اهتمت الصحف ووسائل الإعلام العربية بقرار الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي بعدم السماح للشيخ يوسف القرضاوي وعدد آخر من رموز الدعوة الإسلامية بدخول الأراضي الفرنسية. بينما كان ينبغي الاهتمام بأجواء الانتخابات الفرنسية الراهنة و ما صاحبها من عودة الحديث داخل فرنسا وأقطار أوروبية أخري حول خطر اندماج الجاليات الإسلامية في المجتمعات الأوروبية إثر حادث مدينة تولوز الفرنسية الذي نفذه مسلم فرنسي من أصل جزائري ضد مدرسة يهودية للأطفال. ولست أعتقد أن أحدا في الغرب امتلك شجاعة تفنيد أكذوبة الخطر الإسلامي علي الحضارة الغربية مثل كتاب المسيحية والإسلام.. تاريخ المواجهات الفاشلة والمؤلف هو لودوفيج هاجيمان الباحث الألماني والأستاذ المتخصص في علوم الأديان بجامعة مانهايم الألمانية وقد صدر باللغة الألمانية قبل عدة سنوات وأثار اهتماما واسعا في القارة الأوروبية بأكملها. وثمة اتفاق بين غالبية الصحف الأوروبية التي تناولت هذا الكتاب بالتحليل علي أن المؤلف كان حريصا علي تأكيد أن العلاقة بين الإسلام والمسيحية سادها علي طول التاريخ سجل من التنافس والصراع والغزو المتبادل والمذابح.. ومن أسف أن كل ذلك تم باسم الدين مع أنها جرت في الواقع بهدف نشر النفوذ والسيطرة لأهداف سياسية واقتصادية! ويحرص مؤلف الكتاب في أكثر من موقع علي أن يؤكد أن منهجه في ذلك يقوم علي ضرورة عدم نسيان دروس الماضي. وربما عند هذه النقطة بالذات يختلف البعض مع المؤلف- وأنا منهم- لأن سرد الماضي الدموي في العلاقات الإسلامية المسيحية لا يقودنا بالضرورة إلي الدرس الذي يريدنا المؤلف أن نتعلمه خاصة أن هذا السرد لا يعطي الأهمية الواجبة لفصول هامة جدا من التعايش والتسامح. ولعل أوضح وأهم حقبة في التاريخ المضئ للعلاقات الإسلامية- المسيحية يتمثل في تجربة الأندلس الثرية عندما تعايش المسلمون والمسيحيون في وئام لعقود طويلة من الزمن فيما سمي لاحقا بالعصر الذهبي بل وضم ذلك التعايش أيضا اليهود واستمر ذلك حتي سقوط غرناطة عام.1492 والأهم من ذلك ومن زاوية عملية بحتة ليس ثمة تناظر تاريخي بين معاملة المسلمين للمسيحيين سواء في الأمصار المسلمة أو الأراضي التي فتحوها ومعاملة المسيحيين الغربيين للمسلمين سواء الديار الغربية أو تلك التي وقعت تحت سيطرتهم خلال سنوات الاستعمار! وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: كلما اكتمل نضج العقل تنتفي الحاجة إلي الكلام! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله