لم تكن يدُ الإرهاب الغاشم تدرى أنها ستُنهِى فى ساعة واحدة، برصاصاتها الغادرة، حياة رفيقيْن، اختارا أن يكون طريقهما واحدا. وكأن الموتَ أبَى إلا أن يرحلا (معًا)، كما عملا (معًا) على مدى أكثر من 7 سنوات، فى شرطة المرافق بمديرية أمن شمال سيناء، فكانا يسافران ذهابًا وإيابًا (معًا).. حتى كان آخر لقاء لهما بالأهل فى محافظة الغربية، يوم الأحد الماضى. ولم يدر بخَلَد كل من: العريف أحمد عبد الله أبو العينين مبروك، ورفيقه العريف رفعت حسن رجب الصياد، أنهما سيسافران (معًا) إلى أهلهما، قبل موعد إجازتهما، وللمرة الأخيرة، محموليْن على الأعناق، وملفوفيْن بعلم الوطن، الذى طالما دافعا عنه، ووهبا حياتهما فداءً له، ليُكتب اسمهما (معًا) فى سجل الشهداء، حيث اغتالتهما نيران إرهابييْن، كانا يستقلان دراجة بخارية، أمام مكتب بريد العريش، يوم الأربعاء الماضي. وفى قرية كفر عصام، التابعة لمركز طنطا، ودَّع الأهل والأحباب ابنهم الشهيد عريف شرطة أحمد عبد الله أبو العينين مبروك، وقد اكتست القرية بالسواد، وخيَّمتْ عليها الأحزان، حيث يؤكد عبد الله عبد الحليم تركى (خال الشهيد) أن ابن شقيقته «أحمد مبروك» كان مثالا للشباب فى أدبه وأخلاقه، وكفاحه، وحبه لوطنه، وكان يحب عمله جدًّا، ولذلك ذاكر الثانوية العامة، والتحق بكلية الحقوق، وكان يدرس بالفرقة الثانية، على أمل أن يصبح ضابط شرطة. ويضيف أن «أحمد» استشهد برصاصات غادرة، تاركًا وراءه زوجة (ربة منزل) فى مقتبل العمر، لا تعرف ماذا ستقول لطفله الوحيد «محمد» (عمره عام واحد) الذى جاء بعد أكثر من ثلاث سنوات من زواجهما، عندما ينطق لسانه بالكلام، مفتقدًا فى قاموسه اللغوى كلمة «بابا»!! ويؤكد أن الشهيد «أحمد مبروك» كان بارًا بوالديْه قبل وفاتهما، مشيرًا إلى أن والدته وافتها المنية قبل نحو 6 أشهر، وأن له شقيقين. ويناشد خال الشهيد اللواء مجدى عبد الغفار، وزير الداخلية، توفير فرصة عمل لزوجة الشهيد حتى تستطيع تربية وتعليم ابنهماوإطلاق اسمه على إحدى المدارس بالقرية أو أحد الشوارع الرئيسية. وتكرر المشهد بقرية حصة آبار، التابعة لمركز بسيون، مسقط رأس شهيد الواجب، وضحية الإرهاب الغادر، عريف شرطة رمضان حسن رجب الصياد، حيث الأحزان تعم القرية، بعد أن وارى الثرى جثمان الشهيد، والأشقاء يتلقون العزاء فى خِيرة الشباب، وزهرتهم، ويبكون فراقه،حيث يؤكد شقيقه الأكبر «متولي» أن «رمضان» كان مثلا للتضحية والعطاء، رغم أنه كان أصغر أشقائه وشقيقاته، مشيرًا إلى أن الأشقاء الخمسة وأبناءهم يقيمون فى منزل ريفى واحد، حيث الوالد متوفَّي، والوالدة سيدة مُسِنَّة، ضاعف من آلامها وأحزانها رحيل آخر العنقود، تاركًا خلفه طفليْن صغيريْن، هما: محمد (4 سنوات) ونور 3 سنوات)، وزوجة لا تعمل.. ورغم عدم قدرتها على الكلام، وحالة الإعياء الشديدة التى تعيشها، فإنها تناشد السيد اللواء مجدى عبد الغفار، وزير الداخلية، أن يمنحها فرصة عمل فى مركز شرطة بسيون، تكون عونًا لها فى استكمال مسيرة زوجها الشهيد، فى تربية طفليهما، كما تناشد محافظ الغربية اللواء سعيد مصطفى كامل، توفير وحدة سكنية صغيرة لها ولطفليها، بمساكن المشروع القومى للإسكان الاجتماعى بمدينة بسيون، وقالت: لم نكن نطلب شيئًا فى حياة «رمضان»، رغم معاناتنا الشديدة، وكنا راضين بما قسمه الله لنا من رزق، فهل ينظر إلينا المسئولون بعين الرعاية والاهتمام بعد أن فقدنا العائل والسند؟!