تم طرح فكرة «الشرطة القضائية» في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي, عندما هدد الإرهاب الساحة القضائية في مصر, ولكن وزارة الداخلية قامت حينها برفض مادة بالقانون تنص على تبعية الشرطة القضائية إلى رؤساء المحاكم الابتدائية وتلقى أوامرهم منهم، مؤكدة أن الحماية والتأمين أمر ليس هينا وأنه يجب أن يتبع وزارة الداخلية لأن هذا اختصاصها، وهو أمر قضى على الفكرة منذ بدايتها. واليوم عاد مقترح إنشاء شرطة قضائية لحماية القضاة والمحاكم من جديد على الساحة بعد واقعة استشهاد النائب العام و ثلاثة قضاة في سيناء، فضلا عن محاولات اغتيال عدد من القضاة، وكذلك التفجيرات التي طالت عددا من المحاكم، فضلا عن البيان التهديدى من قبل تنظيم أنصار بيت المقدس لقضاة مصر. لذا كان هذا التحقيق. ............................................................................. قامت الأهرام بتسليط الضوء علي المقترح بمشروع القانون الذي تم تقديمه في عام2003 للجنة نادي القضاة لتعديل قانون السلطة القضائية لإنشاء إدارة عاملة للشرطة القضائية تخضع لإشراف النائب العام وذلك في أكتوبر 2011 في تحقيق كامل جاء بعنوان «الشرطة القضائية..أصبحت ضرورة ملحة». تم عرض المقترح بعد ان تم احالته إلي مركز بحوث الشرطة منذ8 سنوات حينها ولم يتم البت فيه حتي يومنا هذا. وقتها تم تقديم اقتراح للجنة تعديل قانون السلطة القضائية منذ2003 ولكن للأسف وعلي عكس المتوقع استحال تطبيق ذلك الاقتراح خاصة بعد التعديلات الدستورية التي تمت عام2006 وإلغاء الإشراف القضائي بعد تعديل المادة88 من الدستور. ولكن اليوم أصبح لزاما أن نعيد طرح ذلك الاقتراح من جديد علي الملأ حتي يخرج إلي النور. فاختصاصات جهاز الشرطة القضائية أو إدارة الشرطة القضائية تتلخص في الآتي: تنفيذ الأحكام القضائية, معاونة المحضرين في أعمال الإعلان, تنفيذ قرارات النيابة العامة, إجراء واستكمال التحريات في قضايا معينة, حراسة وتأمين المنشآت القضائية, الاختصاص بالإشراف علي السجون, تأمين مقار اللجان الانتخابية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحليات وتنفيذ قرارات وأذون المجلس الأعلى للقضاء وتنفيذ الأحكام القضائية. من جانبه أشار سامح محمد عبد الحكم, المستشار بمحكمة استئناف القاهرة, إلى أن اقتراح الشرطة القضائية قد تم طرحه من قبل عدة مرات في المحافل والمؤتمرات القضائية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر البحث الذي تقدم به الدكتور اللواء أحمد جلال عز الدين بخصوص إنشاء إدارة عاملة للشرطة القضائية وكان ذلك بالمؤتمر الأول للعدالة بنادي القضاة عام 1986، كذلك المؤتمر الأول للجمعية المصرية للقانون الجنائي والذي عقد في عام 1987 والذي أوصى بوجوب أن يتبع البوليس السلطة القضائية ، كما أوصي المؤتمر الثاني للجمعية عام 1988 بأن تتبع الضبطية القضائية ذات الاختصاص العام وزارة العدل تحت إشراف النائب العام، كذلك الاقتراح المقدم من المستشار فاروق سيف النصر عام 2003 بصفته وزير العدل في ذلك الحين ضمن تقرير الوزارة المقدم لمجلس الشورى السابق بإنشاء شرطة قضائية متخصصة تتولى تنفيذ الأحكام القضائية وتعاون المحضرين في القيام بأعمال الإعلان واستيفاء التحقيقات التي تطلبها النيابة العامة وتتولى الحفاظ على دور العدالة على أن تتبع وزارة العدل . وقد قامت وزارة الداخلية آنذاك بإحالة الاقتراح إلى مركز بحوث الشرطة لدراسة الاقتراح ومناقشته … ولم يتم البت في إنشاء جهاز الشرطة القضائية منذ ذلك الحين. واليوم وبعد استهداف القضاة وأعضاء النيابة العامة... واستشهاد النائب العام، واستشهاد ثلاثة من خيرة شباب القضاة بشمال العريش بات من الضروري إعادة الطرح من جديد. ومن المفروض ان تتبع الإدارة العامة للشرطة القضائية وزير العدل ويشرف عليها أحد مساعدي الوزير وتضم من القضاة العدد الكافي لأداء أعمالها واختصاصاتها المنوطة بها . وتتكون من ضباط وأفراد منتدبين من وزارة الداخلية ، كما هو الحال بالنسبة لشرطة رئاسة الجمهورية أو شرطة مجلس النواب . ويجوز إلغاء ندب من يظهر منهم من خلال التقارير عدم ملاءمته للعمل ويتم ذلك في حركة يصدرها مساعد وزير العدل للشرطة القضائية بالتنسيق مع مساعد وزير الداخلية للشرطة المتخصصة . على ان تُرحل ميزانية قطاع السجون والإدارة العامة للترحيلات والإدارة العامة لتنفيذ الأحكام إلى ميزانية الإدارة العامة للشرطة القضائية بوزارة العدل. ويسري على العاملين بالإدارة من ضباط وأفراد القواعد المعمول بها في وزارة الداخلية، ويجوز الاستعانة بضباط سابقين من ذوي الخبرة الأمنية كمنتدبين بالإدارة بعد موافقة وزير العدل. ويمكن تنفيذ ذلك على مرحلتين أو أكثر وتحديد مدة زمنية لكل مرحلة من خلال مذكرة تفاهم يتم توقيعها بين وزارتي العدل والداخلية لدراسة أوجه التطبيق وكيفية تنفيذه وللالتزام بالمدة الزمنية المقترحة لكل مرحلة.
اختصاصات الإدارة وأضاف المستشار سامح عبد الحكم: تتلخص اختصاصات الإدارة العامة للشرطة القضائية بالمهام والاختصاصات الآتية: تنفيذ الأحكام القضائية, معاونة المحضرين في أعمال الإعلان, تنفيذ قرارات واستيفاءات النيابة العامة, حراسة وتأمين القضاة والمنشآت القضائية, الاختصاص بالإشراف على السجون, تطبيق قرارات المنع من السفر وترقب الوصول وتنفيذ قرارات وأذون المجلس الأعلى للقضاء. فيما يخص تنفيذ الأحكام القضائية: هناك مبدأ لا حياد عنه قبل البحث عن أسباب مشاكل تنفيذ الأحكام وهو أن الدعوى لا تنتهي بصدور حكم نهائي وبات فيها، وإنما تمامها لا يكون إلا بتسليم صاحب الحق حقه الصادر به الحكم أو بالتنفيذ على من صدر ضده الحكم جزاء لما اقترفه من جرم ، وأن ملف الدعوى يجب ألاَ يُغلق إلا بتنفيذ الحكم الصادر في الدعوى ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( لاينفع قضاء لا نفاذ له). وقد اتضح من الدراسة التي قام بها مركز بحوث الشرطة بخصوص إنشاء الإدارة العامة لمباحث تنفيذ الأحكام بمقتضى القرار الوزاري رقم 7344 لسنة1994 والذي حدد اختصاصات الإدارة حول المتابعة والإشراف والرصد والتنسيق على جهود أجهزة تنفيذ الأحكام بجهات وزارة الداخلية النوعية والجغرافية على أساس عدة نقاط من أهمها: أنه تم حصر كافة أحكام الجنايات واجبة النفاذ على مستوى الجمهورية وميكنتها, تم حصر الأحكام المستأنفة واجبة النفاذ بذات الأسلوب المتبع في أحكام الجنايات, تواجه الإدارة صعوبة في تنفيذ نفس الأسلوب بالنسبة للأحكام الجزئية لضخامة العدد المطلوب تنفيذه, لا تختص الإدارة بتنفيذ الأحكام المدنية ، تتولى المتابعة والإشراف والرصد والتنسيق على جهود أجهزة تنفيذ الأحكام .
معاونة المحضرين ثانيا, لا يختلف اثنان على أهمية أعمال الإعلان التي يقوم بها المُحضرون لما لها من خطورة سواء في إثبات إعلان الخصوم أوإثبات تنفيذ الأحكام ، ولاشك أن تقاعس أو تلاعب بعض المحضرين والذي يظهر من واقع العمل يُعد وبحق أحد أهم سلبيات نظام التنفيذ ، والتي لم يتم التغلب عليها للأسف رغم إنشاء إدارة للتنفيذ داخل كل محكمة . ويستكمل سامح محمد عبد الحكم: لذا سنقترح لإزالة تلك الإشكالية أن تقوم إدارات الشرطة القضائية بكل محكمة ابتدائية بالإعلانات القضائية وتكون هي المختصة بذلك حتى نضمن عدم تلاعب المحضرين في إثبات غلق السكن ،وكذا اختصاصها بإجراء التحريات اللازمة في حالة تسليم الإعلان لغير الشخص المعلن إليه إذا ما طلب منها ذلك ، وأن تتحرى عن سبب غلق المسكن في حالة الإعلان لجهة الإدارة والتأكد من أن المطلوب إعلانه يقيم بهذا المكان ، هذا فضلا عن تنفيذ أو إجراء التحريات المطلوبة. ثالثاً, فيما يخص تنفيذ قرارات واستيفاءات النيابة العامة : تنص المادة 776 من كتاب التعليمات العامة للنيابات، القسم الأول في المسائل الجنائية على الآتي : « يتولى عضو النيابة مراجعة محاضر جمع الاستدلالات التي ترد من الشرطة إلى النيابة مقيدة بأرقام مخالفات أو جنح وذلك بعد قيدها في الجداول المخصصة لذلك ولتسليمها إليه من كاتب الجدول بغية التحقق من استيفاء الإجراءات التي يتطلبها القانون واستكمال العناصر التي تجعلها صالحة للتصرف فيها وعليه أن يأمر باستيفاء أي نقص فيها بواسطة مندوب الشرطة المخصص لذلك بالنيابة أو بمعرفة محرر المحضر أو غيره من مأموري الضبط القضائي ويكون طلب الاستيفاء أو استعجاله بكتب تُرسل للشرطة أو للجهة المنوط بها التنفيذ دون إرسال القضايا إليه « . ولما كانت المادة سالفة الذكر قد أناطت بجهاز الشرطة استيفاء المحاضر المقيدة بأرقام جنح ومخالفات فضلا عن المحاضر الواردة برقم إداري وهذه القضايا تمثل نسبة كبيرة من أعمال النيابة العامة وهي المحاضر التي يتم التصرف فيها دون إجراء تحقيق. وغنيٌ عن البيان مدى أهمية هذه المحاضر لما تمثله من مساس بالعلاقات اليومية للمواطنين وما يتصل بحياتهم الأسرية فضلا عن منازعات الحيازة وما تمثله من أهمية بالغة. ولاشك أن مايجري به العمل بالنيابات في الوقت الحالي في حدود الإمكانيات المتاحة لا يسمح لمندوبي الاستيفاء بالقيام بهذه المهام على الوجه الأكمل . كما أظهر العمل تعطل العديد من التحقيقات لأجل تنفيذ إجراء معينة والذي قد يؤدي إلى عدم تنفيذه على وجه السرعة إلي بطء التحقيق أو ربما ضياع الأدلة أو الحقوق من أصحابها وإفلات الجاني من العقاب. ومن ثمَ فالإدارة المُقترح إنشاؤها سوف يُنشأ بها قسم لاستيفاء المحاضر والتحقيقات وتنفيذ طلبات النيابة تكون مهمته العمل على سرعة ودقة استيفاء المحاضر المطلوب استيفاؤها حتى يكون تصرف النيابة بشكل أوفى وأسرع تحقيقاً للعدالة الناجزة ، ويكون ذلك القسم تابعاً لمدير إدارة النيابات بمكتب النائب العام يتولى بدوره توزيع وحدات للشرطة القضائية على النيابات الكلية والجزئية بما يكفل حسن أداء هذه المهمة .
حراسة القضاة ويضيف سامح عبد الحكم: ولاشك أن القضاء أصبح مستهدفاً من جماعات الإرهاب وأعوانها ، بدءاً من القضاة وأعضاء النيابة أنفسهم ومروراً بممتلكاتهم ومنازلهم وسياراتهم وانتهاء بأماكن عملهم من دور محاكم ونيابات . ولعل فاجعة استشهاد النائب العام ومن قبله ثلاثة من خيرة شباب قضاة مصر أبرز دليل على التطور النوعي والتصعيد الخطير الذي يواجهه قضاة مصر من الإرهاب الغادر الخسيس. ويكون من ضمن اختصاصات إدارة الشرطة القضائية وضع خطط تأمين المحاكم والمنشآت والهيئات القضائية على مستوى الجمهورية بحيث تتولى حراسة وتأمين دور العدالة وكفالة الأمن والنظام داخل المحاكم والنيابات المختلفة مع توفير الوسائل اللازمة لهم والتي تُعينهم على تحقيق وكفالة الحماية اللازمة . وفيما يخص الاختصاص بالإشراف على السجون فلكل من أعضاء النيابة العامة ورؤساء المحاكم الابتدائية والإستئنافية زيارة السجون العامة والمركزية الموجودة في دوائر اختصاصهم والتأكد من عدم وجود محبوس بصفة غير قانونية ولهم أن يطلعوا على دفاتر السجن وعلى أوامر القبض والحبس ولهم أن يأخذوا صوراً منها وأن يتصلوا بأي محبوس ويسمعوا منه أي شكوى يريد أن يبديها وعلى مدير وموظفي السجون أن يقدموا لهم كل مساعدة لحصوله على المعلومات التي يطلبونها «. أما فيما يخص تطبيق قرارات المنع من السفر وترقب الوصول, فالمقصود بذلك القرارات القضائية الصادرة من النائب العام أو قاضي التحقيق أو من المحكمة المختصة بالمنع من السفر أو ترقب الوصول. وذلك عن طريق إنشاء مكتب للشرطة القضائية بجميع موانئ ومطارات الجمهورية يختص بمتابعة قرارات المنع من السفر وترقب الوصول ومتابعة تنفيذها أو إلغائها وفقاً للقانون. وتأكيداً لمبدأ استقلال القضاء وما يستتبع ذلك من ضرورة إشراف ورقابة مجلس القضاء الأعلى على أعمال القضاة وشئونهم باعتباره الجهة المختصة والمسئولة عن كافة أعمال وشئون السلطة القضائية ، وما قد يستتبع ذلك أحياناً من إصدار أذون برفع الحصانة وما يرافقها من إجراءات... فيكون من الأنسب أن تختص إدارة الشرطة القضائية بتنفيذ والإشراف على تنفيذ تلك الإجراءات ، الصادرة من مجلس القضاء الأعلى صاحب الاختصاص الأصيل في ذلك تأكيداً لمبدأ استقلالية القضاء.