حذر الأزهر الشريف جموع المصريين شبابًا وشيوخًا، رجالاً ونساءً، من "كيد الجماعات الإرهابية الباغية"، ومن تدبير أعضائها الذين ينعمون بالعيش فى فنادق فاخرة، بينما يدفعون البسطاء والفقراء والمغرر بهم من الشباب المصرى إلى التهلكة والانتحار والقتل. وقال الأزهر فى بيان له أنه على أتباع هذه الجماعات الباغية أنْ يثوبوا إلى رشدهم ويرجعوا إلى الحق والصواب، وألا ينخدعوا بما يبثه هؤلاء الخوارج من فتاوى هدَّامة يغلفونها بنصوص شرعية يوردونها فى غير محلها، وعلى أتباعهم أن يكونوا على يقين من أن شيوخهم الذين يبيحون لهم القتل والتفجير والتكفير إنهم يحرفون الكلم عن مواضعه ويلبِّسون على الناس بالباطل والكذب وسوف يلقون جزاءهم يوم لا ينفع مال ولا جماعة ولا طاعة عمياء لغير الله ورسوله، وأنهم لن يغنوا عنهم من الله شيئًا يوم العرض عليه. وكان علماء الأزهر والهيئات التابعة له قد أصدروا "بيان المحروسة" ردا على ماسمى بيان الكنانة الذى أصدرته جماعة تصف نفسها بعلماء الأمة، وهى قلة قليلة منحت نفسها هذا الوصف كذبًا وزورًا، كما نصبت من نفسها متحدثًا رسميًا وحيدًا باسم الإسلام والمسلمين والعلم والعلماء، وهو ما لا يليق بأهل العلم ولا بمسئولياتهم أمام الله تعالى. وفند الأزهر ما اشتمل عليه بيان الكنانة من اجتراء على الدين وافتراء على شريعة الإسلام وتزييف للحقائق وكذب على مصر وشعبها وجيشها، على النحو التالى: أولاً: لقد وصفوا القيادات المصرية والرموز الوطنية بأنهم مجرمون قتلة انقلبوا على إرادة الأمة وخطفوا رئيسها المنتخب، وقتلوا الآلاف بغير حق، واعتقلوا عشرات الآلاف بلا مسوغ، وحكمت على بعضهم بالإعدام. والحقيقة التى تتهرب منها هذه الجماعة دائمًا – ولا تريد أن تواجهها - هى أن حكام مصر لم ينقلبوا على نظام الحكم كما يرجف المرجفون، بل الشعب هو الذى ثار وخرج بجميع فئاته، وشاهده العالم يوم 30/6 ليطالب بعزل حُكمٍ فَشَل فى إدارة مصر، وفى الحفاظ على مقدراتها، وعجز عن حماية جنودها، وحدودها، وفشل رئيسها فى أن يكون رئيسًا لكل المصريين، ومكَّن لفئة قليلة من النفوذ إلى كل مؤسسات الدولة مما هدَّد بتفتت كيانات الدولة، واندلاع حرب أهلية بين المصريين. ثانيًا: ومن أكاذيبهم أن حكام مصر قتلوا الناس بغير حق، واعتقلوا عشرات الآلاف بلا مسوغ. والواقع أن حكام مصر الحاليين لم يقتلوا أحدًا، وإنما القتلة هم الذين غرروا بالمتظاهرين والمعتصمين من أتباعهم وأفتوهم وحللوا لهم الخروج المسلح على الجيش والشرطة والشعب من أجل حكم الناس رغم أنوفهم. ودفعوا بأبناء الفقراء والبسطاء إلى التهلكة والموت بينما كثير من كبرائهم يتمتعون برغد العيش فى ظل حماية حكومات حاقدة على مصر وشعبها. ثالثًا: ومن أكاذيبهم أن حكام مصر ظاهروا أعداء الأمة ووالوا الصهاينة، والحقيقة أن نظام الحكم الذى عزله شعبه هو الذى ناصر أعداء الأُمَّة وحكَمَ مصر عامًا كاملًا لم يجاهر فيه بموقف عدائى واحد تجاه أعداء مصر والمتربصين بها. رابعًا: قالوا كذبًا وبهتانًا: إن حكام مصر فصلوا مئات القضاة وأساتذة الجامعات والأئمة والخطباء، وكل هذا محض افتراء، لأن مَن عُزل مِن القضاة هم الذين تركوا منصة القضاء، واستبدلوا بها منصات الجماعة وسياساتها الخاصة التى لا تعبر عن مصالح الشعب ولم يحدث نهائيا أن فصل أحد من أساتذة الجامعات أو المدرسين أو الأئمة أو الخطباء، اللَّهُمَّ إلَّا مَن استغل منهم محراب العلم ومنابر الدعوة للترويج لأفكار ضالة تُشكِّل خطرًا محدقًا بالمجتمع. وأوضح البيان أنَّ دعوة أصحاب هذه البيانات لمقاومة المسئولين والجيش والشرطة دعوة ساقطة لا أساس لها من دين أو شرع أو حكم فقهى صحيح، بل وأكد الأزهر على أن الحكم الشرعى الصحيح هو أنه يجب على جميع أفراد الشعب المصرى الوقوف صفًا واحدًا خلف هؤلاء الحكام ومساندتهم ومعاونتهم فى القيام بواجبهم تجاه حماية الدين، والوطن والمواطنين من كيد الكائدين وتأويلات المنحرفين والجاهلين. خامسًا: كما أن هذا البيان الكاذب، وما تلاه من بيانات مضللة، ينسب لحكام مصر معاداة المقاومة الفلسطينية وتدمير سيناء، والحقيقة أن قائل هذا الكلام لا يقيم وزنًا لا للحقيقة ولا للواقع، فالكل يعلم أن قادة مصر هم الذين قادوا المصالحات والمفاوضات من أجل وحدة فلسطين سنين عديدة، ولا تزال مصر حتى هذه اللحظة هى التى تعمل من أجل وحدة الشعب الفلسطيني، وهل نسى هؤلاء أن قادة فصائل المقاومة كانوا ضيوفًا دائمين على القاهرة للتباحث حول إيجاد مخرج لهم من هذا الوضع الحرج. سادسًا: الغريب أن مصدرى هذا البيان لا يزالون يتوهمون أن الرئيس المعزول هو الرئيس الشرعي، ولسنا ندرى كيف تجاهل هؤلاء الذين يصفون أنفسهم بالعلم والعقل، إرادة عشرات الملايين التى خرجت فى 30 يونيو وليس لها من مطلب غير تغيير نظام الحكم ورحيل الحاكم. سابعًا: أضافوا إلى أكاذيبهم أن موقف شيخ الأزهر فى إزالة النظام الفاشل يعد جريمة شرعية، والواقع أن موقف شيخ الأزهر إنما جاء استجابة لإرادة شعبية هادرة من ملايين المصريين الذين ملأوا الميادين فى القاهرة والمحافظات والقرى، وكلها تطالب برحيل هذا النظام وإزاحة كابوسه عن صدر المصريين، ولولا موقف شيخ الأزهر ومواقف الرموز الوطنية الأخرى، فى دعم الإرادة الشعبية آنئذ لتردت البلاد فى دوامة من العنف المدمر، وانزلقت إلى هاوية الحرب الأهلية.. والقاعدة الشرعية التى انطلق منها موقف الأزهر - ومعه الرموز الوطنية - هو: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، فكان موقف الإمام الأكبر معبرًا عن موقف الأزهر الذى لم يتخلف على مدى تاريخه الطويل عن الوقوف إلى جوار جماهير الشعب. ثامنًا: وأما دعواهم بأن مفتى الجمهورية يتحمل المسئولية الشرعية والجنائية عن الأرواح البريئة فإن هذه الدعوى باطلة لأن ما يقوم به مفتى مصر من نظر القضايا الجنائية التى تحال إليه هو من صميم عمله واختصاصه الطبيعى والقانوني، وواجبه الشرعي، وهو يصدر قراره بناءً على اجتهاداته الشرعية وما يراه صوابًا وموافقًا للشرع الحكيم، ووفق ما يُعرض عليه من ملفات وأحراز، ثم إنَّ رأْى المفتى فى قضايا الإعدام هو رأى استشارى غير ملزم. تاسعًا: نُسِبَ هذا البيان إلى عدد من الأفراد والكيانات والهيئات العلمية. والحقيقة أن من هذه الكيانات كيانات وهمية لا وجود لها إلا فى خيال هؤلاء الموتورين الذين تغلى قلوبهم وأكبادهم من كراهية لمصر وأهلها، والذين يسعون بشتى الطرق إلى بث الفتنة وإشاعة الفرقة بين أبناء مصر، وقد تبين أن بعض الأسماء التى وردت فى هذا البيان - بعد فحصها- أسماء مزورة، منهم الدكتور مصطفى غلوش – الأستاذ بكلية أصول الدين والذى توفى –رحمه الله – قبل صدور هذه البيانات بتسعة أشهر .. مما يدل على التزوير والحشد العشوائى لهذه الأسماء. أما الأشخاص المنسوبون إلى جامعة الأزهر ممن وقعوا على هذه البيانات وعددهم ثمانية أشخاص .. فقد تم فصلهم من الجامعة قبل صدور البيانات المزعومة، وهم الآن خارج مصر وهاربون من العدالة، ونسبتهم إلى جامعة الأزهر فى هذا البيان بعد أن تم فصلهم هو تزوير وتدليس وخيانة للأمانة. عاشرًا: وأما دعواهم بأن القضاة والضباط والجنود والمفتين والإعلاميين والسياسيين وكل من يثبت اشتراكه ولو بالتحريض فى انتهاك الأعراض وسفك الدماء البريئة حكمهم فى الشرع أنهم قتلة. فإن هذه الدعوى لا يمكن أن تصدر عن عالم أو فقيه يخاف الله ويتقيه، ويحترم أمانة الكلمة، بل إننا لنؤكد أنَّ القائلين بهذه الفتوى غير مؤهلين -شرعًا-لإصدار مثل هذه الأحكام البالغة الخطر والمتعلقة بسفك الدماء . ونقول لهؤلاء: من الذى يقتل الجنود؟ ومن الذى يسفك دماء الأبرياء من الضباط والقضاة وغيرهم؟ ومن الذى يوجه سلاحه كل يوم إلى صدور أبناء مصر الأبرياء؟ والجواب الذى ينطق به كل منصف هو أن هذه الجرائم جميعها يقترفها الشباب المغرر به من جماعات الغدر والإرهاب والخيانة وإن وعيد الله الذى لا يتخلف لينتظرهم فى جهنم وسقر وبئسَ المصير. وحذر "بيان المحروسة" المصريين شبابًا وشيوخًا رجالاً ونساءً من كيد هذه الجماعات الإرهابية الباغية، ومن تدبير أعضائها الذين ينعمون بالعيش فى فنادق فاخرة، بينما يدفعون البسطاء والفقراء والمغرر بهم من الشباب المصرى إلى التهلكة والانتحار والقتل، وعلى أتباع هذه الجماعات الباغية أنْ يثوبوا إلى رشدهم ويرجعوا إلى الحق والصواب، وألا ينخدعوا بما يبثه هؤلاء الخوارج من فتاوى هدَّامة.