أكثر من ستة عقود مرت على العلاقات المصرية مع غالبية دول أمريكا اللاتينية والتى تحكمها ثوابت، فى مقدمتها الشراكة فى مبادئ حركة عدم الانحياز واحترام سيادة الدول وتقرير مصيرها، ولقد شكلت مصر وعدد من أبرز دول أمريكا اللاتينية والدول الإفريقية والآسيوية تكتلا تصويتيا مهما داخل الأممالمتحدة للانتصار لقضايا العالم الثالث سواء من خلال مجموعة 77 أو من خلال التصويت داخل المنظمة الدولية. وتواصلت مصر خلال الفترة الماضية مع العديد من دول أمريكا اللاتينية سواء باستقبال وزراء منها أو قيام مسئولى وزارة الخارجية بزيارات لعدد من الدول لتفعيل المشاورات السياسية .فقد شهدت القاهرة خلال الفترة الماضية زيارتين هامتين قام بهما وزيرا خارجية الأرجنتينوفنزويلا واستقبل خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسى وزير خارجية الأرجنتين، وأكد الرئيس عمق الروابط التاريخية للعلاقات العربية اللاتينية وتم تثمين مصر لموقف الأرجنتين إزاء ثورة الثلاثين من يونيو. كما التقى وزير الخارجية سامح شكرى الوزيرين وخلال لقائه مع وزير خارجية فنزويلا تم الاتفاق على تعزيز التعاون بين البلدين فى إطار عضويتهما فى حركة عدم الانحياز لاسيما مع وجود توافق فى الرؤى حيال العديد من القضايا الدولية. «الأهرام» استعرض مع عدد من الخبراء والسفراء المتخصصين فى ملف أمريكا اللاتينية محاور العلاقات السياسية بين مصر ودول القارة . علاقات دبلوماسية تعود إلى ما قبل منتصف القرن الماضى السفير روبير إسكندر مقرر مجموعة أمريكا اللاتينية بالمجلس المصرى للشئون الخارجية يقول إن علاقات مصر الدبلوماسية مع دول أمريكا اللاتينية تعود إلى قبل منتصف القرن الماضى، ويكشف أن دول أمريكا اللاتينية أصبحت تلعب دورا هاما ونشطا فى المجال الدولى وقدمت مشروع قرار خاص بفلسطين عام 1967 وكان أفضل من القرار 242 مشيرا إلى أن الميزان التجارى فى صالح دول أمريكا اللاتينية ففى 2009 وكانت صادرات البرازيل لمصر مليارا و530 مليون دولار واستوردت من مصر بنحو 87 مليون دولار، وكذلك الأرجنتين فى عام 2010 صدرت لمصر بنحو 458مليون دولار واستوردت من مصر بقيمة 22مليون دولار . ويشير إلى تعاون مصر مع الدول اللاتينية فى جولات الحوار الإفريقى اللاتينى نظرا لان مصر تمثل المنسق للدول الإفريقية والمكسيك للدول اللاتينية مطالبا بضرورة إحياء هذا الحوار مره أخرى كما عقدت مؤتمرات قمة عربية لاتينية فى البرازيل وقطر، وتم تأجيل القمة الثالثة نظرا للظروف والثورة فى مصر اعترافا بأهمية مصر، مؤكدا انه لم يكن هناك اهتمام بزيارات لوزارء مصريين إلى دول أمريكا اللاتينية بعد الدكتور بطرس غالي. ويوضح أن المجلس المصرى للشئون الخارجية انشأ لجنة لأمريكا اللاتينية حيث عملت فى العديد من الدول منها بنما وكولومبيا والبرازيل . ويشير إلى ضرورة تشجيع الزيارات على المستوى الرئاسي، مؤكدا أن واقع العلاقات يوضح اهتمام دول أمريكا اللاتينية بمصر ويتم إيفاد انجح سفرائهم لمصر، كما أن هناك جمعية صداقة مصرية لاتينية وهى جمعية نشطة فى مجالها كاشفا أننا ليس لدينا أى مشاكل فى الجانب السياسى مع الدول اللاتينية ويهتمون كثيرا بمصر، ويتعاطفون معنا كاشفا أن الدول اللاتينية ستكون داعمة لترشح مصر للمقعد غير الدائم فى مجلس الأمن . التوازن ومبادئ عدم الانحياز واحترام السيادة الوطنية أما السفير رخا أحمد حسن عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية والذى عمل بسفارتى مصر فى المكسيك وتشيلى يؤكد ان واقع علاقات مصر مع دول أمريكا اللاتينية من خلال النظر له بنظرة موضوعية متوازنة وبها تنوع مثل المكسيكوفنزويلاوالبرازيلوالأرجنتين وربما تشيلى وبعض الدول الأخرى وتشمل العلاقات الجوانب التجارية والاقتصادية والعلاقات السياسية والدبلوماسية وخاصة البرازيل حيث نمت العلاقات معها خلال العشرين عاما الاخيره وكذلك الأرجنتين. ويشير فى إطار العلاقات السياسية فان لمصر حوالى 15سفارة فى دول أمريكا اللاتينية وقنصلية عامة فى ريو دى جانيرو وبالنسبة لكوبا فلها وضع خاص وتتعاون مصر معها من خلال شراء صفقات سكر ومنه نصف تكرير وهى متقدمة فى علاج أمراض المناطق الاستوائية وحققت تقدما فى عصر فيدل كاسترو واستفادت من التجربة الصينية، وتم تطبيق نظام الممارس العام وكذلك صناعة الأدوية كما إن نسبة من يجيدون القراءة والكتابة نحو95% . ويكشف إن للدول اللاتينية مبادئ تحكم علاقاتها السياسية وهى مبادئ عدم الانحياز ومنها احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل فى الشئون الخارجية والداخلية واحترام حرية الشعوب وحريتها فى تقرير مصيرها واستقلالها وهى تؤيد حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته وتقرير مصيره وبالنسبة لتصويتهم فى الأممالمتحدة يكاد يكون متطابقا مع الدول العربية فى قضايا الشعب الفلسطينى ومنها اللاجئون، مشيرا إلى ان بعض الدول قامت بنقل سفارتها فى ضاحية جديدة بالقدس الغربية بعد تحايل إسرائيل بان تكون السفارات قريبة من وزارة الخارجية ومنها بوليفيا وباراجواى وتراجعت جواتيمالا بعد تهديد الجالية العربية بوقف استيراد الهيل . وحول مستقبل العلاقات السياسية بين مصر ودوّل أمريكا اللاتينية فان هذه الدول متفهمة لما حدث فى مصر فهم يَرَوْن أن لكل بلد ظروفه الخاصة وهم ضد التعصب الدينى على الرغم من الدور الهام للكنيسة الكاثوليكية فى أمريكا اللاتينية . ويؤكد أن هناك 15سفارة لدول أمريكا اللاتينية فى مصر وخلال اللقاءات للسفراء مع القطاع الأمريكى أو كبار المسئولين فهناك تفهم للوضع فى مصر ، وأنها تسير على الطريق للتحول الديمقراطى وفقا للأسس المدنية التى يؤمنون بها . وحول ترشح مصر للمقعد غير الدائم فى مجلس الأمن ومدى الدعم الذى يمكن ان تقدمة الدول اللاتينية يقول السفير رخا أن الوضع بالنسبة لمصر شبه مستقر ومصر تحظى بتأييد من الأطراف الإقليمية، والأعضاء غير الدائمين من المجموعات الإقليمية ثم القوى الكبرى وخلال كل الزيارات واللقاءات تؤكد تأييد ترشيح مصر عضوا غير دائم فى مجلس الأمن لما لها من دور فى السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط وثقل ووزن فى المنطقة . مصر والتواصل والتشاور السياسى مع الدول اللاتينية وفى إطار التواصل والتشاور السياسى وحرصا على تفعيل سياسة مصر بالانفتاح على دول العالم قام السفير محمد فريد منيب مساعد وزير الخارجية لشئون الأمريكتين بجولة لاتينية خلال أبريل الماضى شملت كلا من المكسيك وكوبا وكولومبيا وجواتيمالا وبنما، وتناولت استعراض أوجه العلاقات الثنائية بين مصر والدول الخمس وتسليم رسائل من وزير الخارجية لعدد من وزراء الخارجية وعرض مجريات الأوضاع السياسية الداخلية فى مصر والتزام الحكومة بالوفاء بخارطة الطريق، كما تم التأكيد على الدور الذى تلعبه مصر فى تسوية النزاعات المختلفة فى الشرق الأوسط، سواء الصراع العربى الإسرائيلي، أو دورها فى تسوية الأزمة فى ليبيا أو سوريا أو اليمن، إضافة لدورها فى مجال مكافحة الإرهاب والتطرف الدينى.