محافظ بني سويف يطمئن على الاستعداد لاحتفالات العام الميلادي الجديد    رئيس جامعة كفر الشيخ يتفقد مطعم المدن الجامعية للاطمئنان على جودة التغذية| صور    مدير التربية والتعليم يتفقد ورش تدريب المعلمين الجدد بالإسكندرية | صور    الفلاح المصرى.. عصب التنمية.. من عرق الأرض إلى بناء الجمهورية الجديدة    حياة كريمة «الدير»إعادة إعمار شاملة    الاعتدال كلمة السر ضد من يتطاول على مصر    وصدقت التنبؤات.. «روزاليوسف» توقعت مبكرًا خريطة التحولات العالمية فى 2025    مالي وبوركينا فاسو تفرضان قيودًا على دخول الأمريكيين ردًا على حظر واشنطن    الرئيس الإيراني يدعو إلى التضامن بدلا من الاحتجاجات    عمر جابر: التاريخ كتبه الزمالك ونحن أبناؤه مهما حدث    محافظ سوهاج يشهد فعاليات المهرجان الرياضي لذوي الإعاقة "قادرون باختلاف"    ليفربول يتلقى ردا رسميا بشأن عودة كلوب    بالأسماء.. إصابة 3 سيدات بينهن طفلة في حادث انقلاب سيارة ملاكي بترعة بالمنصورة    حجز الحكم على 3 طالبات متهمات بضرب الطالبة كارما بالتجمع    أم الدنيا    حفلات رأس السنة 2026 تشعل مصر والعالم العربي    أحمد السقا يحسم الجدل حول عودته لطليقته مها الصغير    الإفتاء: الدعاءُ في آخر العام بالمغفرة وفي أولِه بالإعانة من جملة الدعاء المشروع    الاجتماع الشهري لفرق مكافحة العدوى بالإدارات الصحية ومستشفيات صحة قنا    الضفة.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مسجدا ويلحق به أضرارا جسيمة    حبس الأب المتهم باختطاف نجله بكفر الشيخ 4 أيام    العثور على جثة شخص أمام مسجد عبد الرحيم القنائي بقنا    أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية تتجه إلى انخفاض سنوي حاد رغم تراجع المخزونات    محافظ الغربية: طريق مصرف الزهار هدية طال انتظارها لأهالي مركز قطور    أسواق اليوم الواحد حققت نجاحًا كبيرًا.. وافتتاح سوق جديد بإمبابة الأسبوع المقبل    «بحاول أرمم حاجات اتكسرت»| أحمد السقا يحسم جدل عودته ل مها الصغير    معتز التوني: أذهب للجيم للكلام فقط.. ومهنة المذيع أصعب من الإخراج    كنوز| «الضاحك الباكي» يغرد في حفل تكريم كوكب الشرق    حصاد 2025.. عام استثنائي من العمل والنجاحات بمديرية الشباب والرياضة بالجيزة    العملة الإيرانية تهوي إلى أدنى مستوى تاريخي وتفاقم الضغوط على الأسواق    إكسترا نيوز: التصويت بانتخابات النواب يسير بسلاسة ويسر    منسقة أممية للشئون الإنسانية بالسودان تصف الوضع الراهن بالصادم للغاية    ظهور مميز ل رامز جلال من داخل الحرم المكي    هل يجوز الحرمان من الميراث بسبب الجحود أو شهادة الزور؟.. أمين الفتوى يجيب    مدافع جنوب إفريقيا: علينا تصحيح بعض الأمور حتى نواصل المشوار إلى أبعد حد ممكن    وزير «الصحة» يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لإحتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد    خالد الجندي: الله يُكلم كل عبد بلغته يوم القيامة.. فيديو    "التعليم الفلسطينية": 7486 طالبًا استشهدوا في غزة والضفة الغربية منذ بداية 2025    وزير الصحة يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد المجيد    الداخلية تضبط تشكيلًا عصابيًا للنصب بانتحال صفة موظفي بنوك    بشرى سارة لأهالي أبو المطامير: بدء تنفيذ مستشفي مركزي على مساحة 5 أفدنة    حصاد 2025.. جامعة العاصمة ترسخ الوعي الوطني من خلال حصادًا نوعيًا للأنشطة العسكرية والتثقيفية    ذات يوم 31 ديسمبر 1915.. السلطان حسين كامل يستقبل الطالب طه حسين.. اتهامات لخطيب الجمعة بالكفر لإساءة استخدامه سورة "عبس وتولى" نفاقا للسلطان الذى قابل "الأعمى"    دون أي مجاملات.. السيسي: انتقاء أفضل العناصر للالتحاق بدورات الأكاديمية العسكرية المصرية    حصاد 2025| منتخب مصر يتأهل للمونديال ويتألق في أمم أفريقيا.. ووداع كأس العرب النقطة السلبية    محمود عباس: الدولة الفلسطينية المستقلة حقيقة حتمية وغزة ستعود إلى حضن الشرعية الوطنية    إيمري يوضح سبب عدم مصافحته أرتيتا بعد رباعية أرسنال    إجازة السبت والأحد لطلاب مدارس جولة الإعادة في انتخابات النواب بأسوان    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    "القومي للمسرح" يطلق مبادرة"2026.. عامًا للاحتفاء بالفنانين المعاصرين"    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    مواعيد مباريات الأربعاء 31 ديسمبر - الجزائر وكوت ديفوار والسودان في أمم إفريقيا.. وكأس عاصمة مصر    31 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    «اتصال» وImpact Management توقعان مذكرة تفاهم لدعم التوسع الإقليمي لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية    مصرع طفل صدمه قطار أثناء عبوره مزلقان العامرية بالفيوم    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التدين الهش والتدين المطمئن (3)
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 10 - 2015

عرضنا فى مقالات سابقة كيف أن الدكتور إسماعيل أدهم فى مقاله الصادم لم يتجرأ على الإسلام فقط بل على الأديان جميعا بإعلانه الصريح لإلحاده بل وتبريره لذلك الإلحاد. ترى كيف تعامل المثقفون المصريون فى الثلاثينيات حيال ذلك الإعلان الصادم؟
كان ثمة رد فعل من مجلة الأزهر التى كان يرأس تحريرها فى ذلك الوقت المفكر الإسلامى المعروف محمد فريد وجدي، حيث كتب فى العدد السابع من المجلة الصادر فى رجب 1356 (1937) تحت عنوان «لماذا هو ملحد» استهله بعبارة بالغة الدلالة يقول فيها:
«إن انتشار العلوم الطبيعية، وما تواضعت عليه الأمم المتمدنة من إطلاق حرية الكتابة والخطابة للمفكرين فى كل مجال من مجالات النشاط العقلي، استدعت أن يتناول بعضهم البحث فى العقائد، فنشأت معارك قلمية بين المثبتين والنافين تمخضت بسببها حقائق، وتباينت طرائق، وآمن من آمن عن بينة، وألحد من ألحد على عهدته. ونحن الآن فى مصر، وفى بحبوحة الحكم الدستوري، نسلك من الكتابة والتفكير هذا المنهاج نفسه فلا نضيق به ذرعًا ما دمنا نعتقد أننا على الحق المبين، وأن الدليل معنا فى كل مجال نجول فيه، وأن التسامح الذى يدعى أنه من ثمرات العصر الحاضر هو فى الحقيقة من نفحات الإسلام نفسه، ظهر به آباؤنا الأولون أيام كان لهم السلطان على العالم كله، فقد كان يجتمع المتباحثون فى مجلس واحد بين سنى ومعتزلى ومشبه ودهرى إلخ فيتجاذبون المسائل المعضلة، فلم يزد الدين حيال هذه الحرية العقلية إلا هيبة فى النفوس وعظمة فى القلوب وكرامة فى التاريخ. هذه مقدمة نسوقها بين يدى نقد نشرع فيه لرسالة ترامت إلينا بعنوان «لماذا أنا ملحد؟» نشرها حضرة الدكتور إسماعيل احمد أدهم فى مجلة الإمام الصادرة فى أغسطس 1937ثم أفردها فى كراسة تعميمًا للدعوة» ويمضى محمد فريد وجدى مفندا ما قال به إسماعيل أدهم حريصا على أن تسبق إشارته إليه بلقب «حضرة الدكتور إسماعيل أحمد أدهم».
ولم تلبث أن نشرت مجلة «الإمام» فى سبتمبر1937 رد الدكتور أبو شادى مع تعليق من المحرر جاء فيه «يذكر القراء أن فى مقدمة الرسائل الإسلامية القوية التى دبجتها يراعة الدكتور أبوشادى رسالته الموسومة «عقيدة الألوهية». وقد انبرى للرد عليها فى العدد الماضى الأستاذ الدكتور إسماعيل أحمد أدهم، ونشرنا رده بحكم احترامنا حرية الرأى فى حدود القانون، لاعتقادنا أن الأدب هو المستفيد من وراء هذا النقاش بغض النظر عن موافقتنا أو مخالفتنا للآراء المعروضة. ولما اطلع الدكتور أبوشادى على مقال الدكتور إسماعيل أدهم كتب يرد عليه فى رسالة مستقلة بعنوان «لماذا أنا مؤمن؟». وإلى هذه الرسالة القيمة نوجه أنظار قرائنا حتى يلموا بطرفى الموضوع، وإن كنا شخصيًا لا نعتقد أن هناك جدوى عملية من مثل هذه البحوث، وأن الأولى منها بعنايتنا هو الشئون الاجتماعية والاقتصادية فى المملكة التى يعيش سوادها الأعظم فى حكم الهمل بسبب سوء أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية».
كانت تلك هى استجابة من يمكن أن نطلق عليهم ممثلى التدين المطمئن. يفندون دعاوى الإلحاد بهدوء دون تجاوز أو تدن؛ ولا يفوتهم التنبيه بأن الأولى من تلك المجادلات العناية بأحوال المصريين المتدنية اجتماعيا واقتصاديا.
وبطبيعة الحال لم تخل الساحة ممن روعهم ما حدث ووجدوه مهددا للدين الإسلامي؛ فثمة من اتهم أدهم بأنه قزم عملقته الصحافة؛ بل إن الشيخ يوسف الدجوى عضو جماعة كبار العلماء الذى سبق أن هاجم دعوة قاسم أمين لتحرير المرأة كتب عدة مقالات فى مجلة الأزهر تحت عنوان «حدث جلل لا يمكن الصبر عليه» جاء فيها أن إسماعيل أدهم «يطعن فى دين الدولة وملكها حامى الدين والعلم» وأن ما جاء فى مقاله ايتناقض مع الفطرة الإسلامية التى جبل عليها سائر البشرب مطالبا بالتحقيق معه؛ و قد كافأ النظام الملكى فضيلة الشيخ يوسف الدجوى بأن خلد ذكراه بإطلاق اسمه على واحد من شوارع حى المنيل بالقاهرة؛ كذلك فقد لبت وزارة النحاس نداء الشيخ يوسف الدجوى وقامت النيابة بالتحقيق مع أدهم وتفتيش منزله فوجدت فيه رسالة (لماذا أنا ملحد؟)، وملفات أخرى تحوى بعض نسخ من بحوث متعددة عن فلسفة النشوء والارتقاء، و قد اكتفت النيابة بتحذيره وتعطيل مجلة الإمام التى نشرت مقاله لأول مرة.
وقد أثارت هذه الواقعة بعض المجادلات بين المحافظين والمجددين حول المقصود بالمادة 49 فى دستور 1923 التى تنص على أن دين الدولة الإسلام، وما جاء فى المواد 12، 14، 16 بشأن حرية الاعتقاد وحرية الرأى والفكر وطبيعة الدور الذى يضطلع به الأزهر وشيوخه فى الحياة الثقافية ومدى مشروعية قرارات هيئة كبار علمائه بشأن مصادرة الكتب وإحالة أصحابها للنيابة والحكم بتكفيرهم.
كانت تلك هى أهم نماذج رد الفعل «الإسلامي» بشأن تلك القضية؛ ولنا هنا عدة ملاحظات:
الملاحظة الأولى أن من فندوا ما قاله أدهم ظل نقدهم محصورا فى القول دون تجاوز إلى تشهير شخصى بالقائل.
الملاحظة الثانية أن أحدا من المنتقدين للمقال لم يدع الجماهير للتظاهر احتجاجا، رغم أن العديد ممن شاركوا فى ثورة 1919 كانوا ما زالوا أحياء يختزنون خبرة المظاهرات الجماهيرية الاحتجاجية.
الملاحظة الثالثة: أن أحدا لم يستخدم قط تعبير الردة وما يستتبعه من قتل المرتد بعد استتابته.
وللحديث بقية
لمزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.