في الوقت الذي ينادي به رئيس الدولة عبد الفتاح السيسي بأنه لا وقت لدينا وأننا نسابق الزمن لكي تصبح مصر "اد الدنيا" بل يؤكد بضرورة العمل بكل الطاقات الممكنة وتيسير الإجراءات لإنجاز مصالح المواطنين والمستثمرين لإقامة مشروعات التنمية العملاقة التي تنتظرها مصر رغم صعوبة توفير الموارد المالية وتحديد مواقيت التنفيذ بدقة ودليل النجاح مشروع قناة السويس الجديدة. إلا أن تلك الأماني الممكنة تضيع هباء مع الروتين الحكومي وتعقيد الإجراءات وتعذيب المواطنين وإهدار أوقاتهم ليظلوا " كعب داير" على المكاتب وطوابير الاستفسار والموافقات والامضاءات والأختام.
فبمجرد انتهاء السنة الدراسية وموسم الامتحانات يبدأ موسم "التحويل " بين المدارس سواء بسبب القرب السكنى أو الكثافات أو نقل محل إقامة الأسرة ليفاجأ أولياء الأمور بأنهم مطالبون بالدوران كعب داير من المدرسة إلى الإدارة التعليمية إلى مكاتب البريد و دفع الرسوم لاستخراج أى مستخرجات رسمية من الإدارات التعليمية عن طريق "حوالة بريدية" ، وهو ما يستلزم من ولى الأمر الذهاب إلى الإدارة التعليمية لإعطائه ما يفيد لاستخراج بيان النجاح أو شهادة القيد أو نحوه باسم الإدارة إلى الإدارة مرة أخرى لاستخراج المستند وسط رحلة معاناة ، وذلك من واقع تجربتي لنقل نجلتي الحاصلة علي الشهادة الإبتدائية فذهب ملفها تلقائي الي مدرسة بعيدة عن منزلنا المتواضع ، فكانت معاناة الإجراءات والامضاءات والأختام التي وصلت للحصول علي ملفها ونقله الي مدرسة إعدادية بإدارة أخري الي 12 ختم نسر .
فاليكم رحلة المعاناة لنقل ملف من إدارة السيدة التعليمية الي إدارة الخليفة والمقطم تبدأ بعمل حوالة بريدية لإدارة السيدة لإستخراج بيان نجاح تتسلمه بعد يومان والذهاب لإدارة الخليفة لتقديم طلب مع بيان النجاح وسط طابور طويل للوصول الي موظفة لتاخذه بعد أسبوعين ، ثم الذهاب للمدرسة المراد التحويل إليها لتعرف الموافقة بشرط نجاح 95٪ ، وبعد أخذ الموافقة تذهب الي المدرسة الأولي التي يوجد بها ملف التلميذة لأخذ موافقة مدير المدرسة وإدارة شئون الطلبة لاستخراج أربع ورقات وتصوير طلب التحويل والذهاب لمكتب البريد لإحضار 3 دمغات بثمن 2جنيه و10 قروش والعودة للمدير لختم الأوراق الأربعة والذهاب لإدارة السيدة وطلوع السلالم للدور السادس بلا اسانير وإمضاء التعليم الإعدادي علي 3 ورقات ثم إمضاء مدير الإدارة ثم إمضاء وكيل الإدارة والنزول للدور الرابع لأخذ ختم النسر علي التوقيعات علي الأوراق الثلاثة . وبعد ذلك الذهاب إلي إدارة الخليفة لتكرار ما تم من مراحل بإدارة السيدة بالحصول علي توقيعات مدير التعليم الإعدادي ثم مدير الإدارة ثم وكيل الإدارة ومرحلة الحصول علي ختم النسر علي هذه التوقيعات علي 3 ورقات أخري ، ثم تصوير بطاقة الأب ووجه طلب النقل بمجموعة الأختام التي تزينه وتكاد تخفي المكتوب ثم الذهاب للمدرسة المراد النقل منها لأخذ الملف وتسليمه للمدرسة المنقولة إليها.
هذه إجراءات نقل تلميذة من مدرسة لمدرسة " مثالاً" صراخا لما نحن فيه ، فكيف تتم الموافقة علي مشروع استثماري أو صناعي أو تجاري وكم يستخرج من إجراءات وإمضاءات وأختام ويهدر من أوقات وربما تقابل في الآخر بالرفض إي أسباب واهية أو عدم تفتيح المخ لموظف غاب ضميره أو صعوبة أستخراج مستندات أو تعقيدات روتينية عقيمة ، ومتي نتخلص من ذلك في مرحلة فيه نسابق الزمن لتنمية بلدنا وجذب استثمارات أجنبية ووطنية تريد الخير لبلدنا .. فهل نتخلص من الروتين الحكومي وتحقيق وعود الحكومة في حلم الشباك الواحد قبل الاستجابة لنداء الرئيس ومواكبة أحلامه في المشروعات المنتظرة ؟!! [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ