للإنصاف فإن لودوفيج هاجيمان في كتابه المسيحية والإسلام كان حريصا علي ذكر كافة الحقائق في تاريخ العلاقات الإسلامية المسيحية وبالذات خلال تجربة الحكم الإسلامي للأندلس. والتي غلب فيها التعايش علي الصراع واستقرت خلالها قاعدة التصالح في وجه نزعات الانتقام ولكنه يشير إلي أنها استثناء عن القاعدة التي تميزت بالدماء والصراعات العنيفة. والحقيقة أن الكتاب يعتبر مسحا موسعا في تاريخ المسيحية الغربية وعلاقتها بالإسلام وهو يعرض كيف كانت تلك العلاقة مأساوية ومؤسفة في طابعها الغالب بسبب غياب التسامح والتفكير الإقصائي ويشرح المؤلف كيف استخدم المسلمون والمسيحيون- علي حد سواء- النصوص الدينية لتبرير التوسع والحروب العدوانية. وهو يري أن الأثر الذي تركته تلك الحقب الدموية علي صورة الإسلام في الغرب كان كارثة ولايزال حيث توجد حتي اليوم مشاعر عميقة لما يري بأنه الجنون الإسلامي, وقد تعمقت هذه المشاعر خلال العقد الماضي عندما تم استبدال الإسلام بالشيوعية كعدو يهدد العالم الغربي, وقد تكرس الخوف من الإسلام في الغرب بسبب ممارسات المتطرفين المسلمين والمسيحيين علي حد سواء! وهو إذ يقر أن معاودة نبش الماضي سوف تثير كثيرا من الآلام إلا أنها من وجهة نظره عملية ضرورية لفهم أدق ولبناء أساسات واعية لمستقبل أفضل بين خصوم الأمس! ويرصد المؤلف عددا من المبادرات المسيحية في النصف الثاني من القرن الماضي تشير إلي وجود تحول إيجابي في النظرة التقليدية إلي الإسلام وهو يري أن الاحترام المتبادل هو الأمل والطريق الوحيد لتجنب ما توقعه هانتجتون من صراع بين الحضارات حسب أطروحته الشهيرة عام..1992 غير أن المؤلف لا يرصد في المقابل المبادرات الإسلامية المقابلة لتوفير فهم واحترام متبادل بين الطرفين! وربما يجد المرء العذر له بكونه يركز أكثر علي صورة الإسلام والمسلمين في الغرب بأكثر مما يركز علي صورة الغرب المسيحي في الشرق وبأن المطلوب من الطرف الغربي أكثر بكثير مما هو مطلوب من الطرف المسلم, فأس الداء النظري العقدي القادم من الطرف المسيحي المتعصب في الغرب يقوم علي رفض نبوة النبي محمد وعدم الاعتراف بالإسلام كدين سماوي, بينما يعتبر المسلمون النبيين موسي وعيسي من أنبيائهم ويعترفون باليهودية والمسيحية كدينيين سماويين لكنهم يرون تحريفا طرأ عليهما في مراحل لاحقة! وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: إذا كانت الثقة الزائدة بالنفس خطر علي البعض.. فإن غياب الثقة خطر علي الجميع! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله