نقابة الأطباء بعد واقعة طبيب عيادة قوص: نؤكد احترامنا الكامل للمرضى    تسليم شقق جنة والإسكان المتميز بدمياط الجديدة 15 يونيو    أسطول الحرية: انقطاع الاتصالات وبث أصوات مزعجة عبر راديو السفينة مادلين    إساءة للسلطة، حكام ديمقراطيون يهاجمون ترامب بسبب لوس أنجلوس    روسيا تسقط 24 مسيرة أوكرانية فوق مقاطعتي فورونيج وبيلجورود    "لن يعود حيا" .."أبو عبيدة" يكشف محاصرة الاحتلال لمكان تواجد أسير إسرائيلي    لاعب إسبانيا يتحسر على خسارة دوري الأمم الأوروبية أمام البرتغال    قرار مفاجئ.. ليفاندوفسكي يعلق مشاركته دوليًا بسبب مدربه    تشييع جثمان ضحية حادث شاحنة بنزين العاشر بمسقط رأسه في الدقهلية- صور    تحذير من شبورة كثيفة على هذه الطرق اليوم    تامر عاشور يروي طقوسه في عيد الأضحى    طريقة عمل طاجن اللحم بالبصل في الفرن    مواعيد مباريات الأهلي في كأس العالم للأندية بعد الخسارة من باتشوكا    سرعة قاتلة تُنهي يوم عمل مأساويا.. مصرع وإصابة 12 عاملا في انقلاب سيارة على زراعي المنيا    المنيا: وجبة مسمومة تنقل 35 شخصا إلى المستشفى في ملوي    «عايز يضيف».. ريبيرو يتحدث عن انضمام زيزو إلى الأهلي    ياسمين صبري: «مش بنافس غير نفسي وأحب تقديم قصص من الواقع» (فيديو)    «أسطول الحرية»: القوات الإسرائيلية تختطف المتطوعين على السفينة «مادلين»    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    غادر مصابا أمام باتشوكا.. جراديشار يثير قلق الأهلي قبل كأس العالم للأندية    تريزيجيه يُتوج بجائزة أفضل لاعب في ودية الأهلي وباتشوكا    اتحاد العمال: مصر فرضت حضورها في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد» الاثنين 9 يونيو    جنود إسرائيليون يحاصرون السفينة «مادلين» المتجه إلى غزة    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 9 يونيو 2025    وفاة شخص إثر إصابته بطلقٍ ناري بالرأس في مشاجرة بالفيوم    إصابة سائق وطالب في حادث تصادم بين سيارة ملاكي و«توك توك» بالمنيا    رسميا.. نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 في مدارس الإسكندرية.. ومتى تظهر بالقاهرة؟    أوربان يتعهد بالاحتفال حال انتخاب لوبان رئيسة لفرنسا    بعد تصديق الرئيس السيسي.. تعرف على عدد مقاعد الفردي والقائمة لمجلسي النواب والشيوخ بالمحافظات بانتخابات 2025    وزارة الأوقاف تقيم أمسية ثقافية بمسجد العلي العظيم    ضحى بحياته لإنقاذ المدينة.. مدير مصنع "يوتوبيا فارما" يتبرع بنصف مليون جنيه لأسرة سائق العاشر من رمضان    بدون كيماويات.. طرق فعالة وطبيعية للتخلص من النمل    مكسل بعد إجازة العيد؟ إليك نصائح للاستعداد نفسيًا للعودة إلى العمل    فيديو تشويقي عن افتتاح المتحف المصري الكبير في احتفالية ضخمة 3 يوليو    زيلينسكي: بوتين يسعى لهزيمة أوكرانيا بالكامل    الخارجية الفلسطينية تثمن جهود المتضامنين الدوليين على سفينة كسر الحصار وتطالب بحمايتهم    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 9 يونيو 2025 بعد آخر انخفاض    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 9 يونيو 2025    4 أبراج «بيشوفوا الأشباح في الليل».. فضوليون ينجذبون للأسرار والحكايات الغريبة    بشكل مفاجئ .. إلغاء حفل لؤي على مسرح محمد عبد الوهاب بالإسكندرية    تامر عاشور: أتمنى تقديم دويتو مع أصالة وشيرين    باتشوكا يتقدم على الأهلي بهدف كينيدي    فسحة العيد في المنصورة.. شارع قناة السويس أبرز الأماكن    أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص ترعة الدقهلية    مكونات بسيطة تخلصك من رائحة الأضاحي داخل منزلك.. متوفرة لدى العطار    وكيل صحة سوهاج: تقديم الخدمة الطبية ل8 آلاف و866 مواطنا مؤخرًا بمستشفيات المحافظة    حدث بالفن | شيماء سعيد تستعيد بناتها وحلا شيحة تحلم ب يوم القيامة    الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار تحرم المصريين من الأضحية فى زمن الانقلاب    تعديلات تشريعية جديدة.. الدولة تعزز التمثيل النيابي للشباب والمرأة وذوي الهمم    مؤسسة أبو هشيمة عضو التحالف الوطني توزع لحوم الأضاحي بمحافظة بني سويف.. صور    الوفد النقابي في جنيف: مصر نموذج للدفاع عن كرامة العمال    فضيلة الإمام الأكبر    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التدين الهش والتدين المطمئن (3)
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 10 - 2015

عرضنا فى مقالات سابقة كيف أن الدكتور إسماعيل أدهم فى مقاله الصادم لم يتجرأ على الإسلام فقط بل على الأديان جميعا بإعلانه الصريح لإلحاده بل وتبريره لذلك الإلحاد. ترى كيف تعامل المثقفون المصريون فى الثلاثينيات حيال ذلك الإعلان الصادم؟
كان ثمة رد فعل من مجلة الأزهر التى كان يرأس تحريرها فى ذلك الوقت المفكر الإسلامى المعروف محمد فريد وجدي، حيث كتب فى العدد السابع من المجلة الصادر فى رجب 1356 (1937) تحت عنوان «لماذا هو ملحد» استهله بعبارة بالغة الدلالة يقول فيها:
«إن انتشار العلوم الطبيعية، وما تواضعت عليه الأمم المتمدنة من إطلاق حرية الكتابة والخطابة للمفكرين فى كل مجال من مجالات النشاط العقلي، استدعت أن يتناول بعضهم البحث فى العقائد، فنشأت معارك قلمية بين المثبتين والنافين تمخضت بسببها حقائق، وتباينت طرائق، وآمن من آمن عن بينة، وألحد من ألحد على عهدته. ونحن الآن فى مصر، وفى بحبوحة الحكم الدستوري، نسلك من الكتابة والتفكير هذا المنهاج نفسه فلا نضيق به ذرعًا ما دمنا نعتقد أننا على الحق المبين، وأن الدليل معنا فى كل مجال نجول فيه، وأن التسامح الذى يدعى أنه من ثمرات العصر الحاضر هو فى الحقيقة من نفحات الإسلام نفسه، ظهر به آباؤنا الأولون أيام كان لهم السلطان على العالم كله، فقد كان يجتمع المتباحثون فى مجلس واحد بين سنى ومعتزلى ومشبه ودهرى إلخ فيتجاذبون المسائل المعضلة، فلم يزد الدين حيال هذه الحرية العقلية إلا هيبة فى النفوس وعظمة فى القلوب وكرامة فى التاريخ. هذه مقدمة نسوقها بين يدى نقد نشرع فيه لرسالة ترامت إلينا بعنوان «لماذا أنا ملحد؟» نشرها حضرة الدكتور إسماعيل احمد أدهم فى مجلة الإمام الصادرة فى أغسطس 1937ثم أفردها فى كراسة تعميمًا للدعوة» ويمضى محمد فريد وجدى مفندا ما قال به إسماعيل أدهم حريصا على أن تسبق إشارته إليه بلقب «حضرة الدكتور إسماعيل أحمد أدهم».
ولم تلبث أن نشرت مجلة «الإمام» فى سبتمبر1937 رد الدكتور أبو شادى مع تعليق من المحرر جاء فيه «يذكر القراء أن فى مقدمة الرسائل الإسلامية القوية التى دبجتها يراعة الدكتور أبوشادى رسالته الموسومة «عقيدة الألوهية». وقد انبرى للرد عليها فى العدد الماضى الأستاذ الدكتور إسماعيل أحمد أدهم، ونشرنا رده بحكم احترامنا حرية الرأى فى حدود القانون، لاعتقادنا أن الأدب هو المستفيد من وراء هذا النقاش بغض النظر عن موافقتنا أو مخالفتنا للآراء المعروضة. ولما اطلع الدكتور أبوشادى على مقال الدكتور إسماعيل أدهم كتب يرد عليه فى رسالة مستقلة بعنوان «لماذا أنا مؤمن؟». وإلى هذه الرسالة القيمة نوجه أنظار قرائنا حتى يلموا بطرفى الموضوع، وإن كنا شخصيًا لا نعتقد أن هناك جدوى عملية من مثل هذه البحوث، وأن الأولى منها بعنايتنا هو الشئون الاجتماعية والاقتصادية فى المملكة التى يعيش سوادها الأعظم فى حكم الهمل بسبب سوء أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية».
كانت تلك هى استجابة من يمكن أن نطلق عليهم ممثلى التدين المطمئن. يفندون دعاوى الإلحاد بهدوء دون تجاوز أو تدن؛ ولا يفوتهم التنبيه بأن الأولى من تلك المجادلات العناية بأحوال المصريين المتدنية اجتماعيا واقتصاديا.
وبطبيعة الحال لم تخل الساحة ممن روعهم ما حدث ووجدوه مهددا للدين الإسلامي؛ فثمة من اتهم أدهم بأنه قزم عملقته الصحافة؛ بل إن الشيخ يوسف الدجوى عضو جماعة كبار العلماء الذى سبق أن هاجم دعوة قاسم أمين لتحرير المرأة كتب عدة مقالات فى مجلة الأزهر تحت عنوان «حدث جلل لا يمكن الصبر عليه» جاء فيها أن إسماعيل أدهم «يطعن فى دين الدولة وملكها حامى الدين والعلم» وأن ما جاء فى مقاله ايتناقض مع الفطرة الإسلامية التى جبل عليها سائر البشرب مطالبا بالتحقيق معه؛ و قد كافأ النظام الملكى فضيلة الشيخ يوسف الدجوى بأن خلد ذكراه بإطلاق اسمه على واحد من شوارع حى المنيل بالقاهرة؛ كذلك فقد لبت وزارة النحاس نداء الشيخ يوسف الدجوى وقامت النيابة بالتحقيق مع أدهم وتفتيش منزله فوجدت فيه رسالة (لماذا أنا ملحد؟)، وملفات أخرى تحوى بعض نسخ من بحوث متعددة عن فلسفة النشوء والارتقاء، و قد اكتفت النيابة بتحذيره وتعطيل مجلة الإمام التى نشرت مقاله لأول مرة.
وقد أثارت هذه الواقعة بعض المجادلات بين المحافظين والمجددين حول المقصود بالمادة 49 فى دستور 1923 التى تنص على أن دين الدولة الإسلام، وما جاء فى المواد 12، 14، 16 بشأن حرية الاعتقاد وحرية الرأى والفكر وطبيعة الدور الذى يضطلع به الأزهر وشيوخه فى الحياة الثقافية ومدى مشروعية قرارات هيئة كبار علمائه بشأن مصادرة الكتب وإحالة أصحابها للنيابة والحكم بتكفيرهم.
كانت تلك هى أهم نماذج رد الفعل «الإسلامي» بشأن تلك القضية؛ ولنا هنا عدة ملاحظات:
الملاحظة الأولى أن من فندوا ما قاله أدهم ظل نقدهم محصورا فى القول دون تجاوز إلى تشهير شخصى بالقائل.
الملاحظة الثانية أن أحدا من المنتقدين للمقال لم يدع الجماهير للتظاهر احتجاجا، رغم أن العديد ممن شاركوا فى ثورة 1919 كانوا ما زالوا أحياء يختزنون خبرة المظاهرات الجماهيرية الاحتجاجية.
الملاحظة الثالثة: أن أحدا لم يستخدم قط تعبير الردة وما يستتبعه من قتل المرتد بعد استتابته.
وللحديث بقية
لمزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.