عند الحد الفاصل جغرافيا بين قارتى اوروبا وآسيا وفى منطقة جبال الاورال تقع "بشكيريا" او "باشكورتستان" الجمهورية ذات الحكم الذاتى فى روسيا الاتحادية وعاصمتها اوفا التى تقع على مسافة الف ومائة كيلومترا جنوب شرقى موسكو، وتمتد لمسافة تزيد عن الخمسين كيلومترا على ضفاف نهر بيلايا، لتكون الثالثة من اكبر مدن روسيا الاتحادية بعد سوتشى على ضفاف البحر الاسود، ومدينة فولجا جراد على ضفاف نهر الفولجا ، فيما تظل الخامسة من حيث المساحة . واوفا تستمد اسمها من اسم احد روافد نهر بيلايا (الابيض) - اوفا ، وإن نسبها آخرون الى تسميات اخري، منها ما ينسبونها الى الرحالة العربى عبد الرحمن ابن خلدون الذى يعزون اليه اطلاق اسم “بشكورت” على المدينة التى كانت تقوم فى ذلك المكان حتى منتصف القرن السادس عشر وفى قول آخر حتى 1574. وتقول الادبيات التاريخية ان القيصر الروسى ايفان الرهيب ضم بشكيريا الى اراضى ولاية موسكو فى 1557 حيث سرعان ما اقام هناك قلعة على ضفاف نهر بيلايا عند التقائه بنهر ديوما، للدفاع عن مسارات التجارة بين ما وراء الاورال والقسم الاوروبى من الامبراطورية الروسية. ونمضى مع التاريخ لنشير الى تحول المكان شان غيره من بقاع ومدن الامبراطورية الى مركز ادارى واقتصادى جرى ضمه الى مقاطعة قازان فى مطلع القرن الثامن عشر. ومع بزوغ عصر الدولة السوفيتية شغلت اوفا موقعها التاريخى كعاصمة لجمهورية بشكيريا الاشتراكية السوفيتية ذات الحكم الذاتى فى يوليو 1922 ، حيث سرعان ما تحولت الى مركز صناعى اقليمى ضخم، زاد من اهميته اكتشاف النفط بكميات كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية. وتعتبر بشكورتستان احدى اهم واكبر الجمهوريات ذات الاغلبية السكانية الاسلامية مع تتارستان وجمهوريات شمال القوقاز، وهو ما يفسر وجود الكثير من المساجد القديم منها والجديد “الذى يجمع فن العمارة العربية والإسلامية مع فن العمارة الحديثة ليشكل صورة رائعة تعبر عن عمق التراث والحضارة فى هذه المدينة التى يقولون انها صارت محط انظار السائحين من مختلف بقاع الأرض” حسب الادبيات التاريخية . على ان التركيبة السكانية للمدينة لا تخلو من طرائف حيث يشكل الروس ما يقرب من نصف سكان المدينة ، فيما يشغل التتار المرتبة الثانية بما يزيد قليلا عن ربع المليون نسمة، وهو عدد يفوق تعداد البشكير بقرابة مائة الف نسمة. ويذكر تاريخ الامس القريب ان هذه المدينة كانت احدى اكبر المدن التى استقبلت كبار رموز الادب والفن والثقافة التى اضطر الكرملين الى تهجيرهم بعيدا عن العاصمة موسكو.اما عن جمهورية بشكيريا التى عادت فى تسعينيات القرن الماضى الى اسمها التاريخى القديم - «بشكورتستان» ( اى بلاد البشكير) فيقطنها ما يقرب من خمسة ملايين نسمة ممن يفخرون بتاريخها ويبقى ان نقول ان بشكورتستان تشغل اليوم مكانة متميزة على الخريطة الاقتصادية للدولة الروسية بما تملكه من ثروة نفطية ومؤسسات ضخمة فى مجال الصناعات الخفيفة والثقيلة، فيما تحتفظ بمكانتها الثقافية والفنية بما تملكه من مسارح ومؤسسات ثقافية ذات شهرة عالمية .