ليس اختيارا مصريا أو سوريا، أن تتحد الدولتان في مواجهة الخطر والعدو الواحد، ليست رفاهية يتحدث عنها البعض من ضرورة التكاتف والتنسيق والعمل المشترك، إنها بديهيات التحدي للمخاطر التي تتعرض لها المنطقة العربية برمتها، مسلمات لا يمكن بحال من الأحوال غض النظر عنها واعتبارها ثرثرات . كتب دوما على مصر وسوريا أن يكونا درع الحماية للأمة العربية، وان يظلا هما السند الذي يعتمد عليه العرب من المحيط إلى الخليج، وهي جغرافيا سياسية يدركها جيدا أعداء الأمة، ويحاول تكذيبها بعض من أبنائها. ولعل ما يواجه العرب اليوم هو دليل ملموس وحي لما نتحدث عنه، فمخاطر الإرهاب لم تفرق بين مصري وسوري وليبي ويمني وعراقي وتونسي، فالإرهاب يرى جميعنا في مرمى هدفه، ويوجه التهم الثابتة بالكفر والإلحاد، ويمارس الذبح والصلب والجلد والتفجير، ويسعى لشق الصف الوطني وبذر بذور الطائفية والمذهبية الضيقة، لأنه يعلم جيدا أن وحدتنا فيها فناؤه، وان حياته في فرقتنا. من اللافت إن عناصر التنظيمات الإرهابية، ومنها "داعش" اتفقوا على وحدة الهدف وهو تدمير وتفتيت وطننا العربي في مصر وفي سوريا، وفي أقطار عدة، تجمع عناصر ما يقارب من 90 جنسية مختلفة على هدف واحد، ومنا حتى الآن من يصم أذنيه عن نداء الوحدة الوطنية، هم اخترقوا الحدود وصارت خارج اعترافهم، وبعضنا لا يزال محبوسا داخل حدود سجنه الوهمي بالعزلة والإقليمية الضيقة. إن عصابات داعش وإخوتها الإرهابية التكفيرية، لا تفرق بيننا، فدمنا بالنسبة إليهم حلال، وعليه فلابد من وحدتنا في مواجهتهم، وكما صمد الجندي المصري والجندي السوري وقفة واحدة إلى جوار العراقي والجزائري بحرب تشرين الثاني(اكتوبر)73، علينا اليوم أن نقف تلك الوقفة لهدم تلك العصابات التي تسفك الدم العربي بقلوب باردة. إن عدونا الداعشي ليس مجرد عصابات قتل، إنما هي مجموعات استخباراتية بامتياز، تنفذ مخططا مرسوما لها بدقة عالية، ولا تحيد عنه، والحديث حول حرب أمريكا والغرب ضد داعش ما هو إلا استكمال لسيناريو المؤامرة، حيث ثبت وبالدليل القاطع أن تلك العصابات تلقت أموالها من تلك الدول التي تتحدث عن الحرب، وتلقت تدريبها على معسكرات بأراضيها وتحت إشرافها المباشر، ولا يخفي فضيحة إلقاء الطائرات الأمريكية بالسلاح إلى داعش في العراق، وحينما كشف الأمر ردت الإدارة الأمريكية كل مرة بنفس الرد "خطأ غير مقصود". إن داعش تسعى لتدمير التاريخ العربي فنفذت جرائمها بحق التاريخ والآثار في الكرنك المصري وتدمر السورية والموصل العراقية، هي تسعي لجعلنا أمة بلا ماض وبلا تاريخ، حتى يشرع الغرب الصهيوني في كتابة تاريخنا بما يتوافق مع هواه ومخططاته، وأمام جرائمه لم تستطع اليونيسكو الصمت كثيرا، خاصة مع زرع داعش للألغام حول أثار تدمر، فحاولت أن تبرئ نفسها وأدانت الهجمات الهمجية لتنظيم داعش، معتبرة تلك الهجمات جرائم حرب. داعش التي تدعي الإسلام، فإنها بحسب دار الإفتاء المصرية هدمت وفجرت ما تجاوز الخمسين مسجدًا في كل من سورياوالعراق واليمن والسعودية، وأصدر قرارًا بإلغاء صلاة التراويح في جميع مساجد الموصل، كما أصدر التنظيم فتوى بمنع خروج المرأة خلال ساعات الصيام، وأعاد أسواق النخاسة يبيع الحرائر عبيد. وحشية وإجرام داعش تعكس رغبتهم الجارفة لسفك الدماء، ومؤشرا على أمراضهم النفسية، إنهم يسعون إلى رهبتنا، وبث الرعب في القلوب، لمت صمود الجيش العربي المصري والسوري في مواجهتهم يزرع الرعب بداخلهم لا بداخلنا، فقط علينا استكمال الصمود بتعاون اشد واقوى يجمع بين دولتينا سوريا ومصر ودول تواجه فعليا الإرهاب، لا دول تدعم الإرهاب فعلا وتدعي قولا بالعكس. لمزيد من مقالات د. رياض سنيح