أثار قانون الخدمة المدنية الجديد الصادر برقم 18 لسنة 2015 بعض ردود الأفعال وتناوله البعض بالنقد، ومن بينها أن هذا التشريع قد جاء مختصرا فى مواده ونصوصه، حيث أطلقت وزارة التخطيط والإصلاح الإدارى على موقعها الالكترونى مبدأ المشاركة فى كتابة اللائحة التنفيذية من خلال البريد الالكترونى المحدد لهذا الشأن، وبموجبه تلقت آراء المواطنين حول ما يتعين تضمينه اللائحة التنفيذية للقانون باعتبارها الموجه المكمل لمبادئ القانون وأسلوب تنفيذه. وبتاريخ 6/6/2015 أعلن د. أشرف العربى وزير التخطيط المسودة الأولية للائحة التنفيذية للقانون فى مؤتمر صحفى حتى تكون تحت نظر المواطنين لإبداء الرأى فيها قبل صدورها نهائيا، وفى تعبير واضح عن مبدأ الشفافية والمصارحة المطلوبة فى تلك المرحلة، وهو الهدف الرئيسى للحوار المجتمعى حول التشريعات التى تهم المواطنين، وباعتبار أن الشعب مصدر السلطات. ولقد جاءت مسودة اللائحة متضمنة 205 مواد حول مواد القانون وعددها 72 مادة، وهو ما يشير إلى ما يلي: (1) توضيح كل الجوانب الخاصة بأساليب وآليات التنفيذ، وكيفية اعمال احكام القانون بما فى ذلك من توضيح الخطوات العملية والقواعد واجبة الالتزام من جانب المنفذين والمتعاملين تيسيرا على الوحدات الإدارية ورغبة فى تفعيل أحكام القانون. (2) تعبر كثرة مواد مسودة اللائحة عن أن صياغة أحكامه جاءت محكمة بدقة لتحتوى على مبادئ عامة وقواعد مجردة لخدمة الموضوع الأصلى دون تفصيلات تقف عقبة عند إعداد الجوانب التنفيذية أو تمثل مأزقا يحد من المرونة الواجبة عند اعمال الأحكام. وفيما يخص المجالات التى أثارت قلق بعض دوائر المواطنين أو كانت محلا لانتقادات بعض الخبراء والمتخصصين من رجال الإدارة والموارد البشرية والتنمية الإدارية، تلاحظ ما يلى بالنسبة للمعالجات التى قدمتها مسودة اللائحة: 1 بالنسبة للأخذ بنظام المسابقة المركزية وإجراء الامتحانات عند التعيين بالوظائف فقد تناولت اللائحة عددا من الضمانات الكفيلة بتحقيق الحيدة والموضوعية وتكافؤ الفرص أهمها: تحديد مواعيد لإجراء المسابقة المركزية فى 1/1 و1/7 سنويا وتجميع احتياجات الجهات قطاعيا على مستوى الوزارة ووحداتها الإدارية التابعة لها، ومحليا على مستوى المحافظة ومديرياتها، مع انشاء للاسئلة الكتروني، وتحديث بياناته أولا بأول، على أن يكون تسجيل المتقدمين للوظائف فى خلال استمارة الكترونية مرفقة بالإعلان المنشور على موقع بوابة الحكومة المصرية على شبكة الانترنت، مع تنظيم كل إجراءات الامتحانات، بوضع الأسئلة المناسبة لكل وظيفة، وتشكيل لجان للاختبار من خبراء الامتحانات والتقويم فى مجالات الإدارة والقانون والتخصصات المهنية والوظيفية المختلفة، إلى جانب تحديد معايير للمفاضلة والاختيار على أساس الكفاءة. 2 وبخصوص النظام الجديد لقياس كفاية الأداء فإن اللائحة المقترحة استحدثت قواعد كفيلة بالوصول إلى عدالة التقييم ومنها: مشاركة الرئيس للمرءوس فى وضع الأهداف ومعدلات الأداء، على أن يكون التقييم مرتين فى العام. تصميم سجل الكترونى أو ورقى لتدوين الأداء الوظيفى لكل موظف بما يعكس الايجابيات والسلبيات. مناقشة الرئيس لمرءوسيه لما جاء بالسجل الوظيفى وإخطار الموظف بأوجه الإهمال والتقصير. وعلى الرغم من تغيير مسميات مراتب الكفاية، فقد جاءت بذات العدد (5مراتب) على أن تكون متناسقة مع المنحنى الطبيعى للأداء حتى لا يحصل العامل على النسبة الأكبر على مرتبة امتياز. 3 وفيما يخص نظام الترقيات الجديد فإن اللائحة حددت قواعده بوضوح مع إعطاء نسبة للاختيار ونسبة للأقدمية، كى تكون الترقية للأفضل والأكفأ، ولم تترك ذلك للاجتهاد بل حددت معايير الأفضلية والاختيار. 4 أحسنت اللائحة حينما حددت حدا أقصى لساعات العمل فى الأسبوع استكمالا لما جاء بالقانون من تحديد الحد الأدنى ب35 ساعة عمل أسبوعيا، وهو ما يقضى على ظاهرة استمرار البعض لساعات عمل فقط دون أداء حقيقي. 5 أوضحت اللائحة بوضوع شديد جدا ما يخص قضية تدريب الموظفين، وأولت اهتماما كبيرا بالدورات التدريبية، وبخاصة التدريب العلاجى الشامل، وأكدت جدية التدريب وتقييمه تقييما موضوعيا، وركزت على استمرارية التدريب من أجل التنمية البشرية. 6 فيما يتعلق بقضية المقابل النقدى لرصيد الإجازات أصبحت الإجازات فى حدود الثلث ولمن لا توافق السلطة المختصة على قيامه بالإجازة لحاجة العمل ولمدة 3سنوات فقط، وبمراعاة أن القانون لا ينفذ بأثر رجعي. ويقتضى التقييم الموضوعى لمسودة اللائحة ضرورة الإشادة إلى أنها قد انطوت على إيجابيات واضحة . أما فيما يخص بعض الإضافات المقترح إدخالها على اللائحة فإنها تتمثل فيما يلي: أتاح النظام الوارد باللائحة التعيين فى وظائف الإدارة العليا والإدارة التنفيذية الفرصة للتقدم للعاملين بالوحدة وغيرهم... ولابد من تحديد المقصود بغيرهم... هل العاملون بالجهاز الإدارى والقطاع الخاص، فلقد جاءت وغيرهم عامة ومطلقة دون تحديد بشكل أدق بحيث ضرورة توافر شروط وخبرة العمل الحكومى كأولوية عند الاختيار. ومن أهم الانتقادات التى وجهت إلى القانون ما يخص حالات الحاصلين على مؤهلات فى أثناء الخدمة وتسوياتهم الوظيفية بالمؤهل الأعلى الحاصلين عليه. وختاما.. فإنه بوجه عام يمكن القول إن المسودة الأولية للائحة التنفيذية بما أنطوت عليه من تفاصيل وجزئيات قد راعت آراء المواطنين واتجاهات الرأى العام وتوجهات موظفى الدولة، فعالجت كثيرا من جوانب القلق لدى العاملين، وقدمت حلولا لبعض المشكلات المثارة، واستجابت لنتائج واتجاهات الحوار المجتمعى الذى تم حول القانون واللائحة التنفيذية.. ولا يغير من تلك الحقيقة أن هناك بعض المعارضين لذلك بالطبع. لمزيد من مقالات د. حسين رمزى كاظم