من قلب الكلية الحربية حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حديثه إلى قادة المستقبل من أن حرب المعلومات والحرب النفسية تدمر شعوباً ودولاً، مؤكدا أهمية دراستها ومواجهة آثارها على شباب مصر، وأنها كعلم لابد من توعية المجتمع المصرى ضد مخاطرها وتحويلها لخدمة الأهداف القومية. وكانت كل من روسيا الاتحادية والصين قد تنبهتا إلى خطر التعرض لحرب المعلومات والحرب النفسية والثورات الملونة المرتبطة بحروب الجيل الرابع، بل ان روسيا كانت احدى الدول التى تعرضت لضربات النماذج الاولى من هذا النوع من حروب الجيل الرابع اثناء سنوات انهيار الاتحاد السوفيتى السابق فى نهاية عقد الثمانينيات من القرن العشرين. وخلال الأعوام الأخيرة شرعت روسياوالصين فى تغيير إستراتيجياتهما وعقيدتها العسكرية بما يؤهلهما لمواجهة ذلك النوع الجديد من الحروب المدمرة للأمم والشعوب. وفى نهاية عام 2014 صدق الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على الصيغة الجديدة للعقيدة العسكرية الروسية واحتوت الوثيقة الجديدة على 14 خطرا عسكريا خارجيا أساسيا على روسيا، بما فى ذلك نشاطات أجهزة المخابرات والمنظمات الأجنبية المخربة، والتهديدات المتصاعدة للتطرف والإرهاب فى ظروف عدم كفاية التعاون الدولى فى هذا المجال. وفيما يتعلق بالمجال الداخلى أكدت العقيدة العسكرية أن أية ممارسات إرهابية تستهدف زعزعة استقرار الأوضاع فى البلاد تشكل خطرا عسكريا. وعددت الوثيقة تلك الممارسات كما يلى :"أنشطة تستهدف تغيير النظام الدستورى فى الاتحاد الروسى بشكل قسرى وزعزعة استقرار الوضع الإجتماعى والسياسى الداخلى وعمل اختلال فى آلية السلطة والمنشآت الدولية والعسكرية والبنية التحتية للمعلومات بالبلاد"، بالإضافة إلى "أعمال المنظمات الإرهابية والأفراد التى تهدف إلى تقويض سيادة الدولة ووحدتها وسلامة أراضيها". وأشارت الوثيقة إلى الأنشطة التى تشمل "التأثير الإعلامى" على المواطنين وبالدرجة الأولى على الشباب، والتى تهدف إلى تقويض الأسس التاريخية والروحية والوطنية خاصة فيما يتعلق بحماية الوطن الأم، بالإضافة إلى الأعمال الهادفة إلى إثارة التوتر العرقى والاجتماعى والتمييز العنصرى وإشعال نار الكراهية الدينية والإثنية أو العدوان. و أصبحت العقيدة العسكرية الروسية تشمل أيضا الإشارة، إلى أن هناك توجها، لتحويل الأخطار والتهديدات العسكرية إلى الفضاء المعلوماتى والفضاء الداخلى للدول. أما الصين فقد أخذت موقفا أشد وضوحا لمواجهة الثورات الملونة وحروب الجيل الرابع. فقد نشرالمكتب الإعلامى لمجلس الدولة الصينى (مجلس الوزراء) الكتاب الأبيض التاسع حول الدفاع تحت عنوان: "الإستراتيجية العسكرية الصينية" وذلك فى شهر مايو 2015. وأكدت الوثيقة على أن "النقطة الأساسية" فى التحضير للاستعداد القتالى للقوات الصينية المسلحة ستوضع على أساس "ربح الحروب الإقليمية معلوماتياً". وحذرت الصحيفة الناطقة باسم الجيش الصينى من احتمال استخدام "القوى المعادية الغربية" لشبكة الانترنت لإشعال ثورة فى الصين. وجاء فى المقال الافتتاحى للصحيفة اليومية لجيش التحرير الشعبى الصينى ما يلى :"أصبحت شبكة الإنترنت ساحة معارك أيديولوجية، من يسيطر عليها يفوز في المعركة". ونبهت الصحيفة على ضرورة اتخاذ تدابير أمنية على الانترنت لضمان "السلامة الأيديولوجية على الشبكة". وأكدت الصحيفة تعرض البلاد لحرب من الجيل الرابع بقولها :"هاجمت القوى المعادية الغربية جنبا إلى جنب مع عدد قليل من " الصينيين الخونة أيديولوجيا" بخبث الحزب الحاكم، ولطخت سمعة قادتنا المؤسسين والأبطال بمساعدة شبكة الانترنت والهدف الأساسى من ذلك هو ارباكنا بمفهوم "القيم العالمية" أى العولمة وتعكير صفونا بما يسمونه "الديمقراطية الدستورية" حتى تسقط بلادنا في براثن "ثورة ملونة". وحذرت الصحيفة من أن إسقاط النظام الحاكم يمكن أن يحدث فى كثير من الأحيان بين عشية وضحاها حيث يبدأ السقوط من التآكل الأيديولوجى. وتم التأكيد على أن الجيش الصينى لايقوم فقط بحماية السيادة والأمن الوطنى فى ميادين القتال التقليدية، بل أيضا بحماية "الأمن الأيديولوجى والسياسى" على ساحة معركة الإنترنت الخفية. ودشن الجيش الصينى فى يناير 2015 حملة تعليمية تستغرق عاما واحدا للجنود والضباط لتحقيق ما وصف ب"تعزز ثقة الجنود والضباط فى أيديولوجيات بلادهم ورفع مستوى ائتمانهم ودعمهم للحزب الحاكم والرئيس شي جين بينج". وعلى المستوى العلمى ظهرت على شاشات التليفزيون الروسى د. يلينا بونوماريوفا أستاذة العلوم السياسية بمعهد موسكو الحكومى للعلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية والخبيرة فى"الثورات الملونة" فى عام2013 لتسلط الضوء على استخدام الحرب النفسية فى التأثير على الثورات العربية تحديدا وفى إشعال الثورات فى شرق أوروبا ودول الاتحاد السوفيتى السابق بوجه عام.