السيسي يوجه بعلاج المدنيين المستفيدين من صندوق تكريم الشهداء من غير الخاضعين للتأمين الصحي مجانًا    بمشاركة نخبة من الخبراء في مختلف التخصصات.. كلية الطب بالقوات المسلحة تنظم المؤتمر الطبي الثاني    «الوطني الفلسطيني»: غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية    واعظات الأوقاف يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    أتوبيسات تجوب شوارع القاهرة للترويج لافتتاح المتحف المصرى الكبير.. استعدادات ضخمة للحدث العالمى    مدبولي: افتتاح المتحف المصري الكبير سيسهم في جذب المزيد من الحركة السياحية لمصر    شقق شركة مدينة مصر تبدأ بمقدم 140 ألف جنيه وقسط شهري 5 آلاف فقط.. تفاصيل المشاريع وفرص الاستثمار العقاري    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    البرلمان يناقش اتفاقية دعم الاقتصاد ب4 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي    محافظة أسوان تنفذ حملة لرفع 500 حالة إشغال ومراجعة تراخيص المحلات    محافظ الفيوم يتفقد المركز التكنولوجي بطامية ويوجه بتسريع وتيرة العمل في ملفات التصالح    الضفة.. إصابة 3 فلسطينيين بهجمات لمستوطنين استهدفت قاطفي زيتون    زيلينسكى: مستعدون للسلام دون التنازل عن أراضٍ    الإغلاق الحكومى يهدد إنتاج الأسلحة النووية الأمريكية.. CNN تكشف التفاصيل    جهود لبنانية - أمريكية لحصر السلاح بيد الدولة.. وحزب الله يرفض التسليم    الزمالك: لا نية لاستقالة لبيب أو المجلس    لتعزيز الصدارة.. موعد مباراة نابولي ضد ليتشي والقناة الناقلة    موعد مباراة أتالانتا وميلان في الدوري الإيطالي    حسم موقف آدم كايد من مباراة الزمالك والبنك الأهلي    رابطة الأندية: لا تأجيل لمباراتي بيراميدز.. وطولان لم يقدم برنامج إعداد المنتخب الثاني    الداخلية تضبط 751 كيلو مخدرات و144 سلاحا ناريا خلال يوم    صانع محتوى يدّعى تعرضه للسرقة لزيادة المشاهدات.. والأمن يكشف الحقيقة    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    بأمر المحافظ.. تخصيص فقرة يومية بالإذاعة المدرسية للتعريف بالمتحف المصري الكبير بمدارس الجيزة    افتتاح المتحف المصري الكبير 2025.. مصر تبهر العالم في أضخم حدث ثقافي بالقرن الحادي والعشرين    من قلب الأقصر.. «مدينة الشمس» تستعد لاحتفال أسطوري بافتتاح المتحف المصري الكبير| فيديو    تقترب من 19 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم «أوسكار عودة الماموث»    الإفتاء توضح الحكم الشرعي لتقنية الميكرو بليدينج لتجميل الحواجب    "القومي للمرأة" يشارك في احتفال اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    عشرات شاحنات المساعدات تغادر رفح البري متجهة إلى غزة عبر كرم أبو سالم    جراجات مجانية لأعضاء النادي في انتخابات الأهلي    مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا أثناء الاستعدادات لوصول إعصار ميليسا    رئيس جامعة سوهاج يعلن تكليف 1113 أخصائي تمريض لدعم المستشفيات الجامعية    ذكرى رحيل عميد الأدب العربى طه حسين    3 وزارات تناقش تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي في مصر    الشبكة هدية أم مهر؟.. حكم النقض ينهى سنوات من النزاع بين الخطاب    من شجار على فاترينة سجائر إلى ضبط المتهم.. القصة الكاملة لمشاجرة شبرا الخيمة    جامعة القناة السويس تنظم قافلة شاملة بقرية أم عزام بمركز القصاصين    دراسة: زيارة المعارض الفنية تُحسن الصحة النفسية    ب«الشيكولاتة والعسل والتوت».. طريقة عمل ال«بان كيك» أمريكي خطوة بخطوة    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع رقص ب«ملابس خادشة» في الإسكندرية    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان إيطاليا الاعتراف بدولة فلسطين    «بلغهم بالتليفون».. شوبير يكشف تفاصيل صادمة في أزمة إيقاف «دونجا» ودور عامر حسين    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة الأقصر    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    ميسي يكشف عن موقفه من المشاركة في كأس العالم 2026    وزير الداخلية التركي: لا خسائر بشرية جراء زلزال باليكسير    نزلات البرد وأصحاب المناعة الضعيفة.. كيف تتعامل مع الفيروسات الموسمية دون مضاعفات؟    وزارة الصحة تكشف خطتها للتأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    استقرار اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 28اكتوبر 2025 فى المنيا    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عيادي يكتب :المحميون بمصر وتونس
نشر في الوفد يوم 17 - 02 - 2013

عرت رياح الربيع العربي حقيقة أغلبية العلمانيين والليبراليين والمتياسرين، الذين يصفون أنفسهم ب «الديمقرطيين» ويجعلون الديمقراطية حكرا عليهم وما دونهم رجعيون ظلاميون ماضويون وباقي المعجم المعروف والأسطوانة المشروخة.
وبات واضحاً في كل من تونس ومصر أن كثيراً من هؤلاء «الديمقراطيين» جداً مجرد محميين (نسبة لنظام الحماية في عهد الاستعمار) و «أزلام» وأيتام لجهات تدعمهم لكي يربكوا مسار التغيير ويحولون دون تحقيق ما خرج التوانسة والمصريون إلى الشارع وثاروا من أجله، وضحوا بأرواحهم وأوقاتهم وقوتهم من أجل تحقيقه. والسبب غير خفي، فأغلبهم كان في خدمة الاستبداد إما قناعة أو نكاية في الإسلاميين وإقصائهم من الحياة السياسية والإعلامية والاجتماعية إلى أن جاء الربيع العربي فكشفهم «ديمقراطيون مزورون» ونخبة منتهية الصلاحية «Expired».
ولم تكن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس بعد الجريمة الإرهابية باغتيال زعيم الجبهة الشعبية المعارضة شكري بلعيد، ودعوة بلاده لدعم ل «الديمقراطيين في تونس لضمان عدم خيانة القيم التي قامت من أجلها ثورة الياسمين».
ولم يكن قول فالس «يبقى الأمل في الانتخابات التي تسمح للقوى الديمقراطية والعلمانية، التي تحمل قيم ثورة الياسمين، أن تفوز بها غداً» معتبراً إياها مسألة رئيسية، للتونسيين ولمنطقة البحر المتوسط وبالتالي لفرنسا زلة لسان ولا مجرد تدخلا في شأن دولة مستقلة كما قالت بذلك أحزاب تونسية، بل هو تعبير أيضاً عن حالة إحباط من الفشل الذريع ل «الديمقراطيين الحداثيين» وضعف شعبيتهم لدرجة الغربة عن واقعهم.
وبات واضحاً أن مرتكبي الجريمة النكراء المذكورة مهما كانت هويتهم وهوية من يقف وراءهم، سعوا ويسعون لإرباك الحكومة التي يقودها الإسلاميون في شخص حركة النهضة باعتبارها عمودها الفقري، بتأزيم الوضع وخلق حالة من الاحتقان السياسي والاجتماعي ينضاف لوضع اقتصادي غير مريح، وفي هذا السياق يأتي حديث البعض عن احتمال تكرار السيناريو الجزائري في تونس.
غير أنه واضح أيضاً أن الشعب التونسي لن تنطلي عليه اللعبة، ولن ينخدع بخطة أو مسعى الإرباك ومسرحيات أنصار النظام السابق مهما غيروا الأسماء والخطاب، وسيتمكن بإذن الله من تجاوز هذه المرحلة الانتقالية إلى المرحلة العادية بأقل الخسائر؛ لأنه شعب فشل نظام بن علي طيلة أكثر من ثلاثة عقود في تصحير وعيه السياسي والثقافي بعدما نجح في تصحير المشهد السياسي والإعلامي وقتل السياسة في الواقع بالهيمنة على كل المؤسسات، خاصة المنتخبة وذات الطابع التمثيلي، وهذه نقطة مهمة جداً تتميز فيها الحالة التونسية عن الحالة المصرية - مع ضرورة استحضار الفارق بين البلدين من حيث عدد السكان وحجم التحديات المطروحة - خاصة أن شريحة مصرية كبيرة تعرضت لعملية غسيل دماغ وشحن من عشرات وسائل الإعلام ذات الأجندات الخاصة، واستعمال أموال طائلة في تجييش البطالين والمنحرفين وحشرهم في صراع سياسي لا يدركون أبعاده ولا مآلاته. وما يؤكد حصول حالة من غسيل الدماغ، هو حصول أحمد شفيق وهو أحد شخصيات نظام مبارك على نسبة معتبرة في الانتخابات الرئاسية خاصة في الدورة الثانية وهو مشهد سوريالي بامتياز.
وما جرى في مصر منذ طرح مسودة الدستور للنقاش والتصويت عليه إلى اليوم يكشف أن هناك شريحة من الشعب المصري انطلت عليها مسرحيات «الفلول» ومخططات ما يعرف بجبهة الإنقاذ الوطني للانقلاب على الصناديق، وعدم الوعي بأن زعماء هذه الجبهة يخدمون استراتيجية تزرع البلبلة والاحتقان الاجتماعي، وتحول دون الاستقرار السياسي ودون امتلاك مصر قرارها بيدها وجعل المصريين هم صاحب الكلمة وللأسف استراتيجية للخارج يد فيها.
وليس هذا نتاج تحليل أو تخمين بل بات معروفاً ومكشوفاً بالصوت والصورة، ويوجد بموقع «اليوتيوب» مقطع من ندوة أدارها روربت ساتلوف مدير معهد واشنطن، تحدث فيها دينيس روس أشهر مبعوث أميركي للسلام في الشرق الأوسط ومستشار معهد واشنطن، وايليوت إبرامز من مجلس العلاقات الخارجية ونائب مساعد لبوش الابن ونائب سابق ومستشار الأمن القومي الأميركي عن كيف ينبغي إيقاف رياح الربيع لعربي، ومحاصرة الإسلاميين خاصة في مصر ودعوتهم لمساعدة الليبراليين والعلمانيين -وهذا لا يعني أن كل علماني أو ليبرالي يوافق على هذا لكن نقصد الأغلبية- ودعمهم.
وعلى الموقع نفسه توجد كلمة لليسناتور مارك كيرك عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية الينوي ألقاها بالمجلس المذكور في ديسمبر 2011 حول الانتخابات المصرية التشريعية والحزن على ضعف تأثير العلمانيين والليبراليين في الشارع المصري وعدم حصول أحزابهم مجتمعة إلا على نسبة %12 مقابل هيمنة الإسلاميين وشعبيتهم الكاسحة والشاملة لكل فئات المجتمع، ودعوته لضرورة أن يكون لأميركا دور فيما يجري حتى لا تمس مصالحها الاستراتيجية، خاصة ما يتعلق بإسرائيل وضرورة بقاء مصر التي وصفها ب «الدولة الحساسة» تدور في فلك الولايات المتحدة الأميركية.
وقال مارك كيرك: إنه التقى شباب وقادة من التيار الليبرالي والعلماني، ويجب العمل معهم ودعهم والحيلولة دون هيمنة الإسلاميين على المؤسسة التشريعية في الانتخابات المقبلة.
ويؤكد ما سبق مقطع من محاضرة للبروفيسور الأميركي ماكس مانوارينج الأستاذ الباحث في الاستراتيجية العسكرية عن «الجيل الرابع من الحروب: حروب إفشال الدولة» بمعهد دراسات الأمن القومي بالكيان الإسرائيلي في أغسطس الماضي، وهو المقطع الذي يساعد على فهم ما يجري اليوم خاصة في مصر وتونس واليمين وليبيا.
وما سبق من معطيات ليست هينة، تطرح مسؤوليات كبيرة وجسام على السياسيين والاقتصاديين والفنانين وكل شرائح المجتمع على اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية واهتماماتهم تحديات كبيرة في الدول المذكورة، وتفرض عليهم الترفع عن المصالح الشخصية الضيقة والحسابات الصغيرة، والاحتكام لإرادة الشعب والثقة فيه، لحماية بلدانهم من العودة للاستعمار الجديد (الناعم) تحت مسميات مختلفة، ولحمايتها أيضاً من عودة الاستبداد.
ويبقى الوعي الشعبي العام سواء في مصر أو تونس بتحديات المرحلة والمخاطر التي تحدق بثورتهم، والحذر من مشاريع المحميين لإفشال الدولة، هو صمام الأمان للمضي في طريق الديمقراطية وتحرير إرادة الشعبين والدولتين واجتياز المرحلة الانتقالية بأقل التكاليف.
نقلا عن صحيفة العرب القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.