مثل رياح الخماسين أتي قانون زالعزل السياسيس مصحوبا بالغمز واللمز, وخلت الساحة من رؤية يقينية, وكأن الكل يلهث لأخذ زالقضمةس الأكبر من كعكة الوطن, بعدما فقد السباق الرئاسي كثيرا من الملل والفتور المعهود, بدخول عمر سليمان ومن قبله خيرت الشاطر . لكن الحماسة والسخونة أوشكت أن تكون حريقا وانتقاما يحرق الوطن, لا تنافسا له أصوله, ودخل البرلمان علي الخط بقانون زالعزل السياسيس الذي يستهدف بالأساس سليمان الذي يراه البعض, الصندوق الأسود لنظام مبارك, وأن احتمال تنصيبه رئيسا هو رصاصة في قلب الثورةب..بينما اعتبره آخرون ارجل المرحلة الوحيد والربان الماهر القادر علي قيادة السفينة وسط العواصف الهائجة إلي مرفأ الأمانب...وهكذا تفرق شمل القوي الثورية وطمع الطامعون في المناصب, فانتفض المتربصون بها من جحورهم, ليحتلوا صدارة المشهد الذي صار اانتقاميا, وحتي نصل إلي الحقيقة ألقينا بأوراقنا علي مائدة الفقيهين الدستوريين الدكتور ثروت بدوي, والمستشار بهاء أبوشقة, اللذين وقفا علي طرفي نقيض في تلك المواجهة شديدة السخونة: مارؤيتك لإصدار قانون لاالعزل السياسيب في هذا التوقيت بالذات ز؟ فكرة العزل السياسي ليست جديدة, فقد نظمها قانون الغدر الصادر عام1952 والذي عدل بعد ذلك بالقانون173 لعام1953, وهو يتضمن الأفعال والحالات وإجراءات الإحالة والمحاكمة, وكنت أول من دعا إلي إعادة تفعيله, فعقب ثورة يوليو52 تنبه الثوار إلي ضرورة عزل الذين أفسدوا الحياة السياسية, بطريق الإضرار بمصالح البلاد العليا أو التهاون فيها أو بمخالفة القوانين والحصول علي مزايا سياسية و استغلال النفوذ أوغيرها, فصدر مرسوم بقانون الغدر ثم تعديله, ونصت المادة الأولي منه علي الأفعال التي يعد مرتكبها مرتكبا لجريمة الغدر, وحددت المادة الثانية منه العقوبات التي توقع علي مرتكبها, وهو قانون مازال ساري المفعول ولو تم تفعيله الآن فلن يقتصر علي الفلول, إنما كل من أفسد الحياة السياسية, علي النحو المذكور في القانون, والمؤسف أنه ثارت ضجة حوله دون مبرر مقنع ولم يطبق حتي الآن. لكن البعض رأي أن قانون الغدر يصطدم بدستور71 وبالإعلان الدستوري؟ أنا أختلف مع ذلك, إذ لا صحة له من زاوية الواقع أو القانون, والقول إن تفعيل هذا القانون يصطدم بمبدأ دستوري هو مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المقررة في المادة66 من دستور1971 والمادة19 من الإعلان الدستوري, والتي تقرر أن كل إنسان برئ حتي تثبت إدانته بحكم قضائي بات, وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في القانون, ولا عقوبة إلا علي الأفعال اللاحقة علي صدور القانون, فقانون الغدر مازال موجودا, وعلي ذلك فإن الأفعال التي نظمتها مادته الأولي وقعت في ظل قانون معمول به,ولا يحتاج زتفعيلهس سوي تعديلات زإجرائيةس طفيفة تتمثل في الشق الإجرائي الخاص بكيفية إحالة المتهمين والمحكمة التي تنظر القضايا, ضمانا للشرعية الإجرائية والدستورية والديمقراطية, وقد تطوعت بإرسال رأيي هذا زمنذ أشهر طويلةس إلي مجلس الوزراء, دون جدوي..! إذن أنت لا تتفق مع قانون العزل المقدم من النائب عصام سلطان للبرلمان, أخيرا؟ دعني أوضح لك أمرا مهما وجوهريا, ولا يلتفت إليه كثيرون الآن, العزل هو زعقوبةس والعقوبة لا تكون إلا بقانون, ولا تنسحب إلا علي الأفعال اللاحقة علي صدور القانون, ثانيا هناك زإجراءات العزلس أي كيف يتم العزل, فبصدور قانون بعزل شخص ما لابد أن تكون هناك أداة لتنفيذه, وهي المحكمة:هل تكون عادية أو استثنائية, وما هي الجهة التي ستحيل المتهم إليها, من أجل ذلك لابد أن نضع في الاعتبار أن ثورة25 يناير عندما قامت رفعت لواء زالديمقراطية وسيادة القانونس وبناء عليه تم رفض جميع المحاكمات الاستثنائية والنصوص الاستثنائية, ومنهاسقانون الطوارئس والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه اليوم: هل نحن نريد تطبيق مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون, إذن نترك الكلمة للشعب نفسه, بكل ثقة واطمئنان. لكن قوي سياسية كثيرة تذهب إلي أن ترك الباب مفتوحا للفلول أشبه بإلقاء الشعب فريسة للذئاب, وكأن الثورة ما قامت ولا الشهداء سقطوا؟ - الفلول رفضهم الشعب المصري في انتخابات البرلمان, وفشلوا فشلا ذريعا في دوائرهم, فهل نريد ديمقراطية, أم نريد عودة لعهد أحمد عز ونصدر اقانوناب نقصد به اأشخاصاب محددين,الأمانة تتطلب منا أن نترفع عن ذلك, لأن القانون ذ أي قانون- عندما يوضع ينطوي علي اأحكام عامة مجردة, وأرجو ألا يحمل كلامي هذا علي أنه انحياز إلي عمر سليمان أو غيره, فمن البداية كنت ومازلت ضدهم, وقد رفضت االدفاع عن مباركب برغم الإغراءات الكبيرة, لاقتناعي بذلك, لكن عندما نقول كلمة تتعلق بذمة القانون, فلابد أن نرضي الله والوطن, دون وصاية علي الشعب. ليست وصاية, إنما حماية لمصالح الشعب, يقولون من استرعي الذئب ظلم؟ الوصاية علي الشعب تعني أنني أفترض أن الشعب غير صالح للتصويت وممارسة حقوقه, وبالتالي أحجر علي رأيه وإرادته, أو أضع قيودا عليها, وهو افتراض معناه أن الشعب لم يصل بعد إلي النضج السياسي... هذا االشعب العظيمب الذي أسقط أعتي حصون الديكتاتورية بثورة مجيدة, وقال كلمته في انتخابات البرلمان بمنتهي الوعي والتحضر, علينا أن نرفع أيدينا عنه ونترك له الخيار, عند الصندوق, ولكن نبصره بالرأي والمشورة والحكمة في جميع مرشحي الرئاسة. ألا تري أن إمكان فوز عمر سليمان أو أحمد شفيق بالرئاسة يدخل البلاد في نفق مظلم أو ثورة جديدة قد لا تكون سلمية؟ من يرد أن يترشح فليترشح, ولابد من الرضوخ لإرادة الشعب, حتي لا يتعطل المسار السياسي أو الاستقرار الديمقراطي, ولقد عارض البعض ترشح خيرت الشاطر, لكنني رفضت ذلك وقلت هذا من حقه, وقبل ذلك دعوت كثيرا لكتابة الدستور أولا, وحينما قال الشعب كلمته في استفتاء19 مارس2011 انحنينا لرأيه, علي الرغم أن الدساتير في بلاد العالم تسبق البرلمان. ماذا لو أقر البرلمان قانون العزل؟ من حق البرلمان التشريع والرقابة بنص المادة33 من الإعلان الدستوري, لكن أنبه إلي جملة من الأمور الجوهرية بإيجاز: أن قانون الغدر فيه من الكفاية بما يغني عن إصدار قانون جديد, وأن اقانون العزلب لو صدر فإنه سيكون مشوبا ببشبهة عدم الدستورية, إذ يتضمن توقيع عقوبة في غير الطريق الذي رسمه القانون وهو صدور حكم بات واجب النفاذ, ولكي يتحصن مرسوم القانون الصادر بعزل الأشخاص الذين سيجري حصرهم علي أنهم أفسدوا الحياة السياسية, لابد من إضافة مادة للإعلان الدستوري تتضمن ذلك, ومن المستحسن عرضه أولا علي المحكمة الدستورية, لكن الأهم إننا نريد استقرارا ديمقراطيا وسياسيا, لأن البديل أن تجري انتخابات ويطعن فيها دستوريا, ونغرق في دوامة لا نهاية لها من النتائج المفزعة خاصة مع التدهور الحادث الآن في مختلف المجالات, نحتاج إلي البعد عن تصفية الحسابات القديمة, والسير إلي الأمام والثقة بذكاء الشعب وقدرته علي الاختيار السليم دون وصاية أو إقصاء. د. ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة: بل هو دستوري وجاء في توقيت إجباري! هل يملك قانون العزل السياسي أي مبرر لإصداره في ظروفنا الحالية ؟ لابد لنجاح أي ثورة من إقصاء جميع أعمدة النظام السابق الذي قامت الثورة ضده, ومن هنا كان من غير المنطقي ألا يتم إصدار مثل هذا القانون من جانب المجلس الأعلي للقوات المسلحة, الذي آلت إليه إدارة شئون البلاد, لقد قامت ثورة25 يناير بتأييد كل فئات الشعب التي نزلت بالملايين إلي الشوارع ابتهاجا بتنحي مبارك, وإنها ثورة شعبية أكيدة تعني أول ما تعني سقوط النظام بأجهزته الحاكمة, ولا يسمح إلا ببقاء ثلاثة أجهزة فقط, تمثل وظائف الدولة الأساسية الثلاث, هي:الدفاع(الجيش) والأمن(الشرطة) والعدالة(القضاء), التي لا يمكن أن تتخلي عنها أي دولة, أو أن يصبح أي منها مختلطا,عام وخاص مثلا. لكن حالة الارتباك السائدة ربما تجعل من توقيت إصدار القانون مشكلة تهدد الاستقرار؟ بالعكس.. هو توقيت ملائم, بل إجباري, فمع تقاعس المجلس العسكري كان لا بد من إقصاء أعمدة النظام السابق بإحدي طريقتين, إما الثورة والاستيلاء علي السلطة بالقوة من جانب الثوار, وإما بإجراء قانوني, مثلما فعل عصام سلطان وهو إجراء سليم100%, ومن ثم حظي بتأييد يكاد يكون إجماعيا. ألا تري أن هذا إقصاء لمرشح بعينه, لمصلحة آخرين؟ حتي لو كان ذلك صحيحا, فإنه لا يقلل من قيمة المبادرة بالقانون, لأن ما فعله عمر سليمان وأحمد شفيق يدل علي استهتار بالشعب المصري, وعلي قدر كبير من الغرور والتهور, لأن المصريين لا يمكن أبدا أن يسمحوا بعودة نائب الرئيس المخلوع الذي أعلن بنفسه قرار التنحي أو رئيس وزرائه, وكلاهما من العسكر ومن أعمدة النظام السابق. عدد من الخبراء الدستوريين يرون أن قانون العزل تشوبه شبهة عدم الدستورية, لعدم وجود غطاء له من الإعلان الدستوري؟ أي دستورية... والإعلان الدستوري يغطي من؟!.. الإعلان الدستوري بطبيعته أحكام مؤقتة لفترة محدودة انتقالية لعلاج الأمور العاجلة, أما الدستور فتضعه الأمة أو الشعب, وليس جهاز من أجهزة النظام السابق أو إحدي القوي الثورية, فالشعب وحده هو من يضع مبادئ النظام الجديد. العزل يتعارض بطبيعته مع قيم المواطنة وحقوق الإنسان مصريا ودوليا, فكيف تؤيده؟ االمواطنةكلمة لا تضيف أي جديد لمعني المساواة بين جميع المواطنين, إذن نحن نتحدث عن مبدأ المساواة, ومن الطبيعي أنه لا توجد مساواة مطلقة, بل نسبية, إنما تكون المساواة بين ذوي المراكز المتماثلة, إذن كيف نساوي بين مواطنين ثوار ضحوا بأرواحهم من أجل مصر, وبين مواطنين خونة نهبوا أموال مصر وعاثوا في أرضها فسادا, ولو كان قانون العزل يقصد بالذات عمر سليمان وأحمد شفيق فكلاهما مسئولان وقت موقعة الجمل وقتل المتظاهرين. البعض يري أن البرلمان يستخدم لتفصيل قوانين علي مقاس فصيل معين, دون النظر إلي مصلحة الوطن؟ ليعلم الجميع أن الإخوان والسلفيين قد فقدوا الكثير من شعبيتهم, وكذلك المجلس العسكري. ولماذا ننصب أنفسنا أوصياء علي الشعب ولا نترك له الفرصة للاختيار علي رأس الصندوق, وهو يقصي من يشاء ويبقي من يشاء؟ بمنتهي البساطة, هل يحق لك أن تسأل هذا السؤال بالنسبة للمجرمين الصادرة ضدهم أحكام تمس بالشرف وحسن السمعة, نفس الشيء,- ولو جاز ذلك- فلتطلق العنان للمجرمين يفعلون ما يشاءون بالقوة...وإلي من يقولون نحتكم للصندوق أقول: أي صندوق تريدون أن تتركوه لعمر سليمان, هؤلاء قوم مجرمون محترفو تزوير لإرادات الشعوب وسيقف كل من ينتمي للعصر البائد من أصحاب المصالح والذين داسوا علي الشعب لكي ينعموا بثروات هذه البلاد, بأموال لا قبل لنا بها, بخبرة في الإجرام والتزوير وكل ما تتخيله, وهناك وجه آخر للموضوع ألا تري أنه من غير المستساغ أن تقبل أوراق عمر سليمان في الدقائق الأخيرة قبل غلق باب الترشيح بعدد كبير من التوكيلات, متي استطاع جمعها في وقت قصير, ومتي استطاعت اللجنة الموقرة فحص هذه التوكيلات, ثم يظهر علينا أحد أعضائها ويبلغنا أن اللجنة هي المختصة بفحص تلك التوكيلات, ثم نتكلم عن لجنة تجري انتخابات وتحصن أعمالها بالمادة28, مما يجعلها دولة فوق الدولة, لا تخضع لقانون أو ضوابط وتخالف المبادئ الدستورية في كل العالم, بعدم تحصين القرارات الإدارية, ماذا يريدون؟!..تأكدوا أن الشعب لن يسمح بعودة نظام مبارك, أو ما هو أسوأ. هناك آراء تقول إن مرشحي الرئاسة اكتسبوا مراكز قانونية ولا يمكن تطبيق القانون بأثر رجعي. لا علاقة لهذا القول بالقانون, لأن المركز القانوني لا يتحدد إلا بإعلان النجاح, وليس بالمراكز الإجرائية, وبالتالي لا تؤاخذني إذا قلت إن من يقول هذا الرأي يحاول التمسك أو التعلق بقشة مثل الغريق, من أين جاء عمر سليمان أو أحمد شفيق بالمركز القانوني, فحتي اللجنة الانتخابية لم تفحص بعد أو توضح مدي سلامة مستنداتهم. ألا تشعر بقليل من القلق من توابع إصدار قانون العزل السياسي,في الساحة المصرية المضطربة أصلا؟ منذ أمد طالبنا بوضع الدستور أولا, وكان من الممكن سد كثير من الذرائع, وما أستطيع قوله هو أنه علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة, وعلي الإخوان وعلي السلفيين, وعلي جميع القوي السياسية أن يلحقوا بالثوار العظام قبل فوات الأوان, ويكونوا جميعا في خدمة هذا الشعب المصري العظيم.