تهل هناك خدعة ما تنطوي عليها ثورات الربيع العربي؟! وهل كانت الثورات العربية مدفوعة بالرغبة في التخلص من الفساد وسلبيات الأنظمة السابقة فقط؟ وهل كان لاستخدام قوي خارجية لفنون الحرب النفسية أثر في اندلاع الثورات العربية واستمرار عدم الإستقرار حتي اليوم؟ وجاءت الإجابة في بداية شهر مايو2013 عندما ظهرت علي شاشات التليفزيون الروسي د. يلينا بونوماريوفا أستاذة العلوم السياسية للعلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية والخبيرة في الثورات الملونة لتسلط الضوء علي استخدام الحرب النفسية في التأثير علي الثورات العربية. تحليل الثورات فوفق رؤية د.بونوماريوفا هناك فارق كبير بين الثورات الكلاسيكية مثل الثورة الفرنسية عام1789 والثورة الروسية في بدايات القرن العشرين من جانب والثورات الملونة وثورات الربيع العربي من جانب آخر. فهناك ثلاثة عوامل أساسية للثورة وهي:1 ظهور وضع لا تحتمله الطبقات الدنيا, وفشل الدوائر العليا في مواصلة إدارة شئون الحكم2. تفاقم الأحوال الاجتماعية بصورة لا تطاق, وهذا الامر لم يكن موجودا في الدول التي كانت مسرحا لثورات ملونة, بل إن الناس عاشوا في ظروف ملائمة مقارنة بالظروف التي تعاني فيها البلاد التي تشهد حاليا حراكا ثوريا3. ظهور فكرة جديدة تقتضي تقديم نظرية أو نموذج لمستقبل مشرق جديد وهو ما اقترحه منظرو الثورات السابقة التي نضجت ظروفها خلال فترة طويلة. أما الثورات الملونة فهي لم تحمل جديدا, وكل ما تحمله هو مجرد إعادة إنتاج للأيديولوجيات والمناهج القديمة4. توفرعامل ذاتي للثورات الكلاسيكية ينعكس في وجود حزب قوي أو قيادة تتزعم العمل الثوري ولا تتشكل في خضم الثورة أو بعدها. ويكمن الهدف الأساسي للثورات الملونة في تغيير أشخاص النظام الحاكم في بلد ما والتي تقتضي المصلحة إبعادهم عن السلطة في مرحلة محددة لأنهم من وجهة نظر المخططين لهذه الثورات لم تعد لديهم القدرة علي القيام بمهامهم المخططة لهم. فالحديث في هذه الثورات يدور حول تغيير القيادة دون إحداث تغيير في منظومة الحكم نفسها. غسيل الدماغ توتري د.يلينا بونوماريوفا أن الجماهير المشاركة في الثورات تتعرض لعمليات غسيل دماغ. فعلي الرغم من عدم إنكار الأسباب الموضوعية لنشوب الثورات فإن علينا ملاحظة أنه حتي في تلك الأوقات الصعبة لم تخرج الجماهير إلي الشوارع. وفي مصر علي سبيل المثال وقعت المئات من الإضرابات في عام2008 ولكن لم تخرج الجماهير إلي ميدان التحرير للتظاهر بكميات هائلة. ودفع ذلك د.بونوماريوفا إلي ملاحظة وجود مطالب إضافية تم الزج بها لتمتزج بالعوامل الموضوعية التي انعكست في المطالبة بالحرية السياسية وهو ما حدث نتيجة لاستخدام وسائل تكنولوجيا الاتصالات الجديدة( مثل شبكة الإنترنت وفيسبوك وتويتر والرسائل القصيرة علي التليفونات المحمولة) حيث تم توجيهها لتعبئة الرأي العام والتأثير علي الوعي الجماهيري,هذا بالإضافة إلي البرامج التثقيفية والتعليمية المختلفة التي روج لها الغرب علي مدي السنوات العشر الأخيرة. وأكدت د.جيل نايلز في مجلة علم النفس اليوم علي القوة الكبيرة التي منحها تويتر للمشاركين في ثورات الربيع العربي استنادا لمفهوم تجميع الجماهير بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي. وأضافت د. يلينا بونوماريوفا قائلة: نحن في روسيا نتذكر جيدا برامج تطوير الديمقراطية الجديدة التي أقرتها وزارة الخارجية الأمريكية في عام2001, وانخرط فيها مئات الآلاف من الأشخاص, بالإضافة إلي نشاط المنظمات غير الحكومية وتفعيل وسائل الإعلام علي اختلافها للمشاركة في إثارة الرأي العام وتوجيهه. الثورات الموجهة توتؤكد د. يلينا بونوماريوفا أن الثورات العربية موجهة لأنه تمت إثارة الجماهير. فقد تولدت لدي تلك الجماهيرحساسية مفرطة تجاه المشاكل والأوضاع القائمة. ولجأت وسائل الإعلام في البداية إلي خلط المعطيات والوقائع والتلاعب في تفسير الأحداث التي جرت هنا أو هناك, وتم نشر معطيات تحريضية في وقت وزمن محدد. دور ورش التفكير وتعد ورش التفكير أوالفكر, كما يطلق عليها في اللغة الإنجليزية, شبكة واسعة من مراكز ومعاهد البحث التي أنشئت في حقبة الحرب الباردة بهدف مواجهة الاتحاد السوفيتي السابق والكتلة الاشتراكية. وتركز تلك المراكز والمعاهد في عملها علي بلورة آليات ووسائل آليات للتأثير النفسي. ويشير الخبراء الروس المعنيون إلي وجود أكثر من ألف ورشة فكر في الولاياتالمتحدة ولكل منها مهماتها في دراسة وتحليل حيز ما مثل فضاء الإنترنت في روسيا أو تونس أو ليبيا.. الخ. وتوجد الكثير من الآليات لمواجهة تلك المخططات الخارجية من أبرزها مكافحة الفساد وعدم السماح بتحويل الأموال المسروقة للخارج حيث تعرف أجهزة المخابرات الأجنبية كافة تفاصيلها. وهنا يبرز دور التربية في المدارس وفي رياض الأطفال ووسائل الإعلام التي عليها أن تزرع حب الوطن في وعي الجميع.