية الدولية وشكلت تحالفا من خارج إطار مجلس الأمن وبدأت ضرباتها دون التنسيق مع الجانب السورى ولم تحقق شيئا . والسؤال هو من الذى أعطى واشنطن الوكالة لتنفيذ القرارات 2070 و 2078 ؟ وبالعودة إلى الاستفسار فانه إذا كانت الولاياتالمتحدة قد خرقت الشرعية الدولية فما الذى يمنع روسيا من تشكيل تحالف شرعى وتشن هى الأخرى حربا على الإرهاب , ومختصر ما جرى أن موسكو أعطت لنفسها الوقت الكافى لإنشاء هذا التحالف على مدى 14 شهرا وعندما تأكدت أن العمل الأمريكى هو مجرد استعراض إعلامى يستبطن أهدافا خفية للعودة إلى المنطقة بعد خروجها المذل من العراق بدأت ضرباتها. وأضاف لقد جمعنا الأرقام التى أعلنتها أمريكا عن عدد قتلى الإرهابيين فى صفوف داعش بفعل ضرباتها الجوية فتبين لنا أن الإرهاب يتمدد وان ما يجرى ليس لمواجهته , ولكن فقط لاحتوائه واستثماره حيث رأينا أن أعداد المقاتلين الأجانب تتزايد وإنهم يسيطرون على مساحات أكبر فى ظل القصف الأمريكى المزعوم .وهناك مقاربة تؤكد أن نتائج الضربات الروسية فى عدة أيام تعادل كل الضربات الأمريكية على مدى 14 شهرا . ولهذا ذهبت سوريا إلى التحالف مع روسيا وبدأت تتبدى الآن ملامح حلف آخر بدأ بدول وهى روسياوإيرانوالعراقوسوريا وستنضم إليه دول أخرى إذا دعت الضرورة ذلك. أما عن أسباب التهليل فى دمشق على المستويين الشعبى والإعلامى للتدخل الروسى مؤخرا قال : إن الجيش السورى قاتل طيلة 5 سنوات ولا يزال وبالرغم من الجهد الجوى الروسى الملحوظ خلال الأيام القليلة الماضية إلا انه يتم بالتنسيق مع القيادة العسكرية السورية والفارق أن روسيا دولة عظمى لديها أسلحة وذخائر ومنظومات استطلاعية لا يمتلكها الجيش السورى ودول أخرى عديدة تواجه الإرهاب. وحول وجود مقاتلين إيرانيين فى سوريا قال الحسن : حتى الآن لا يوجد مقاتلون على الأرض سواء من روسيا أو إيران وعندما تحتاج سوريا مقاتلين ستعلن ذلك , مع العلم أن إيران قالت أنها ستلبى الطلب السورى إذا طلب منها ولكن لا صحة لوجود مقاتلين إيرانيين حتى الآن. أما عن توقيت التدخل الروسى فقال انه جاء فى الوقت الصحيح تماما بعد إن اتضح الموقف الامريكى الذى أظهر عدم وجود إرادة لمواجهة الإرهاب فعلا , فروسيا فضحت ادعاءات أمريكا وأثبتت إنها تكذب على العالم , ومن هنا رأينا إن السياسة الروسية فعالة وان الغرب يتخبط فى التعامل معها , فالروس لم يقولوا إنهم يحاربون الغرب ولم يقولوا إن الغرب لا يحارب الإرهاب ولكنهم أعلنوا أنهم سيحاربون الإرهاب مع الغرب ولكن من منظور روسى. وحول اتهامات الغرب لروسيا بأنها تحارب التنظيمات المعارضة المعتدلة كما تصفها واشنطن وعواصم أخرى قال : روسيا ترى انه لا يوجد شيء اسمه معارضة معتدلة وأعلنت أنها جاهزة للحوار والتنسيق مع الجيش الحر , ولكن أين هو الجيش الحر ؟ . وكما نعرف ففى عامى 2011 و2012 لم تكن القاعدة أو داعش موجودة فى سوريا فمن الذى حمل السلاح ضد الجيش السورى حينها ؟ وهنا أؤكد أن الإخوان المسلمين ومنظمة حماس هم من بدا المواجهات المسلحة فى سوريا , و مؤخرا فان بعض الهاربين من القصف الروسى ذهبوا بأسلحتهم وسياراتهم نحو الحدود التركية هم من القوات الخاصة وضباط مخابرات أتراك كانوا يقودون العمليات فى الداخل السورى لذلك فهم كما اتضح يعرفون الطرق جيدا. وحول اتهام الروس بعدم قصف مناطق تمركز داعش حتى الآن قال : الأولوية الآن للأهداف التى تشكل حزاما حول المناطق التى يسيطر عليها الجيش السورى ومن الطبيعى أن يشتمل بنك الأهداف على مواقع إرهابية فى حمص واللاذقية أولا قبل الوصول إلى قواعد داعش فى الرقة على سبيل المثال وفقا لخطة محددة متدرجة ومدروسة ورأينا انه تم إطلاق 600 غارة فى 5 أيام وبعد انتهاء القصف الجوى سنأتى إلى المرحلة اللاحقة وهى التقدم البرى . ويرى العميد الحسن أن روسيا الآن تتصرف بناء على رؤية شاملة وواضحة مخالفة ومتناقضة للرؤية الأمريكية فالروس يعلمون تماما أن تجهيز المجموعات المسلحة الإرهابية يتم لصالح داعش والنصرة وتدرك أن الضربة التى ستوجه للدولة السورية لن تكون من داعش ولكن من هذه المجموعات المسلحة التى ترعاها واشنطن والعواصم الغربية واسرائيل . وهنا أريد أن أؤكد أن كل الأهداف التى يجرى قصفها من قبل الطيران الروسى جرى تحديدها بمعرفة الدولة السورية وبناء على رغبتها , مستبعدا وقوع حرب برية على سوريا سواء من تركيا شمالا أو الأردن جنوبا اللتين ادركتا أن روسيا جاءت لتحسم . وحول التدخل الروسى العسكرى من وجهة نظر سياسية قال الدكتور عبد القادر عزوز أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلب أن واشنطن تشهد موت مشروعها الذى بدأ قبل 5 سنوات للمنطقة العربية , وأن روسيا / بوتين تحلق الآن خارج المدى الحيوى للاتحاد السوفيتى السابق وتنافس الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو ما ظهر جليا فى إعادة انتشار القوة العسكرية الروسية حول العالم وفى أزمة القرم . فالصعود الروسى فى السنوات الأخيرة جاء بالتتابع وعلى عدة أصعدة ولم يكن مفاجئا لأمريكا أو الغرب ويأتى التطور الاقتصادى الملحوظ على قمة الانجازات الروسية وتلاه الاستثمار فى التصنيع العسكرى الذى تخطى كل ما كان فى زمن الاتحاد السوفيتى بمراحل كبيرة ثم خريطة التحالفات الروسية فى عهد بوتين والتى تغضب أمريكا. وروسيا اليوم تجنى ثمار ما بدأته منذ تولى بوتين السلطة. وما يحدث فى سوريا هو تجسيد للتوازن الاستراتيجى العالمى الجديد وانهيار القطبية الواحدة وأمريكا لا تستطيع أن تفعل شيئا لان هذه هى حركة التاريخ وكل ما يمكن لواشنطن أن تقوم به هو محاولة عرقلة هذا المسار, واكبر دليل على ذلك أن روسيا وضعت برنامجا من 4 شهور للقضاء على الإرهاب فى سوريا , بينما واشنطن كانت قد وضعت برنامجا من 10 سنوات , والفارق أن روسيا تقارب المسألة وتعلم ان الإرهاب سيرتد اليها وكل المقاتلين الذين جاءوا الى سوريا من القوقاز والشيشان والطاجيك والأوزبك قالوا أنهم سيعودون للقتال فى روسيا وعلى حدودها. ويواصل د عزوز: إن الإرهاب هو الذى أعاد أمريكا للمنطقة وهى ليست عاجزة عن مواجهته ولكنها لا تحاربه بالفعل والطيران الأمريكى يحلق فى الرقة ولكنه لا يقصف وكلما قصف تمدد الإرهابيون ليستولوا على مناطق أخرى وكأنها ترسم لهم خريطة التمدد على الأرض . ويقارن بين التعامل الروسى والأمريكى مع الإرهاب بقوله انه نفس الفارق بين لاعب الشطرنج وبين راعى البقر والخلاف الجوهرى بين الدولتين يكمن فى ان الموقف الروسى يستند إلى القانون الدولى وداعم له ويطالب بان يتم كل شئ من خلال مجلس الأمن والأمم المتحدة ولكن أمريكا تتصرف فى العقود الأخيرة خارج إطار الشرعية وهو فارق جوهرى وحاسم . ويؤكد أن الحرب الإعلامية التى يشنها ويقودها الإعلام الغربى على روسيا لم يذكر فيها أبدا وفى كل مراحلها , أنه تدخل غير شرعى ولكنهم فقط ينتقدون عدم التنسيق معهم ويتهمون روسيا بعدم قصف داعش واستهدافها كل التنظيمات المسلحة بما فيها الذين تدعمهم وتدربهم أمريكاوتركيا وتسميهم معارضة معتدلة , ومع ذلك فإن صراخهم الإعلامى لن يفيد شيئا.