مفاجأة أسعار الذهب اليوم السبت 8 يونيو.. فرحة تنتظر العرسان    للحجاج.. تعرف على سعر الريال السعودي اليوم    4 شهداء و14 مصابا فى قصف إسرائيلى على منزل بقطاع غزة    الرئيس الأرجنتينى يرفض لقاء سفراء 19 دولة إسلامية بسبب وجود ممثل لفلسطين    الأمم المتحدة تطالب الحوثيين بالإفراج "غير المشروط" عن موظفيها المختطفين    مباريات اليوم السبت 8-6-2024 في تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم والقنوات الناقلة    طقس اليوم 8 يونيو| الأرصاد: الموجة مستمرة وأمطار علي هذه المناطق    فريق بحث لحل لغز العثور على 3 جثث ل سودانيين فى أسوان    من جديد.. نيللي كريم تثير الجدل بإطلالة جريئة بعد إنفصالها (صور)    موعد مباراة البرتغال أمام كرواتيا قبل يورو 2024 والقنوات الناقلة    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    بورصة الدواجن اليوم بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض السبت 8 يونيو 2024    سوق السيارات المصرية: ارتفاع متوقع في الأسعار لهذا السبب    «اهدى علينا شوية».. رسالة خاصة من تركي آل الشيخ ل رضا عبد العال    مصافحة شيرين لعمرو دياب وغناء أحمد عز ويسرا.. لقطات من زفاف ابنة محمد السعدي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع    "المهن الموسيقية" تهدد مسلم بالشطب والتجميد.. تفاصيل    دعاء ثاني أيام العشر من ذي الحجة.. «اللهم ارزقني حسن الإيمان»    الفرق بين التكبير المطلق والمقيد.. أيهما يسن في عشر ذي الحجة؟    كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره صورة من محور يحمل اسم والده الراحل    خلال ساعات، اعتماد نتيجة الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية    رئيس البعثة الطبية للحج: الكشف على 5000 حاج.. ولا حالات خطرة    حاول قتلها، زوجة "سفاح التجمع" تنهار على الهواء وتروي تفاصيل صادمة عن تصرفاته معها (فيديو)    نجيب ساويرس ل ياسمين عز بعد حديثها عن محمد صلاح: «إنتي جايه اشتغلي إيه؟»    الجيش الأمريكي يعلن تدمير مسيرات وصواريخ للحوثيين على خلفية تصعيد جديد    مفاجأة.. مكملات زيت السمك تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    شلبي: نسخة إمام عاشور بالزمالك أفضل من الأهلي.. نجوم الأبيض "الأحرف".. وسنفوز بالسوبر الأفريقي    البيت الأبيض: لا نسعى إلى صراع مع روسيا لكن سندافع عن حلف "الناتو"    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    عشرات القتلى والجرحى في هجمات على مقاطعتين أوكرانيتين ضمّتهما روسيا    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف هبة راشد.. طريقة عمل الجلاش باللحم والجبنة    ربة منزل تنهي حياتها شنقًا بعد تركها منزل زوجها في الهرم    إصابة 5 أشخاص بحالات تسمم بعد تناول سندوتشات حواوشى بالمحلة    حزب الله اللبناني يعلن استهداف تجمعا لجنود إسرائيليين في مثلث الطيحات بالأسلحة الصاروخية    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    «صفقات سوبر ورحيل لاعب مفاجأة».. شوبير يكشف ملامح قائمة الأهلي الصيف المقبل    بولندا تهزم أوكرانيا وديا    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    حظك اليوم برج الأسد السبت 8-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    هيثم الحاج علي: 30 يونيو أرست العدالة الثقافية في مصر    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2 مليون و232 ألف جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نائب محافظ القاهرة يتابع أعمال النظافة وإزالة الإشغالات بحي عين شمس    نيجيريا تتعادل مع جنوب أفريقيا 1 - 1 فى تصفيات كأس العالم    كيف توزع الأضحية؟.. «الإفتاء» توضح ماذا تفعل بالأحشاء والرأس    موعد أذان الفجر بمدن ومحافظات مصر في ثاني أيام ذى الحجة    أطول إجازة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي على طريق جمصة بالدقهلية    رسميا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 8 يونيو بعد الانخفاض الأخير بالبنوك    «الاتصالات»: نسعى لدخول قائمة أفضل 20 دولة في الذكاء الاصطناعي بحلول 2028    أستاذة اقتصاديات التعليم لإكسترا نيوز: على الطلاب البحث عن تخصصات مطلوبة بسوق العمل    الكشف على 8095 مواطناً خلال قافلة طبية بقرية بلقطر الشرقية بالبحيرة    أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    أوقفوا الانتساب الموجه    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهادي التيمومي: الجيش يحكم تونس من وراء الستار بضمان أمريكى
نشر في الأهرام العربي يوم 08 - 01 - 2012

آخر كتابات عالم التاريخ الاجتماعي الأشهر في تونس والمغرب العربي " الدكتور الهادي التيمومي " يحمل عنوان " تونس في التاريخ من جديد .. 14 يناير 2011 ".و الكتاب بالغ التركيز والتكثيف. لكنه يضع الحدث التونسي الذي أطاح ب"زين العابدين بن على " - ووصف لاحقا بأولى ثوارت الربيع العربي - في سياق تاريخي يمتد إلى نحو قرن ونصف القرن من الزمان.
ويحدد عشر سمات لآخر الانتقاضات الشعبية للتونسيين. و"التيمومي" يطلق عليه الآن وبحق " شيخ المؤرخين الاجتماعيين " في تونس بلد "ابن خلدون" مؤسس علم العمران البشري ( الاجتماع ). وأشهر مؤلفاته عند قطاع من المثقفين في مصر كتابه الصادر في مطلع الثمانينيات " النشاط الصهيوني بتونس 1897 1948". ولأن تونس تشهد تحولات بهذا الحجم من أول انتخابات تنهى عصر الحزب الواحد إلى فوز حزب " النهضة " و قدوم الإسلاميين إلى الحكم كان لابد من الحوار ، مع عالم تاريخ مجتمعات بوزن "التيمومي " .
لماذا في رأيكم كانت تونس أول بلاد ثورات ما يسمّي ب"الرّبيع العربي"؟
لقد كانت انتفاضة 14 يناير رائدة في العالم العربي، وفتح شتاء الغضب التونسي طريق الحرّية أمام كل العرب، خاصّة بعد أن تحرّرت شعوب أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية منذ أواخر القرن الماضي من الشيوعية الاستبدادية ومن الديكتاتورية الليبيرالية. وريادية الانتفاضة 14 التونسية لا تمثّل مفاجأة للذين يعرفون جيّدا تاريخ هذا البلد . فتونس لم تكن أبدا مجرّد بيدق ( جندي فوق رقعة الشطرنج ) في لعبة السّياسة الدولية. وإنّما هو بلد راسخ في الحضارة. وتونس ليست هبة موقعها الإستراتيجي في قلب البحر الأبيض المتوسّط، وإنّما تونس هي هبة الإنسان التونسي الذي جدّ وكابد وناضل عبر التاريخ لأجل فرض دولة العدل والقانون. وتونس أهدت العالم القديم أعظم دستور باعتراف الفيلسوف "أرسطو" والمؤرّخ الروماني "بوليبيوس". لأنه كان يحول دون الديكتاتورية. كما أن التونسي المؤرّخ "ابن خلدون" كان أعظم من كتب في علم السياسة من العرب والمسلمين. كما ظهر بتونس في العصر الحديث أوّل دستور في العالم العربي الإسلامي ( عام 1861 ) ،وهو دستور لائكي ( علماني ) نصّ على أنّ من حقّ البرلمان خلع الحاكم. كما قدمت تونس في عام 1867، ثاني أهم كتاب سياسي في التاريخ العربي الإسلامي الحديث، وهو كتاب خيرالدين باشا "أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك "، وذلك بعد كتاب المصري رفاعة الطّهطاوي:"تخليص الإبريز في تلخيص باريز". وعندما سقطت تونس تحت الهيمنة الاستعمارية الفرنسية بداية من 1881عام ، ضمّن الحزبان الوطنيان الرّئيسيان في تسميتيهما كلمة " دستور ".
وهذا دليل على تعلّق التونسيين بالحياة السياسية القائمة على القوانين والمؤسّسات. وفي تونس أقدم منظمة نقّابية في العالم العربي المعاصر " الاتحاد العام للشغل " (1924) و أقدم منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان " الرابطة التونسية لحقوق الإنسان " (1977). وفيها كذلك أرقى مدوّنة " قانون" عربية إسلامية للأحوال الشخصية (1956) ، وبفضلها أصبحت المرأة التونسية تنعم بحقوق ليس لها مثيل في أي بلد عربي أو إسلامي آخر.و لا ننسى هنا أن امرأة"علّيسة" هي التي أدخلت تونس إلى التاريخ قبل 2825 عاما بتأسيسها مدينة قرطاج.
ما تأثير العامل الخارجي في الثورة التونسية.. وهل نحن إزاء صفقات إقليمية دولية تقوم على سماح الإمبريالية تحديدا بمشاركة "الإسلاميين" في السّلطة مقابل الحفاظ على مسار اللبيرالية الجديدة؟
الحقيقة التي لا يرقى إليها أدنى شكّ هي أن انتفاضة 14 يناير2011، من صنع الشعب التونسي. أما الأطراف الخارجية فكان دورها غير مباشر وثانويا جدّا كالإعلام ( مثلا تلفزة "الجزيرة" القطرية أو تلفزة "فرنسا 24) وتكوين مدوّنين اجتماعيين ماهرين وتوفير الحماية والإعانة والتكوين السياسي لناشطي المجتمع المدني المطالبين بالديمقراطية...إلخ . لكن ما يلاحظ هو أن الدول الإمبريالية التي ساندت نظام "بن علي" الاستبدادي دخلت على الخط بعد 14 يناير لمحاولة توجيه المسار التونسي وفق مصالحها. وتونس بأغلب نخبها مهيّأة للتعامل مع هذه الدول، لكن بدون أن يكون ذلك من قبيل الخضوع أوتلقّي التوجيهات. والسبب أن هذه النخب متّفقة مع هذه الدول حول القضايا الكبرى مثل القبول بالديمقراطية "البرجوازية" وبالنظام الرأسمالي وبالاستثمارات الغربية وبالثقافة الرأسمالية الغربية. وتونس منخرطة موضوعيا في لعبة دولية كبرى تقودها الولايات المتحدة. وهذا طبيعي جدّا في عصر العولمة الذي أصبحت فيه الولايات المتحدة أقوى دولة رأسمالية وبلا منازع جدّي.
وهو ما يحدث لأول مرّة في التاريخ الإنساني. وتقوم هذه اللعبة على الصّراع بين الأمريكيين وبقية أقطاب النظام الرأسمالي العالمي لأجل إعادة اقتسام العالم . فالعولمة هي المرحلة الثالثة للإمبريالية كما ذكرت سابقا. والولايات المتحدة والعالم الغربي يريدان فرض الاقتصاد الرأسمالي المعولم على العالم أجمع، لكنهما يجدان منافسة ضارية من "الدول الصّاعدة" مثل إيران، الهند، البرازيل، الأرجنتين. ، وبخاصّة من الصّين" الشيوعية" التي آل الصّراع داخلها إلى تغلّب الرّأسمالية على الاشتراكية. والصّين اليوم دولة توسّعية من نوع خاصّ. وهناك أيضا معارضة الاسلام الجهادي(القاعدة، طالبان...) والإسلام الشيعي للعالم الرأسمالي الغربي. وربّما تعتقد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أن الفرصة حانت-بعد شبه الانهيار الذي أصبحت عليه سوريا - لحسم الملفّ النّووي الإيراني، الأمر الذي لا يمكن إلاّ أن يؤدّي إلى إضعاف "حزب" الله اللّبناني وحكّام غزّة، وكلّ هذه الأوضاع تتطلّب وفق الغربيين فرض التهدئة في بلدان الإسلام السنّي (السّعودية ومصر وتونس وليبيا والجزائر) . والتهدئة تعني إشراك الإسلاميين- وهم أقوى الحركات السياسية في العالم العربي الآن - في السلطة ..مثل "حزب النهضة" في تونس. والصيغة التي بدأت تتضح ملامحها في تونس بعد 14 يناير 2011 هي مزيج من التجربة الباكستانية (منع الجيش من وراء الستار الإسلاميين من تجاوز حدود معيّنة) ومن التجربة التركية (احترام الحريات وحقوق المرأة). ومن بين الأدوات التي تستعملها الولايات المتحدة والعالم الغربي لفرض إعادة السيطرة على العالم العربي، دولة قطر. وما تأسيس قناة "الجزيرة" التليفزيونية في بداية تسعينيات القرن الماضي إلاّ جزء من هذه الخطّة. كما لا ننسى ما لقطر من مدّخرات غاز عظيمة وما لها من مدخرات هائلة من العملة الصّعبة. ونشير هنا إلى أن المخزونات الضخمة جدّا من المحروقات وخاصّة من الغاز في قطر والسعودية وليبيا والجزائر والعراق تثير شهية العالم الغربي، لا سيّما ألمانيا واليابان وفرنسا . وقد بدأت هذه الدول تفكّر جدّيا في التخلّي عن الطّاقة النووية بسبب مخاطرها وفي الارتداد إلى مصادر الطاقة المعروفة مثل الغاز.
كيف ترى دور حزب النهضة الإسلامي في تونس مستقبلا ؟
- فوز حزب النهضة الإسلامي في تونس بانتخابات 23 أكتوبر متوقّع، والأسباب قديمة وجديدة. فهناك تقلّص ثقة الناس في اللّيبيرالية وفي القومية العروبية وفي الشيوعية على الطّريقة السوفيتية المنهارة. وهناك اضطهاد سلّطه "بورقيبة" و"بن علي" للإسلاميين ، الأمر الذي جلب لهم تعاطف الناس. وكذلك العمل الميداني القاعدي الذي قام به الإسلاميّون طيلة عقود. وأيضا تعمدهم المزج بين الدّين والسياسة واستغلالهم للمساجد بعد 14 يناير2011 . وهناك الإمكانات المالية الكبيرة لحزب النهضة، وهي إمكانات يرجعها الكثير من الناس إلى مصادر خليجية. وهناك الدّعاية المكثّفة في القنوات التليفزيونية الخليجية للإسلاميين ( الجزيرة، يوسف القرضاوي، عمرو خالد...وغيرهم ). وعلاوة على كل هذا استفاد "الإسلاميون" من أخطاء خصومهم السّياسيين من اليساريين والقوميين العروبيين. كما استطاعوا اجتذاب جزء من مناضلي الحزب الحاكم زمن بن علي(التجمّع الدستوري الديمقراطي).
كما أن جموعا من مناضلي هذا الحزب صوّتوا لصالح إسلاميي " النهضة" حتى يفوز وتغرق البلاد في الفوضى. لكن شبه المؤكد أن الإسلاميين في تونس لن ينتقصوا من الحريات العامّة وحقوق المرأة. وهذا جزء من لعبة دولية تتجاوزهم كما رأينا. كما أنهم يعلمون علم اليقين بأن الشعب التونسي كسّرجدار الخوف وسيقاومهم إن هم فعلوا ذلك. كما أن في تونس طبقة وسطى غزيرة العدد ومنفتحة جدّا على الخارج. وهذا صمّام أمن ضدّ أي تطرّف سواء على اليمين أو على اليسار. والمرأة لن تقبل التخلّي عن حقوقها. لكن من المتوقّع أن ينجرّ الإسلاميون إلى محاولة تكثيف "أسلمة" المجتمع التونسي بالتركيز على الطقوس الدينية، وذلك بطرق أقرب إلى الترهيب منها إلى الترغيب، وهو ما قد يخلق توترات في المجتمع. كما يخشى انجرار الناس إلى الرقابة الذاتية بحثا عن السّلامة وهذا أمر خطير. وهناك مخاوف أيضا من انفجار مطالب الشرائح الاجتماعية السّفلى والوسطى ومن أزمة البطالة خاصة، وانكماش السياحة والاستثمارات الداخلية والخارجية بسبب خشية الإسلاميين. وهناك مخاوف كذلك من افتقار الإسلاميين إلى التجربة في تسيير شئون الدولة في ظرف اقتصادي دولي صعب.. وكلّ هذا سيؤدّي إلى فقدان الإسلاميين لجزء مهم من شعبيتهم. الأمر الذي سيؤدّي ربّما إلى ظهور انقسامات في صفوفهم. وآنذاك يعودون إلى حجمهم الطبيعي (بين 20 و25 من أصوات الناخبين). والأكيد أن الإسلاميين لن يناوئوا الإمبريالية الغربية. والتاريخ هنا يعلّمنا ان أغلب الحركات الاسلامية بدأت مناهضة للامبريالية ثم أصبحت لاحقا متعاونة معها مثل الحركات المهدية في السّودان والسنوسية في ليبيا والوهّابية في السعودية.
كيف تشخّص أزمة اليسار في تونس على ضوء انتخابات 23 أكتوبر ؟
يحمل هذا اليسار منذ البداية عاهة كبيرة، وهو ولادته في العهد الاستعماري الفرنسي في صلب الجالية اليهودية و الأوروبية. كما عانى اليسار من طابعه النخبوي ومن ارتباط فكرة الحداثة في أذهان الناس بالاستبداد السياسي وبمعاداة الهوية العربية الإسلامية ..و"بورقيبة" و"بن علي" كانا حداثييّن، لكنّهما كانا متشدّدين سياسيّا . هناك أيضا انهيار الشيوعية في العالم. كما عانى اليسار من آفة "الزعاماتيّة" ومن العجز عن تشكيل تحالفات سياسية عريضة. كما انجر بعد 14 يناير 2011 إلى نقاشات دينية عقيمة مع الإسلاميين عوض جرّهم إلى الصّراع الحقيقي ، وهو الصراع على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. ومع كل ذلك فإن اليسار قادر على التحول إلى قوة سياسية مهمة في تونس بشرط القيام بنقد ذاتي حقيقي. لأن اليسار هو التقدم. والتقدّم معناه الحداثة كمرحلة تتلوها الاشتراكية (الاشتراكية الشعبية لا الاشتراكية السوفيتية). والحداثة هي الرأسمالية والديمقراطية و(الدولة-القومية) والثقافة المتمحورة حول الانسان لا حول "الماورائيات".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.